الرئيسية     | الشروط والقوانين  | سياسة الخصوصية | اتصل بنا | الأرشيف |  RSS
  

 

يمنع منعا باتا طرح موضوع إعلاني دون مخاطبة الأدارة

 


العودة   منتدى الشبكة الكويتية > القـســـــــــم الثـقافــي > المنـتدى الاسـلامي

المنـتدى الاسـلامي لنشر الوعي الاسلامي وقضايا المسلمين والصور الاسلاميه

 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 12-05-2005, 11:01 AM
الصورة الرمزية Nathyaa
Nathyaa Nathyaa غير متصل
من المؤسسين
 





Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز
افتراضي فتاوى نور على الدرب




المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102] .

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1] .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70- 71] .

أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعمة الإسلام وأكمل لنا الدين، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وبين سبحانه وتعالى أن طريق الخير خير طريق للمؤمنين والدعوة إلى الله على بصيرة أفضل ما يقوم به أهل الفضل والإحسان والدين: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: 33] .

ومن تمام نعمته سبحانه وتعالى على عباده أن هيأ لهذه الأمة في مختلف العصور علماء عاملين مخلصين وقفوا حياتهم على خدمة الشريعة ونشرها بين الناس تعليما وتأليفا ودعوة، وصيانة لها من تحريف الغالين وانتحال المبطلين، ويأتي على رأس هؤلاء في عصرنا- ولا نزكي على الله أحدا- سماحة والدنا وشيخنا الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الذي وقف حياته على العلم والتدريس وقضاء حاجات الناس، فوضع الله له القبول في الأرض، وسرت فتاواه وتوجيهاته في العالمين، وانتشر طلابه في أنحاء العالم الإسلامي ينقلون عنه ويبثون علمه، فتعلم على يديه خلق عظيم ممن جلس على يديه أو سمع منه أو قرأ له.

ومن أكثر ما نفع الله به من دروس شيخنا وفتاواه: برنامجه الأسبوعي الإذاعي "نور على الدرب" حيث يستمع إليه خلق عظيم ويسجلونه ويتناقلونه بينهم، وهذا البرنامج تعرض فيه أسئلة متنوعة، تعالج مشاكل الناس وما يحتاجون إليه في شئون دينهم، وعلاقاتهم مع بعضهم، ومعاملاتهم فيما بينهم، فيجدون في إجابة الشيخ العلاج النافع، والبلسم الشافي الموثق بالدليل من الكتاب والسنة.

ورغبة منا في تعميم فائدة هذا البرنامج ليستفيد منه، وينتفع به، من لم يتيسر له- وهم كثير- حرصنا على نشره والعناية به وترتيبه. وقد بذلنا وسعنا، فإن وفقنا فمن الله فله الحمد والمنة، وهذا جزء من حق شيخنا علينا، وإن كانت الأخرى فمن أنفسنا ومن الشيطان، ونستغفر الله ونتوب إليه، ونعتذر من شيخنا اعتذار الابن من أبيه، والتلميذ من شيخه. نسأل الله بمنه وكرمه أن ينفع بهذا الكتاب وأن يعلي منزلة شيخنا ويمتعه بالصحة والعافية، ويجمعنا وإياه ووالدينا في جنات النعيم. آمين.

ونرجو صادقين من كل أخ يطلع عليه، وتكون له ملاحظة أو توجيه أن يفيدنا به، وله منا الدعاء بالتوفيق والصلاح والرشاد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد، وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.







حكم الاطلاع على الإنجيل والتوراة


س 1 - يقول السائل: هل يجوز لي وأنا مسلم أن أطلع على الإنجيل وأقرأ
فيه من باب الإطلاع فقط، وليس لأي غرض آخر؟ وهل الإيمان بالكتب السماوية يعني الإيمان بأنها من عند الله أم نؤمن بما جاء فيها؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب:

على كل مسلم أن يؤمن بها أنها من عند الله؟ التوراة والإنجيل والزبور، فيؤمن أن الله أنزل الكتب على الأنبياء، وأنزل عليهم صحفا فيها الأمر والنهي، والوعظ والتذكير، والإخبار عن بعض الأمور الماضية، وعن أمور الجنة والنار ونحو ذلك، لكن ليس له أن يستعملها؟ لأنها دخلها التحريف والتبديل والتغيير، فليس له أن يقتني التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو يقرأ فيها، لأن في هذا خطرا، لأنه ربما كذب بحق أو صدق بباطل، لأن هذه الكتب قد حرفت وغيرت، ودخلها من أولئك اليهود والنصارى وغيرهم التبديل والتحريف والتقديم والتأخير، وقد أغنانا الله عنها بكتابنا العظيم القرآن الكريم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في يد عمر شيئا من التوراة فغضب وقال أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي عليه الصلاة والسلام. والمقصود أننا ننصحك وننصح غيرك ألا تأخذوا منها شيئا، لا من التوراة، ولا من الزبور، ولا من الإنجيل، ولا تقتنوا منها شيئا، ولا تقرءوا فيها شيئا، بل إذا وجد عندكم شيء فادفنوه أو حرقوه؟ لأن الحق الذي فيها قد جاء ما يغني عنه في كتاب الله القرآن، وما دخلها من التغيير والتبديل فهو منكر وباطل، فالواجب على المؤمن أن يتحرز من ذلك، وأن يحذر أن يطلع عليها، فربما صدق بباطل وربما كذب حقا، فطريق السلامة منها إما بدفنها وإما بحرقها.

وقد يجوز للعالم البصير أن ينظر فيها للرد على خصوم الإسلام من اليهود والنصارى، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة لما أنكر الرجم اليهود حتى اطلع عليها عليه الصلاة والسلام، واعترفوا بعد ذلك. فالمقصود أن العلماء العارفين بالشريعة المحمدية قد يحتاجون إلى الاطلاع على التوراة أو الإنجيل أو الزبور لقصد إسلامي، كالرد على أعداء الله، ولبيان فضل القرآن وما فيه من الحق والهدى، أما العامة وأشباه العامة فليس لهم شيء من هذا، بل متى وجد عندهم شيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور، فالواجب دفنها في محل طيب أو إحراقها حتى لا يضل بها أحد.







هل هناك أجر في قراءة الأحاديث النبوية

س 2 - يقول السائل: وردت الأدلة على الأجر في قراءة القرآن الكريم، فهل هناك أجر في قراءة الأحاديث النبوية ، أفيدونا بارك الله فيكم؟

الجواب:

نعم قراءة العلم كلها فيها أجر، تعلم العلم، وطلب العلم من طريق القرآن، ومن طريق السنة فيه أجر عظيم، فالعلم يؤخذ من الكتاب، ويؤخذ من السنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلم العلم وعلمه وجاء في قراءة القرآن أحاديث كثيرة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة رواه مسلم.
وقال ذات يوم عليه الصلاة والسلام: أيحب أحدكم أن يذهب إلى بطحان- وادي في المدينة- فيأتي بناقتين عظيمتين في غير إثم ولا قطيعة رحم؟" فقالوا كلنا يحب ذلك يا رسول الله فقال " لأن يذهب أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين عظيمتين وثلاث خير من ثلاث وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل " أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على فضل تعلم القرآن، وقراءة القرآن .
وفي حديث ابن مسعود: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها هكذا السنة إذا تعلمها المؤمن، فقراءة الأحاديث ودرسها يكون له أجر عظيم؟ لأن هذا من تعلم العلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وهذا يدل على أن دراسة العلم، وحفظ الأحاديث، والمذاكرة فيها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه، والتفقه في الدين يكون من طريق الكتاب، ويكون من طريق السنة، والتفقه في السنة من الدلائل على أن الله أراد بالعبد خيرا كما أن التفقه في القرآن دليل على ذلك، والأدلة في هذا كثيرة والحمد لله.






أهل السنة والجماعة

كثرة الطوائف الزاعمة أنها الطائفة المنصورة



س 3 - كثرت الطوائف والفرق التي تزعم أنها هي الطائفة المنصورة ، واشتبه على كثير من الناس الأمر، فماذا نفعل خاصة أن هناك فرقا تنتسب للإسلام كالصوفية والسلفية ونحو ذلك من الفرق فكيف نميز بارك الله فيكم؟

الجواب:

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة- يعني كلها في النار إلا واحدة وهم أتباع موسى- وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة- والمعنى أن كلها في النار إلا واحدة وهم التابعون لعيسى عليه السلام- قال وستفترق هذه الأمة- يعني أمة محمد عليه الصلاة والسلام- على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: يا رسول الله، من هي الفرقة الناجية؟ قال: "الجماعة" وفي لفظ: ما أنا عليه وأصحابي

هذه هي الفرقة الناجية، الذين اجتمعوا على الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم واستقاموا عليه، وساروا على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم ونهج أصحابه، وهم أهل السنة والجماعة، وهم أهل الحديث الشريف السلفيون الذين تابعوا السلف الصالح، وساروا على نهجهم في العمل بالقرآن والسنة، وكل فرقة تخالفهم فهي متوعدة بالنار.

فعليك أيتها السائلة أن تنظري في كل فرقة تدعي أنها فرقة ناجية، فتنظري أعمالها؟ فإن كانت أعمالها مطابقة للشرع فهي من الفرقة الناجية، وإلا فلا،

والمقصود أن الميزان هو القرآن العظيم والسنة المطهرة في حق كل فرقة، فمن كانت أعمالها وأقوالها تسير على كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذه داخلة في الفرقة الناجية، ومن كانت بخلاف ذلك كالجهمية والمعتزلة والرافضة والمرجئة وغير ذلك. وغالب الصوفية الذين يبتدعون في الدين ما لم يأذن به الله، هؤلاء كلهم داخلون في الفرق التي توعدها الرسول صلى الله عليه وسلم بالنار حتى يتوبوا مما يخالف الشرع.
وكل فرقة عندها شيء يخالف الشرع المطهر فعليها أن تتوب منه، وترجع إلى الصواب وإلى الحق الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبهذا تنجو من الوعيد، أما إذا بقيت على البدع التي أحدثتها في الدين ولم تستقم على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنها داخلة في الفرق المتوعدة، وليست كلها كافرة، إنما هي متوعدة بالنار، فقد يكون فيها من هو كافر لفعله شيئا من الكفر، وقد يكون فيها من هو ليس بكافر ولكنه متوعد بالنار، بسبب ابتداعه في الدين، وشرعه في الدين ما لم يأذن به الله سبحانه وتعالى.






تفسير حديث: بدأ الإسلام غريبا...


س 4 - قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : بدأ الإسلام غريبا وسيعود إلى آخر الحديث. نرجو تفسير هذا الحديث وبيان مدى صحته؟

الجواب:

هذا الحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى: قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس
وفي لفظ آخر: الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي وفي لفظ آخر: هم النزاع من القبائل

وفي لفظ آخر: هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير

فالمقصود أن الغرباء هم أهل الاستقامة، وأن الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقل أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت: 30-32] . ما تدعون: أي ما تطلبون. فالإسلام بدأ قليلا غريبا في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجرا وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريبا أيضا حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجا بعد أن فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، فأوله كان غريبا بين الناس وأكثر الخلق على الكفر بالله والشرك بالله وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك.

ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه فدخلوا في دين الله وأخلصوا العبادة لله وتركوا عباده الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين وأخلصوا لله العبادة فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده؟ لا يصلون إلا له؟ ولا يسجدون إلا له؛ ولا يتوجهون بالدعاء والاستعانة وطلب الشفاء إلا له سبحانه وتعالى، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم المدد، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله وحده سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الغرباء.

وهكذا في آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله عندما يتأخر الناس عن دين الله، وعندما يكفر الناس، وعندما تكثر معاصيهم وشرورهم يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا وفي الآخرة.






حديث: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة


س 5 - يقول السائل: هل الملل والنحل والطرق الموجودة الآن هي التي ينطبق عليها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد والقول الآخر: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة أفيدونا بالصواب جزاكم الله خيرا؟

الجواب:

كل طريقة وكل نحلة يحدثها الناس تخالف شرع الله، فهي داخلة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وداخلة في الحديث الصحيح: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: من يا رسول الله؟ قال: "الجماعة".
وفي رواية أخرى: ما أنا عليه وأصحابي فكل طريقة أو عمل أو عبادة يحدثها الناس يتقربون بها إلى الله ويرونها عبادة ويبتغون بها الثواب وهي تخالف شرع الله فإنها تكون بدعة، وتكون داخلة في هذا الذم والعيب الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فالواجب على جميع أهل الإسلام أن يزنوا أقوالهم وأعمالهم وعباداتهم بما قاله الله ورسوله، وما شرعه الله، وما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، بما وافق الشرع وما جاء في كتابه وما ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم ويعرضوها عليها فهذا هو الحق المقبول، وما خالف كتاب الله، أو خالف السنة من عباداتهم وطرقهم فهو المردود، وهو الداخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد

وهذا كله يتعلق بما يتعبد به الناس، وبما يقصد به الناس القربى، أما ما أحدثه الناس من الصنائع والاختراعات كالسلاح، أو من المركوبات أو الملابس أو المآكل فهذا كله غير داخل في هذا، وإنما الحديث يتعلق بالعبادات التي يتعبد بها الناس، ويتقربون بها إلى الله، هذا هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد

ولكن يدخل في هذا الحديث أيضا: العقود المخالفة لشرع الله، فكل عقد يخالف شرع الله فإنه رد.







دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى التوحيد

س 6 - يقول السائل: فضيلة الشيخ، يسمي بعض الناس عندنا العلماء في المملكة العربية السعودية بالوهابية فهل ترضون بهذه التسمية؟ وما هو الرد على من يسميكم بهذا الاسم؟


الجواب:

هذا لقب مشهور لعلماء التوحيد علماء نجد ينسبونهم إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه؟ لأنه دعا إلى الله عز وجل في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، واجتهد في إيضاح التوحيد وبيان الشرك للناس، حتى هدى به الله جما غفيرا، ودخل الناس في توحيد الله، وتركوا ما هم عليه من أنواع الشرك الأكبر؟ من عبادة أهل القبور، ومن البدع المتعلقة بالقبور، وعبادة الأشجار والأحجار، والغلو في الصالحين. فصارت دعوته تجديدية إسلامية عظيمة، نفع الله بها المسلمين في الجزيرة العربية وفي غيرها رحمه الله رحمة واسعة، وصار أتباعه ومن دعا بدعوته ونشأ على هذه الدعوة في نجد يسمى بالوهابي، وكان هذا اللقب علما لكل من دعا إلى توحيد الله، ونهى عن الشرك وعن التعلق بأهل القبور، أو التعلق بالأشجار والأحجار، وأمر بالإخلاص لله وحده وسمي وهابيا، فهو لقب شريف عظيم يدل على أن من لقب به فهو من أهل التوحيد، ومن أهل الإخلاص لله، وممن ينهى عن الشرك بالله، وعن عبادة القبور والأشجار والأحجار والأصنام والأوثان. هذا هو أصل هذه التسمية وهذا اللقب، هو نسبة إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي الداعي إلى الله عز وجل رحمه الله رحمة واسعة، فقد نشأ في نجد، وتعلم في نجد، ثم سافر إلى مكة والمدينة والعراق والأحساء وأخذ عن علمائها من أهل السنة، ثم رجع إلى نجد فرأى ما الناس فيه من الجهل، وعبادة القبور والغلو فيها، والشرك بالله سبحانه وتعالى، ودعاء الأموات والاستعانة بهم والبناء على قبورهم، فدعا إلى الله، وأرشد الناس ونهاهم عن الشرك، وبين لهم أن التوحيد هو حق لله عز وجل على عباده، وأنه الذي دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام.

وبين لهم معنى لا إله إلا الله وأن معناها لا معبود حق إلا الله، يعني أنها نفي وإثبات، تنفي الإلهية عن غير الله وتثبت العبادة لله وحده سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج: 62] . وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] . وقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25] . وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ [الإسراء: 23] . وقال عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر: 14] . وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة: 5].

فالشيخ رحمه الله- محمد بن عبد الوهاب- قام بهذه الدعوة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، وكان ذلك في العيينة في بلدة قريبة من الرياض، دعا إلى الله فيها، ونشر التوحيد وصارت عنده حلقة عظيمة في التعليم، ثم انتقل لأسباب معروفة إلى الدرعية، وتلقاه أميرها محمد بن سعود وبايعه على الدعوة إلى الله عز وجل، وعلى نشر الإسلام في الدرعية وما حولها فنفع الله بذلك، وتعاون الإمامان: الإمام محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود جد العائلة المالكة الآن، فتعاونا في سبيل الدعوة، وكان ذلك في عام ثمان وخمسين ومائة وألف من الهجرة النبوية. هكذا بدأ الدعوة في الدرعية بعد أن انتقل من العيينة، فانتشر الإسلام هناك، وأزيلت القباب التي على القبور، وانتشر التوحيد بين الناس، وعرفوا حقيقة معنى لا إله إلا الله، ثم قامت دولة آل سعود في بقية الجزيرة، وانتشر أمر التوحيد في أطراف الجزيرة، فنفع الله بهذه الدعوة نفعا عظيما، وظهر بها الحق، وانتصر بها أهل التوحيد، وصارت علما لأهل التوحيد في كل مكان. ثم انتشرت هذه الدعوة أيضا في اليمن، وفي جهات كثيرة من الهند والشام والعراق ومصر، حيث تلقاها أئمة الهدى وعلماء الحق بالقبول، وساعدوا الشيخ محمدا رحمه الله ودعوا بدعوته.








الافتراء على الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من قبل المبتدعة


س 7 - إن الذي يؤمن بالكتاب والسنة والرسل في قريتنا أو مدينتنا ولا يعتقد في الأسياد الذين يضربون أنفسهم في الحديد وغيره كما ذكرت في السؤال السابق يقولون عنه: أنت وهابي، ويزعمون أن هذا المذهب لا يعترف حتى بالرسول الكريم محمدا. أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.

الجواب:

هؤلاء مثل ما تقدم جهال أو متعصبون ملبسون على الناس مخادعون، فهم بين جهل وضلال، وبين خداع وتلبيس، فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر ويعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله ينكر عملهم هذا السيئ فينكر طعنهم أنفسهم بالسلاح، أو إدخال أنفسهم في النار، أو تقربهم إلى أسيادهم بالذبائح والنذور، فكل هذا ينكره أهل الحلم بالله، وينكره أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما أنكره الرسول عليه الصلاة والسلام وحذر منه؟ لأنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وليس هذا العمل من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من أمر الصحابة، ولا من دين الله الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم ، فهو باطل.

أما الوهابية فهم أتباع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله، فهو إمام مشهور دعا إلى الله عز وجل في نجد في القرن الثاني عشر. دعا إلى الله، وإلى التمسك بالإسلام، وإلى تحكيم الشريعة المطهرة، وحذر الناس من الغلو في الأنبياء والصالحين، وعبادة القبور، وعبادة الأشجار والأحجار.

ودعا الولاة في زمانه، والأمراء، والعامة إلى توحيد الله والإخلاص له، واتباع الشريعة وتعظيمها، وإقامة الصلوات في المساجد، والمحافظة على شعائر الله، فيسر الله له الأنصار والأعوان من آل سعود، وقام دين الله بأسباب دعوته في الجزيرة العربية، وظهر الحق، وانتصر الحق، وخذل الله الباطل، وحكمت الشريعة الإسلامية في هذه الجزيرة بأسباب دعوته، ولم تزل بحمد الله في آثارها وفي بقاعها. نسأل الله أن يثبتنا ويميتنا على الحق والهدى، فالشيخ محمد رحمه الله وأتباعه هم من أنصار الحق، ومن دعاة الهدى، وهم الذين نصروا دين الله في وقت الغربة في القرن الثاني عشر، وأعلوا كلمة الله، وجاهدوا عليها، وحكموا شرع الله في هذه الجزيرة. وهو يدعو إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلى تعظيم شريعته واتباع ما جاء به، والناس يكذبون عليه وعلى أتباعه، ويقولون إنه لا يصلى على النبي، ويقولون إنه يقول عصاي أحسن من النبي، وكل هذا من الباطل ومن أكاذيب أعداء الله، فهو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الله، وأنه أفضل الخلق، وأفضل عباد الله، وهو سيد ولد آدم، وهو إنما قام يدعو إلى شريعته وإلى اتباع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وهو ممن يعظم أمر الله ونهيه، وينادي في بلاده أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله.

ويرى رحمه الله أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التحيات في آخر الصلاة ركن من أركان الصلاة، فكيف يقال إنه لا يصلي عليه، إذا كان يرى أن الصلاة عليه ركن من أركان الصلاة في آخر التحيات في آخر الصلاة؟ ! ولكن أعداء الله عندهم الكذب، وعندهم التلبيس، وعندهم البهتان، وعدم المبالاة بأمر الله ورسوله. ولا حول ولا قوة إلا بالله.






حكم الطرق في الإسلام

س 8 - تقول السائلة: ما حكم الطرق في الإسلام . علما أنني سألت بعض الأساتذة فقال: هذا حرام، وقال البعض الآخر: ليست فرضا ولا حراما. أرجو الإجابة الواضحة على ذلك وفقكم الله؟


الجواب:

هذا السؤال عن الطرق مجمل، فإن كانت السائلة تريد الطرق الصوفية فهي منكرة، وبعضها كفر وبعضها بدعة وليس بكفر؛ لأن الطريق الذي يجب سلوكه هو طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . قال الله جل وعلا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 153] . وقال سبحانه وتعالى: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 155] . وقال جل وعلا: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7] .

فالواجب على أهل الإسلام أن يسيروا على نهج محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن يستقيموا على سيرته ودينه، قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31] . فصراط الله المستقيم هو ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو طريق المنعم عليهم المذكورين في قوله جل وعلا: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون المذكورون في قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 4] .

فهذا هو الطريق السوي، أما طرق الصوفية ففيها الشرك، كعبادة بعض شيوخهم، والاستغاثة ببعض شيوخهم، وكهجر بعضهم لعلوم السنة، وقوله: حدثني قلبي عن ربي، وعدم الاعتراف بالشرع الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، إلى غير هذا من بدعهم الكثيرة. وكفعل بعضهم مع المريدين، حيث يقول: عليك أن تسلم للشيخ حاله ومراده، وألا تعترض عليه، وأن تكون معه كالميت بين يدي الغاسل، فهذه كلها طرق فاسدة وكلها ضالة.

أما إن أردت بالطرق- الطرق يعني الخط في الأرض، كتلك الخطوط الأرضية التي يخطها المشعوذون والرمالون، ويدعون بها علم الغيب، فهذا منكر آخر ولا يجوز، وهو من الشرك الأكبر، فمن فعل خطوطا في الأرض، وزعم أنه يعلم الغيب بذلك، وأنه يخبر بالغيب بهذا العمل، فإن فعله هذا من الشرك الأكبر، ومن دعوى علم الغيب والعياذ بالله، وقد قال الله سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ الآية .

 

 

توقيع : Nathyaa

Nathyaa

قديم 12-05-2005, 11:24 AM   رقم المشاركة : 2
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

المذاهب الأربعة

س 9 - سائل يسأل ويقول: الطرائق الأربعة الأحمدية والشافعية والمالكية والحنفية. هل هذه الطرائق صحيحة؟ و
في أي زمن وجدت؟



الجواب: الأصوب أن يقول المذاهب الأربعة. والأحمدية هم أتباع أحمد بن حنبل رحمه الله، والشافعية هم أتباع محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله، والمالكية هم اتباع الإمام مالك بن أنس رحمه الله، والحنفية هم اتباع أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، وهذه المذاهب معروفة عند أهل العلم وقد انتشرت في القرون المتأخرة، في القرن الثالث وما بعده، أما مذهب أبي حنيفة فعرف وانتشر في القرن الثاني، وهكذا مذهب الإمام مالك في القرن الثاني.

وأما مذهب الشافعي وأحمد فاشتهر بعد ذلك في القرن الثالث وما بعده، وهم على خير وعلى هدى وعلى حق رضي الله عنهم ورحمهم الله، وهم علماء هدى وعلماء خير، ولكن لا يجوز أن يقال إن واحدا منهم معصوم لا يقع منه خطأ، بل كل واحد له أغلاط حسب ما خفي عليه من السنة، وحسب ما عرفوا من كتاب الله عز وجل، فقد يفوت بعضهم شيء من العلم وشيء من السنة،
فهذا أمر معلوم يشملهم وغيرهم، كالأوزاعي، وإسحاق بن راهويه وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وغيرهم من الأئمة المعروفين. فكل واحد منهم قد يفوته بعض العلم؟ لأنه ليس كل واحد يحيط بالسنة ويحيط بالعلم، فقد يفوته بعض الأشياء، لكنهم أئمة الهدى، ولهم أتباع نظموا مذاهبهم، وجمعوا مسائلهم وفتاواهم، وكتبوا في ذلك حتى انتشرت هذه المذاهب وعلمت بسبب أتباعهم الذين ألفوا فيها، وجمعوا فيها مسائل هؤلاء الأئمة وما أفتوا به في ذلك، فقد يقع بعض الأخطاء من بعضهم لأنه لم تبلغه السنة في بعض المسائل فأفتى باجتهاده، قد يقع الخطأ من أجل ذلك، والآخر بلغه الحديث وعرف الحديث فأفتى بالصواب، فهذه تقع لكل واحد منهم في مسائل معدودة رحمهم الله.

ولهذا قال مالك رحمه الله: "ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر" يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما اختيار مذهب معين فهذا في حق طلبة العلم، فطلبة العلم عليهم ألا يقلدوا أحدا، ولكن إذا انتسب إلى أحد المذاهب من باب الانتساب، لأنه رأى قواعده وأصوله توافقه فلا بأس، لكن ليس له أن يقلد الشافعي ولا أحمد ولا مالكا ولا أبا حنيفة، ولا غيرهم، بل عليه أن يأخذ من حيث أخذوا، وعليه أن ينظر في الأدلة، فما رجح في الأدلة من مسائل الخلاف أخذ به، وأما ما أجمع عليه العلماء فليس لأحد أن يخالفه لأن العلماء لا يجمعون على باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة الحديث.

فإذا أجمعوا فهذه الطائفة منهم. لكن يجب على العالم في مسائل الخلاف أن ينظر في الأدلة، فإذا كان الدليل مع أبي حنيفة أخذ به، وإذا كان مع مالك أخذ به، وإذا كان مع الشافعي أخذ به، وإذا كان مع أحمد أخذ به، وهكذا لو كان مع الأوزاعي أو مع إسحاق بن راهويه أو غيرهما.

فالواجب الأخذ بالدليل وترك ما خالفه؟ لأن الله سبحانه يقول: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59] . ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى: 10] .

فالواجب على أهل العلم أن يعرضوا ما تنازع فيه الناس على الأدلة الشرعية فما رجح بالدليل وجب الأخذ به. أما العامي فيسأل أهل العلم في زمانه، يتخير العالم الطيب الذي يظهر عليه التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والورع، ويظهر منه العلم، ويشهد له الناس بالخير، فيتحرى ويسأل، ومذهبه مذهب من أفتاه، لكن عليه أن يتحرى أهل العلم، ويسأل في بلاده أو في غير بلاده عن المعروفين بالعلم، والفضل، واتباع الحق، والمحافظة على الصلوات، والذين يعرفون باتباع السنة، من توفير اللحى، وعدم الإسبال، والبعد عن مواقف التهم، إلى غير هذا من الدلائل على استقامة العالم، فإذا أرشد إلى عالم ظاهره الخير ومعروف بالعلم، سأله عما أشكل عليه والحمد لله. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16] .

وقال سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء: 7






الإيمان والإسلام

شروط الإسلام




س 10 - ما هي شروط الإسلام ؟


الجواب: شروط الإسلام شرطان: الشرط الأول: الإخلاص لله، وأن تقصد بإسلامك ودخولك في دين الله وأعمالك وجه الله عز وجل، هذا لابد منه، لأن كل عمل تعمله وليس لوجه الله سواء كان صلاة أو صدقة أو صياما أو غير هذا لا يكون نافعا ولا مقبولا، حتى الشهادتين لو فعلتهما رياء أو نفاقا لا تقبل ولا تنفعك وتكون من المنافقين.

فلابد أن يكون قولك: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله صدقا من قلبك، تؤمن بالله وحده وأنه المعبود بالحق، وأن محمدا رسول الله صادق، وأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين، وأنه خاتم الأنبياء، فإذا كان ذلك منك صدقا وإخلاصا نفعك ذلك، وهكذا في صلاتك تعبد الله بها وحده، وهكذا صدقاتك، وهكذا قراءتك، وتهليلك، وصومك، وحجك يكون لله وحده.

الشرط الثاني: الموافقة للشريعة، فلابد أن تكون أعمالك موافقة للشريعة، وليس من عند رأيك ولا من اجتهادك، بل لابد أن تتحرى موافقة الشريعة فتصلي كما شرع الله، وتصوم كما شرع الله وتزكي كما شرع الله وتجاهد كما شرع الله وتحج كما شرع الله، وهكذا. لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والله يقول في كتابه العظيم: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى: 21] . يعيبهم سبحانه بهذا العمل. ويقول سبحانه: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [الجاثية: 18،19] . فالواجب اتباع الشريعة التي شرعها الله على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعدم الخروج عنها في جميع العبادات التي تتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى،

وهذه هي شروط الإسلام، وهي شرطان: الأول: الإخلاص لله في العمل، والثاني: الموافقة للشريعة، هذا هو الذي به تنتفع بعباداتك، ويقبل الله منك عباداتك إذا كنت مسلما.









التوقيع

Nathyaa

قديم 12-05-2005, 11:37 AM   رقم المشاركة : 3
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

هل الإيمان بالقلب يكفي ليكون الإنسان مسلما؟


س 11 - تسأل الأخت وتقول: هل الإيمان بالقلب يكفي لأن يكون الإنسان مسلما بعيدا عن الصلاة والصوم والزكاة؟


الجواب: الإيمان بالقلب لا يكفي عن الصلاة وغيرها، بل يجب أن يؤمن بقلبه وأن الله واحد لا شريك له، وأنه ربه وخالقه، ويجب أن يخصه بالعبادة سبحانه وتعالى، ويؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين، كل هذا لا بد منه، فهذا أصل الدين وأساسه كما يجب على المكلف أن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة والنار والصراط والميزان وغير ذلك مما دل عليه القرآن الكريم والسنة الصحيحة المطهرة. ولابد مع ذلك من النطق بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله كما أنه لابد من الصلاة وبقية أمور الدين، فإذا صلى فقد أدى ما عليه، وإن لم يصل كفر، لأن ترك الصلاة كفر.

أما الزكاة والصيام والحج وبقية الأمور الواجبة إذا اعتقدها وأنها واجبة، ولكن تساهل فلا يكفر بذلك، بل يكون عاصيا، ويكون إيمانه ضعيفا ناقصا؟ لأن الإيمان يزيد وينقص؟ يزيد الإيمان بالطاعات والأعمال الصالحات، وينقص بالمعاصي عند أهل السنة والجماعة. أما الصلاة وحدها خاصة فإن تركها كفر عند كثير من أهل العلم وإن لم يجحد وجوبها، وهو أصح قولي العلماء، بخلاف بقية أمور العبادات، من الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك، فإن تركها ليس بكفر أكبر على الصحيح، ولكن نقص في الإيمان، وضعف في الإيمان، وكبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، فترك الزكاة كبيرة عظيمة، وترك الصيام كبيرة عظيمة، وترك الحج مع الاستطاعة كبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كفرا أكبر إذا كان مؤمنا بأن الزكاة حق، وأن الصيام حق، وأن الحج لمن استطاع إليه سبيلا حق، ما كذب بذلك ولا أنكر وجوب ذلك، ولكنه تساهل في الفعل، فلا يكون كافرا بذلك على الصحيح.

أما الصلاة فإنه إذا تركها يكفر في أصح قولي العلماء كفرا أكبر والعياذ بالله وإن لم يجحد وجوبها كما تقدم؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح، والمرأة مثل الرجل في ذلك. نسأل الله العافية والسلامة.





هل يكون الإنسان مسلما ولو لم يأت بأركان الدين؟

س 12 - وتقول السائلة: إن هناك شيئا يتردد بين أوساط الناس حيث يقولون: إن الصلاة يشترط لها الإسلام، والحج يشترط له الإسلام، فالإنسان قد يكون مسلما ولو لم يأت ببقية أركان الإسلام. فنريد تجلية هذا الموضوع. بارك الله فيكم؟

الجواب: نعم.

هو مسلم بالشهادتين، فمتى أقر بالشهادتين ووحد الله عز وجل وصدق رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم دخل في الإسلام، ثم ينظر فإن صلى تم إسلامه، وإن لم يصل صار مرتدا، وهكذا لو أنكر الصلاة بعد ذلك صار مرتدا، أو أنكر صيام شهر رمضان صار مرتدا، أو قال الزكاة غير واجبة صار مرتدا، أو قال الحج مع الاستطاعة غير واجب، صار مرتدا، أو استهزأ بالدين أو سب الله أو سب الرسول صار مرتدا. فهذا الأمر ينبغي أن يكون واضحا، فإذا دخل في الإسلام بالشهادتين حكم له بالإسلام، ثم ينظر بعد ذلك في بقية الأمور فإن استقام على الحق تم إسلامه، وإذا وجد منه ما ينقض الإسلام؟ من سب الدين، أو من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو من جحد لما أوجبه الله سبحانه وتعالى من صلاة وصوم، أو جحد لما حرم الله كما لو قال: الزنا حلال، فإنه يرتد عن الإسلام بهذا، ولو صلى وصام، ولو قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فلو قال إن الزنا حلال، وهو يعلم الأدلة وقد أقيمت عليه الحجة، يكون كافرا بالله كفرا أكبر والعياذ بالله، أو قال الخمر حلال، وقد بينت له الأدلة ووضحت له الأدلة ثم أصر يقول إن الخمر حلال، يكون ذلك كفرا أكبر، وردة عن الإسلام والعياذ بالله، أو قال مثلا إن العقوق حلال، يكون ردة عن الإسلام والعياذ بالله، أو قال إن شهادة الزور حلال، يكون هذا ردة عن الإسلام بعد أن تبين له الأدلة الشرعية. كذلك إذا قال: الصلاة غير واجبة، أو الزكاة غير واجبة، أو صيام رمضان غير واجب، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب، كل هذه نواقض من نواقض الإسلام يكون بها كافرا والعياذ بالله.

إنما الخلاف إذا قال إن الصلاة واجبة، ولكن أنا أتساهل ولا أصلي، فجمهور الفقهاء يقولون: لا يكفر ويكون عاصيا يستتاب فإن تاب وإلا قتل حدا. وذهب آخرون من أهل العلم وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أنه يكفر بذلك كفرا أكبر، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا؟ لقول الله جل وعلا: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة: 5] .

فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله ، بل يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال سبحانه: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة: 11] . فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة ولا يصلي ليس بأخ في الدين.







س 13 - ما معنى قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [ البقرة: 284] . وكيف نجمع بين معناها وبين الحديث الشريف الذي معناه أن الله تعالى تجاوز عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما حدثت به أنفسها ما لم تفعله أو تتكلم به؟

الجواب:

هذه الآية الكريمة قد أشكلت على كثير من الصحابة رضي الله عنهم لما نزلت، وهي قوله تعالى: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 284] .

شق عليهم هذا الأمر، وجاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وذكروا أن هذا شيء لا يطيقونه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم سمعنا وعصينا قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا: سمعنا وأطعنا، فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم أنزل الله بعدها قوله سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا [البقرة: 285، 286] .

فسامحهم الله وعفا سبحانه وتعالى، ونسخ ما دل عليه مضمون هذه الآية؟ وأنهم لا يؤاخذون إلا بما عملوا أو بما أصروا عليه وثبتوا عليه، وأما ما يخطر من الخطرات في النفوس والقلوب فهذا معفو عنه. ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم فزال هذا الإشكال والحمد لله، وصار المؤمن غير مؤاخذ إلا بما عمله أو قاله أو أصر عليه بقلبه عملا بقلبه كإصراره على ما يقع له من الكبر والنفاق ونحو ذلك. أما الخواطر والشكوك التي تعرض ثم تزول بالإيمان واليقين، فهذه لا تضر، بل هي عارضة من الشيطان ولا تضر؛ ولهذا لما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه ما أن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق به

أو كما قالوا قال صلى الله عليه وسلم ذاك صريح الإيمان فتلك الوسوسة من الشيطان؟ إذا رأى من المؤمن الصدق والإخلاص وصحة الإيمان والرغبة فيما عند الله وسوس عليه بعض الشيء، وألقى في قلبه خواطر خبيثة؟ فإذا جاهدها وحاربها بالإيمان والتعوذ بالله من الشيطان سلم من شرها.

ولهذا جاء في الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله ورسله وفي لفظ: فليستعذ بالله ولينته هذا يدلنا على أن الإنسان عرضة للوساوس الشيطانية، فإذا عرض له وساوس خبيثة وخطرات منكرة فليبتعد عنها وليقل: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولينته، ولا يلتفت إليها؟ فإنها باطلة ولا تضره، وهي من الخطرات التي عفا الله عنها سبحانه وتعالى.






الربوبية

حول قوله تعالى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً

س 14 - يقول السائل: قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ [ البقرة: 30] . يقول: هل معنى هذا أن الله خلق الإنسان قبل آدم عليه السلام؟ وإلا فكيف عرفت الملائكة أن الإنسان يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ وما المقصود من أن الله جاعل في الأرض خليفة؟ وخليفة عمن؟


الجواب:

الآية الكريمة تدل على أن الله جل وعلا جعل هذا الإنسان وهو آدم عليه الصلاة والسلام خليفة في الأرض عمن كان فيها من أهل الفساد وعدم الاستقامة، وقول الملائكة يدل على أنه كان هناك قوم يفسدون في الأرض، فبنت ما قالت على ما جرى في الأرض، أو لأسباب أخرى اطلعت عليها فقالت ما قالت، فأخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنه يعلم ما لا تعلمه الملائكة، وأن هذا الخليفة يحكم الأرض بشرع الله ودين الله، وينشر الدعوة إلى توحيده، والإخلاص له، والإيمان به. وهكذا ذريته بعده يكون فيهم الأنبياء، ويكون فيهم الرسل، والأخيار، والعلماء الصالحون، والعباد المخلصون، إلى غير ذلك مما حصل في الأرض؟ من العبادة لله وحده، وتحكيم شريعته، والأمر بما أمر به، والنهي عما نهى عنه. هكذا جرى من الأنبياء والرسل، والعلماء الصالحين، والعباد المخلصين، إلى غير ذلك، وظهر أمر الله في ذلك، وعلمت الملائكة بعد ذلك هذا الخير العظيم، ويقال: إن الذي قبل آدم هم طوائف من الناس ومن الخليقة يقال لهم: الجن والحن.

وبكل حال فهو خليفة لمن مضى قبله وصار قبله في أرض الله ممن يعلمهم الله سبحانه وتعالى، وليس لدينا أدلة قاطعة في بيان من كان هناك قبل آدم، وصفاتهم، وأعمالهم، فليس هناك ما يبين هذا الأمر، لكن جعله خليفة يدل على أن هناك من كان قبله في الأرض، فهو يخلفهم في إظهار الحق، وبيان شريعة الله التي شرعها له، وبيان ما يرضي الله ويقرب لديه، وينهى عن الفساد فيها. وهكذا من جاء بعده من ذريته قاموا بهذا الأمر العظيم، من الأنبياء، والصلحاء، والأخيار؟ دعوا إلى الحق ووضحوه، وأرشدوا إلى دين الله، وعمروا الأرض بطاعة الله وتوحيده والحكم بشريعته، وأنكروا على من خالف ذلك.






الشهادتان

قول لا إله إلا الله ودخول الجنة



س 15 - يسأل السائل عن قول: " لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من قالها دخل الجنة أريد أن أعرف هل من قالها في عمره مرة يكفي، أو عدة مرات، أو عند الممات، أو في أي وقت؟ وهل تنفع صاحبها مع ارتكابه للمعاصي؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب:

إذا قال العبد لا إله إلا الله، وشهد أن محمدا رسول الله عن صدق وعن إيمان، فعبد الله وحده، وأفرده بالعبادة، لا يدعو معه أمواتا، ولا أحجارا، ولا أصناما، ولا كواكب ولا غير ذلك، بل يعبده وحده سبحانه وتعالى، ويصدق رسوله، ويشهد أنه رسول الحق إلى الثقلين، ثم مات على ذلك غير مصر على سيئة، بل أسلم وأدى هذه الشهادة ومات، فإنه من أهل الجنة.

أما إن كان عنده معاص، بأن كان أتى شيئا من المعاصي فهو تحت مشيئة الله؛ كالزنا، أو شرب الخمر، أو عقوق الوالدين، أو قطيعة الرحم، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء أدخله النار حتى يعذب على قدر معاصيه، ثم يخرج من النار إلى الجنة، لقول الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48] .

وعليه أيضا مع هاتين الشهادتين أن يؤدي الفرائض؛ فعليه أن يؤدي الصلوات الخمس، وعليه أن يؤدي الزكاة، وعليه أن يصوم رمضان، وعليه أن يحج البيت، وعليه أن يؤدي كل ما فرضه الله عليه، فلابد من هذا، ولابد من تجنبه ما حرم الله عليه، فإن أتى بناقض من نواقض الإسلام كفر، ولو أتى بالشهادتين، فإن المنافقين يقولون الشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لكنهم في الباطن يكذبون، يكذبون الرسول، ويكذبون الله فيما قال، فصاروا كفارا في الدرك الأسفل من النار.

وهكذا لو قال هذه الشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ثم سب الدين، أو سب الله كفر، وخرج عن الإسلام- والعياذ بالله. وكذلك لو ترك الصلاة عمدا وإن لم يجحد وجوبها كفر عند كثير من أهل العلم، وهو الصحيح؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر وقال عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أما من جحد وجوبها فإنه يكفر بالإجماع وإن صلى، لأنه مكذب لله سبحانه ولرسوله .

أما لو ترك الصيام أو ترك الزكاة وهو يعلم أنها واجبة، ويعلم أن الصيام واجب ولكن تساهل، فهذا قد أتى ذنبا عظيما ومنكرا كبيرا، وقد توعده الله بالعذاب يوم القيامة إلا أن يعفو الله عنه، فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى.

وهكذا لو أتى بعض المعاصي التي تقدم ذكرها؟ كالخمر، أو العقوق، أو قطيعة الرحم، أو الربا، فهذه معاصي إذا كان لا يستحل ما حرم الله، وهو يعلم أنها معاص ولكن أتاها طاعة لهواه وشيطانه ولجلساء السوء، فهذا يكون قد أتى ذنبا عظيما، ويكون إيمانه بهذا ناقصا وضعيفا، ويكون تحت مشيئة الله عند أهل السنة، لا يكفر بذلك خلافا للخوارج، بل يكون تحت مشيئة الله، ويكون ضعيف الإيمان، فإن شاء الله غفر له سبحانه وتعالى، وإن شاء عذبه في النار على قدر الجرائم التي مات عليها، وبعد التطهير والتمحيص في النار، يخرجه الله منها إلى الجنة، ولا يخلد في النار الخلود الأبدي إلا الكفار.

أما الخلود المؤقت فهذا قد يقع لبعض أهل المعاصي كما توعد الله بهذا القاتل، والزاني، وقاتل نفسه، فهو خلود مؤقت له نهاية، أما خلود الكفار فهو خلود دائم ليس له نهاية، كما في قوله سبحانه وتعالى: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة: 167] . ويقول سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة: 37] . نسأل الله العافية.






العبادة

كتاب الدعاء المستجاب


س 16 - هناك بعض الكتب الخاصة بالأذكار والأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها مثلا كتاب " الدعاء المستجاب" وقد وجدت فيه أدعية لكل يوم من أيام الأسبوع ، فهناك أدعية وأذكار ليوم الجمعة، وأخرى ليوم السبت، وهكذا . فهل الالتزام بهذه الأذكار بدعة أم هو من السنة؟



الجواب:

هذا كتاب غير معتمد، وصاحبه حاطب ليل يجمع الغث والسمين، والصحيح والضعيف والموضوع فلا يعتمد عليه، ولا يجوز أن يخصص أي يوم أو أي ليلة بشيء إلا بدليل عن المعصوم عليه الصلاة والسلام. فهذا الكتاب لا يعتمد عليه، ولكن تراجع الكتب الأخرى فما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أذكار أو أدعية تقال في الصباح أو المساء شرع ذلك، وما لا فلا.

وأما كتاب: "الدعاء المستجاب" فلا يعتمد عليه؟ لأن صاحبه ليس بأهل لذلك؟ لأنه كما قلنا يجمع بين الغث والسمين، والصحيح والضعيف والموضوع. وقد كتبنا في ذلك رسالة سميناها: "تحفة الأخيار بما صح من الأدعية والأذكار" فراجعها إن شئت.





حكم الحجاب من القرآن الكريم وغيره


س 17 - سائل يقول: هناك بعض الفقهاء عندنا في السودان نسمي الواحد منهم " فقي". أي فقيه. يكتبون الآيات القرآنية في شكل أوراق صغيرة، أو حجاب، أو على ألواح من الخشب، وتمحى وتشرب حسب المرض، كما أن الحجاب مثلا ضد السلاح، أو حفظا من الشيطان والعوارض - ، كما يزعم فئة أخرى غير مجربة لها بأنها أسحار، كما أن هناك شهود عيان على أن هؤلاء الفقهاء قد عالجوا مئات من المجانين ومختلي العقول، وتلبس لهم آلاف الحجب يزعمون أنها ضد السلاح. فما رأيكم في هؤلاء؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب:

هذا الكلام فيه تفصيل، فطالب العلم أو ما يسمى فقيها إذا كتب آيات من القرآن في ورقة أو صحن من الزعفران، أو من العسل، أو نحو ذلك، حتى يغسلها المريض ويشربها، فهذا أجازه كثير من أهل العلم، وذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد في هدي خير العباد" عن جماعة من أهل العلم من السلف، وذكره غيره أيضا فالأمر فيه واسع وسهل. فإذا كتب آيات من القرآن أو دعوات طيبة بالزعفران أو بالعسل، ثم غسل وشربه المريض فقد ينفع الله بذلك.

ولكن أحسن من هذا أن يقرأ الراقي على المريض الآيات والدعوات الطيبة، ويسأل الله له الشفاء، فهذا أحسن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم يفعلون، وإن قرأ في الماء وشربه المريض أو رش عليه به نفعه ذلك بإذن الله.

وقد أخرج أبو داود رحمه الله بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه.

وأما الحجب وهي ما يعلق من أوراق أو جلود أو غيرها على المريض، يكتب فيها آيات أو دعوات تعلق على المريض ضد السلاح، أو ضد الجن فهذا لا يجوز، وقد أجاز بعض أهل العلم تعليق ما كان من القرآن خاصة ولكنه قول ضعيف، والصواب منع تعليق جميع الحجب لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ومن تعلق تميمة فقد أشرك والمراد بالشرك هنا الشرك الأصغر. ولأن في ذلك سد الذريعة إلى تعليق غيرها. وسد الذرائع المفضية إلى الشرك أو المعاصي من أعظم مقاصد الشريعة وواجباتها.

أما تعليق الحجب من غير الآيات كالعظام والودع والطلاسم والأسماء المجهولة، فهذه لا تجوز بغير خلاف بين أهل العلم؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ومن تعلق تميمة فقد أشرك كما تقدم؟ ولأنها من أعماد الجاهلية؟ ولأنها تصد القلوب عن الله وتعلقها بغيره، والقلوب يجب أن تتعلق بالله سبحانه وتعالى وتعتمد عليه، فتعليق هذه التمائم يجعل القلوب تميل إليها وتتعلق بها وترتاح لها، وهذا خطأ عظيم، فلا يجوز تعليق التمائم، وهي الحجب ولها أسماء أخرى عند الناس.

ومن هذا ما روى الإمام أحمد رحمه الله من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقه من صفر فقال ما هذا؟ قال هذا من الواهنة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الحلقة التي يعلقها بعض الناس في يده عن مرض يسمى الواهنة لا تزيده إلا وهنا، وأنها منكر لا تجوز فهي مثل التمائم.

ودخل حذيفة رضي الله عنه الصحابي الجليل على رجل فوجد في يده خيطا فسأله عنه فقال هذا من أجل الحمى فقطعه وتلا قوله سبحانه وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف: 106] .

وهذا يدل أن من عمل الصحابة إنكار هذا الشيء، والنهي عنه، فلا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تعليق هذه التمائم، ولا هذه الخيوط والحجب على مريض، أو على صبي، أو على غيرهما، لدفع الجن أو السلاح، أو السحر أو غير ذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن هذا، وبين أن تعليق التمائم لا يجوز، ولم يفصل بين تميمة وتميمة، ولم يقل إلا من القرآن، بل عمم، فدل ذلك على أن التمائم كلها من القرآن وغير القرآن ممنوعة، لأن الرسول عم في النهي عليه الصلاة والسلام، وهو المشرع، وهو أنصح الناس للناس، ولو كان في التمائم شيء مستثنى لاستثناه النبي عليه الصلاة والسلام.

ثم أيضا تعليق التمائم من القرآن وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى فيلتبس الأمر، ويخفى على الناس، وتنتشر التمائم الشركية. وسد الذرائع من أهم مهمات الشريعة الإسلامية، فوجب منع التمائم كلها عملا بعموم الأحاديث، وسدا لذرائع الشرك، وحماية للأمة مما يفسد عقيدتها، ويسبب غضب الله عليها سبحانه وتعالى. فسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.






تعليق الأوراق التي يكتبها السادة والحلف بهم


س 18 - سائل يقول: عندنا إذا مرض الشخص فإنه يذهب إلى السادة، فيكتبون له أوراقا يعلقها في رأسه. فهل يجوز هذا أم لا؟ كذلك هناك من يحلف بغير الله أو يحلفون بهؤلاء السادة. فما حكم ذلك؟


الجواب:

تعليق التمائم على الأولاد خوف العين أو خوف الجن أمر لا يجوز، وهكذا تعليق التمائم على المرضى وإن كانوا كبارا لا يجوز؟ لأن هذا فيه نوع من التعلق على غير الله، فلا يجوز لا مع السادة المنسوبين إلى الحسن أو الحسين أو غيرهما، ولا مع غيرهم من العلماء، ولا مع غيرهم من العباد، لا يجوز هذا أبدا؟ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له
وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تعلق تميمة فقد أشرك والتميمة هي ما يعلق على الأولاد أو على الكبار عن العين أو عن الجن من خرز، أو ودع، أو عظام، أو غيرها، أو أوراق مكتوب فيها كتابات حتى ولو من القرآن على الصحيح، حتى ولو آية الكرسي أو غيرها لا يجوز التعليق مطلقا ولو كان من القرآن، لأن الحديث عام، فالرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق، ولم يستثن شيئا، فدل ذلك على أن التمائم كلها ممنوعة، وهي ما يعلق على الأولاد عن العين أو عن الجن، أو يعلق على المرضى أو الكبار كله لا يجوز.

والمشروع في هذا أن الإنسان يسأل ربه العافية، ولا بأس أن يقرأ عليه، المؤمن العارف بالقراءة، يقرأ عليه بعض آيات، ويدعو له بدعوات شرعية، وينفث عليه، فهذه رقية شرعية ولا بأس بها، أما أن يعلق شيئا في قرطاس أو في خرقة، في عضده أو في رقبته، فهذا لا يجوز، وهذا من الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر إذا اعتقد صاحبه أنها تدفع عنه، وأنها تكفيه الشرور دون الله، فهذا يكون من الشرك الأكبر، وأما إذا اعتقد أنها من الأسباب فهذا شرك أصغر، والواجب قطعها وإزالتها. وكذلك الحلف بغير الله لا يجوز، وهو من الشرك الأصغر أيضا، وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف بغير الله أن محلوفه مثل الله، أو أنه يستحق أن يدعى من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون، فإنه يكون شركا أكبر والعياذ بالله.

والحاصل أن الحلف بغير الله لا يجوز، قال النبي صلى الله عليه وسلم : من كان حالفا فليحف بالله أو ليصمت متفق على صحته، وقال: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد وقال عليه الصلاة والسلام: من حلف بشيء دون الله فقد أشرك رواه الإمام أحمد رحمه الله عن عمر رضي الله عنه بسند صحيح،

وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: من حلف بالأمانة فليس منا وخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وأدرك يوما بعض أصحابه في السفر وهم يحلفون بآبائهم، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت

وقال ابن عبد البر النمري الإمام المغربي المعروف، المتوفى سنة 463 هـ: إن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الحلف بغير الله ، وهذا يفيدنا أن الحلف بالأمانة، أو بالنبي، أو بالكعبة، أو بحياة فلان، أو شرف فلان محرم لا يجوز بالإجماع، وإنما يكون الحلف بالله وحده، يقول: بالله، تالله، والله، هذا هو المشروع، أما الحلف بغير الله كائنا من كان فلا يجوز لما تقدم.





تعليق ما يمنع يكون من التمائم


س 19 - سائل يقول: هناك عرق للعقرب إذا لبسه الشخص يخدر العقرب فلا تستطيع لدغ ذلك الشخص اللابس له فهل تعليقه يكون من التمائم المنهي عنها؟


الجواب:

نعم، تعليق ما يمنع لدغ العقرب يكون من التمائم، سواء زعم أنه يمنع العقرب، أو يمنع الحيات، أو يمنع الحمى، أو يمنع غير ذلك، والرسول نهى عن التعاليق، وقال صلى الله عليه وسلم : من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له
وفي رواية أخرى: من تعلق تميمة فقد أشرك فالمقصود أن التعاليق لا تجوز ضد الحمى، وضد العقارب، وضد الحيات أو ضد السباع أو ضد العين، أو ما شابه ذلك، يعتقد فيها أنها تدفع، يعتقد أن هذه الحلقة أو العقدة المعينة من قطن أو صوف أو غير ذلك، أو أن هذا الخاتم يمنع أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز، وهذا من عمل الجاهلية، ولكن يتعاطى ما شرع الله، كالتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثا في الصباح والمساء، ومثل قول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات في الصباح والمساء، ومثل قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة بعد الذكر وعند النوم، ومثل قراءة: قل هو الله أحدا والمعوذتين بعد كل صلاة، كل هذا من أسباب السلامة والعافية من الشر وتستحب قراءة هذه السور الثلاث ثلاث مرات صباحا ومساء وعند النوم لثبوت الترغيب في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .

أما تعليق خيط، أو حلقة، أو أي شيء يعلق كخاتم أو سبته أو غير ذلك مما يعلق لرفع البلاء أو دفعه كله لا يجوز إذا كان بهذا القصد، هذا إذا كان لقصد دفع الشرور، كالحمى، أو العقارب، أو الحيات، أو ما أشبه ذلك.






حكم الصلاة خلف من يعمل التمائم والحجب، والصلاة في المسجد الذي أنشأه


س 20- هناك مسجد أسسه رجل يعمل بالتمائم والحجب ويؤتى له بالنذر، وتضرب في دياره الطبول، ويزعمون أنه يعالج المجانين بالطبول والتمائم وما شابه ذلك. فهل هذا المال المكتسب الذي أسس به المسجد يجعل المسجد مؤسسا على غير التقوى كمسجد ضرار؟ وهل تجوز الصلاة خلفه؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب: هذا الرجل لا يصلى خلفه؛ لأن ظاهره فساد العقيدة، أما المسجد فلا بأس أن يصلى فيه، ولا ينظر إلى نفقته، بل يصلي فيه أهل السنة والجماعة حتى يبتعد عنه أهل الشر والفساد. أما هذا الرجل الذي هذا عمله فلا يصلى خلفه؟ لأن ظاهره فساد العقيدة وعدم الاستقامة. وفق الله الجميع للعافية والسلامة.





الحذر من الذبح عند جبل مقصود


س 21- عندنا في قريتنا يذهب الناس إلى جبل ويأخذون معهم ذبيحة ويذبحونها في الجبل من أجل الله سبحانه وتعالى، لعل الله يرحمهم وينزل عليهم المطر. فهل هذا يحل أم لا أفيدونا أفادكم الله.

الجواب:

هذا العمل فيه تفصيل؟ فإذا كان الذبح لله وحده وليس هناك قبر يذبحون عنده، وليس هناك اعتقاد آخر في الجبل، وإنما فعلوا هكذا صدفة من غير قصد فلا حرج والذبيحة لله وحده، ولكن لا حاجة إلى المجيء إلى الجبل؟ لأن هذا يوهم أن هناك اعتقادا في هذا الجبل، فليذبحوها في بيوتهم أو في أي مكان تذبح فيه الدواب، ويكفي هذا في التقرب إلى الله جل وعلا، ثم يوزع هذا اللحم على الفقراء والمساكين، أو يأكلون إن كانوا أرادوا أكله، وإن كانوا أرادوا به الفقراء قسموه بين الفقراء، أو أعطوا للفقراء منه ما شاءوا.

المقصود أن قصدهم الجبل فيه شيء من الإيهام، فإذا كان المقصود من المجيء إلى الجبل إظهار الذبيحة وأنها تذبح لله على رؤوس الأشهاد فلا حاجة إلى قصد الجبل، يذبحونها في مكان بارز، ويقسمونها بين الفقراء في قريتهم ويكفي. ولا يقصدوا الجبل هذا الذي يوهم أنهم أرادوا شيئا، أما إن كانوا أرادوا في الجبل أن هناك ميتا مدفونا هناك، أو أن هناك محلا لرجال صالحين جلسوا فيه، أو غار جلس فيه أناس صالحون فهم يتبركون به؛ فهذا لا يجوز فيجب التنبه لهذا.

وإذا كان المقصود فقط إظهار الذبيحة فإظهارها يكون في أي مكان سوى الجبل، ولا حاجة إلى الجبل، بل يذبحونها في بيوتهم، أو يذبحونها في محل الذبح، أو في حوش عندهم في محل الذبح، أو في محل حول الطريق يراه الناس، ولا يؤذي أحدا من الناس، فلا بأس.

المقصود إظهارها بأي طريق لكن لا يوهم؛ فلا يكون إظهارا يوهم بأن هناك قصدا كقصد جبل معين أو شجرة معينة حتى لا يتهموا بالشرك أو بالبدعة- ولا حول ولا قوة إلا بالله.







التوقيع

Nathyaa

قديم 12-05-2005, 11:52 AM   رقم المشاركة : 4
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

حديث: إن الله خلق آدم على صورته

س 22- يقول السائل: ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه وأن الله خلق آدم على صورته، فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث؟


الجواب:

الحديث ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته وفي لفظ آخر: على صورة الرحمن وهذا لا يلزم منه التشبيه والتمثيل، بل المعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا متكلما إذا شاء، وهذا هو وصف الله عز وجل، فإنه سميع، بصير، متكلم، ذو وجه جل وعلا، وليس المعنى التشبيه والتمثيل، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع، بصير، ذو وجه، ومتكلم إذا شاء، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا، ذا وجه، وذا يد، وذا قدم، ويتكلم إذا شاء. لكن ليس السميع كالسميع، وليس البصير كالبصير، وليس المتكلم كالمتكلم، وليس الوجه كالوجه. بل لله صفاته سبحانه وتعالى لا يشابهه فيها شيء، بل تليق به سبحانه، وللعبد صفاته التي تليق به؛ صفات يعتريها الفناء والنقص والضعف،
أما صفات الله سبحانه وتعالى فهي كاملة لا يعتريها نقص ولا ضعف ولا فناء ولا زوال؛ ولهذا قال عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فلا يجوز ضرب الوجه، ولا تقبيح الوجه.







حول حديث: من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا


س 23- لقد قرأت في رياض الصالحين بتصحيح السيد علوي المالكي، ومحمود أمين النواوي حديثا قدسيا يتطرق إلى هرولة الله سبحانه وتعالى، والحديث مروي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة " رواه البخاري" . فقال المعلقان في تعليقهما عليه: إن هنا من التمثيل وتصوير المعقول بالمحسوس لزيادة إيضاحه، فمعناه أن من أتى شيئا من الطاعات ولو قليلا أثابه الله بأضعافه، وأحسن إليه بالكثير، وإلا فقد قامت البراهين القطعية على أنه ليس هناك تقريب حسي، ولا مشي، ولا هرولة من الله سبحانه وتعالى عن صفات المحدثين. فهل ما قالاه في المشي والهرولة موافق لما قاله سلف الأمة على إثبات صفات الله وإمرارها كما جاءت، وإذا كان هناك براهين دالة على أنه ليس هناك مشي ولا هرولة فنرجو منكم إيضاحها والله الموفق؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا ريب أن الحديث "المذكور" صحيح، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله عز وجل من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ومن تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة

وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير والكرم والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير والعمل الصالح.

ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمعوا هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعترضوه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.

فالواجب في مثل هذا أن يتلقى بالقبول، وأن يحمل على خير المحامل، وأن هذه الصفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه فليس تقربه إلى عبده مثل تقرب العبد إلى غيره، وليس مشيه كمشيه، ولا هرولته كهرولته، وهكذا غضبه، وهكذا رضاه، وهكذا مجيئه يوم القيامة وإتيانه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده وهكذا استواؤه على العرش، وهكذا نزوله في آخر الليل كل ليلة، كلها صفات تليق بالله جل وعلا، لا يشابه فيها خلقه.

فكما أن استواءه على العرش، ونزوله في آخر الليل في الثلث الأخير من الليل، ومجيئه يوم القيامة، لا يشابه استواء خلقه ولا مجيء خلقه ولا نزول خلقه؟ فهكذا تقربه إلى عباده العابدين له والمسارعين لطاعته، وتقربه إليهم لا يشابه تقربهم، وليس قربه منهم كقربهم منه، وليس مشيه كمشيهم، ولا هرولته كهرولتهم (بل هو شيء) يليق بالله لا يشابه فيه خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات، فهو أعلم بالصفات وأعلم بكيفيتها عز وجل. وقد أجمع السلف على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت واعتقاد معناها وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق، كما قال عز وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ

وقال عز وجل: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل: 74] . وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11]. فرد على المشبهة بقوله: "ليس كمثله شيء" وقوله: "فلا تضربوا لله الأمثال" ورد على (المعطلة) بقوله: "وهو السميع البصير" وقوله: "قل هو الله أحد الله الصمد" "إن الله عزيز حكيم" وقوله: "إن الله سميع بصير" وقوله: "إن الله غفور رحيم" "إن الله على كل شيء قدير" إلى غير ذلك.





التخلص من وسوسة الشيطان


س 24- يقول السائل: ما هي الأدعية التي تقال بغرض التخلص من وسوسة الشيطان؟ .


الجواب:

يدعو الإنسان بما يسر الله له من الدعوات اللهم أعذني من الشيطان، اللهم أجرني من الشيطان، اللهم احفظني من الشيطان، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،- اللهم احفظني من مكايد عدوك الشيطان ويكثر من ذكر الله، ويكثر من قراءة القرآن، ويتعوذ بالله عند وجود الوسوسة، فإذا عرض له الوسواس يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، حتى ولو في الصلاة، وإذا غلب عليه في الصلاة ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ من الشيطان ثلاث مرات.

فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شكا إليه عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه ما يجده من الوساوس في الصلاة فأمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات ويستعيذ بالله من الشيطان وهو في الصلاة ففعل ذلك فأذهب الله عنه ما يجد فالحاصل أن المؤمن والمؤمنة إذا ابتليا بهذا الشيء فعليهما أن يجتهدا في سؤال الله العافية من ذلك، وأن يتعوذا بالله من الشيطان كثيرا، وأن يحرصا على مكافحته فلا يطاوعانه لا في الصلاة ولا في غيرها، فإذا توضأ يجزم أنه توضأ ولا يعيد الوضوء، وإذا صلى يجزم أنه صلى ولا- يعيد الصلاة، وإذا كبر يجزم أنه كبر ولا يعيد التكبير مخالفة لعدو الله ومحاربة له.

هكذا يجب على المؤمن أن يكون عدوا للشيطان محاربا له مكافحا له لا يخضع له، فإذا أملى عليك أنك ما توضأت وما صليت، وأنت تعرف أنك توضأت وصليت، فترى يدك فيها الماء وتعلم أنك صليت فلا تطاوع عدو الله، واجزم بأنك صليت، واجزم بأنك توضأت، ولا تعد شيئا من ذلك، وتعوذ بالله من عدو الله الشيطان.

هكذا يجب على المؤمن، يكون قويا في حرب عدو الله، وفي مكافحته، حتى لا يغلب عليه وحتى لا يؤذيه، فإنه متى غلب على الإنسان جعله كالمجنون يتلاعب به، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من عدو الله والاستعاذة بالله من شره ومكايده، وبالقوة في ذلك، والصبر في ذلك، حتى لا تطاوعه في إعادة صلاة، ولا في إعادة وضوء، ولا في إعادة تكبير، ولا في غير ذلك.

وهكذا إذا قال لك ثوبك نجس، أو البقعة نجسة، أو الحمام فيه نجاسة، أو الأرض التي وطأتها فيها نجاسة، أو مصلاك فيه كذا فلا تطعه في ذلك، كذب عدو الله واستعذ بالله من شره، وصل في المكان الذي تصلي فيه، والسجادة التي تصلي عليها كذلك، والأرض التي تطأ عليها وتعرف أنها طاهرة، إلا إذا رأيت بعينك نجاسة وطأتها رطبة فاغسل رجلك والحمد لله، أما وساوسه فلا تطاوع عدو الله فيها. واعرف أن الأصل هو الطهارة، هذا هو الأصل، فلا تطاوع عدو الله في شيء إلا في يقين رأيته بعينك وشاهدته بعينك، حتى لا يغلب عليك عدو الله، نسأل الله للجميع العافية.






حكم لمس الحائض والنفساء والجنب للكتب التي بها آيات قرآنية


س 25 - سائلة تقول في رسالتها: هل يجوز لمس الكتاب الذي توجد فيه آيات قرآنية وأحاديث نبوية من قبل المرأة التي عليها عادة أو جنابة؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب:

نعم، لا بأس بذلك. لا بأس أن تلمس المرأة الكتاب الذي فيه آيات وأحاديث مثل صحيح البخاري ومثل زاد المعاد لابن القيم، وغيرها من الكتب الإسلامية التي بها آيات وأحاديث، مثل كتب التفسير كذلك، ومثل تفسير ابن كثير وغيره، فلا حرج أن تلمس المرأة الجنب، والرجل الجنب كذلك، وهكذا الحائض والنفساء.

لا حرج في ذلك عليها. وإنما الممنوع القرآن نفسه، فليس للمرأة الجنب أو الحائض أو المحدث أن يمس القرآن- أي المصحف- إلا على طهارة.






خذ من القرآن ما شئت لما شئت

هل هذا الأثر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
س 26 - يقول السائل: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم خذ من القرآن ما شئت لما شئت ؟



الجواب:

لا أعرف هذا الحديث، ولا أعتقد أنه صحيح، القرآن كلام الله عز وجل، وينبغي للمؤمن أن يكثر من تلاوته، وهكذا المؤمنة ينبغي أن تكثر من تلاوته مع التدبر والتعقل والعمل، لقول الله سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص: 29] .

وقوله سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9] . ولقوله عز وجل: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت: 44] . ولقوله سبحانه وتعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد: 24] .

فكتاب الله فيه الهدى والنور، فينبغي للمؤمنين جميعا والمؤمنات العناية بهذا الكتاب العظيم تلاوة وتدبرا وتعقلا وعملا في الليل والنهار وفي كل وقت.






حكم الاستماع إلى تلاوة النساء للقرآن الكريم



س 27 - ما حكم الاستماع إلى تلاوة النساء في مسابقات القرآن الكريم التي تقام سنويا في بعض البلاد الإسلامية؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب: لا أعلم بأسا في هذا الشيء إذا كان النساء على حدة والرجال على حدة، من غير اختلاط في محل المسابقة، بل يكن على حدة، مع تسترهن وتحجبهن عن الرجال. وأما المستمع فإذا استمع للفائدة والتدبر لكلام الله فلا بأس، أما مع التلذذ بأصواتهن فلا يجوز. أما إذا كان القصد الاستماع للفائدة، والتلذذ في استماع القرآن والاستفادة من القرآن فلا حرج إن شاء الله في ذلك. 




حكم أخذ الأجر على التلاوة


س 28 يقول السائل: إذا جاء الإنسان بشخص إلى بيته ليقرأ عنده القرآن، ويجزيه بعد ذلك بمبلغ من المال. فما حكم ذلك أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب: أخذ الأجرة على التلاوة أمر لا يجوز، وقد حكى بعض أهل العلم إجماع أهل العلم على ذلك، فلا يجوز أن يقرأ الإنسان بالأجرة، فلا يقوم بالتلاوة حتى يأخذ الأجرة في بيت فلان أو فلان، أو على ميت فلان، بل يقرأ احتسابا ولا يعطى أجرة.

أما إن أهدي هدية أو أعطي شيئا من دون مشارطة فنرجو ألا يكون عليه شيء في ذلك، من باب الإحسان إذا كان فقيرا، أما أن يكون مشارطة، يعني أن يكون اليوم بكذا، أو الجزء بكذا، أو السورة بكذا، فهذا منكر لا يجوز.









التوقيع

Nathyaa

قديم 12-05-2005, 12:13 PM   رقم المشاركة : 5
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

الاجتماع على قراءة يس عدة مرات ثم الدعاء

س 29يوجد بالسجن بعض الأشخاص يجتمعون ويقرءون سورة يس، ثم يتقدم أحدهم ويدعو، والباقي يرفعون أيديهم ويؤمنون على دعائه، وتكون القراءة بعدد معين مرة أو أكثر. فهل جاء في القرآن أو السنة ما يؤيد هذا؟ أفيدونا أفادكم الله؟


الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع بأصحابه ويقرأ القرآن في مجالسه عليه الصلاة والسلام، ويذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير عليه الصلاة والسلام، وربما مر بالسجدة في القرآن فيسجد ويسجدون معه، وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذات يوم: يا عبد الله اقرأ علي القرآن فقال يا رسول الله كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال صلى الله عليه وسلم إني أحب أن أسمعه من غيري عليه الصلاة والسلام قال عبد الله فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [ النساء 41] قال حسبك قال عبد الله فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام، يعني يبكي لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة عليه الصلاة والسلام.

فإذا اجتمع السجناء أو الإخوان في مجلس، أو في أي مكان، وقرءوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا فهذا خير عظيم، وفيه فضل كبير ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت، حتى يستفيد ويتدبر، وإذا دعوا بعد القراءة بما شاءوا من الدعاء فلا حرج في ذلك.

لكن كونهم يعتادون تكرار يس أو غيرها عددا معينا فهذا ما لا نعلم له أصلا ولكن يقرءون ما تيسر من يس أو من البقرة أو من غير ذلك، أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره، هذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا، أو يقرأ هذا ثم يعيد القراءة هذا، حتى يستفيدوا جميعا ويتدبروا.

أما تخصيص عدد معين من السور وتكرار السورة فهذا ما لا أعلم له أصلا، وكذلك رفع الأيدي لا أعلم أنه وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اجتماعاته مع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأولى أن يكون الدعاء بما تيسر من غير رفع أيد، ومن غير دعاء جماعي، بل كل يدعو لنفسه بما تيسر بينه وبين نفسه، هذا هو الذي نعلمه من السنة، ولكن ينبغي على كل جالس التدبر والتعقل، وأن تكون القراءة مقصودة ليس لمجرد القراءة فقط.

ولكن يعتني المؤمن بما يقرأ وبما يسمع ويتدبر؛ لقوله عز وجل: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص: 29] فالمقصود من القراءة التدبر والتعقل والعمل والفائدة، نسأل الله التوفيق والهداية.




دخول الخلاء بما فيه ذكر الله


س 30 يقول السائل: إننا نتعامل بدنانير كتب عليها سورة الإخلاص فهل يجوز أن أدخل بها الكنيف أم لا؟ وإن كان غير جائز فماذا أفعل وخاصة عندما أكون خارج المنزل في مكان لا آمن فيه؟


الجواب:

هذا فيه تفصيل؛ إذا كنت في محل آمن فاتركها في خارج المرحاض أو الكنيف، كأن تكون عند أهلك، أو في مكان آخر مأمون حتى تخرج؛ تعظيما لكلام الله عز وجل، وهكذا إذا كان فيها ذكر الله فالأفضل إخراجها، كالخاتم الذي فيه ذكر الله، أو رسائل فيها ذكر الله، تجعلها في الخارج إذا تيسر ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه خارجه، لأن فيه : "محمد رسول الله".

أما إذا كنت في محل غير آمن فلا حرج عليك أن تدخل وهي معك؛ لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].






حول حديث: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"


س 31 سائل يقول: سمعت أحد المذيعين يوم جمعة وكان يتحدث في فضل يوم الجمعة، وقد أورد حديثا يقول: فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ فقال إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء رواه الخمسة إلا الترمذي. أليس هذا يتعارض مع الآية الكريمة التي يقول الله فيها: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [ الكهف: 110]، وقوله: وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا [ الكهف: 8]،

وأنه لما دخل عليه العباس عمه حينما مات، ومكث ثلاثة أيام قبل أن يدفن، وكان واضعا يديه على أنفه، وقال: عجلوا بدفن صاحبكم، والله إنه ليأسن كما يأسن سائر البشر.
وهذا الحديث الذي سمعته موجود في كتاب نيل الأوطار شرح منتقى الأخيار، والحديث أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال: صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه. وذكره ابن أبي حاتم في العلل وحكى عن أبيه بأنه حديث منكر؛ لأن في إسناده عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو منكر الحديث، وقال ابن العربي إن الحديث لم يثبت. وأسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه؟




الجواب:


الحديث المذكور معروف عند أهل العلم ولا بأس به عند أهل العلم، ولا نكارة في ذلك، فإن الله جل وعلا له أن يخص من شاء من عباده بما يشاء سبحانه وتعالى، فإذا خص الأنبياء بتحريم أجسادهم على الأرض فلا غرابة في ذلك؛ لما لهم لديه من الكرامة.

والصلاة والسلام عليه مشروعة مطلقا، ولو فرضنا أن الجسد قد أكلته الأرض كما تأكل أجساد الناس الآخرين، فإن هذا لا يمنع من الصلاة والسلام عليه، ولا يمنع أيضا من تخصيص الجمعة بالإكثار من ذلك لما جاء في الحديث، فإن الصلاة والسلام عليه مشروعان دائما عليه الصلاة والسلام في حياته وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

وقد قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56] اللهم صل عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين. وقال عليه الصلاة والسلام كما روى مسلم في الصحيح: من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا فالصلاة والسلام عليه أمر مشروع في حياته وبعد وفاته، حال كونه في البرزخ وفي غير ذلك، وهذا أمر مشروع ومعلوم عند الجميع.

أما كون جسده يبقى فهو في هذا الحديث، وسنده لا بأس به عند أهل العلم، أما قول العباس، فلم أعلم إلى يومي هذا صحته ولم أتتبع أسانيده، ولو فرضنا صحة هذا عن العباس فإنه لا ينافيه؛ فقد يعتري الجسد ما يعتريه ولكنه يسلم ويبقى، ويحرم على الأرض أن تأكله، ويزول ما يعتريه من تغير ورائحة، فإن الله على كل شيء قدير سبحانه وتعالى، فإذا وضع في القبر ففي الإمكان أن تزول هذه الرائحة وهذا التغير، وأن يبقى الجسد سليما طريا، وليس في الشرع ولا في العقل ما يمنع ذلك.

والمقصود أن الصلاة والسلام عليه مشروعان مطلقا سواء بقي الجسد أم لم يبق الجسد، وكونه تعرض صلاتنا عليه لا يمنع ذلك فناء جسده لو لم يصح الحديث؛ لأن الروح باقية في الرفيق الأعلى، وهكذا الأرواح باقية عند أهل السنة والجماعة، أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار، وروحه صلى الله عليه وسلم في أعلى عليين عليه الصلاة والسلام، وأرواح المؤمنين في طيور تعلق في شجر الجنة كما صح بذلك الحديث، وأرواح الشهداء تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم ترجع إلى قناديل معلقة تحت العرش، وهي في جوف طير خضر كما جاء في الحديث الشريف. فالمقصود أن الأرواح باقية وفي الإمكان عرض الصلاة والسلام عليه، عليه الصلاة والسلام، ولو ذهب الجسد، ولكن حديث إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء لا بأس به، فالأصل الأخذ به والبقاء عليه، حتى يعلم بالأدلة التي لا شك فيها ما يخالف ذلك.

وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء خبر منه صلى الله عليه وسلم وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فمتى سلم الخبر من العلة، وهو عند أهل العلم في ظاهر أسانيده صحيح ولا بأس به، وإذا ثبت أثر العباس، فإن ما قاله العباس لو ثبت ووقع لا يمنع من بقاء الجسد وزوال هذا الأثر كما تقدم.






حول رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام


س 32 يقول السائل: ادعى بعض الناس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، وأنه عليه الصلاة والسلام قال له: إنه خجلان في قبره لأن الحرب لم تتوقف بين إيران والعراق.

وقال آخر: إنه رآه عليه الصلاة والسلام وقال له: سوف تستمر الحرب ستة وثلاثين شهرا وها قد مضى على الحرب الآن أربع سنوات فما حكم الشرع في مثل هذه الرؤى التي فيها ما يخالف الواقع؟



الجواب:

كثير من الناس يدعي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إما كاذب، وإما أنه لم يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم، وظن أنه الرسول وليس هو الرسول عليه الصلاة والسلام. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي فمن رآه في صورته فقد رآه، وهو صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق. لكن هذه المرائي تعرض على ما علم من الشرع، فإن وافقت ما علم من الشرع فهي حق، وإلا فهي تلبيس على صاحبها، وأن صاحبها لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما خيل له وظن أنه الرسول وليس هو الرسول، فقد يراه بعض الناس في صورة شاب أمرد، وقد يراه بعض الناس شيبة قد ابيض شعره، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان قصير، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان طويل، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان أسود اللون، وقد يراه بعض الناس في صور أخرى، وهذا ليس هو الرسول صلى الله عليه وسلم. الرسول ربعة من الرجال، أبيض اللون، مشرب بحمرة عليه الصلاة والسلام من أجمل الرجال عليه الصلاة والسلام، شعره أسود ليس فيه إلا بياض قليل، شعرات قليلة من الشيب. فلابد في الرائي أن يكون رآه على صورته المعروفة في كتب الحديث والسيرة، وأن يكون ثقة معروفا بالصدق والأمانة والعدالة، وإلا فإنه لا يعتمد على قوله ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولم يقل لا يتمثل بي، بل قال: في صورتي، فدل ذلك على أنه إذا رآه الإنسان في غير صورته فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام، ثم إذا رآه فلابد أن يعرض ما رآه على ما جاء به الشرع إن كانت تتعلق بالأحكام والعبادات فتعرض على الشرع فإن خالفت الشرع، فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام. ثم قوله خجلان ليس من لغة النبي صلى الله عليه وسلم بل هذه من لغة العصر، فهذا دليل على أنه لم ير الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما رأى شيطانا ثم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب والوحي قد انقطع، فهو لا يعلم الغيب في حياته إنما يعلم ما أوحى الله إليه وبينه له سبحانه وتعالى، وما لم يأت به الوحي لا يعلمه عليه الصلاة والسلام من أمور الغيب، فهو لا يعلم شأن الحرب التي بين العراق وبين إيران والوحي قد انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام، وهذا من أوضح الدلالة على أن هذه الرؤيا مكذوبة وليست من النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي من بعض الشياطين الذين تراءوا للرجل القائل، أو أنه كاذب في رؤياه ولم ير شيئا.






قوله تعالى: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا


س 33 يقول السائل: ورد في سورة الكهف على لسان الرجل الصالح في قصته مع موسى عليه السلام، في قوله تعالى: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ إلى قوله تعالى: ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [ الكهف: 79-82]. لاحظت أنه عند السفينة قال: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وعند ذكر الأبوين المؤمنين: فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا وعند ذكر قصة اليتيمين صاحبي الجدار: فَأَرَادَ رَبُّكَ فما الفرق بين التعابير الثلاثة؟ وهل ذلك يعني أن للرجل الصالح إرادة في الأمر مع إرادة الله؟


الجواب:

الصحيح أن هذا الرجل هو الخضر صاحب موسى عليه الصلاة والسلام، وأنه نبي، وليس مجرد رجل صالح بل الصحيح أنه نبي، ولهذا قال: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي أي بل عن أمر الله سبحانه وتعالى. وجاء في القصة نفسها في الصحيح أنه قال لموسى: إنك على علم من علم الله علمك الله إياه لا أعلمه أنا، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت. فدل ذلك على أنه من الأنبياء، ولهذا قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وقال: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي والرسول يعلم إرادة الله حيث جاءه الوحي بذلك. وفي قصة السفينة نسب الأمر إليه فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا هذا والله أعلم لأن الرب سبحانه ينسب إليه الشيء الطيب، والعيب ظاهره ليس من الشيء الطيب فنسبه إلى نفسه تأدبا مع ربه عز وجل، فقال: فأردت أن أعيبها، وهذا عيب يراد منه أن تسلم السفينة حتى لا يأخذها الملك؛ لأنه كان يأخذ كل سفينة صالحة سليمة فأراد الخضر أن يعيبها لتسلم من هذا الملك إذا رآها معيبة خاربة تسلم من شره وظلمه، فلما كان ظاهر الأمر لا يناسب ولا يليق إضافته لله نسبه لنفسه فقال: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وعند ذكر الأبوين المؤمنين قال: فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا كذلك لما كان أمرا طيبا نسبه إلى نفسه لأنه مأمور من جهة الله عز وجل "أردنا" وذكر نون الجمع لأنه نبي، والنبي رجل عظيم فناسب أن يقول: أردنا، ولأنه عن أمر الله وعن توجيه الله فناسب أن يقال فيه: أردنا، ولأنه كان عملا طيبا ومناسبا وفيه مصلحة. ولما كان أمر اليتيمين فيه خير عظيم وصلاح لهما، ومنفعة لهما قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ فنسب الخير إليه سبحانه وتعالى، وهذان جنس قول الجن في سورة الجن، حيث قال سبحانه عن الجن: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا [الجن: 10]. فالشر لم يضيفوه إلى الله سبحانه وتعالى، ولما جاء الرشد قالوا: أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا فنسبوا الرشد إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الرشد خير فنسبوه إلى الله، وأما الشر فلا ينسب إليه، كما جاء في الحديث الصحيح: والشر ليس إليك وهذا من الأدب الصالح، من أدب الجن المؤمنين، ومن أدب الخضر عليه الصلاة والسلام، قال في العيب: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وفي اليتيمين: فَأَرَادَ رَبُّكَ وهذا من الأدب المناسب مع الله سبحانه.






اليوم الآخر


قوله تعالى: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ

س 34يقول السائل: يقول الله تعالي: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ [ النمل: 82]. ما تفسير هذه الآية الكريمة. جزاكم الله خيرا؟


الجواب:

جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها دابة تخرج في آخر الزمان عند طلوع الشمس من مغربها؛ قبلها بقليل أو بعدها بقليل، والله أعلم بمكثها في الأرض، ولكنها تخرج في آخر الزمان، وتكلم الناس، كما قال الله عز وجل، وأما تفاصيل أخبارها فليس في تفاصيل أخبارها أحاديث صحيحة فيما أعلم.






حول السؤال عن الأعمال يوم القيامة


س 35 يقول السائل في رسالته: يقول الله تعالى يوم القيامة: تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ [ النحل: 56]، ويقول جل وعلا: وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [ النحل: 93]، ولكني وجدت آية في سورة الرحمن تنفي حدوث السؤال للإنس والجن يوم القيامة، يقول المولى فيها: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ [ الرحمن: 39]، فكيف يمكن الجمع بين هذه الآيات التي تثبت الحساب والأخرى التي تنفي السؤال؟


الجواب:

أيها الأخ السائل، اعلم أن يوم القيامة له أحوال وله شئون، وهو يوم طويل، مقداره خمسون ألف سنة، كما قال جل وعلا في كتابه العظيم: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا [المعارج: 4-7]. فهو يوم طويل عظيم وله شئون وله أحوال، والناس فيه على أحوال، ففي وقت يسألون، وفي وقت لا يسألون، في وقت يسألهم الله عن أعمالهم، كما قال عز وجل: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر: 92 ، 93]، فيسألهم ويجازيهم وتعرض عليهم صحائفهم، وفي وقت آخر من هذا اليوم الطويل لا يسألون، وهكذا ما في قوله جل وعلا عن الكفار أنهم قالوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام: 23]، وفي الموضع الآخر قال: وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء: 42]، ولهذا نظائر، فيوم القيامة طويل عظيم، للناس فيه شئون مع ربهم عز وجل، فتارة يقرون وتارة يجحدون، وتارة يسألون وتارة لا يسألون، فانتبه لهذا ولا تشك في شيء من ذلك، فكله حق والله المستعان





مصير من تساوت حسناته وسيئاته

س 36 ما مصير من تساوت حسناته وسيئاته يوم الحساب ، هل سيدخل الجنة أم لابد أن يأخذ نصيبه من النار؟


الجواب:

الله أعلم، أمره إلى الله سبحانه، لكن لابد من القطع بأنه لابد أن يكون مصيره إلى الجنة في المنتهى، أما كونه قد يعذب أو لا يعذب هذا إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الموحد الذي تساوت حسناته وسيئاته منتهاه الجنة، لكن قد يعفى عنه بفضل الله سبحانه، ويدخل الجنة من أول وهلة، وقد يدخل النار بسيئاته التي لم يتب منها، فهو تحت مشيئة الله عز وجل، والله أعلم هل يدخل الجنة من أول وهلة أو لا يعفى عنه، بل يعذب على قدر المعاصي التي مات عليها ولم يتب، ثم يدخل الجنة. هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة؛ وهي أن مصير الموحدين الجنة، سواء دخلوا النار أم لم يدخلوا النار؛ فمن دخلها بذنوبه فإنه لا يخلد فيها؛ بل يخرج منها بعدما يطهر ويمحص يخرج من النار إلى الجنة، يلقى في ماء الحياة فينبت كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم بعد ذلك يدخل الجنة كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي كلمة، وقد يعفو الله سبحانه وتعالى عن العاصي الموحد المؤمن، بشفاعة الشفعاء أو برحمته من دون شفاعة أحد فيدخله الله الجنة جل وعلا كما قال الله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعض العصاة يدخل النار ويبقى فيها ما شاء الله، ثم يخرجه الله سبحانه من النار بسبب توحيده وإيمانه وإسلامه إلى الجنة. فالذين تتساوى حسناتهم وسيئاتهم هم في حكم العصاة، وأمرهم إلى الله سبحانه وتعالى.




شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

س 37 يقول السائل: للنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ثلاث شفاعات فلمن تجوز الشفاعة الأولى والثانية والثالثة؟


الجواب:

له عليه الصلاة والسلام ثلاث شفاعات خاصة به عليه الصلاة والسلام. إحداها: الشفاعة العظمى في أهل الموقف يوم القيامة، يشفع لهم حتى يقضى بينهم، وهذا هو المقام المحمود الذي قال فيه سبحانه: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء: 79]، هذا هو المقام المحمود الذي يبعثه الله يوم القيامة، وهو أنه يشفع في أهل الموقف عليه الصلاة والسلام إلى الله سبحانه ليقضى بينهم في هذا الموقف العظيم، حتى ينصرف كل إلى ما كتب الله له.

أما الشفاعة الثانية: فهي الشفاعة في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة؛ فإنهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته عليه الصلاة والسلام فيشفع إلى ربه فيؤذن لهم بدخول الجنة.

الشفاعة الثالثة: خاصة بعمه أبي طالب، يشفع في عمه أبي طالب أن يخفف عنه، قال صلى الله عليه وسلم: إنه وجده في غمرات النار فشفع له حتى صار في ضحضاح من النار، فالرسول صلى الله عليه وسلم يشفع لعمه أبي طالب فقط في التخفيف لا في الخروج؛ لأنه مات كافرا، هذا الذي عليه أهل العلم والتحقيق، أنه مات كافرا، أراد النبي صلى الله عليه وسلم عند موته أن يقول لا إله إلا الله فأبى وقال: هو على ملة عبد المطلب فمات على الكفر بالله. فالرسول صلى الله عليه وسلم شفع له بأن يكون في ضحضاح من النار، بسبب ما حصل من نصره للنبي صلى الله عليه وسلم وتعبه وحمايته له عليه الصلاة والسلام، ولهذا حرص صلى الله عليه وسلم أن يسلم لكن لم يقدر له الإسلام فصار هذا من الآيات الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك هداية أحد، فالهداية بيد الله سبحانه وتعالى، فهو يهدي من يشاء، ولهذا لما مات عمه أبو طالب على الكفر أنزل الله في حقه: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص: 56]، وقال سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة: 272]. ولهذا شفع فيه في أن يكون في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه - نسأل الله العافية -، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أهون الناس عذابا يوم القيامة أبو طالب فإنه في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وفي لفظ آخر يقول : إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة من يكون له نعلان من نار يغلي منهما دماغه وهو يرى أنه أشد الناس عذابا وهو أهونهم عذابا. وهناك شفاعات له أخرى صلى الله عليه وسلم ليست مختصة به صلى الله عليه وسلم، فهناك شفاعات فيمن دخل النار من أهل التوحيد يخرج منها، ومن لم يدخلها أن لا يدخلها من العصاة؛ فإن العصاة قسمان قسم يعفى عنه قبل دخول النار بالشفاعة أو برحمة الله سبحانه وتعالى، وعفوه جل وعلا. وقسم يدخل النار بمعاصيهم وسيئاتهم ثم بعدما يمضي عليهم ما شاء الله في النار يخرجون منها بشفاعة الشفعاء، أو برحمة الله سبحانه المجردة من دون شفاعة أحد؛ لأنه كتب جل وعلا أنه لا يخلد فيها إلا الكفرة، فالنار لا يخلد فيها إلا الكفار. أما العصاة إذا دخلوها فإنهم يمكثون فيها ما شاء الله ثم يخرجون، هذا هو الذي عليه أهل الحق؛ من أهل السنة والجماعة أن العصاة لا يخلدون في النار ولكن يمكث فيها من دخلها منهم ما شاء الله ثم يخرجهم الله من النار إلى نهر يقال له نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في (حميل) السيل. وهؤلاء الذين يخرجون من النار أقسام: منهم من يخرج بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يخرج بشفاعة غيره من الأنبياء، ومنهم من يخرج بشفاعة الملائكة، ومنهم من يخرج بشفاعة المؤمنين والأفراط، ومنهم من يبقى في النار حتى يخرجه الله برحمته، من دون شفاعة أحد، فإذا شفع الشفعاء وانتهى أمرهم يخرج الله من النار من بقي فيها من بقية أهل التوحيد، الذين ماتوا على بعض السيئات والمعاصي، فيخرجهم سبحانه من النار فضلا منه ورحمة سبحانه وتعالى والأصل في هذا قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ مع ما ثبت من الأحاديث الصحيحة عن ذلك.





حكم والدي النبي صلى الله عليه وسلم

س 38قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [ الإسراء: 15]، وقد ورد في بعض الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن والديه في النار. والسؤال: ألم يكونا من أهل الفترة والقرآن صريح بأنهم ناجون؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب:

أهل الفترة ليس في القرآن ما يدل على أنهم ناجون أو هالكون، إنما قال الله جل وعلا: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا والله جل وعلا من كمال عدله لا يعذب أحدا إلا بعد بعث الرسول، فمن لم تبلغه الدعوة فليس بمعذب حتى تقام عليه الحجة، أخبر سبحانه أنه لا يعذبهم إلا بعد إقامة الحجة. والحجة قد تقوم عليهم حتى يوم القيامة، كما جاء في السنة أنه تقام الحجة على أهل الفترات ويمتحنون يوم القيامة؛ فمن أجاب وامتثل نجا، ومن عصى دخل النار، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أبي وأباك في النار لرجل سأله عن أبيه قال أين أبي فقال في النار فلما رأى ما في وجهه من التغير قال إن أبي وأباك في النار حتى يتسلى بذلك، وأنه ليس خاصا بأبيه، ولعل هذين بلغتهما الحجة، فلعل أبا الرجل وأبا النبي صلى الله عليه وسلم بلغتهما الحجة.

والنبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: إن أبي وأباك في النار قاله عن علم، فهو عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 1-4]. فلولا أن عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم قد قامت عليه الحجة؛ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه ما قاله، فلعله بلغه ما يوجب عليه الحجة من جهة دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإنهم كانوا على ملة إبراهيم حتى أحدثوا ما أحدثه عمرو بن لحي الخزاعي، وسار في الناس ما أحدثه عمرو، من بث الأصنام ودعوتها من دون الله، فلعل عبد الله كان قد بلغه ما يدل على أن ما عليه قريش من عبادة الأصنام باطل فتابعهم؛ فلهذا قامت عليه الحجة. وهكذا ما جاء في الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم استأذن أن يستغفر لأمه فلم يؤذن له، فاستأذن أن يزورها فأذن له، فهو لم يؤذن له أن يستغفر لأمه؛ فلعله لأنه بلغها ما يقيم عليها الحجة، أو لأن أهل الجاهلية يعاملون معاملة الكفرة في أحكام الدنيا، فلا يدعى لهم، ولا يستغفر لهم؛ لأنهم في ظاهرهم كفار، وظاهرهم مع الكفرة، فيعاملون معاملة الكفرة وأمرهم إلى الله في الآخرة. فالذي لم تقم عليه الحجة في الدنيا لا يعذب حتى يمتحن يوم القيامة؛ لأنه سبحانه وتعالى قال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا فإذا علم كان أناس في فترة لم تبلغهم دعوة نبي فإنهم يمتحنون يوم القيامة فإن أجابوا صاروا إلى الجنة وإن عصوا صاروا إلى النار، وهكذا الشيخ الهرم الذي ما بلغته الدعوة، والمجانين الذين ما بلغتهم الدعوة وأشباههم، وأطفال الكفار على الصحيح يمتحنون؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عنهم قال: الله أعلم بما كانوا عاملين فأولاد الكفار يمتحنون يوم القيامة كأهل الفترة، فإن أجابوا جوابا صحيحا نجوا، وإلا صاروا مع الهالكين، فليس بحمد الله في حق أبوي النبي صلى الله عليه وسلم إشكال على من عرف السنة وقاعدة الشرع.






مصير أطفال المسلمين وأطفال المشركين الذين ماتوا صغارا


س 39يقول السائل: قرأت في كتاب شفاء العليل رواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حينما توفي طفل قالت طوبى لك طير من طيور الجنة فقال صلى الله عليه وسلم وما يدريك يا عائشة أنه في الجنة لعل الله اطلع على ما كان يفعل؟ والنبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة ذكر منهم: الطفل حتى يحتلم والروايتان صحيحتان فلا أدري كيف الجمع بينهما.


الجواب:

هذا الحديث حديث صحيح عند الشيخين، قالت فيه عائشة رضي الله عنها: عصفور من عصافير الجنة. قال النبي: لا يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم والمقصود من هذا منعها من أن تشهد لأحد معين بالجنة أو بالنار، ولو كان طفلا لا يشهد له؛ فقد يكون تابعا لأبويه وأبواه ليسا على الإسلام وإن أظهراه، فالإنسان قد يظهر الإسلام نفاقا، وقد تظهره أمه نفاقا، فلا يشهد لأحد بالجنة أو بالنار، ولو طفلا، ولا يقال هذا من أهل الجنة قطعا؛ لأنه لا يدري عن حالة والديه، والأطفال تبع لآبائهم. ومن كان مات على الصغر ولم يتبع للمسلمين فإنه يمتحن يوم القيامة على الصحيح، فإذا كان ليس ولدا للمسلمين بل لغيرهم من الكفار فإنه يمتحن يوم القيامة، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار، كأهل الفترة، فالصحيح أنهم يمتحنون، فهكذا الأطفال، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال: الله أعلم بما كانوا عاملين وجاء في السنة ما يدل على أنهم يمتحنون، يعني يختبرون يوم القيامة، ويؤمرون بأمر، فإن أطاعوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار، فالمقصود من هذا أنه لا يشهد لأحد معين بجنة ولا بنار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه قاعدة من قواعد أهل السنة والجماعة. فإنكار الرسول صلى الله عليه وسلم على عائشة لأنها شهدت بالتعيين؛ لأنها قالت: عصفور من عصافير الجنة، فلهذا أنكر عليها أن تقول هذا؛ لأن هناك شيئا وراء هذا الأمر قد يكون سببا لعدم دخوله الجنة، وأنه يمتحن يوم القيامة، لأن والديه ليسا على الإسلام. أما أولاد المسلمين فإنهم تبع لآبائهم عند أهل السنة والجماعة في الجنة، وأما أولاد الكفار فإنهم يمتحنون يوم القيامة وهذا هو الحق، فمن أطاع يوم القيامة دخل الجنة ومن عصى دخل النار، كأهل الفترة، هذا هو الصواب وهذا وجه الحديث.





القضاء والقدر

هل الإنسان مخير أم مسير؟



س 40يقول السائل: هناك بعض الناس يقول: إن كل الأعمال التي يعملها الإنسان هي من إرادة الله فنرجو أن توضحوا لنا: هل الإنسان مخير أم مسير؟



الجواب:

هذه المسألة قد يلتبس أمرها على بعض الناس، والإنسان مخير ومسير، مخير لأن الله أعطاه إرادة اختيارية، وأعطاه مشيئة يتصرف بها في أمور دينه ودنياه، فليس مجبرا مقهورا، بل له اختيار ومشيئة وله إرادة، كما قال عز وجل: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير: 28 ، 29]، وقال تعالى: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [المدثر: 55 ، 56]، وقال سبحانه: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [الإسراء: 18]. فالعبد له اختيار وله إرادة وله مشيئة، لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى، فهو جل وعلا المصرف لعباده، والمدبر لشئونهم، فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئا أو يريدوا شيئا إلا بعد مشيئة الله له وإرادته الكونية القدرية سبحانه وتعالى، فما يقع في العباد، وما يقع منهم كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق، فالأعمال والأرزاق والآجال والحروب وانتزاع ملك، وقيام ملك، وسقوط دولة، وقيام دولة، كله بمشيئة الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران: 26] سبحانه وتعالى. والمقصود أنه جل وعلا له إرادة في عباده ومشيئة لا يتخطاها العباد، ويقال لها الإرادة الكونية والمشيئة، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن هذا قوله سبحانه وتعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام: 125]، وقال تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82]. فالعبد له اختيار وله إرادة ولكن اختياره وإرادته تابعتان لمشيئة الله وإرادته سبحانه وتعالى، فالطاعات بقدر الله، والعبد مشكور عليها ومأجور، والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها ومأزور آثم، والحجة قائمة، فالحجة لله وحده سبحانه قال تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام: 149]، وقال سبحانه وتعالى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ [الأنعام: 35]. فالله سبحانه لو شاء لهداهم جميعا ولكن له الحكمة البالغة حيث جعلهم قسمين: كافرا ومسلما، وكل شيء بإرادته سبحانه وتعالى ومشيئته فينبغي للمؤمن أن يعلم هذا جيدا، وأن يكون على بينة في دينه فهو مختار، له إرادة، وله مشيئة، يستطيع يأكل، ويشرب، ويضارب، ويتكلم، ويطيع، ويعصي، ويسافر، ويقيم، ويعطي فلانا، ويحرم فلانا، إلى غير هذا، فله مشيئة في هذا وله قدرة؛ ليس مقهورا ولا ممنوعا. ولكن هذه الأشياء التي تقع منه لا تقع إلا بعد سبق القدر من الله بها، بعد أن تسبق إرادة الله تعالى ومشيئته لهذا العمل قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير: 28 ، 29]، فهو سبحانه مسير لعباده، كما قال عز وجل: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [يونس: 22]، فهو مسير لعباده وبيده نجاتهم وسعادتهم وضلالهم وهلاكهم، وهو المصرف لعباده، يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه وتعالى، يعطي من يشاء ويحرم من يشاء، يسعد من يشاء ويشقي من يشاء، لا أحد يعترض عليه سبحانه وتعالى. فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على بصيرة في هذا الأمر، وأن تتدبر كتاب ربك، وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام، حتى تعلم هذا واضحا في الآيات والأحاديث، فالعبد مختار له مشيئة وله إرادة وفي نفس الأمر ليس له شيء من نفسه، بل هو مملوك لله عز وجل مقدور لله سبحانه وتعالى، يدبره كيف يشاء سبحانه وتعالى فمشيئة الله نافذة، وقدره السابق ماض فيه، ولا حجة له في القدر السابق، فالله يعلم أحوال عباده ولا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى، وهو المدبر لعباده والمصرف لشئونهم جل وعلا، وقد أعطاهم إرادة ومشيئة واختيارا يتصرفون به فله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وهو الحكيم العليم.









التوقيع

Nathyaa

قديم 12-05-2005, 12:56 PM   رقم المشاركة : 6
ROLZ
عضو مبدع
 
الصورة الرمزية ROLZ






ROLZ غير متصل

ROLZ كاتب جديد


افتراضي

الله يجزاج كل خير اختي نثيه
فعلا جهد جبار
-
ربي يجعله في ميزان حسناتج







قديم 12-05-2005, 01:05 PM   رقم المشاركة : 7
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

رولز :

الله يعطيك العافيه علي مرورك

اتمني اني اكون بينت ولو جزء بسيط علي مايجب علي المسلم معرفته







التوقيع

Nathyaa

قديم 12-05-2005, 01:49 PM   رقم المشاركة : 8
جمايل
عضو مبدع
 
الصورة الرمزية جمايل






جمايل غير متصل

جمايل كاتب جديد


افتراضي

الله يجزاج خير ياقلبي على ها الموسوعه الدينيه المهمه

والموضوع في قمه الاهميه علشان جذي تم تثبيته للفائده العامه

وعساج على القوه يارب







التوقيع




قديم 12-05-2005, 07:21 PM   رقم المشاركة : 9
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

جمايل :

تسلمين حياتي علي مرورج

والله يجزاج خير علي التثبيت لان الموضوع فعلا مهم







التوقيع

Nathyaa

قديم 13-05-2005, 12:57 AM   رقم المشاركة : 10
kuwait
عضو محترف
 
الصورة الرمزية kuwait






kuwait غير متصل

kuwait كاتب جديد


افتراضي

الله يجزاج كل خير وعسا بميزان حسناتج
مشكوره يا غاليه
على هالموضوع المفيد
وشاكر مراقبتنا جمايل على تثبيت الموضوع لانه فعلا يستحق التثبيت
لانه شامل لعقيدتنا
الله يعطيج العافيه يا نثيه







آخر تعديل kuwait يوم 13-05-2005 في 12:59 AM.

مواضيع ذات صله المنـتدى الاسـلامي

فتاوى نور على الدرب



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فتاوى تهم الصائمون الذهبي المنـتدى الاسـلامي 11 11-10-2006 02:29 PM
فتاوى Nathyaa المنـتدى الاسـلامي 4 01-05-2006 07:16 AM
فتاوى السحر والمس والعين توفيق المنـتدى الاسـلامي 9 17-12-2005 03:31 PM
فتاوى في الأفراح ROLZ المنـتدى الاسـلامي 6 04-06-2005 07:07 PM
فتاوي قد تخفى على كثير من الناس القلب الكبير المنـتدى الاسـلامي 5 20-03-2005 03:03 PM

الساعة الآن 02:36 PM
جميع الحقوق محفوظة لـ الشبكة الكويتية

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الشبكة الكويتية ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML