
نادرا ما كانت تسعى المؤسسات الإعلامية الغربية لكسب قلوب وعقول المشاهدين العرب بهذه الهمة دون أن تتأكد من العائد السياسى والتجاري.
ويحصل العرب بعد أن حررتهم القنوات الفضائية والانترنت من احتكار لوسائل الإعلام الحكومية على الأخبار بالعربية من العديد من المصادر المحلية والأجنبية.
وتتسابق أجهزة الإعلام الغربية وغالبيتها يحصل على تمويل حكومى وله دوافع سياسية جزئية لإضافة المزيد من قنوات التلفزيون الناطقة بالعربية ومواقع الانترنت إلى هذه الجوقة ولا يعوقها عن ذلك ضعف عائد الإعلانات.
ويقول جهاد بلوط المتحدث باسم قناة العربية التلفزيونية ومقرها دبى أن المنافسة موضع ترحيب لأنها تعطى مزيدا من الخيارات للمشاهدين ولكنه أوضح أنه من منظور مشروعات الأعمال تعتبر السوق مشبعة. وأضاف "الكعكة محدودة للغاية."
ويشكك بلوط الذى أقيمت قناة العربية التى يعمل بها بتمويل سعودى فى سبب قيام المجموعات الإعلامية الأجنبية فى التخطيط لاستثمارات كبيرة من المرجح أن تستغرق سنوات قبل أن تجيء بمردودها.
ويتسائل قائلا "هل هى فقط لكى تعكس منظورا مختلفا..وأى منظور هذا ولمن".
وتعتزم هيئة الاذاعة البريطانية " بي.بي.سي." بث قناة تلفزيونية بالعربية فى الخريف. أما دويتشه فيله الألمانية فتبث ثلاث ساعات يوميا من الأخبار والتحقيقات العربية منذ عام 2002.
ومن المتوقع ان تبدأ قناة فرنسية على غرار " سي.ان.ان" بثا عربيا فى العام المقبل. وحتى هيئة الإذاعة الدنمركية تقول إنها تدرس بث الاخبار بالعربية.
كما أعلنت " روسيا اليوم" وهى قناة تلفزيون بالانجليزية مملوكة للدولة عن خططها لبث نسخة بالعربية.
ويقول أكرم خزام المنتج العام للمشروع "بالتأكيد لن تكون سياسية" لكنه يضيف "التلفزيون له تأثير فلماذا تتجاهل روسيا هذه الاداة ولا سيما فى مثل تلك المنطقة المضطربة."
وربما يكون التلفزيون أداة قوية ولكن التحدى بالنسبة لأى مؤسسة إعلامية أجنبية هو اكتساب المصداقية فى منطقة ترسخ فيها انعدام الثقة فى السياسات الغربية بل هو فى ازدياد وتزدحم فيها موجات الاثير بالفعل بالبدائل.
ويقول على ابو نعمة الذى يدير موقع " اليكترونيك انتفاضة" على الانترنت للترويج لوجهات النظر الفلسطينية فى الصراع فى الشرق الأوسط إن هناك سيلا من النغمات المتنافرة بين وسائل الإعلام فى المنطقة وإنه حتى الأحياء الفقيرة فى العاصمة السورية دمشق بها أطباق لالتقاط الأقمار الصناعية.
وتظهر استطلاعات الرأى أن القناة المفضلة فى غالبية المنازل العربية هى قناة الجزيرة ومقرها قطر التى قفزت إلى ذروة النجاح بعد أن بدأت بثها عام 1996 بالجمع بين الأنباء الواقعية والتصميم البارع والبرامج الحوارية التى تخرق سياج المحظورات فى العالم العربي.
وبينما يسعد منظورها العربى جمهورا يشعر بالضيق من " سي.ان.ان" و " بي.بي.سى وورلد" أو لا تصل إليه القناتان فإن الجزيرة تغضب كل الحكومات العربية باعطاء المنشقين عليها منبرا وباستضافة حوارات سياسية خشنة.
وردت السعودية بإقامة قناة العربية. والآن تمتلك الحكومات العربية من أبوظبى إلى موريتانيا قنواتها الفضائية بل أيضا بعض الفصائل اللبنانية مثل حزب الله.
وأغضبت الجزيرة التى تعتزم اطلاق قناة بالانجليزية هذا العام واشنطن أيضا ببث بيانات من أسامة بن لادن زعيم شبكة القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول.
ومع تزايد السخط العربى بسبب حرب العراق والدعم الأمريكى المستمر لاسرائيل أطلق الأمريكيون " قناة الحرة" العربية فى عام 2004 لاختراق ما وصفه الرئيس الأمريكى جورج بوش "بحواجز الدعاية الكريهة" فى الشرق الأوسط.
وأظهر استطلاع نشرته جامعة ماريلاند أن " الحرة" هى الأقل مشاهدة من بين ثمانى شبكات تبث بالعربية. و" قناة المنار" التابعة لحزب الله اللبنانى تجتذب مشاهدين أكثر قليلا من الحرة. وجاءت الجزيرة فى المقدمة حيث بلغت نسبة مشاهديها 65 فى المئة وجاءت العربية بعدها بنسبة 34 فى المئة.
وشمل الاستطلاع الذى أجرته فى اكتوبر تشرين الأول مؤسسة زغبى انترناشونال لاجراء استطلاعات الرأى الأردن ولبنان والمغرب والسعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة.
فهل يمكن أن تضيف القنوات الغربية الجديدة الداخلة إلى السوق قيمة للمشاهد العربي؟
يقول لورانس بينتاك مدير مركز أدهم للصحافة الالكترونية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أن تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية العربى ربما يكون فى وضع أفضل لكسب جمهور عربى يتشكك فى "الدبلوماسية العامة" الغربية ويعيش فى فضاء متخم بوسائل الإعلام.
وقال "هيئة الاذاعة البريطانية لها مصداقية كبيرة" وأشار إلى سجل الخدمة العربية بهيئة الإذاعة البريطانية التى اعتاد عليها العرب الباحثون عن مصدر أنباء مستقل على مدى عقود.
ويرى المنافسون أن القناة العربية لهيئة الاذاعة البريطانية التى ستمولها بصورة مباشرة وزارة الخارجية البريطانية قد تتأثر سلبا بسبب قرار الحكومة البريطانية الانضمام إلى الولايات المتحدة فى غزو العراق.
ويقول يوهانس هوفمان المتحدث باسم دويتشه فيله أن المشاهدين العرب يشعرون بأن المحطة الألمانية خلافا لوسائل الإعلام الأمريكية أو البريطانية تعد مستقلة وموضوعية.
وقال "لا نريد المزيد من الأفلام الوثائقية عن الدنمرك دون معالجة الانقسامات السياسية بين العرب والغرب."
وأضاف أبو نعمة أنه على وسائل الإعلام التى تتطلع إلى العالم العربى أن تكمل تغطيتها باعتراف أمين بما يكمن خلف جذور الانقسامات وهو "الغضب من الخيارات السياسية للحكومات الغربية وانعدام التسامح فى المجتمعات الغربية."