عندما يدور الحديث حول النجوم الألمان القدامى بالتأكيد يكون له نكهة خاصة كيف لا ونحن نتكلم عن لاعب قل نظيره في الملاعب العالمية وليست الألمانية فقط هو من أفضل من لعب في ذلك المركز أندرياس بريمه هو من مواليد نوفمبر 1960 لعب 86 مباراه مع المنتخب ظهير ألمانيا الأيسر الذي أبدع وتفنن كثيرا فهو من اللاعبين القلائل يمتلك شجاعة وجراءة لا توصف
ولكي تكون لاعبا مميزا لا بد أن يعجب بك الجمهور لكن كي تكون نجما لا بد أن تعجب بك الأساطير هو لاعب دولي ظلمه بعض الفنيين الذين لم يخرجوا من دائرة المجاملات والمبالغات ومنح الألقاب جزافا لكل من هب ودب ، وبريمه ذو العينيين الرماديتين التي يبدو فيها كالأسد النائم الذي يتهيأ للانقضاض على الفريسة بالرغم أنه لا يستلطفه النقاد فمع كل مرة كان يتألق فيها يجد نفسه محاصرا بأبراج الفنيين التي تتضارب ويفضل السكوت ، لأنه لم يتعود طوال مسيرته الرياضية الحافلة بالانجازات الضخمة سواء مع ناديه الألماني أو انتر ميلان الايطالي وحتى المنتخب الألماني في عز مجده وعصره الذهبي وهو الاعب الذي صال وتألق في مونديال المكسيك 1986م وأبكى الكثيرين باعتباره الداة التي ذبح بها الألمان الديك الفرنسي فبكى بلاتيني وتيجانا بشدة وفرح الألمان بقيادة القيصر والوصول إلى المباراة النهائية عن طريق الديك الفرنسي
حيث عاد للتألق والتميز بصورة ملفتة للانظار في مونديال ايطاليا 1990 باعتباره الاعب الذي دفع الأسطورة مارادونا إلى دوامة اللاتركيز حيث أستقبلته المافيا في نابولي واحتفلت به على طريقتها الخاصة ، يعتقد الكثيرون من المتابعين لشؤون وشجون كرة القدم والراصدين لابداعات النجوم أن أندرياس بريمه أفضل لاعب مر على مركز الظهير الأيسر في العالم وهم يرونه أفضل بكثير من غيره في هذا المركز .
ومن بين المزايا العديدة التي يرون فيها أن بريمه يتفوق بتميز في هذا المركز حيث أنه يجيد الدفاع والهجوم على حد سواء وبكفاءة لا يمكن أغفالها في دلالة أن له أربعة أهداف مونديالية ساهمت في حصول ألمانيا على كأس العالم بايطاليا وأتذكر تلك الاهداف جيدا كان اللاعب الذي لا يكل ولا يمل من الجري بطول الملعب وسرعان ما يعاود الهجوم ومن ثم العودة إلى الدفاع وهذا الأمر يتطلب مجهود خارق لا يمتلكه إلا الأساطير ولعب المباراة النهائية في المكسيك 1986م .
ومن النادر أن يخطئ بريمه في منطقة جزاء فريقه فحتى مؤشرات الدوري الإيطالي تقول أنه لاعب يحسب للشاردة قبل الواردة ولا يرتكب اخطاء قاتلة كان قاسيا وعنيفا على المهاجمين ولكن كان لاعبا أنضباطيا كان وبالاضافة إلى ذلك فإن تألقه الواضح وأهدافه الاستثنائية حققت لإنتر ميلان بطولتي الدوري وكأس الاتحاد الأوروبي باعتباره كان ضلعا في مثلث ألماني مع الإنتر إلى جوار المدفعجي (يورجن كلينزمان) والمايسترو (لوثار ماتيوس) وكانت تلك بطولة الدوري هي الأخيرة لإنتر ميلان عام 1989 بقيادة اللاعبين الألمان وإلى يومنا هذا والنادي الإيطالي يجد نفسه عاجزا عن تحقيق تلك البطولة التي غابت عن خزائنه لمدة 16 عاما.
بريمه الذي يتذكره المحللون في أحايين متفرقة لم ينل من الشهرة ما يستحق ، فقد سلطت الاضواء على بعض الاعبين في أوج مجده الكروي وبقى جنديا مجهولا طالما وهو ماتيوس ذهب بالعقول وفنون كلينزمان جنون ولكن هذا لا يمنع أن نعيد لبريمه جزء من كبرياء المعروف مع سبق الأصرار والترصد ولو عن طريق استذكار حادثتين لو أنجزهما لاعب اليوم لتوج أفضل لاعب في العالم كما هو الحال بزيدان الذي اجبر النقاد والفيين على منحه جائزة أفضل لاعب في العام الماضي على حساب مواطنه تيري هنيري لمجرد أنه أهداهم دقائق أربع دقائق ساحرة حددت المصير وهكذا يفعل العباقرة .
في نصف نهائي مونديال كاس العالم 1986 بين ألمانيا وفرنسا رفع الفرنسيون التأر لما لحق بهم من موقعة أشبيليه في مونديال أسبانيا 1982 عندما تأهلت ألمانيا للنهائي على حساب فرنسا الافضل بفارق ركلات الترجيح في مباراة دراماتيكية حولت فيها ألمانيا تخلفها 3/1 إلى تعادل 3/3 بعد وقت أضافي قبل أن تحسم النقاش بركلات الترجيح
من يومها والفرنسيون يحلمون بمواجهة المانيا للثأر ، فهم يرون انهم سرقوا في تلك المباراة وعندما حانت المواجهة كانت فرنسا هي الأقرب للفوز بفضل التركيبة السحرية التي يتمتع بها المنتخب الفرنسي بقيادة بلاتيني وتيجانا وفرناندز وبروشتو ، لكن الظهير الغير قابل للاستنساخ كان يحمل في قدمه اليسرى منجنيقا من العصور الغابرة فمع بداية المباراة ومن ضربة حرة غير مباشرة حركها كلاوس الوفس قذف بريمه بشكل اعتباطي كرة قوية اصطدمت في الجدار الفرنسي وغالطت الحارس الكبير جويل باتس ، فكان الهدف الذي استمات عليه الألمان أمام الضغط الفرنسي الكاسح الذي فشل في بلوغ شباك الحارس الخبير (هارلد شوماخر) وقبل حتى أن يطلق الحكم صافرة النهاية كان فولر يضاعف النتيجة ويومها قيل أن هدف بريمه قصم ظهر جبل كامل واعاد فرنسا إلى نقطة البحث عن منتخب آخر في انتظار ثأر قديم قد يتحقق وقد لا يتحقق في بطولات كأس العالم القادمة .
إذا كانت ابداعات بريمه في مونديال المكسيك قد توارت خجلا وكسوفا أمام تألق النجم الأوحد دييجو مارادونا فأن ثمة مغالطات حرمت بريمه من لقب مونديال ايطاليا بعد أن ذهب اللقب للقائد الألماني لوثر ماتيوس ، نسى المتابعون أن بريمه حول الجهة اليسرى إلى جحيم لا يطاق وكان وراء معظم أهداف ألمانيا في البطولة ، نسى النقاد أن أهدافه الثلاثة في المونديال كانت أكثر تأثيرا من أهداف ماتيوس الأربعة التي جاء منها ثلاثة في الدور الأول ، نسى الفنيون أن بريمه هو من منح اللقب لألمانيا بعد أن تصدى لضربة الجزاء في النهائي أمام الأرجنتين بهدوء وثبات ووقار يحسد عليه في وقت فضل ماتيوس الابتعاد عن شر الاعصاب المشدودة مع فاصل من الغناء ، نسى المحللون أن بريمه حافظ على ثبات مستواه في جميع المباريات وأن هدفه في مرمى هولندا هو ما فتح الطريق أمام الألمان لمواصلة المشوار حتى النهائي .
وعودة الى المباراة النهائية بين الأرجنتين التي تخطت الحاجز دون أن يكون نواياها واضحة في تدمير الحس التكتيكي عند الآخرين وألمانيا المنتخب الأفضل في هذا المونديال والأحق باللقب الغالي ، مارادونا توجب عليه أن يقود منتخبا مهلهلا وكان عليه أن يلعب معظم الأدوار للحفاظ على اللقب أنقذ الأرجنتين من هدف محقق أمام روسيا عندما أبعد كرة بيده وهي في طريقها إلى المرمى وطعن البرازيل بخنجر معقوف وألتهم البيتزا في نصف النهائي وكان منتخب الأرجنتين يحتاج إلى معجزة أمام ألمانيا .
ووسط ضغط ألماني وتراجع أرجنتيني طوال فترات اللقاء وقبل النهاية بخمس دقائق مرر ماتيوس كرة إلى رودي فولر وسط حصار المدافع الأرجنتيني سنسيني فكانت الكارثة التي قادت الأرجنتين إلى الخسارة ، والمنتخب الأرجنتيني لم يكن يستحق الفوز خاصة بعد طرد أثنين من لاعبيه ووسط الضغط الألماني رغبة في الثأر من مونديال المكسيك 1986 ،
لم تفلح احتجاجات مارادونا الذي أطلق العنان لدموعه السخية التي ذكرتنا بنفس الدموع التي ذرفها أمام حائط المبكي قبل البطولة بأيام ، المهم ان لم أحد كان يتجراء على التصدي لضربة الجزاء ماتيوس رفض وكلينسمان (تعلل بالارهاق) وفولر قال (أنا صنعت الضربة) ولم يكن لها سوى بريمه الذي ركنها على يمين الحارس الداهية غويكوتشيا معلنة فوز الألمان باللقب العالمي ، وبريمه الذي خاض أكثر من سبعين مباراة دولية يجد العزاء في أبناء مدينته الذين يحتفلون سنويا بذكرى هدف بريمه التاريخي في مرمى الأرجنتين ، مع العلم أنها الحالة الوحيدة التي أنتهت فيه مباراه نهائية بهدف وحيد .
نعم هو ذلك فتى ألمانيا ذو العينين الرماديتين الذي لم يأخذ حقه كثيرا ربما لأنه جاء في الجيل الذهبي ليس لألمانيا فقط وأنما العالم الكروي في ذلك الوقت كان يعج باللاعبين الممتازين ولكنه يبقى أحد الأساطير الألمانية التي لن تمحى من ذاكرة التاريخ
الأندية التي لعب لها
1. FC Saarbrücken (1980-1981),
1. FC Kaiserslautern (1981-1986),
FC Bayern München (1986-1988),
Inter Mailand (1988-1992),
Real Saragossa (1992-1993),
1. FC Kaiserslautern (1993-1998
تحياتي لكم
06-09-2005, 03:13 PM
أندرياس بريمه ما أروعك أعجب وأغرب من الخيال !
المواضيع المتشابهه
