ما إن تذكر الكرة الإيطالية حتى يتباذر إلى أذهاننا ذلك الفتى المتألق الذي أثرى كرة القدم العالمية خلال عقد التسعينات بكثير من الفنيات و المهارات , فمن منا ينسى ما قدمه ربرتو باجيو في كأس العالم في ايطاليا 90 و في امريكا 94 ؟ , وما قدمه مع عمالقة إيطاليا الثلاثة اليوفي و الميلان و الأنتر ؟
كل هذا جعل لإسم باجيو وقعاًً خاصا في آذان عشاق الفن الراقي
و لنبدأ الحكاية مع روبرتو الصغير المولود في الثامن عشر من شهر فبراير عام 1967 في بلدة كالدوجنو القريبة من مدينة فيشنزا لوالده فيوريندو الذي كان يمتلك محلاًً لصنع الأحذية و أمه ماتيلدا المشغولة دوما بتربية أطفالها الثمانية .مما اعطى لروبرتو حرية الخروج و لعب كرة القدم و قيادة الدراجات النارية .
إكتشاف موهبته
بدأ روبرتو بمداعبة معشوقته في سن التاسعة في أحياء بلدته الفقيرة , و قد بدا تفوقه الواضح على اقرانه من خلال مهارته العالية و تحكمه المميز بالكرة , مما لفت إليه أنظار كشافي المواهب الذين حاولوا ضمه لأندية عديدة إلا انه فضل الإنضمام لنادي فيتشينـزا مقابل 500 دولار فقط .
بداية المشوار في فيتشينـزا
كانت بداية روبرتو صعبة في النادي فلم يكن من السهل على لاعب نحيل البنية و صغير العمر ان يدخل في مباريات قوية و ضد لاعبين محترفين , و لذلك تأخرت مشاركاته مع الفريق حتى عام 1984 , حين زج به المدرب برونو جيورجي في مباريات كأس ايطاليا ليسجل ثلاثة أهداف و ليصنع العديد منها . عندها بدأ مدرب الفريق بالاعتماد عليه في مباريات دوري الدرجة الثانية الإيطالي . و التي أثبت من خلالها ان نجماًً كبيرا سيولد للكرة الإيطالية .
الإنتقال إلى فيورنتينا
من الطبيعي بعد التألق اللافت مع فيتشينـزا ان تنهال على روبرتو العروض المغرية للإنتقال , و خصوصا من أندية الدرجة الأولى , ليحظى نادي فيورنتينا بتوقيعه و لينتقل إليه في عام 1986 , الا انه واجه في ذلك العام لعنة الإصابات التي احتاجت إلى تدخل جراحي كبير لحلها . لينتهي موسمه الأول دون ان يلعب أي لقاء .
و في موسمه الثاني و بعد ان تعافي من الأصابات عائد روبرتو باجيو لممارسة هوايته مع الإبداع , ليسجل في ذلك الموسم 15 هدفا كانت كفيلة بوضع فريقه ضمن المشاركين في كأس الإتحاد الأوربي .
و في موسم 88 استطاع باجيو قيادة فيورنتيا إلى نهائي كأس الإتحاد الأوربي بكل كفاءة و إقتدار , الا انه اصطدم بنادي اليوفنتوس ليخسر اللقاء النهائي الا ان الجمهور الإيطالي و الأوربي بدأ بالتعرف على نجم إسمه باجيو .
الإنضمام للمنتخب
كان من الطبيعي بعد الأداء المذهل الذي قدمه باجيو في فيورنتيا ان يتم استدعائه للمنتخب الإيطالي الذي كان يستعد للمشاركة في كأس العالم 1990 و التي استضافتها إيطاليا , و كما هو متوقع , فلم يخيب فتى إيطاليا الجديد توقعت الجمهور فساهم في قيادة المنتخب للوصول إلى المباراة النصف نهائية بتسجيله العديد من الأهداف لعل أجملها هدفه في مرمى تشيكوسلوفاكيا , الا انه اصطدم بحامل اللقب منتخب الأرجنتين بقيادة الأسطورة ماردونا لتخسر إيطاليا فرصة الحصول على البطولة على ارضها بركلات الترجيح بعد ان كانت متقدمة بهدف طوال المباراة .
الرحيل إلى تورينو
بعد التألق في كأس العالم انهالت العروض على باجيو من الأندية الكبيرة كالميلان و اليوفي و الأنتر و ريال مدريد , و لأن السيدة العجوز دفعت أكثر فقد قررت إدارة فيورنتيا بيعه لها مقابل 17 مليون دولار .
و بعد انتالقه لليوفي , أبهر باجيو عشاق اليوفي فسجل لهم في موسمه الأول 27 هدفا في مختلف المسابقات , ليتوج كأفضل لاعب في الدوري الإيطالي متفوقا على لاعبين كبار أكثر خبرة منه .
و في موسمه الثاني في الديل البي سجله لفريقه 24 هدف و ساهم في فوز فريقه بلقب كأس الإتحاد الأوربي في ذلك الموسم
و في موسمه الثالث مع اليوفنتوس استمر مسلسل العطاء و تمكن من تسجيل هدفه المائة في الدوري الإيطالي و في ذلك العام فاز ربرتو باجيو بلقب أفضل لاعب في العالم
كأس العالم مرة أخرى
توجه المنتخب الإيطالي لكأس العالم في أمريكا و هو عاقد العزم على تحقيقها خاصة بعد ان خسرها على أرضه و بين جمهوره , و كانت الأمال معقودة على أفضل لاعب في العالم في ان يقود إيطاليا لتحقيق هذا الحلم .
و لم تكن البداية مشجعة اذا خسرت ايطاليا لقاء الإفتتاح بهدف دون مقابل امام ايرلندا . و من ثم تعادلت أمام المكسيك بهدف مقابل هدف و استبدل باجيو في ذلك اللقاء نتيجة طرد باليوكا , الا انها تمكنت من الفوز على النرويج لتتأهل بصعوبة كأفضل ثالث .
و في لقاء نيجيريا كانت ايطاليا في طريقها للخروج بعد ان تقدمت نيجيريا بهدف إلى الدقيقة 89 إلا ان باجيو كان له رأي اخر ليسجل هدف التعديل في اخر الثواني و يضيف هدف الترجيح في الوقت الإضافي .
أمام اسبانيا كان اللقاء يتجه للوقت الإضافي بعد ان تعادل الفريقان بهدف لهدف الا ان ربرتو باجيو رفض ذلك , و تمكن من تسجيل هدف جميل راوغ فيه الحارس الإسباني زوبيزريتا .
في مواجهة بلغاريا , تمكن روبرتو باجيو من تسجيل هدفين في الشوط الأول حسم بهما اللقاء و قاد إيطاليا للقاء النهائي في مواجهة البرازيل .
في اليوم المشهود , لعب ربرتو باجيو و هو تحت تأثير البنج نتيجة الإصابات الكثيرة التي لحقت به في البطولة و لم يتمكن من تقديم مستواه المعهود , وكان أكبر خطأ وقع فيه ساكي هو تكليفه بتسديد ضربة الترجيح الأخيرة . ليضيعها و يقضي على أحلام ايطاليا باللقب الرابع
إلى ميلانو
بعد كأس العالم و التألق الكبير الذي رافقه قدم نادي الميلان عرضا كبير لضم باجيو لصفوفه و لم تعارض ادارة اليوفي ابدا نظرا لضخامة المبلغ و لظهور لاعب مبدع في مركز باجيو هو اليساندرو ديل بيرو , لذلك انتقل روبرتو إلى اي سي ميلان مقابل 20 مليون دولار اعتبر في وقتها رقما قياسيا , الا ان تجربته في الميلان لم تكن بنفس النجاح في اليوفي , فعانى اغلب الوقت من مدربين متسلطين أمثال فابيو كابيلو و اريغو ساكي , لينهي مسيرته مع الميلان بعد عامين فقط و لينتقل لنادي بولونيا .
في بولونيا
في عام 96/97 لعب باجيو في صفوف نادي بولونيا تألق بشكل كبير و لافت مما أجبر مدرب المنتخب سيزار مالديني ان يستدعيه للمشاركة في تمثيل ايطاليا في كأس العالم 98 , سجل مع بولونيا 22 هدفا و حل ثالث خلف الألماني بيرهوف و البرازيلي رونالدو رغم انه صانع لعب .
كأس العالم مرة ثالثة
تألق مرة أخرى في كأس العالم , ففي لقاء الإفتتاح ضد تشيلي سجل هدفا و صنع أخر , و في لقاء الكميرون صنع هدفا , اما في لقاء النمسا فتمكن من تسجيل الهدف الثاني فور نزوله . ليحتل صدارة الهدافيين الإيطاليين في كؤوس العالم متقدما على الهداف باولو روسي .
الفريق التالي الذي قابله الطليان في الجوله الثانيه كان النرويج وفي تلك المباراه لم يشارك باجيو ولم يسجل لايطاليا سوى فييري لتتأهل ايطاليا لمقابلة فرنسا.
و في لقاء فرنسا , لم يتمكن أي فريق من التسجيل ليتم اللجوء إلى ركلات الترجيح التي ابتسم لفرنسا صاحبة الضيافة و عبست كعادتها للمرة الثالثة في وجه إيطاليا .
كرة خطيرة أهدرها باجيو في الوقت الاضافي
العودة لميلانو
رغم بلوغه الثانية و الثلاثون الا ان ماسيمو موراتي اراد ان يحقق حلمه القديم وهو رؤية باجيو بشعار الإنتر ميلان و هو ما تحقق له في عام 98/99 , الا ان حظه السيء استمر مع قطبي مدينة الميلان , فقد عاني هذه المرة مع المدرب مارسيلو ليبي الذي رفض ان ينمحه الفرصة الكافية للعب و اظهار امكانيته الكبيرة , ليجلس أغلب الوقت على مقاعد البدلاء و تمنح الفرصة للاعبين اقل مستوى منه .
للإبداع بقية
سأم باجيو من البقاء إحتياطيا في الأنتر , و قرر ترك الفريق ليتجه لنادي بريشيا الذي كان يعاني من خطر الهبوط لدوري الدرجة الثانية . ساهم باجيو بإنقاذ الفريق من خطر الهبوط و في موسمه الثاني تمكن من التقدم بالفريق لإحدى مراكز الوسط ليستمر معهم حتى عام 2004 و فيه قرر إعتزال كرة القدم بعد ان تمكن من تسجيل هدفه ال200 في الدوري الإيطالي .
متفرقات :
فاز باجيو بلقب أفضل لاعب في التسعينات متقدما على روماريو و زيدان و مالديني
يحظى باجيو بإحترام و تقدير جميع مشجعي الأندية الإيطالية