تقرير:حلمي قاعود
خرجت اسرائيل من الحرب على لبنان بجملة خسائر كبيرة، قد يكون أقل تلك الخسائر الجانب المادي فلا شك من أن مقتل أكثر من 156 جندي اسرائيلي وخسارة عشرات من دبابات ميركافا في الحرب على لبنان عدد ليس بالقليل، لكن هناك ثمة خسائر نفسية تعد أعظم أثراً من الخسائر المادية
وليس أصدق تعبيراً على أن الجنود الاسرئيليين كانوا في أشد الحاجة إلى أن تقف الحرب التي أفقدتهم القدرة على أي شئ حتى على تحديد الهدف حتى أصبحوا يقتلوا بعضهم بعضاً من، هو ما تناقلته وكالات الأنباء والصحف الاسرائيلية من الفرحة العارمة عندما سمعوا بموافقة الساسة على وقف اطلاق النار بالقرار الأممي رقم 1701 وكأن القرار كان آخر الأمل في الحياة بعد ما قاسوه من مرارات الهزيمة في الجنوب اللبناني
إنهم رأوا من براعة القتال وضراوته على يد مقاتلي حزب الله ما لم يكن في الحسبان فأصبحوا يتساقطوا أمام صواريخ حزب الله كأوراق الشجر التي تنتظر هبة الريح لتتساقط، ولقنهم حزب الله درساً موجعاً حتى أصبحت أسطورة الجيش الذي لا يقهر تهتز من داخل الجندي الاسرائيلي هذا ما اعترف به الكثير من الجنود للصحف الاسرائيلية
فيروي العريف فياتار شاليف لصحيفة “واشنطن بوست” اللحظة التي لمح فيها مقاتلاً من حزب الله على مسافة قريبة منه، وهو يحمل صاروخاً يستعد لاطلاقه، فيقول “طلبنا طوافة قتالية، دخلنا الى المنزل، اتخذنا وضعا دفاعيا وبدأنا بالصلاة .. لا يمكن لك في هذه الحالة الا ان تتخيل بقعة ضوء حمراء تدخل من النافذة”، ويقر الجنود بأن العمليات ضد حزب الله تعني مواجهة مقاتلين “مستعدين للمجابهة”، ويستخدمون القنص والقذائف
ويقص لنا العريف ماتان تايلر من لواء " ناحال" مدى براعة مقاتلي حزب الله وقدراتهم القتالية فيقول” انه في أوقات كثيرة نستطيع رؤيتهم فقط عندما يريدون أن يلفتوا أنظارنا، ثم نجدهم يضربوننا من الخلف”، يتابع مضطربا “انه أمر مرعب، لا تشعر أنك ضعيف، لكنك تشعر انك مهدد، هناك دائماً شيء مجهول”. ويضيف تايلر “لا يمكنك ان تستخف بقدرة حزب الله، انهم اسياد ارض المعركة، يعرفون المكان افضل منا، يعلمون الأماكن التي يمكنهم الاختباء فيها، والوقت الذي يمكنهم ان يتنقلوا فيه، كما يعلمون جيدا أين نحن”. و
تنقل صحيفة “نيويورك تايمز” عن ضباط وجنود “اسرائيليين” تأكيدهم أن حزب الله “مدرّب كجيش ومجهّز كدولة”، ويشير أحدهم الى ان مقاتلي الحزب “مدربون بشكل جيد ويتمتعون بكفاءة عالية”، مضيفاً انهم مجهزون بسترات واقية ومناظير للرؤية الليلية، ووسائل اتصالات، وفي بعض الاحيان بلباس وعتاد اسرائيليين
هذا ما أكده العريف ماتان تايلر، الذي يشير الى ان أمراً تلقاه من قائده، للتنبه من مقاتلين يرتدون زياً عسكرياً “اسرائيلياً”، ويتابع “في اليوم التالي، ابلغنا عن مجموعة من حزب الله تهاجم الجيش “الاسرائيلي، كان أفرادها يرتدون لباساً زيتياً بكتابات عبرية
أنفاق مجهزة
ويقول ديفيد من نون من لواء “ناحال”، ان الصواريخ المضادة للدبابات تشكل الرعب الاكبر للجيش “الاسرائيلي”، مضيفاً ان الجنود لا يستطيعون البقاء في اي منزل، فهم لا يعرفون من اين يهاجمون. الا أن أكثر ما يقلق “الاسرائيليين” هو استخدام مقاتلي الحزب لشبكة انفاق يخرجون منها لإطلاق صواريخ محمولة على الكتف، ثم يختفون مجدداً
المقاومة استعدت للمعركة
وتحدث الكولونيل موردخاي كاهان، قائد وحدة “ايغوز” في لواء “غولاني”، لصحيفة “يديعوت احرونوت” عن أسوأ أيام المعركة، عندما خسرت وحدته احد ضباطها وعددا من جنودها في بلدة مارون الراس على يد مقاتلين من حزب الله. ويقول “لا نعلم أين سنلاقيهم، قد يكون ذلك في خندق او في كهف”. ويشير الى ان مخازن حزب الله ليست مجرد كهف طبيعي، انها حفر مجهزة بالسلالم ومداخل الطوارئ والمخارج
ويقول الرقيب يوسف، وهو عنصر استطلاع للواء “بارام” من فصيلة عسكرية، إن أحد الخنادق التي وجدها الجيش “الاسرائيلي” قرب بلدة مارون الراس “كان على عمق أكثر من 25 قدما، ويحتوي على شبكة من الانفاق وغرف للتخزين، ومداخل ومخارج عدة، ومجهز بكاميرا مراقبة موصولة على شاشة في الأسفل لتمكين المقاتلين من التربص بالجنود الاسرائيليين”.وتعتمد المقاومة أيضا على زرع العبوات ضد جنود الاحتلال، في محاولاتها لإعاقة تقدمهم. وفي حين استطاعت القوات “الاسرائيلية” مواجهة العبوات السلكية بقطع الاسلاك والتشويش على العبوات اللاسلكية (التي تفجر عبر موجات راديوية)، قام حزب الله بتطوير أجهزة التحكم، بحيث بات يستخدم أجهزة خلوية وحتى شعاعية
هذا ما دعا تيمور غوكسيل المسؤول الأسبق لقوات الامم المتحدة في جنوب لبنان، أن يبدي اعجابه بالتزام عناصر الحزب وتنظيمهم، مؤكداً انهم “لا يخافون الجيش “الاسرائيلي” ابداً بعدما قاتلوه 18 عاما”. ويقول ان في مقدور حزب الله ان “يضايق الجيش “الاسرائيلي” وان يدرس عيوبه”، فالحزب بات يثق بأنه “يقاتل جيشاً عادياً لديه نقاط ضعف وحماقات عديدة
ويصف غوكسيل مقاتلي الحزب بأنهم يتمتعون بالصبر والحرص، والقدرة على جمع المعلومات الاستخباراتية التي توضح لهم قوة النيران “الاسرائيلية” وقدرة الجيش على التحرك. ويضيف “يعلم الحزب جيداً ان المعركة غير متكافئة، لكنه يعلم ايضاً انه يقاتل على أرضه والى جانب شعبه”. ويقول غوكسيل ان مقاتلي الحزب يرصدون كل التفاصيل حول عدوهم، ويقيمون عملياتهم جيداً لجهة أخطائهم ورد فعل الجيش “الاسرائيلي”، وهم قادرون على اخذ “الاسرائيليين” الى معركة مفتوحة، واستدراجهم الى مناطق مجهزة جيداً، بعيداً عن خطوط الامداد
وفي المجال الاستخباراتي، نقلت مجلة “نيوزويك” عن ضباط “اسرائيليين” قولهم ان حزب الله نجح ايضاً في اختراق اتصالات الجيش “الاسرائيلي”، وأشارت صحيفة “جيروزاليم بوست” الى اخفاق كبير على مستوى الاستخبارات في تحديد الاماكن التي يتواجد فيها قياديو الحزب والأهداف العسكرية
وبعد انتهاء المعركة يقول ضباط الجيش “الاسرائيلي” انهم قتلوا جزءاً صغيراً فقط من مقاتلي الحزب، وان الحزب ما زال يملك مئات قواعد الصواريخ وآلاف الصواريخ
وليس أدل تعليقاً على عن اخفاق “اسرائيلي” كبير، هو ما نقلته صحيفة “الغارديان” عن مراسليها الذين جالوا في طرقات جنوبية، وصفوها بأنها “اكثر طرق العالم خطورة”، اذ لم يجدوا اي اثر للجيش “الاسرائيلي” باستثناء ما يدل على “فشله”: الدبابات المحروقة
قتال المكفوفيـن
أما عن حالة الجنود داخل أرض المعركة فتوضح مدى الهزيمة المدوية لإسرائيل فقد أوردت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية حديث للجندي أيليا مارشاك "22 سنه" جندي مشاة والذي حارب لمدة أسبوع في الجنوب اللبناني يقول:"لم يكن هناك ما نحارب من أجله .. قمنا بإخلاء وتطهير المنازل التي لن نحتلها أبدا
وأشار مارشاك إلى أن الوحدة التي كان يخدم داخلها تكبدت خسائر كبيرة بسبب نقص المعلومات وضعف التدريب إضافة لاستخدامها معدات وآلات لم يسبق أختبارها بصورة جيدة ، وأضاف أنه في إحدى المرات أحتلت قوتين إسرائيليتين منزلين متجاورين ، إلا أنهما فتحا النار على بعضهما البعض ليسقط عدد من الجنود قتلى ضحية سوء الاتصال بين قادة الوحدتين
وأستطرد يقول : "أطلقنا النار على بعضنا البعض .. وكأننا مكفوفين .. قتلنا بعضنا البعض وكأننا نقتل خراف أو نعاج"! وفي لقاء أجرته صحيفة يديعوت أحرونوت مع جنود عادوا من الجنوب اللبناني، تحدث الجنود عن جوع ونقص كبير في المعدات وعن شعور بالذل وعن إخفاقات وفشل. وقال أحد الجنود" لم تكن هناك خطة واضحة، أين سنذهب وماذا سنفعل. كان هناك تغيير في الأوامر بشكل جنوني. ذهبنا إلى قرية ومن ثم غيروا الأمر بالتوجه إلى قرية أخرى. كل مرة نجد مسلكا ونستعد للدخول إلى المنطقة التي أمرنا بالتواجد فيها فيقومون بتغيير الأوامر. في إحدى المرات أرسلنا إلى منطقة لمدة ساعتين مشيا على الأقدام تحت خطر صواريخ حزب الله ، ثم قرروا أن نذهب إلى مكان آخر، وقد وضعونا في أوضاع خطرة كنا بالغنى عن التعرض إليها" صواريخ أغـذيـة وقال آخر وهو مسعف في الاحتياط في وحدة المظليين: "كان هناك بلبلة في تخطيط العمليات الحربية، وتغيير للأوامر بوتيرة عالية. هناك عتاد وغذاء وصلت إلى الجبهة في اليوم الأخير وبقيت في منطقة العدو، دخلنا مع رأس مرفوع والعيون محدقة إلى الأمام، ولم ننظر إلى الخلف، ولكننا خرجنا مع شعور بمهانة قاسية. وشعور أنه لا يوجد قيمة لحياتنا لدى الضباط في المواقع العليا. تركونا في ساحة الحرب.." . قال أحد الجنود " كانت الطائرات تلقي الطعام أحيانا في مناطق يسيطر عليها حزب الله، أرسلوا للعدو صواريخ من نوع متطور
صواريخ أغذية
وقال آخر " بدل أن نركز في المهمة الملقاة على عاتقنا تركز تفكيرنا في البحث عن غذاء بعد مرور يومين دون تزويدنا بالطعام ، هذا استهتار بحياتنا لسنا مهمين لأحد. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن أحد الجنود أن رفاقه لم يجدوا ما يرون به عطشهم سوى إذابة أقراص الكلور في بركة يشرب منها الخراف والأبقار وشربوا منها ، وقال أخر أن أفراد وحدته تصارعوا على شنطة الطعام والمياة الخاصة بأحد شهداء حزب الله. وقال جندي آخر" سرنا 17 كم على الأقدام وكنا نحمل جرحى، وقد فقد أحد الجنود وعيه من شدة الجوع، كان يجب إسناد الجنود الذين سقطوا من شدة الجوع
عند عودتنا مررنا عن حمولات تزويد الطعام والمعدات". وأضاف" في إحدى المرات منعت في الثواني الأخيرة مواجهات وإطلاق النار على قواتنا بسبب نقص في التنسيق بين القوات العاملة على الأرض . وقد التقينا عدة مرات مع قواتنا ولم نعرف أنهم في المنطقة." وقال ضابط" من المفضل معرفة ما الذي حدث هناك، قبل أن نواجه جيشا حقيقيا. ما فاجأني أكثر من كل شيء هو الشعور أنه لا يوجد يد توجه. كأننا نسينا أسس القتال الأساسية وحاربنا دون براعة ودون قوة ودون تصميم
الساسة يغامرون بالجنود
أحد المسعفين دخل إلى الجنوب اللبناني دون المواد الأساسية لعلاج الجرحى ويقول أن جنودا أصيبوا إصابات متوسطة وطفيفة بقوا في ساحة المعركة 36 ساعة قبل أن يتم إخلاؤهم إلى المستشفيات."هذا يبين أن حياة الإنسان في الوحدات البرية أقل أهمية، بدل شراء معدات لجنود المشاة يفضل الجيش شراء طائرة لسلاح الجو، أعتقد أن على رئيس هيئة الأركان أن يعطي أجوبة ، ليس للجنة تحقيق بل أن يحاسب نفسه ويقوم بحسابات شخصية وأخلاقية، كيف يشعر مع أسماء القتلى التي تنشر في الصحف، موت كان يمكنه منعه
وقال آخر" هدف المعركة كان إعادة الأسرى ووقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل ، وهذان الهدفان لم يتحققا، على أحدهم أن يذهب إلى البيت" وبرغم ما أورده الجنود الإسرائيليين من شهادات تحوى تجارب مريرة ومأسي ، إلا أن بعض كبار القادة يبدو أنهم لا يعرفون عنها شيئا
ويشير الجندي جيل أوفاديا إلى أن قائد الكتيبة التي يخدم فيها خطب فيهم عقب عودتهم من لبنان ، ورغم إنه لم يشر إلى تحقيق أى نصر ، إلا أنه أكد لهم انتهاء الحرب وأنهم أبلوا بلاء حسنا ، وأن عليهم الاستعداد والتدريب جيدا ، للعودة مرة أخرى والقتال قريبا في لبنان! ويقول أوفاديا يائساً : "نعم سنأتي قريبا للبنان .. ربما في غضون أشهر أو سنوات"! وانتهت الحرب التي دخلها الجيش الاسرائيلي بهدفين معلنين استرداد الجنديين- ووقف تهديد حزب الله- دون تحقيق أياً منهما لتعلن المقاومة اللبنانية أنها هي التي انتصرت على الجيش الذي يعده قادته رابع أكبر قوى عسكرية في الأرض، الحرب التي دامت 34 يوماً ذاق فيها الجنود الاسرائيليون ما رووه على الصفحات الاسرائيلية
وبعد قناعة مريرة من الساسة أنهم قد هزموا لجئوا إلى مجلس الأمن ليوقف عدوانهم بقرار مجلس الأمن رقم 1701 ليعلن ميلاد ثقافة المقاومة التي لا تقهر بدلاً من الجيش المقهور
آراء المحللين بعد الحرب جديد
اعترافات جنودالجيش المقهورجديد
موقف حزب الله بعد انتهاء الحرب
حصاد الحرب
الحرب السادسة
أراء فنانى ورياضى مصر جديد
صور الحرب جديد
ميديا الحرب جديد
الموقف العربى
لبنان من الداخل
حزب الله ذراع المقاومة
بداية اليهود فى لبنان
بداية اليهود فى الوطن العربى
المجازر اليهودية
شارك برايك
تـــصويت
الحرب التي تقودها اسرائيل على المقاومة خلفت شعور شعبي عن
نجاح المقاومة لقيادة الصراع
فشل المقاومة كوسيلة ردع
التمسك بالحلول الدبلوماسية
شــــــارك
نتيجة الاستطلاع
15-10-2006, 03:04 AM
المواضيع المتشابهه
