من لوازم النهضة في أي مجتمع واستمرار بقائه قوياً: وحدة صف أهله، وعدم تنازعهم ووجود مرجعية علمية واعية مخلصة تسهم في إضاءة الطريق لمسيرتهم. هذه الإضاءة المهمة اليوم في عالم يعيش متغيرات لا حصر لها في جوانب الحياة المختلفة.
وعند الحديث عن صف العاملات في الحركة النسائية الدعوية في العالم الإسلامي عموماً والعربي خصوصاً تبرز الحاجة ماسة لتجمع نسائي يمهد لوحدة فكرية تكون عوناً للنساء الفاعلات في المحيط الاجتماعي لمواجهة التحديات بشتى أنواعها.
لعل من المثير للعجب هذا الغياب الواضح لمبادرات نسائية مؤثرة تدعو إلى إقامة تجمعات فاعلة وتنظيم ملتقيات ومؤتمرات يتم فيها تبادل الرأي حول الشأن النسائي والدعوي منه بشكل خاص. إن مثل هذه المؤتمرات والملتقيات على مدار العام تصدر عنها توصيات تجد طريقها إلى التنفيذ مباشرة، ليس على المحيط المحلي فحسب، بل على المحيط العالمي أيضاً.
وإذا كان التجمع وسيلة لا غاية فإنني أحسب أن السعي للالتقاء بين النساء الفاعلات في البلد الواحد، بل المدينة الواحدة، مقدمة ضرورية لتحقيق الوسيلة التي تؤدي بدورها إلى تحقيق الأهداف العامة للطبقة النسائية المثقفة المحافظة في مجتمعاتنا. وهذا النشاط الاستعماري الجديد المحموم الموجه إلى المرأة المسلمة اليوم يمثل تحديات كبيرة لا بد أن تواجه باتحاد قوي بين الأخوات في كل قطر؛ لتتكون مصدات ثقافية قوية، وليتم تنسيق الجهود من خلاله؛ وإلا فإن برامج المستعمر ستنفذ دون مقاومة فكرية قوية، وفي هذا يقول الله ـ جل وعلا ـ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73].
لا أعلم على وجه الدقة مدى التنسيق بين الفاعلات في المجال الدعوي لكنني أستطيع القول إنه لا يتوافر لدينا الحد الأدنى من الاجتماع والتعارف؛ إذ بات من البين أن الداعيات في جهة من جهات إحدى المدن لا تعرف أختها في الجهة الأخرى في المدينة ذاتها، وهذا دون شك خلل ينبغي إصلاحه ومشكلة يلزم علاجها.
هناك أسباب كثيرة لعزوف الأخوات عن المبادرة وتولي القيادة في اقتراح وتنفيذ مثل هذه المشروعات، يمكن إجمالها في عدة أمور، منها: ضعف الوعي بأهمية الاجتماع والاتحاد في تحقيق النصر، ومن ذلك ضعف التدريب على العمل الجماهيري، والتمحور حول أساليب قديمة، والخوف من الأفكار الجديدة، وترك مساندة الرجال الذين كانوا ولا يزالون يقومون بدور كبير في الدفاع عن المرأة والتنظير لقضيتها وحمل همومها.
ما لم تدعم المرأة الصور النمطية للأعمال الدعوية بأساليب إبداعية فلن نبرح مكاننا، ويمضي الوقت والمستعمر وأذنابه يحققون مكاسب كنتيجة مباشرة لاجتماعه والتنسيق بين مختلف مؤسساته والدأب في المطالبات والصبر على الأذى.
هناك خطوات أحب أن أنبه أخواتي الفاضلات إليها للبدء في مشروعات تجميع الجهود وتنسيقها، منها:
أهمية إيجاد القناعة بضرورة الاجتماع؛ وذلك يمكن تحقيقه عبر القراءة في كتب الإدارة، وحضور دورات تدريبية في القيادة والتخطيط وتنظيم الوقت.
ومنها: أن نبحث عن الكفاءات الإدارية التي تتولى التنسيق والقيام بمثل هذه المشروعات المهمة؛ فليس صحيحاً أن البارزة في مجال الخطابة بالضرورة تصلح لإدارة مؤسسة، ولا تلك الكاتبة قادرة أن تلقي محاضرة، ولا الإدارية مؤهلة للفتيا، وهكذا نضع الأخت في مكانها الصحيح في المنظومة المؤسسية.
وثمة خطوة ثالثة مهمة تتمثل في: ترك انتظار الأخريات للقيام بمثل هذا العمل المبارك، بل المبادرة بالعمل مهما كانت الصعوبات، والإصرار على بلوغ الهدف دون ملل ولا يأس؛ بشرط أن تتحقق المؤهلات الدعوية الضرورية للقيام بهذه المهمة الكبيرة.
هذه إضاءات سريعة للفت نظر أخواتي إلى ضرورة ترتيب الصف النسائي، وعقد اللقاءات؛ توفيراً للأوقات، ودرءاً لتكرار المشروعات وتبادلاً للخبرات.
وإذا كان الاجتماع في السابق يعد مستحباً؛ فإنني أرى أنه من الواجبات لظروف التحديات الضخمة التي نواجهها كمسلمين؛ حيث تحتل بلاد المسلمين وتنفذ فيها مشروعات تغريبية في وضح النهار.
أسأل الله أن يوفق القائمات على العمل الدعوي في كل مكان ويرزقهن العلم النافع والعمل الصالح.
أضف تعليقك
الاسم :
البريد الإلكتروني :
الدولة : اختر بلد أثيوبيا أخرى أذربيجان أرمينيا أروبا أريتريا أسبانيا أستراليا أستراليا - المناطق المداره أسينشين أفريقيا الوسطى أفغانستان ألاسكا ألبانيا ألمانيا أمريكا أنتيغوا وباربودا أندورا أنغولا أنغويلا أورجواى أوزبكستان أوغندا أوكرانيا إستونيا إندونيسيا إيران إيرلندا إيسلندا إيطاليا الأرجنتين الأردن الإكوادور الإمارات العربية المتحدة البحرين البرازيل البرتغال البوسنة والهرسك الجزائر الدنمارك السعودية السلفادور السنغال السودان السويد الصومال الصين العراق الغابون الفاتيكان الفلبين الكاميرون الكونغو الكويت المجر (هنغاريا) المغرب المكسيك المملكة المتحدة النرويج النمسا النيجر الهند اليابان اليمن اليونان انتيليس هولندا بابو غينيا الجديدة باكستان بالو براجواي بربادوس برمودا بروني بلجيكا بلغاريا بليز بنغلاديش بنما بنين بهاما بوتان بوتسوانا بورتوريكو بوركينا فاسو بورما بوروندي بولندا بوليفيا بولينسيا الفرنسية (تاهيتي) بيرو بيلاروس تاهيتي تايلاند تايوان تركمانستان تركيا ترينداد / توباغو تشاد تشيك تنزانيا توجو توفالو تونس تونغا جامايكا جبل طارق جزر الأزور جزر الفوكلاند جزر القمر جزر انتليس جزر تركس و كيكوس جزر سولومون جزر فارو جزر فيرجن - الامريكية جزر فيرجن - برطانيا جزر كايمان جزر كريسماس جزر كوك جزر كوكوز جزر كيب فردى جزر مارشل جزر ماريانا جزر نورفولك جزر نيوي جمهورية الدومنيكان جنوب أفريقيا جواديلوب جوام جورجيا جيبوتي دومينيكا ديجو جارسيا رواندا روسيا رومانيا ريونيون زائير زامبيا زيمبابوي ساحل العاج سامو الغربية ساموا (الولايات المتحدة) سان مارينو ساو تومى و برنسيب سلطنة عمان سلوفاكيا سلوفينيا سنت بيير و ميقيولون سنت فينسنت سنت كتيس و نفيس سنت لوسيا سنغافورة سوازيلاند سوريا سورينام سويسرا سيراليون سيريلانكا سيشل شيلي طاجيكستان غامبيا غانا غرينادا غرينلاند غواتيمالا غويانا غينيا غينيا الاستوائية غينيا الفرنسية غينيا بيساو فانوتو فرنسا فلسطين فنزويلا فنلندا فيتنام فيجي قازاغستان قبرص قرغيزستان قطر قطر كرواتيا كمبوديا كندا كوبا كوريا الجنوبية كوريا الشما لية كوستاريكا كولومبيا كيرباتي كينيا لاتفيا لاوس لبنان لختنسنتاين لكسمبورج ليبيا ليبيريا ليتوانيا ليسوتو ماديرا مارتينك ماقدونيا ماكاو مالاوي مالديف مالطا مالي ماليزيا مدغشقر مصر منغوليا موريتانيا موريشيوس موزمبيق مولدوفا موناكو مونتسيرات ناميبيا ناورو نيبال نيجيريا نيكاراغوا نيو كلدونيا نيوزيلندا هاواي هاييتي هندوراس هولندا هونج كونج واليس و فوتانا يوغسلافيا
أضف تعليقك :