والغريب أن النظام لا يعتبر ولا يتعظ .. ولا ندري علي أي شيء يراهن، بعد أن خسر البلد كلها .. إلا حفنة من الفاسدين المفسدين المستفيدين من وجوده ومن إطالة عمره .. وهم أول من سيقفزون من المركب حال شعورهم باقتراب "لحظة الغرق" ويتركونه وحده لا ناصر له ولا ظهير.
لم أعرف نظاماً في مثل براعة النظام المصري وحرفيته في صناعة "الأعداء" بالداخل! نظام لا يأتي إلا بالسياسات التي تعزز خصومته يوما بعد يوم مع الشعب المصري من شماله إلي جنوبه، ومن شرقه إلى غربه!
فهو النظام الذي ظل يعاند مطالب القوي الوطنية في حماية الناس من مبيدات يوسف والي المسرطنة طوال 25 عاماً .. ترك والي يفعل بالناس الأفاعيل ، تركه ليُهلك بسياساته النسل والحرث، و لتعيث وزارته في البلاد فساداً .. تركه... واحتضنه ودافع عنه لأسباب لا يعلمها إلا الله وحده...!
تركه إلي أن أسدل يوسف والي بنفسه الستار بأن حمّل النظام، رأس النظام، مسئولية سرطنة بلاد... ترابها وهوائها، طعامها وشرابها وقال بصراحة لقناة الجزيرة القطرية، "كلنا بنعمل سكرتارية عند سيادة الرئيس ...! وهي عبارة بليغة ألصقت كل هذه المصائب والكوارث بالرئيس شخصياً فيما التزمت رئاسة الجمهورية الصمت ولم تدافع عن هذا الاتهام الخطير... والذي عمق من مشاعر الكراهية للنظام ورموزه!.
سياسات النظام "الطائشة"... هي التي جعلته في خصومه مع الكثير من المناطق والمحافظات المصرية، يُخشى معها أن تتنامى إلى أن تبلغ مبلغ الترصد إلي أن تتحين الفرصة لتثأر لنفسها ولكرامتها ولحقوقها ولأعراضها التي استباحها أمن النظام وخدمة وانكشاريته المنتشرون في مؤسساته المختلفة.
لقد خسر النظام حياد وتعاطف وتأييد سيناء بالكامل من شمالها إلي جنوبها...كما خسر محافظات صعيد مصر بالكامل بعد أن أهانها وأهدر كرامتها وأذلها في التسعينات واستفز الناس وحملهم حملاً علي كراهيته في مصر الجديدة ومدينة نصر ، بعد أن زور الانتخابات ، لإسقاط د. مكارم الديري... لصالح رجل لجنة السياسات مصطفي السلاب ولولا لطف الله تعالى، ثم جهود العقلاء وأهل الرشادة لوقع ما لم يُحمد عقباه!
وأعاد الكرة في "الدقي"... وللمرة الثانية... إذ يتحدى إرادة الجماهير ومشاعرهم ويحتقرهم.. ويفرض عليهم بالتزوير والتحايل إرادته هو .. ومشيئته هو... ومزاجه هو وحده!
وفي "دمنهور" لم تتسم سياسات النظام بالتعسف وإساءة استخدام السلطات، وإهدار القانون، والتعدي علي العدالة وحسب، إنما اتسمت بالتهور غير المسئول والاستعلاء على الناس، والاستخفاف والتعامل بخفة شديدة مع واقع ملتهب ومتوتر وقابل للاشتعال ولولا لطف الله تعالي... ووساطة أهل الإصلاح لاحترقت دمنهور...من أجل عيون "الننوس" مصطفي الفقي!!.
كل المحافظات التي جرت فيها انتخابات المرحلة الأولي والثانية باتت تقريبا جميعها في خصومة مع النظام... ولم تعد تحمل له وداً ولا حباً ولا ارتياحاً... وأعتقد أنه في المرحلة الثالثة ستكون مصر كلها " ضد النظام "... كارهة لوجوده مستاءة من استعلائه عليها واحتقاره لها!
والغريب والمدهش أن الذين أقالوا النظام من عثراته وورطاته و زلاته المهلكة هم منْ أساء إليهم وأودعهم سجونه ومعتقلاته بالشهور والسنين... واسألوا عن سر انصراف نحو ألف من أنصار مكارم الديري من أمام لجان الفرز بالجامعة العمالية بمدينة نصر، بعد إعلان النتيجة علي غير الحقيقة.. واسألوا عن سر انصراف 30 ألف من أنصار د. محمد جمال حشمت بدمنهور بهدوء وفي حلوقهم مرارة وغصة، كاظمين غيظهم بعد إعلان فوز الفقي وسقوط حشمت رغم فارق الأصوات الهائل الذي بلغ 27 ألف صوت لصالح حشمت!
والغريب أن النظام لا يعتبر ولا يتعظ .. ولا ندري علي أي شيء يراهن، بعد أن خسر البلد كلها .. إلا حفنة من الفاسدين المفسدين المستفيدين من وجوده ومن إطالة عمره .. وهم أول من سيقفزون من المركب حال شعورهم باقتراب "لحظة الغرق" ويتركونه وحده لا ناصر له ولا ظهير.