الرئيسية     | الشروط والقوانين  | سياسة الخصوصية | اتصل بنا | الأرشيف |  RSS
  

 

يمنع منعا باتا وضع موضوع إعلاني

 


العودة   منتدى الشبكة الكويتية > القـســـــــــم الثـقافــي > المنـتدى العـام

المنـتدى العـام مناقشة مواضيع العامه , والاحداث العربيه والعالميه

 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 15-01-2006, 08:41 AM
الصورة الرمزية Nathyaa
Nathyaa Nathyaa غير متصل
من المؤسسين
 





Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز
افتراضي سيــرة سيـــدي الشيــخ جابــر الأحمـــد الصبـــاح أميـــر البـــلاد رحمه الله

[frame="1 80"]أقدم لكم سيرة سيدنا الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه من كل مكروه والتي هي عباره عن كتاب كامل :

لمسة وفاء في حق صاحب الوفاء الحاكم «الوالد» الإنسان .. ومن منا لا يعرفه؟
الحاكم «الوالد» الانسان.. من منا لا يعرفه.. انه جابر الأحمد.. الذي مهما ملئت الصفحات حبراً لن توفيه حقه.. ومهما دارت المطابع لن تكفي لسرد تفاصيل انسانيته ومسيرة عمله في حب الكويت وأهلها والتفاني للصعود بالكويت إلى هامات العلا.
وبمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على تولي سموه مقاليد الحكم في البلاد، صدر مؤخراً كتاب (الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.. الحاكم «الوالد» الإنسان).
وقال الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح وزيرشؤون الديوان الأميري ان هذا الكتاب عبارة عن موسوعة شاملة عن حياة حضرة صاحب السمو الأمير، وسجل حافل بالانجازات الكبيرة لسموه والعطاء المتواصل من أجل الكويت.
ولقد تولى سمو أمير البلاد أمانة المسؤولية منذ العام 1949 عندما اختير رئيسا للأمن العام ونائباً للأمير في الأحمدي، فرئيسا لدائرة المالية ثم وزيرا للمالية والاقتصاد، ثم بويع سموه ولياً للعهد ورئيساً للوزراء، وبعد ذلك تولى حضرة صاحب السمو امارة البلاد في الحادي والثلاثين من ديسمبر .1977
أنها رحلة 55 عاماً من العطاء الرسمي المتواصل، وعمر مديد بإذن الله قضاه سموه في حب الكويت والعطاء المتفاني لها.
وشمل الكتاب في فصله الأول «الطريق إلى الحكم» تطرقاً إلى سنوات الاعداد والتأهيل والبدايات في العمل الحكومي ثم مرحلة ولاية العهد ورئاسة الوزراء.
وفي فصله الثاني، «الشيخ جابر الأحمد أميراً وحاكماً» تتطرق المباحث إلى المبايعة ركناً أساسياً في نظام الحكم ورسالة إلى الشعب والحكومة والمؤسسات والتقاء بالشعب وفعاليات المجتمع.
وفي فصله الثالث «الاتجاهات الفكرية للشيخ جابر الأحمد» تناولت المباحث الثلاثة الفكر المجتمعي والاقتصادي والسياسي والديموقراطي والمنهج المؤسسي والمنهج الاداري.
وأفرد الفصل الرابع لـ «الشيخ جابر في مواجهة العدوان والاحتلال العراقي»، وتناولت مباحث هذا الفصل دعم الجبهة الوطنية والجهود على الساحة العربية والاسلامية والتحركات الدولية.
وعرض الكتاب لشجرة الأسرة الحاكمة من الذكور والمراسيم الأميرية وكلمات وشهادات وقوانين ومراسيم وصور تمثل رحلة الحاكم الوالد الانسان.
وعود على بدء، فكما قلنا مهما بذلت الجهود لن توفي صاحب السمو حقه.. لكنها جهود يجب أن تبذل للتاريخ.. وللوفاء الذي هو سمة الكويت وأهلها حكاماً ومحكومين.
ويستحق الشكر والتقدير كل من بذل جهداً في هذا الكتاب الموسوعة بدءاً من معّده عبدالله غلوم الصالح وبهاء عبدالقادر الابراهيم وللمشرف ابراهيم محمد الشطي وعن مراجعي الكتاب بدر خالد البدر ود.يعقوب يوسف الغنيم وعبدالعزيز أحمد البحر وحمزة عباس حسين وفيصل منصور المزيدي وخالد أبو السعود.


سمو الأمير.. رفض وضع صورته على ورق النقد وعزف عن الالقاب

تواصل «الوطن» نشر الكتاب الموسوعي «الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.. الحاكم.. الوالد.. الإنسان» على حلقات حيث تضيء حلقة اليوم بداية تولي أسرة آل الصباح للحكم ثم تنتقل الى حياة سمو أمير البلاد فترصد نشأته منذ الصغر وحتى توليه الحكم، وذلك من خلال آراء مجايليه الذين كان لهم شرف مزاملة سموه في الدراسة وفي الوظائف التي شغلها بعد ذلك.
وتعكس تلك الآراء الملامح الشخصية لسمو الأمير كما تعكس الصفات التي نشأ عليها، وبوادر السمات القيادية التي طبعت شخصية سموه منذ الصغر وصولا الى توليه سدة القيادة ومباشرته النهوض بالكويت على كل الصعد لتصبح منارة يشار لها بالبنان.
وفيما يلي الحلقة الثانية من الكتاب:

الكويت دولة شابة فتية، يشكل عنصر الشباب بين سكانها حوالي 44%، نشأت عام 1613م، في الركن الشمالي الغربي للخليج العربي. وهي على هيئة مثلث، يتصل ضلعه الشمالي الغربي بالعراق، وضلعه الجنوبي بالمملكة العربية السعودية، وضلعه الشرقي متصل بشاطىء الخليج العربي، ومناخها بوجه عام صحراوي قاري، حار صيفا وبارد شتاء، وكان لهذا الموقع الاستراتيجي ـ بلا شك ـ دور أساسي في اتصال الكويتيين بالعالم الخارجي والاحتكاك بالحضارات الاخرى منذ القدم.
وقد تمكنت اسرة آل الصباح منذ ان تولت الحكم في هذا البلد ان تقيم نظاما سياسيا مستقرا، مكّن الكويتيين ان ينعموا في ظله بالامان وينطلقوا في نشاطاتهم الاقتصادية والتجارية البحرية منها والبرية عبر بلاد فارس، وبلاد ما بين النهرين، وشرقي الجزيرة العربية ووسطها، وبلاد الشام وأوروبا . وكذا الوصول الى الهند وشرقي افريقيا، وذلك على ظهر سفن شراعية صنعتها سواعد كويتية، او قوافل تجارية يقودها كويتيون عبر الصحراء.
لقد تعددت آراء المؤرخين حول بداية نزوح آل الصباح الى الكويت، لكن رسالة الشيخ مبارك الصباح الى المقيم السياسي البريطاني في الخليج، حول مسألة الحدود الكويتية، كانت واضحة، حيث جاء فيها بين امور اخرى:
... الكويت ارض قفراء نزلها جدنا صباح عام 1022هـ، هذا التاريخ يؤكد ان استقرار آل الصباح في الكويت يعود الى عام 1613م، وان الجد الاكبر للاسرة ومن أتى بعده من ابنائه كان لهم دور في الشأن الكويتي بعد هذا التاريخ حتى عام 1170هـ الموافق 1756م، حين وقع اختيار اهل الكويت على الشيخ صباح بن جابر (صباح الاول) المتوفى في عام 1176هـ الموافق 1763م، ليدير شؤون البلاد لرجاحة عقله وفكره، وشجاعته في قول كلمة الحق، وتميزه بصفات حميدة، ونزاهة وعدل متناهيين.
ومنذ ذلك التاريخ البعيد والعلاقة بين الكويتيين وحكامهم تتسم دوما بالانفتاح والتشاور والتعاون وعلاقة الوجه للوجه. فالشيخ صباح بن جابر ومن أتى بعده من ابنائه واحفاده، كان حكمهم قائما على الشورى وتبادل الرأي في المهم والعاجل من امور الدولة والرعية. فلم يكن الشيخ عبدالله بن صباح (1177 هـ ـ 1228هـ) الموافق (1763م ـ 1813م) يبت في امر او يتخذ قرارا ما لم يقطع مرحلة من التشاور والحوار مع ابناء شعبه. وهذا ما سار عليه الشيخ جابر بن عبدالله (1228هـ ـ 1276هـ) الموافق (1813م ـ 1859م) والشيخ صباح بن جابر بن عبدالله (1276هـ ـ 1283هـ) الموافق (1859م ـ 1866م) والشيخ عبدالله بن صباح (1283هـ ـ 1311هـ) الموافق (1866م ـ 1893م) والشيخ محمد بن صباح (1311 هـ ـ 1314هـ) الموافق (1893م ـ 1896م).
وهنا يجب الا تصيبنا الدهشة حين نقف على ماكتبه بعض الرحالة، ومن مروا بالكويت، او قاموا بزيارتها حيث سجلوا انطباعاتهم عنها مستخدمين اسم جمهورية الكويت للدلالة على طبيعة النظام السياسي الذي كان سائدا في ذلك العهد.، والذي تأصل وتجذر من خلال احكام دستور الكويت لعام 1962م.
وتأكيدا لهذا فان ما دونه، وعبر عنه مدحت باشا والي بغداد الذي زار الكويت عام 1289هـ الموافق عام 1872م يؤكد هذه الحقيقة. فقد ذكر من بين امور عديدة، بان اهل الكويت تعودوا حياة الشورى وتبادل الرأي والمشاركة الشعبية للحاكم فيما يحقق مصلحتهم وهم بذلك شبه جمهورية.
اما المقيم البريطاني في الخليج لويس بللي ج. الذي زار الكويت عام 1282هـ الموافق عام 1865م، فقد وصف حاكمها الشيخ صباح بن جابر بن عبدالله بانه يدير امور البلاد بروح الاب تجاه ابنائه، فهو يتولى الحكم والسلطة التنفيذية والى جواره القاضي يباشر مهامه باستقلالية وكان لا يأنف من النزول على حكم القاضي اذا خالفه فيما ذهب اليه.
من جانب آخر، نجد هذه التسمية ايضا في الخريطة التي رسمها العالم الالماني كارل رايتر K.Writer للجزيرة العربية عام 1234 هـ الموافق عام 1818م، والخريطة التي رسمها العالم الانجليزي الكسندر جونستون E.Jonston في الاطلس الكبير الذي صدر في ادنبره عام 1291 هـ الموافق عام 1874م.
وكان لتولي الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير) الحكم (1314هـ ـ 1334 هـ) الموافق (1896 م ـ 1915م) نقطة تحول في تاريخ الكويت الحديث فقد استطاع بدرجة عالية من الذكاء ان يحمي الكويت من المطامع الاقليمية والدولية التي اشتدت في عهده، وان يحقق للكويت شخصية اقليمية ودولية مميزة ومتوازنة،.
ففي الوقت الذي تمكن فيه من التصدي للاطماع الاجنبية، ومقاومة الضغوط العثمانية، والحفاظ على الكيان السياسي والجغرافي في الكويت، وخاصة على حدودها الشمالية، كانت مواقفه الداعمة للحق العربي، ومساعدته للاشقاء امام اية محنة دليلا اكبر على ان الكويت في عهده استطاعت ان تلعب دورا ملحوظا في السياسة الاقليمية والدولية.
وقد يتساءل البعض: اذن، لماذا لجأ الشيخ مبارك الصباح الى ابرام معاهدة حماية مع الحكومة البريطانية في 23 يناير عام 1899م.
ويأتي الجواب سريعا وصريحا، بان الشيخ مبارك الصباح والكويتيين جميعا لم يكونوا مطمئنين لتحركات الدولة العثمانية على حدودهم الشمالية وبالتالي فان الاطماع العثمانية في ابتلاع بلدهم كانت واضحة للعيان.
هذه المخاوف اكدتها فيما بعد الممارسات العدائية للدولة العثمانية باثارة المشاكل والصراعات المسلحة المتكررة على الحدود الكويتية الشمالية والجنوبية حتى جاءت اتفاقية 1913م لتضع حدا لتلك الاطماع العثمانية الجامحة، هذه الاتفاقية كانت واحدة من الوثائق التي تم تداولها في مناقشات لجنة الامم المتحدة لترسيم الحدود الكويتية ـ العراقية، والتي شكلت مع غيرها من الاتفاقيات الحدودية التي أبرمت مع الحكومة العراقية قرار مجلس الامن الدولي رقم 687 الصادر في مطلع ابريل عام 1991م بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
ان اهتمام الشيخ مبارك الصباح لم ينصب على الشؤون الخارجية للدولة فحسب، بل ان الشؤون الداخلية كان لها الصدارة في اولوياته، وعلى رأسها شؤون الحكم، حيث حصر رئاسة الدولة في ذريته (المادة الرابعة من دستور الكويت) وذلك حرصا منه على ان يظل رئيس الدولة ابا لابناء هذا الوطن جميعا.
وعليه، فقد جاء من بعده الشيخ جابر المبارك الصباح (1334هـ ـ 1336 هـ) الموافق (1915م ـ 1917م)، فالشيخ سالم المبارك الصباح (1336هـ ـ 1340هـ) الموافق (1917م ـ 1921م)، ومن بعدهما الشيخ أحمد الجابر الصباح (1340هـ ـ 1370هـ) الموافق (1921م ـ 1950م) الذي كان له دور مميز في معالجة علاقات الجوار بحكمة متناهية من خلال مؤتمر «العقير» واهل البلاد للدخول في مرحلة دولة المؤسسات، ليأتي الشيخ عبدالله السالم الصباح (1370هـ ـ 1385 هـ) الموافق (1950 م ـ 1965م) فيقود المسيرة الديمقراطية باصدار دستور الكويت عام 1962م، وقيام حياة نيابية متمثلة في مجلس الامة الكويتي عام 1963م.
هذه هي المسيرة الخيرة التي قادها فيما بعد الشيخ صباح السالم الصباح (1385هـ ـ 1397هـ) الموافق (1965م ـ 1977م) ليسلمها امانة وطنية للشيخ جابر الاحمد في 21 ذو الحجة 1397 هـ الموافق 31 ديسمبر عام 1977م. حتى وقتنا الحاضر.
وهكذا تتواصل الجهود الطيبة التي قام بها حكام الكويت وشعب الكويت لتأصيل هذه التجربة الديمقراطية الشوروية. وما تلاحم الاسرة الكويتية الواحدة وتضامنها المنقطع النظير سوى شاهد على ذلك. فقد وقف الكويتيون جميعا ـ رجالا ونساء ـ وقفة رجل واحد ابان محنة الغزو والاحتلال العراقي للكويت.. رافضين الاحتلال.. معلنين المقاومة والعصيان المدني. واقفين خلف قيادتهم الشرعية وعلى رأسها الامير الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح، يساعده ويؤازره في حمل الامانة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح. هذه الوقفة التي أذهلت العدو واثارت اعجاب الدنيا كلها.. وقفة كشفت عن اصالة معدن الشعب الكويتي وتلاحمه مع قيادته واصرارهما على تحرير الكويت مهما كان الثمن باهظا والطريق طويلا.. وكان لهما ما ارادا فحمدا لله على نعمة الحرية والتحرير، وشكرا لكل من آزر وساند الحق الكويتي ولو بكلمة طيبة.

«يتبع»
[/frame]

 

 

توقيع : Nathyaa

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:41 AM   رقم المشاركة : 2
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]الطريق الى الحكم

«ان الايدي خلقت لتعمل. فان لم تجد في الطاعة عملا التمست في المعصية اعمالا، فاشغلها بالطاعة قبل ان تشغلك بالمعصية». عمر بن الخطاب

مهما اختلفت مراحل الزمن وتباينت انظمة الحكم في المجتمعات البشرية، فان الطريق الى الحكم ـ في جميع الاحوال ـ ليس مفروشا بالزهور لكن بصورة عامة نستطيع القول بان القادة والزعماء يلعبون دورا اساسيا في حياة شعوبهم وتقدم مجتمعاتهم، فالذكاء الشديد، ونفاذ البصيرة وحسن الادراك يجعل من هو مهيأ للحكم قائدا وزعيما قبل ان يتولى زمام السلطة والحكم، وحين يدركها تكون نتائج ابداعاته في تقنين القوانين والانظمة الاجتماعية والاقتصادية قد أتت بثمارها. وما عليه الا ان يتابع تنميتها وتطويرها نحو الافضل والاحسن.
وفي هذا يقول بعض المفكرين المحدثين من علماء النفس والاجتماع امثال ماكدوجل Mac Dogal الانجليزي وتارد Tard الفرنسي ان سبب تطور المجتمعات يرجع الى اعمال القادة والزعماء في ابتداع نظام جديد، يهديهم اليها ذكاؤهم ونفاذ بصيرتهم، ومن ادراكه لما ينبغي ان تكون عليه مجتمعاتهم ويتفانون في العمل على نشر نظمهم فيحاكيهم جماعة من الشعب، ويحاكي هذه الجماعة جماعة اخرى هكذا دواليك حتى تصبح اراؤهم نظما مستقرة، وتختفي امامها النظم القديمة.
من جهة اخرى، فإن سمات القيادة الصانعة للتاريخ تتجلى في اولئك النفر من الرجال القادرين على تنشيط القوى المنتجة في المجتمع من اجل الاسراع في تغيير الانظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتواكب الحداثة وقوى الانتاج، وتزيل العقبات التي قد تحدث فيما بينها، او تحول دونها.
فالقائد الذكي النافذ البصيرة هو من يسعى دوماً الى وضع المصلحة العامة فوق المصالح الخاصة، فيتقمص روح الامة، ويعمل على تفجير الطاقات الكامنة في شعبه لغرض تحقيق درجة اسمى في التطور والرقي الحضاري.
وهنا يقول فيلسوف التاريخ هيجل: «.... ان التجربة التاريخية هي تجربة الافراد الذين يرتفعون فوق مستوى المصلحة الخاصة، ولا تعيد اعمالهم الانماط القديمة، ولكنها تخلق اشكالاً جديدة للحياة، وهم صناع التاريخ، انبثقت اعمالهم من مصالحهم الخاصة، ولكنها تطابقت مع المصلحة العامة، لان المصلحة العامة تسمو وتتفوق على المصلحة الخاصة، وهكذا سيطروا ووجهوا الخط العام لمسيرة التاريخ...».
ولم يكن الشيخ جابر الاحمد الا واحداً من اولئك الرجال الذين تميزوا بصفات انسانية جمة، وسمات وملامح قيادية مبكرة، وذكاء ونفاذ بصيرة وحسن دراية، وادراك لاستشراف المستقبل، ساهم ـ كما سنرى ـ في بناء الدولة والمجتمع الجديد في الكويت، وبالتالي هو واحد من رموز صناع تاريخ هذا الاقليم وهذه الامة، والذي استطاع بحركته الدؤوبة والمتواصلة تنشيط القوى المنتجة في المجتمع الكويتي، والدفع بالشباب الى الخارج للتزود بسلاح العلم والمعرفة، ليصبح هؤلاء جميعاً ـ وفي فترة زمنية قياسية ـ اداة تغيير اجتماعي واقتصادي وسياسي، نقلت المجتمع الكويتي من حالة البساطة الى الحداثة.
لم يكتف الرجل بهذا القدر من الحركة والنشاط في اتجاه الخط العام لمسيرة تاريخ الكويت الحديث، بل انطلق من مصالحه الخاصة، وسخرها ادوات تساند وتدعم المصلحة العامة التي جند كل طاقاتها وامكاناتها من اجل البناء وخدمة الدولة والمجتمع الجديد، وهذا ما جعل مسيرة عمله وانجازاته منذ عام 1949 ركناً اساسياً في سجل الكويت، شكلت في مجملها منعطفاً تاريخياً، ونقلة نوعية في حياة الكويتيين، كما كانت الحال بالنسبة لعهد والده المغفور له الامير الراحل الشيخ احمد الجابر الصباح.

المبحث الأول
سنوات الإعداد والتأهيل

«ان بناء كويت المستقبل هو التحدي الكبير الذي يجب على جيلنا ان ينهض لمواجهته وينذر نفسه لتحقيقه». جابر الأحمد

ان تسجيل السيرة الذاتية، او المسيرة التاريخية لحاكم خدم شعبه وامته باخلاص، وترك بصماته الانسانية تدوي في ارجاء الدنيا، ليست بالمهمة السهلة.. فهي دقيقة وشائكة تتطلب الامانة في سرد الاحداث، وصدق الكلمة والحياد في التحليل والتعليق، ذلك لأن السيرة الذاتية، والمسيرات التاريخية لمثل هذه الشخصيات التاريخية كنز دفين، وتراث لابد من نقله الى دائرة الضوء لتطلع عليها الاجيال المتعاقبة.. فهي ملك لهم وليس لصاحبها، ومن حقهم ان يستأنسوا بأفكاره الرائدة، ويهتدوا بنصائحه وارشاداته وتوجيهاته التي ساهمت في تغيير ملامح المجتمع نحو الافضل ويقتدوا بصفاته الحميدة وحنكته في ادارة شؤون الدولة، وعلاقاته بدول الجوار، وبالاسرة الاقليمية والدولية.
ونحن، اذ نرصد اليوم للشيخ جابر الاحمد مسيرته التاريخية، نكون وجهاً لوجه امام هذه الحقائق التي يجب علينا ان نتعامل معها بصدق وامانة وحياد. وهي بلا شك مهمة صعبة للغاية، لكون الرجل لا يزال على قيد الحياة ـ اطال الله في عمره المديد ـ ونحن قد تعودنا ـ وفي هذا اغلب الاحوال ـ قراءة كتب السيرة الذاتية واصحاب المسيرات التاريخية، بعد ان ينتقل صاحب الشأن الى جوار ربه، فتتوه الحقيقة ضمن منابع الاشاعات والخيال، لتنسج حول عقول وافكار المطلعين عليها والمهتمين بها خيوط عنكبوت تصبح بمرور الزمن مرتعاً خصباً لترويج الفتن والافكار المشوهة والمشوشة، وبث روح الانهزامية بين الناس. وهي جميعاً حالة من الغدر والاجحاف الصريح بحق الرجل وحق التاريخ... انها بحق مسؤولية تاريخية، وامانة علمية تدعونا للحرص على انتقاء كل كلمة وعبارة، وسرد المعلومات عن اي حدث، ونقل اية معلومة مهما كان حجمها ومساحة انتشارها.
من هذه المقدمة والديباجة الصغيرة ندخل الى صلب الموضوع وعنوانه «سنوات الاعداد والتأهيل»، فنقول: ان الشيخ جابر الاحمد هو النجل الثالث للمغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح حاكم دولة الكويت الاسبق، والامير الثالث عشر في عائلة آل الصباح، وثالث امير لدولة الكويت منذ استقلالها.
فقد ولد الشيخ جابر الاحمد في مدينة الكويت العاصمة في 29 يونيو عام 1926، وتلقى تعليمه في المدرسة الاحمدية والمباركية والشرقية، وكان مثالاً للطالب المجد الحريص في تصرفاته، الهادىء بطباعه، الخلوق مع زملائه من الطلبة، متواضعاً في علاقاته مع اقرانه من التلاميذ، لم يتعال بتصرفاته عليهم، تربطه علاقة احترام وود بأساتذته، وقد ذكر هذه الصفات وغيرها عدد من زملاء الدراسة، من بينهم خالد الخزام الذي عاصره في المدرسة المباركية في اوائل الثلاثينيات، واصفاً تلك العلاقة بقوله: «... اني لم اشعر يوماً بأن الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح ابن حاكم الكويت بسبب تواضعه وقرب تفكيره وتعامله مع الاخرين، وكأنه واحد من ابناء عامة الشعب، مما جعله صديقاً للجميع في المدرسة تربطه بهم علاقات ود حميمة..».
ويمضي زميل الدراسة في وصفه، فيقول: «... ان ذلك السلوك المتسم بالأدب والتواضع ظل ملازماً لسموه اثناء فترة عمله رئيساً لدائرة الامن في مناطق النفط في الاحمدي، حيث ظل سموه محتفظاً بذلك الود الكبير الذي يكنه لكل كويتي، واستطيع ان اقول بأن اكبر امنية كانت تداعب افكاره ان يجد شركات النفط العاملة في الكويت جميعها بيد كويتية وطنية...».
ويضيف زميل الدراسة: «... لم يكن سموه من تلك الفئة من العاملين الذين يلزمون مكاتبهم طوال يوم عملهم، بل كان سموه يتنقل من مكان لآخر، يتفقد سير العمل في شركات النفط، ويحث الكويتيين على ان يعملوا بجد واخلاص لكي يتسلموا مقادير بلدهم ليديروها بأنفسهم...».
وهنا تتطابق اقوال خالد الخزام مع ما ذهب اليه بدر يوسف النصر الله، عندما يقول: «.... لقد كنت زميل دراسة لسموه في المدرسة الشرقية، واذكر انه كان معنا من الزملاء الشيخ صباح الاحمد، وكان يأخذ معه بعد انتهاء الدوام الدراسي في السيارة المخصصة له مجموعة من الزملاء القاطنين في منطقة سكنه لتوصيلهم الى منازلهم. ولم يشعرنا قط بتميزه كابن لحاكم الكويت، فكان ولا يزال مثالاً للتواضع منذ صغره..».
ويمضي النصر الله، فيقول: «... وكان سموه يحمل صفات النجابة منذ صغره، وبدت عليه في شبابه، وعند توليه المسؤولية المبكرة سمات رجال الدولة ومتخذي القرار..».
ويؤكد محدثنا، ومن خلال معايشته له بضع سنوات، فيقول: «... انه رجل متواضع كريم الخلق والاخلاق، ومتدين مستنير سمح، لا يحب السهر، يستيقظ يومياً في الصباح الباكر ليبدأ يوم عمله بقراءة القرآن الكريم..» ويضيف قائلاً :« ...منذ ان عرفت سموه، وانا اجد فيه رجلاً عفيف اللسان، ودوداً وعطوفاً، يمتص انفعال الاخرين في تودد، ويعالج الامور بالهدوء والروية، كما انه صبور جلد على تحمل الصعاب وتبعات العمل، وكان دائماً شعلة من النشاط والحيوية، عجزنا نحن الذين نعمل معه عن مجاراته..».
وفي هذا السياق ايضاً، يشير النصر الله: «... انه شخصية جذابة متميزة ومحبوبة، وله قبول وحضور لدى ملوك ورؤساء وزعماء دول العالم، يحظى باحترامهم، ويحرص على اقامة العلاقات الطيبة معهم، وان الكثير من افعاله ومواقفه تعبر عن انسانيته الفياضة، سواء أكان ذلك على الصعيد المحلي ام العربي او الدولي..».

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:42 AM   رقم المشاركة : 3
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]

وحول هواياته الخاصة، يذكر لنا النصر الله انه مولع برياضة المشي، وقيادة السيارات، والصيد والقنص، وله ولع بالزراعة، وخاصة زراعة النخيل وتربية النحل.
اما عبد العزيز سليمان الدوسري، فيحدثنا عن الشيخ جابر الاحمد قائلاً: «... لقد بدأت علاقتي ومعرفتي بسمو الشيخ جابر الاحمد اثناء زمالتنا في الدراسة بالمدرسة الاحمدية عام 1943م، وكنت اسبقه بسنة دراسية، وكان يرافق سموه في الدراسة اخوه الشيخ صباح الاحمد...».
ويمضي الدوسري لينقل لنا شيئا من انطباعاته عن الشيخ جابر الاحمد كطالب وزميل دراسة فيقول: «... كان سموه في مرحلة التلمذة انيقاً في هيئته، مهذبا ومتواضعا، لا تشعر بفرق بينه وبين اي من زملائه، مرحا محبا للعب في ساحة المدرسة مع اصدقائه الحميمين، اذكر منهم: ثنيان العلي، وعبد اللطيف امان، وخالد الخزام الذي زامله فيما بعد في المدرسة المباركية»...
وحول صفاته وخصائصه الحميدة، يقول الدوسري: «... انه شخص متدين، خلوق وودود، حليم ومخلص، ومحب للكويت والكويتيين، وانه سخي من غير صخب، فكثيرا ما يوفد المبعوثين على حسابه الخاص، ويساعد المرضى غير القادرين حتى لو اقتضى علاجهم في الخارج، كما يساعد الاسر المتعففة بهدوء وبما يحفظ كرامتهم»...
وهنا، يروي لنا الدوسري واقعة انسانية اقدم عليها الشيخ جابر الاحمد، ولا يزال متأثرا بأحداثها، فيقول: «... يحضرني بهذه المناسبة انه كلفني ذات مرة بشراء بيت خاص، قمت باختياره وشرائه، وعندما اخبرته بذلك كتب لي شيكا بقيمته، وشيكا آخر للدلال، وشيكا ثالثا بمصاريف السجل العقاري، وبعد ان انهيت اجراءات البيع والشراء طلب مني تسجيل البيت باسم احد اصدقاء طفولته، وكان متوفيا وله ابناء ايتام»...
وقد أكد الدوسري ما ذهب اليه النصر الله فيما يتعلق بهوايات الشيخ جابر الاحمد، حين اشار: «... ما اعرفه عن هوايات سموه انه يحب البحر والسباحة، ويحب الفروسية والصيد، والزراعة، وهو من اكبر المشجعين على زراعة النخيل، وهو صاحب مشروع المليون نخلة، وتخضير الكويت الذي نرى آثاره واضحة اليوم على الطرق وفي الساحات».
ويضيف عبد اللطيف عبد الرحمن البحر على ما سبق بقوله: «.. كان سموه رجلا تتسم طباعه بالتواضع الجم، كما انه رجل دولة، ذو انسانية فياضة وسماحة، لا يحب المظاهر، وكانت الحماية تفرض عليه قسرا في تنقلاته، يتفقد الاسواق ليتعرف على الأسعار، كما يتفقد المشروعات ويتابع انجازاتها، وعندما يلاحظ اي خلل في اي موقع يعطي توجيهاته للمسؤولين والمعنيين بالامر على الهاتف مباشرة لاصلاح الوضع، وتقويم الأخطاء مهما كبرت أم صغرت...».
ويمضي البحر، فيشير: «... لقد عُرف عن الشيخ جابر الاحمد نزاهته المطلقة، وترفعه عن الصغائر، يعود المريض، ويشارك المواطنين في افراحهم واحزانهم، ولا يغفل واجبه تجاه شعبه...».
وهنا كان للبحر وقفة، قال فيها: «... كان اجتماعيا يصل الرحم، ومن عادته اليومية بعد صلاة الفجر التوجه لزيارة والدته وشقيقته، بعدها يتوجه الى مكتبه الخاص في قصر دسمان ليبدأ يوم عمل جديدا...».
وحول هواياته الخاصة، يؤكد لنا البحر ما سبق ان اشار اليه الآخرون، ويضيف: «... ومن هواياته ايضا مشاهدة الافلام الاجتماعية والسياسية، يحب الشعر الشعبي وله محاولات في هذا المجال، يحب القراءة والاطلاع، وهو صاحب فكرة ديوانية شعراء النبط...».
وفي هذا السياق يقول حمزة عباس حسين: «... ما اعرفه عن سموه انه رجل متدين عاف، يبدأ يومه مبكرا بقراءة القرآن الكريم، ومن هواياته الخاصة رياضة المشي وقيادة السيارات، والاهتمام بالزراعة وممارستها باليد، وكذا مشاهدة الافلام الهادفة، وخاصة الاجتماعية، وهو ليس أكولاً بطبعه، وأكلاته خفيفة جدا حتى في المناسبات الرسمية، حيث يجالس من يدعوهم ويجاملهم بتناول اشياء خفيفة، وهو بذلك حريص جدا على نظامه الغذائي والصحي....».
ويمضي حمزة عباس، فيقول: «... كان سموه يحب مساعدة الناس في سرّية تامة، يحفظ لهم كرامتهم، وأذكر، انه في احدى زيارات سموه الى مصر في الستينيات، انني وجدت بعض المصريين من البسطاء وعامة الشعب يأتون الى جناح سموه في الفندق للسلام عليه وألسنتهم تلهج له بالدعاء، وكان ذلك مدعاة لدهشتي وإثارة لفضولي، فاستفسرت من احد المرافقين عن هوية هؤلاء الاشخاص، فأفاد بان اولادهم يدرسون على حساب سموه الخاص، والبعض الآخر يتلقون مساعدات جارية من سموه... لقد كان سموه عطوفا محسنا، احسانه في السر يسبق احسانه في العلن....».
اما فيصل المزيدي فيرى في الشيخ جابر الأحمد: «... انه انسان متواضع غير محب للظهور، ولم يستخدم قط وسائل الاعلام للاعلان عن نفسه وآرائه ومنجزاته، وهذا ما يجعله من المميزين بين حكام دول العالم الثالث. وهو شخص بطبيعته يتميز بالهدوء الشديد، ومستمع جيد يصغي الى محدثه بتركيز واهتمام، وهو لبق جدا وفي غاية الادب مع من يخاطبه، لكنه في الجانب الآخر قوي في الحق ومناصرة الضعفاء، ولعلنا نرى ذلك جليا في رسائله الى الامين العام للأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان، ومحاربة التمييز والتفرقة والعنصرية....».
ويضيف المزيدي في هذا السياق، حين يشير: «... إنه من عظيم خلقه انه غير انفعالي ولا سريع الغضب، وليست لديه روح الانتقام حتى مع المسيئين. فالعفو من شيم العظام، عادل في حكمه، لا يأخذ احدا بجريرة غيره، مقدرا الصداقة الخالصة، وخاصة مع الرعيل الاول من الذين عملوا معه منذ توليه حاكميه مدينة الأحمدي ومناطق النفط ورئاسة دائرة المالية...».

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:42 AM   رقم المشاركة : 4
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]وقد جاء في وثيقة بريطانية عند اختيار الشيخ جابر الاحمد ولياً للعهد تعليق على سيرته الذاتية: «... ان الشيخ جابر الاحمد رجل طموح قادر، ومسلم تقي، وان له صيتاً بحسن الادارة واتخاذ القرار...».
واذا ما تجاوزنا هذه الوقائع والشواهد التي لامست عن قرب جانبا من الصفات والسمات الشخصية للشيخ جابر الاحمد، لنقف عند المراحل الدراسية التي قطعها، فإننا نجد انه في ذلك التاريخ البعيد نسبيا، لم تكن مراحل التعليم المتقدمة مكتملة في الكويت كمعظم الدول العربية الاخرى، الامر الذي جعل والده رحمه الله وطيب ثراه، يتيح له الفرصة لأن يتلقى تعليماً خاصا على أيدي عدد من الاساتذة المتخصصين في مجالات علوم الدين واللغة العربية واللغة الانجليزية.
ومما زاده إلماماً ومعرفة بما يدور في هذا العالم اتاحة والده له ثانية الفرصة لزيارة العديد من بلدان العالم من اجل الاحتكاك بثقافتها وحضاراتها، وخاصة تلك الدول التي بدأت تخطو خطوات واسعة وسريعة في مضمار التقدم والنهضة، حيث رأى عن كثب أحوال تلك المجتمعات وحياة شعوبها الحضارية وما بلغته من تقدم في شتى ميادين الحياة، والأخذ بأسباب التقنية الجديدة التي بدأت تشارك الانسان حياته، وهذا نلمسه اليوم في كل لحظة من لحظات تعاملنا مع أوجه هذه الحياة. وقد كانت هذه الرحلات ـ كما قال احد ساسة الكويت المخضرمين ـ بمثابة «المدرسة الجامعة التي اسهمت في تكوين الشخصية الطموحة للشيخ جابر الاحمد».
خلاصة القول، ان الشيخ جابر الاحمد قبل ان يصبح أميرا وحاكماً هو انسان كويتي، يجسد تراث الاجداد في تواضعه، ويحمل في توادّه وتراحمه مع الناس أصالتهم.
كان والده المغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح يتفرّس فيه منذ طفولته ملامح خاصة من النباهة والجدّية وسرعة الخاطر، فعوّده على الانضباط السلوكي، سواء أكان ذلك في البيت ام في مجالس الاسرة، ام في المدرسة، ام في المجتمع، وكان لاصطحابه له في رحلاته الخاصة وسفراته الرسمية الى الخارج وهو صغير دور كبير في اكتسابه المزيد من الخبرة في الحياة ومعرفة الناس، والاطلاع على اساليب الحكّام. وكان يردد على مسامعه دائما: «عليك يا بني بالحلم فهو أساس الحكم، وإياك ان تفقده فتفقد كل شيء».
وعندما نتحدث عن الطبيعة الشخصية لسمو الشيخ جابر الاحمد، فاننا نتحدث عن تواضع حقيقي لا متخيّل، فزهد هذا الرجل في المظاهر والمبالغات يعرفه من عرفوا انجازاته. فهناك العديد من المؤشرات التي تؤكد هذه الحقيقة، نستقي منها الواقعتين الآتيتين: اولاهما: إنه رفض بعد توليه حكم الامارة ان توضع صورته على ورق النقد المتداول بعدما كادت تصبح قاعدة عامة، اما الثانية: فقد تمثّلت في عزوفه عن لقب «المعظم» واصراره العفوي على عدم تمجيد شخصه.
لقد تجمّعت فيه صفات عقلانية وخلقية عدة، تجسّدت في سلوك مثالي، وقدرة على الحوار والاستعدادلتقبل الرأي الآخر اذا اقتنع بالجدل الموضوعي.
ومن المعروف عن الشيخ جابر الاحمد انه متواضع دون تصنع، بسيط السلوك، ودبلوماسي لبق، واداري حازم يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، صادق في تعامله، يقول كلمة الحق على الدوام، يجيد فن الاستماع والاصغاء، فيستمع الى اكثر التفاصيل دقة. واذا ما جاء الحديث في موضوع له اهمية خاصة امسك قلمه ودوّن ملاحظاته، واذا تحدث فانه لا يتحدث الا بقدر، لكنه عندما يتحدث تجده بصيب لب الموضوع.
ان صفة التواضع الجم فكرة أساسية في سلوك الشيخ جابر الاحمد منذ ان كان حاكما امنياً لمدينة الاحمدي ومناطق النفط... وهنا ايضا واقعتان تؤكدان هذه الحقيقة: الواقعة الاولى تتمحور حول لقائه بطلبة الكويت أثناء زيارته للولايات المتحدة الامريكية، فقد وقف الطلاب لحظتها هاتفين بالهتاف التقليدي المعروف بالروح بالدم نفديك يا جابر... فقاطعهم وهو قليل التدخل في مثل هذه الاحوال، وطلب منهم ألا يهتفوا بهذا النوع من الهتافات.
اما الواقعة الأخرى، فقد تمثلت في الفكرة التي طرحها بعض المثقفين الكويتيين حول انشاء جائزة كبرى باسم جائزة جابر الاحمد تمنح للمتميزين والمبدعين من المثقفين الذين ساهموا بفكرهم وعطائهم، وكانت لهم مواقف جيدة ومتميزة من العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت. وقد قبل الفكرة ورحب بها بشرط عدم ذكر اسمه فيها، وبادر بتسميتها باسم «جائزة الكويت».
ان الشيخ جابر الاحمد ليس رجل دولة فحسب، انما هو رجل أمة، يضرب به المثل والقدوة في التفاني والعمل والعطاء دون حدود، لذلك تجده يضيف دوماً الى الموقع الذي يتولى ادارته كل ما هو جديد في عالم الرقي والتقدم. كما يحرص أشد الحرص على تدعيم وتقوية صلاته مع افراد شعبه داخل وخارج نطاق العمل، فهو يتسم بوداعة قلبه الكبير الذي يتسع لحمل هموم ومشاكل وآمال وطموحات وتطلعات وطنه وشعبه.

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:43 AM   رقم المشاركة : 5
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]

شهادات بعض من عملوا مع سمو الأمير في بداياته الأولى بالدوائر الحكومية مثال للأخلاق ومريح في التعامل ويحب الاطلاع على تفاصيل العمل ولا يأخذ إجازات خاصة
الحلقة الثالثة

البدايات الاولى للعمل في الادارة الحكومية: في يناير عام 1949م بدأ الشيخ جابر الاحمد حياته العملية واتصاله المباشر بامور الحكم والامارة السياسية بتعيينه رئيسا للامن العام، ونائبا للامير في مدينة الاحمدي ومناطق النفط... هذه المدينة التي جسدت وشهدت انتقال المجتمع الكويتي من مرحلة قاسية، عانى فيها الشعب الكويتي قساوة الحياة، وشظف العيش، وركوب المخاطر من اجل استمرار الحياة، الى مرحلة اتسمت بالرفاه الاجتماعي والتعامل مع مقتنيات واسباب الحضارة الحديثة، هذه المرحلة زوّدت الشيخ جابر الاحمد بخبرة ادارية واسعة وعريضة، ودراية بامور فنية تتعلق بشؤون النفط واقتصادياته وآثاره وانعكاساته على المجتمع، مما جعل ذلك دوما في دائرة اهتمامه، لكونه كان على ثقة بأن هذه المادة الاستراتيجية هي حياة الكويت وشريان مستقبلها. فاجتاز هذه المسؤولية الكبيرة بنجاح باهر، وكان ذلك تأهيلا علميا واداريا وفنيا له ليتولى شؤون النفط والمال في مرحلة لاحقة، ويحقق فيها نجاحا عظيما.
فقد تناولت جريدة «الشرق» اللبنانية شخصية الشيخ جابر الاحمد في مقال، جاء فيه: «... ان الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح الذي اشتهر عنه انه قليل الكلام، كثير الاعمال والافعال، يدرس ويفكر قبل القدوم على اية خطوة تنفيذية، وهو اختصاصي بشؤون النفط، وله شأن كبير بالنسبة لشركات النفط العاملة في الكويت، وان لكل كلمة يقولها وزنها الكبير وابعادها المستقبلية التي لا يمكن اغفالها او اهمالها»...
وفي فبراير عام 1959م حين تولى الشيخ جابر الاحمد منصب رئيس دائرة المالية واملاك الحكومة، وتمثيل امير البلاد لدى شركات النفط العاملة في الكويت لم يكن الا وظيفة جاءت منسجمة مع تفكيره والتجارب والخبرات التي اكتسبها حين تولى حاكميه مدينة الاحمدي مدينة الاحمدي ومناطق النفط.
وبتشكيل اول وزارة عقب الاستقلال في يناير عام 1962م، بموجب المرسوم الاميري رقم 3 لسنة 1962م، تم تغيير اسماء مؤسسات الدولة من كيانات ادارية صغيرة «دوائر» الى وزارات كان من بينها وزارة للمالية والاقتصاد تولى الشيخ جابر الاحمد مهامها بصفته اول وزير لها ليستمر على رأس هذا الجهاز ما بين عام 1959 ـ 1965م، وقد تغيرت خلالها تسمية الوزارة الى وزارة المالية والصناعة في يناير عام 1963م، ليصبح بعدها وزيرا لوزارتي المالية والصناعة، ووزارة التجارة في يناير عام 1965م.
وقد جاءت هذه المهمة ايضا امتدادا لاهتماماته المبكرة في الامور والمسائل الاقتصادية للدولة، وتميزه بعقلية اقتصادية متفتحة قادرة على تحمل اعباء هذه الوزارة، وهنا تجدر الاشارة الى انه بالاضافة الى عمله وزيرا للمالية والصناعة تولى ايضا في مناسبات معينة مهام نائب رئيس مجلس الوزراء وكذا كان نائبا للامير في مناسبات اخرى.
وقد تمكن الشيخ جابر الاحمد خلال الفترة المشار اليها، اي ما بين، عامي 1959 ـ 1965م ومن انجاز جملة من المشروعات الحيوية والمهمة بينها:
1 ـ انشاء بنك الائتمان لتيسير الائتمان العقاري والصناعي والزراعي، لزيادة دخل المواطنين والدولة من حصيلة قيام الافراد بانشاء صناعات ومشروعات زراعية.
2 ـ اصدار النقد الكويتي لاستخدامه في التداول بدلا من النقد الهندي بغية عدم الارتباط بعملة دولة اخرى، مما قد يؤثر على كيان الدولة.
3 ـ انشاء مؤسسة عامة، هي مجلس النقد الكويتي بغية الاشراف على اصدار اوراق النقد والمسكوكات في الكويت.
4 ـ اعداد مشروع النظام الخاص بالصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ليكون دعامة من دعائم التنمية الاقتصادية في البلاد العربية.
وحول هذه المرحلة يحدثنا حمزة عباس الذي عمل بدائرة المالية في نهاية عام 1958م، اي قبل ان يتولى الشيخ جابر الاحمد مهام رئاسة الدائرة بشهور قليلة، فيقول: «... كان الشيخ جابر الاحمد مريحا في تعامله مع الآخرين بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان سامية. وكان مثالا للتواضع، قليل الكلام كثير الافعال، محبا للعمل، يعمل صباحا ومساء ولا يكتفي بالعمل المرتبط بالدوام الرسمي. وكانت ابوابه مفتوحة لنا جميعا في اي وقت نشاء، حتى في بيته في قصر دسمان. كان دائم الاتصال بنا لمتابعة ورعاية المشروعات، ولم يكن الامر مقصورا علينا، بل كانت ابوابه مفتوحة ايضا للخبراء والمستشارين الذين يعرفهم مثل روكفلر وغيره، ويقابلهم في اي وقت لمناقشة الامور الاقتصادية معهم، مما يحرص دوما على توفير الجو العائلي الحميم لهم، والخالي من التكلف والتقيد بالرسميات، مما جعلهم يؤدون عملهم باخلاص وتفان»...
ويمضي حمزة عباس الذي عمل مع الشيخ جابر الاحمد منذ اليوم الاول لتوليه مهام رئاسة دائرة المالية في حديثه، فيؤكد: «... ان الشيخ جابر الاحمد كان رجل دولة من الطراز الاول، ينظر الى مشروع يعرض عليه من جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، واضعا نصب عينيه مصلحة الكويت والكويتيين، ويدير الازمات الاقتصادية بروية واداراك وخبرة عالية، ولديه طاقة كبيرة لتحمّل مواصلة العمل، ولم يكن يحب الرسميات، وتتسم طباعه بالبساطة مع الجدية في العمل والصراحة في الحق، وكانت علاقته مع موظفيه سهلة ومبسطة، ويشجعهم دوما على طرح افكارهم بحرية، لقد كان ديمقراطي التوجه والقرار، وكانت قراراته تأتي بعد الدراسة والمشورة حاسمة قاطعة، وكانت باكورة المشروعات الوطنية الضخمة من نتاج فكره. وقد دلّ نجاحها على صدق استشرافه للمستقبل»...
وفي هذا السياق يضيف محدثنا حمزة عباس، فيقول: «... تدل افعال الشيخ جابر الاحمد وقراراته كلها على مدى اهتمامه بمصالح الشعب، فكان ينظر للامور ـ كما قلت ـ من زوايا عدة: اقتصادية وسياسية واجتماعية، فعندما يتخذ اي قرار او يعالج ازمة كان يحرص دائما على ان لا تمس النتائج مقدرات الشعب، وان لا يتأثر دخلهم او يتضرروا بالوضع...
اما عبد العزيز البحر الذي عمل مع الشيخ جابر الاحمد عام 1959م مديرا عاما لادارة الاسكان، فانه يحدثنا عن تلك الفترة من الزمن، فيقول:«... عاشرناه بشخصه سواء بالعمل او في اسفاره وتنقلاته، فكان مثالا للاخلاق الحميدة والتواضع الجم، ولمسنا فيه حسن معاملته وسماحته لمرؤوسيه، ينأى في تعامله معهم عن الرسميات ويشعرهم بصداقته، مما كان يدفعنا جميعا للتفاني والاخلاص في العمل»....
ويضيف محدثنا البحر، مؤكدا: «... لقد كان الشيخ جابر الاحمد من اولئك القادة الذين لا ينفردون بالقرار، وكثيرا ما كان يستشير، كما كان مستمعا جيدا ومترويا قبل ان يصدر قراراته المدروسة، وكثيرا ما كان يطرح الموضوع ويطلب منا دراسته، ونرجع الى سموه بوجهة نظرنا، وقد تكون مخالفة احيانا في الرأي، فكان يتقبل طرحنا بكل رحابة صدر، ولم نجد منه اصرارا على وجهة نظره، وعند التنفيذ كنا نجد وجهة نظره قد اخذت في الاعتبار»....
وحول اسلوبه في العمل، يقول فيصل المزيدي: «... كان له اسلوبه الخاص في الادارة، فهو محب للاطلاع على أدق التفصيلات، ولو اقتضى الامر الاستماع الى موظف يثق به، حتى لو لزم الامر تخطي رئيسه. فغايته دائما الوصول الى الحقيقة وبكل الوسائل المتاحة...».

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:43 AM   رقم المشاركة : 6
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]ويشارك محدثنا من سبقه الحديث في الرأي، حين يقول: «... لقد كان محبا للعمل، وساعات العمل لديه ليس لها حدود، فكانت له قوة تحمّل على العمل يصعب مجاراتها، فعندما كان وزيرا للمالية كان يعمل زهاء ثماني عشرة ساعة في اليوم بالوزارة، وكان يواصل عمله ومقابلاته في كثير من الاحيان في منزله بقصر دسمان، ولم أتذكر انه اخذ اجازة خاصة، فقد كانت متعته في عمله»...
وفيما يتعلق باهتمامه بالشباب الكويتي، يضيف محدثنا قائلا: «... وبالنسبة لاهتمامه وتشجيعه للكويتيين، فقد كانت لديه ثقة كبيرة في الشباب وخاصة الخريجين منهم. وكان يفعل كل ما بوسعه لتحقيق طموحاتهم وآمالهم، واكبر دليل على ذلك انه احتضننا ونحن خريجون جدد، وأولانا ارفع المناصب، فلم يأت بنا كخبراء وانما جعل منا خبراء بوضعنا في هذه المراكز، وافادتنا من الخبراء الذين كانوا متواجدين في ذلك الزمن، واحتكاكنا بالامور المحلية والدولية، واذكر من هؤلاء الشباب حمزة عباس، عبداللطيف البحر، عبدالعزيز البحر، فيصل الفليج، جاسم خالد المرزوق، حمد يوسف العيسى، وفجحان هلال المطيري وغيرهم.
أما زميل الدراسة في المدرسة الشرقية بدر النصر الله، فانه ينقل لنا شيئا من انطباعاته عن الشيخ جابر الاحمد الذي بدأ العمل معه عام 1960م سكرتيرا لمكتبه، حين يشير.. ان انطباعي عن سموه اثناء عملي معه انه كان شعلة من النشاط سريع البديهة، ذا خبرة عالية في مجالات المناصب التي تقلدها عن وعي وبصيرة وكان كثيرا ما يحرر لنفسه البرقيات والمذكرات دون الاعتماد على الغير. لقد تعلمنا من توجيهاته الشيء الكثير. وكان رحب الصدر، يحترم رأي الاخرين ويتقبل اي فكرة تأتيه من اهل ورجالات الكويت، ويعكف على دراستها.
ويمضي محدثنا النصرالله.. كان يتمنى منذ الستينات ان يمتد العمران في الكويت الى اقصاه، وكان من امنياته ان يرى الكويتيين وقد امتد بهم الرحيل الى الجنوب لاعماره، وكثيرا ما كان يذهب الى منطقة الخيران الخالية في ذلك الوقت وهذا ـ بلا شك ـ مثال على استشرافه لمستقبل الكويت واعمارها وكان يعمل بنفسه على تحقيق هذا التطلع فترجمه من الامنية الى الواقع.
لم يقف محدثنا النصرالله عند هذه الكلمات والعبارات من ذكرياته بل اضاف قائلا: كما فتح الشيخ جابر الاحمد باب التعيينات ـ وهو وزيرا للمالية ـ امام الشباب الكويتي القادم من جامعات العالم ليسهم في بناء دولة المؤسسات على اساس من العلم. كما اغدق على بناء المدارس ودور العلم والتوسع في التعليم العام والجامعي. كما اعطى اولوية في اهتماماته لمحو الامية ادراكا منه لاهمية ذلك في وعي الشعوب وتقدم الامم.
ويمضي محدثنا مؤكدا على جانب مهم في حياة الشيخ جابر الاحمد العملية حين يقول: كان يأتي الى عمله مبكرا وبالتزام شديد بوقت الدوام الرسمي. وكان حازما شديد الملاحظة، سريع البديهة وله حضور، وان من طبعه العفو، وكان عميق التفكير والتدبير في كل رأي او فكرة تطرح عليه يدرسها من جميع الجوانب ثم يعطي توجيهاته وقراراته بسرعة التنفيذ ودون تباطؤ.
وفي هذا السياق يمضي النصر الله في تأكيده. ليقول: «عندما كان رئيسا للمالية، وفي نفس الوقت مسؤولا عن شؤون النفط في الدولة كان اسلوبه التنظيمي في العمل هو تخصيص يوم في الاسبوع يوم الاثنين للتفرغ لشؤون النفط وكنا نذهب من الكويت الى مدينة الاحمدي حيث كان له مكتب خاص هناك لمتابعة شؤون النفط، وفي بقية الايام كان يستقبل المسؤولين عن شركات النفط في مكتبه بمدينة الكويت العاصمة ويخصص لهم وقتا كافيا لمناقشة الامور النفطية معهم واتخاذ القرارات في شأنها.
وها هو عبداللطيف البحر الذي عمل مع الشيخ جابر الاحمد منذ شهر ديسمبر عام 1966م يسرد لنا ذكرياته عن هذه الفترة فيقول «انه رجل دولة بكل ما يحمله هذا التعبير من معنى معروف عنه دقته في العمل والتزامه الشديد وعدم التسرع في الامور، وكل ما يعرض عليه من افكار ومشاريع يخضعها للدراسة والتقييم والاستشارة الفنية كما انه لماح سريع البديهة ولديه قوة استيعاب فائقة وله حدس وشفافية وله قدرة عجيبة على تلخيص الموضوعات وعرضها امام المختصين، وله ايضا حس اقتصادي فطري وخبرة اقتصادية هائلة. وكان جلده وصبره وقدرته على استمرارية العمل بشكل مذهل يضعه دوما امام شعار: لا تؤجل عمل اليوم الى الغد».
ويمضي البحر فيشير الى جانب آخر من ممارساته في العمل فيقول: «كثيرا ما يكتب بنفسه الخطابات ويدفع بها الى المستشارين ثم يراجعها بنفسه وكثيرا ما يدخل عليها بعض التصويبات في صيغتها النهائية، وكان ينظر دائما الى المشروعات المقدمة له من ثلاثة ابعاد: البعد الاقتصادي والبعد التنموي والبعد الاجتماعي.
لهذه الاسباب مجتمعة وغيرها، جاءت الفترة الواقعة بين عام 1949م وعام 1978 م فترة مزدحمة وثرية بالانجازات تمكن خلالها الشيخ جابر الاحمد من ان يضع عصارة فكره في اقامة البنية الاساسية للدولة وهياكلها التنظيمية بمساعدة عدد من شباب الكويت ومجموعة من الخبراء العالميين وبخاصة في المجال الاقتصادي والعمراني. وان ينتقل بسرعة كبيرة من مجال التخطيط والبرمجة الى مجال التطبيق والتنفيذ رغم العوائق والتحديات التي كان يواجهها.
وكانت مؤازرة المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح امير دولة الكويت الاسبق والمغفور له الشيخ صباح السالم الصباح امير دولة الكويت السابق، ودعمهما ومساندتهما المطلقة لمشروعاته وتطلعاته المستقبلية قد جعلته في وضع مكنه من الانتقال بالكويت من امارة بسيطة تحكمها العادات والتقاليد والاعراف الى مجتمع حضاري ودولة عصرية، يحكمها دستور وقوانين منظمة لجميع جوانب شؤون الحياة ومسيرة المجتمع يتراجع من امامها نفوذ مواقع القوة، والرموز المؤثرة في تسيير المجتمع، لتحل مكانها تلك التشريعات والمؤسسات القائمة على تنفيذها.
فالشيخ جابر الاحمد لم يكن مهندس الاقتصاد الكويتي فحسب بل كان واضع الاسس الاولى للحركة العمرانية، ورافع شعار مجتمع الرفاه الذي يعيشه اليوم كل كويتي بدءا بثمرة النهج الاقتصادي الذي رسمه، والذي جاء مزيجا ووسطا بين الانظمة الاقتصادية العالمية المتباينة والذي تشهد له المؤسسات المالية الدولية «البنك الدولي ـ صندوق النقد الدولي» بالكفاءة وحسن المواجهة، والاداء الجيد امام الازمات الاقتصادية التي تواجهها الكويت بين حين وآخر بسبب اوضاع اقتصادية داخلية، او مؤثرات اقتصادية وسياسية خارجية. وانتهاء بما ترتب على ثمرة هذا النهج الاقتصادي من حركة عمرانية شاملة، تضمنها المخطط الهيكلي للدولة الذي اشرف شخصيا على جميع مراحل اعداده منذ ان كان رئيسا لمجلس التخطيط عام 1966م ومتابعته له حتى يومنا هذا.
هذا الى جانب صياغة حياة مرفهة للمواطنين وضمان حياة كريمة للأسرة الكويتية المحدودة الدخل وذوي الاحتياجات الخاصة هذه النظرة التخطيطية ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لم تقف عند حاضر الكويت بل تخطتها الى المستقبل البعيد، حيث سعى بكل جهده وفكره الى ضمان حياة كريمة للاجيال القادمة والمحافظة على ثروات الكويت وايجاد موضع قدم لاقتصاد الكويت ومركزها المالي في الاسواق العالمية.

سموه ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء

في 30 نوفمبر عام 1965م، كان الشيخ جابر الاحمد لا يزال وزيراً لوزارة المالية والصناعة، ووزارة التجارة، حين صدر امر اميري بتعيينه رئيساً لمجلس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة.
وبعد اربعة ايام من صدور الامر الاميري ، رفع خطاباً الى امير البلاد متضمناً اسماء الحكومة في اول تشكيل وزاري يترأسه بعد تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء، وبعد اداء اليمين الدستوري امام الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، ومن ثم امام مجلس الامة الكويتي، قام رئيس مجلس الوزراء في 8 ديسمبر 1965م بعرض البرنامج الحكومي امام المجلس، وقد تضمن تطلعات الحكومة المستقبلية، ومشروعاتها الصناعية والانمائية خلال عام 1966م.
وفي 31 مايو 1966م، صدر امر اميري بتعيين الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح ولي عهد لدولة الكويت وقد بعثت ملكة بريطانيا «اليزابيث الثانية» برقية لأمير دولة الكويت الشيخ صباح السالم الصباح، تتضمن تحياتها وتهنئتها الحارة بتعيين الشيخ جابر الاحمد ولياً للعهد.
كما بعث عدد من رؤساء الدول والحكومات في الدول الشقيقة والصديقة بمثل هذه التهنئة والمباركة على حسن الاختيار.
وعلى اثر هذه المبايعة الاجتماعية لهذا الاختيار من قبل مجلس الامة الكويتي، ومن ثم الشعب الكويتي بأسره بتاريخ 2 يونيو عام 1966م، قام الشيخ جابر الاحمد بالقاء بيان امام مجلس الامة الكويتي، تضمن تشخيصاً دقيقاً لواقع المشكلات المجتمعية القائمة في المجتمع الكويتي، مع التركيز على التداعيات السلبية الحادة على وجد الخصوص، وذلك بهدف السعي من قبل السلطتين... التنفيذية والتشريعية لايجاد الحلول المناسبة الناجعة لها، والتوجه للمستقبل برؤية جديدة. وقد جاء هذا البيان بمثابة استراتيجية عمل للحكومة في عهد جديد لمواجهة اوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية وتنظيمية، وتوصيف العلاقة المتبادلة بين السلطتين، وما ينبغي ان تكون عليه هذه العلاقة من تضامن وتعاون من اجل الصالح العام، وفي مقدمتها مصالح الدولة العليا.
وفي صدر هذا البيان استعرض ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر الاحمد ما حققته الكويت من تقدم وتطور حضاري، ورأى ان من الواجب اخضاعه للتقييم والمراجعة المتأنية ضماناً لسلامة الوطن ومسيرته، وحماية للمجتمع من كل شائبة يمكن ان تقفز على التراث الوطني، وتمس الامن القومي، والثوابت الاجتماعية والسياسية التي تمسك بها الآباء والاجداد وساروا على هداها.
وهنا، كان للشيخ جابر الاحمد وقفة، قال فيها: «... لقد خطت البلاد في سنوات قليلة خطوات واسعة في شتى الميادين، وتوالت عليها من الاحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية ما كان له ابلغ الاثر في تطوير حياتنا العامة وتغيير في ملامح المجتمع الذي الفناه. فمن تعديل شامل في تشريعات البلاد ونظامها القضائي، الى استكمال لاستقلالها وسيادتها في الداخل والخارج، الى دستور يساير نهضتها، ويصون الحريات، ويكفل الاستقرار، وهكذا دخلنا معترك الحياة الديمقراطية والنيابية من اوسع باب...».
ويمضي قائلاً: «.... وكان طبيعياً ان نستعين في هذا التطور السريع الذي يكاد يشبه الطفرة بعدد من اخواننا من الدول العربية الشقيقة. ورغم ما بذلوه من جهد مشكور فإن الوقت لم يتسع امامهم لتشرب عاداتنا وتقاليدنا المحلية، فجاءت بعض التشريعات والنظم المستحدثة غير مجارية لواقعنا. ولكن ما دام زمامها الان بأيدينا فما علينا الا ان نعدل او نلغي ما يتطلب التعديل او الالغاء منها في ضوء التجربة العملية المكتسبة، بدلاً من التشكيك بالجملة في كل ما هو مستحدث...».
مؤكداً في بيانه: «.... ان النقد البناء وحده هو الكفيل بارشادنا الى ما يجب ان نفعله، والى الحلول المثمرة المرتجاة، اما النقد الهدام، فلن يعود على هذا البلد الا بأشد الاضرار...».
وحول السياسة الخارجية اشار: «.... لقد قلنا في اكثر من مناسبة، اننا نؤمن بأن سياسة الحياد الايجابي، وعدم الانحياز لاي من المعسكرين الكبيرين المتنافسين، هي الخطة السليمة المحققة لمصالحنا، وصالح الاسرة الدولية عامة. واود ان اقول بصراحة ووضوح، اننا اصدقاء لجميع الدول التي نتعامل معها، اياً كان المعسكر الذي تنتمي اليه، علاقتنا بها جميعاً تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة في المعاملة، مع عدم السماح لاي منها بالتدخل في شؤوننا الداخلية، وان اي تدخل من اي منها في هذه الشؤون، ومهما كانت الروابط التي تربطنا بها، سوف ينبني عليه حتماً اعادة النظر في علاقتنا معها. فنحن لا نقبل بحال من الاحوال ان تساس امورنا من الخارج...».

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:44 AM   رقم المشاركة : 7
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]ويضيف من منطلق هذا المنظور السياسي، فيقول: «.... كما اننا نؤمن بأن الكويت لن يعيش منعزلاً عن شقيقاته الدول العربية، وبأن مجد الامة العربية وازدياد نفوذها وتأثيرها الفعال في المجالات الدولية، وقدرتها على استرداد ما اغتصب ظلماً وعدواناً من ارض العروبة، كل ذلك رهين بتماسك بنيان هذه الامة، واتحاد كلمة حكوماتها وشعوبها، فيد الله مع الجماعة. ومن اجل ذلك بذلنا ونبذل قصارى جهدنا لاحلال الصفاء والوئام بين الشقيقات العربيات جميعاً بازالة اسباب الخلاف والقطيعة اينما وجدت. ايماناً منا بقوميتنا العربية، وبديننا الاسلامي الحنيف الذي يحض على التعاون، وتقديراً منا لمصالح شقيقاتنا، وواقعنا، وما يلقيه علينا من واجبات اخوية نحوها جميعاً...».

في أول وأهم وأخطر بيانات سموه التي ألقاها بعد تعيينه ولياً للعهد ورئيساً للوزراء جابر الأحمد: الكويت الدولة الوحيدة التي تساعد صحافتها كي تنقدها


وما زلنا مع البيان الذي ألقاه سمو الامير الشيخ جابر الاحمد بعد مبايعته وليا للعهد والذي تطرق فيه سموه الى محددات السياسية الخارجية... كما تحدث ايضا عن التركيبة السكانية، والعمالة الوافدة الخ.
وحول التركيبة السكانية، وما يكتنفها من خلل وعدم توازن، كان للشيخ جابر الاحمد ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء رؤية بعيدة المدى في هذا الشأن، حيث لا يزال المجتمع الكويتي يعاني من تداعيات هذا الخلل التي خلقتها التدفقات الكبيرة للعمالة الوافدة على الكويت، والتي بلغت نسبتها قبل الغزو والعدوان والاحتلال العراقي حوالي 73% في التعداد العام لسكان الكويت عام 1985م، لتنخفض هذه النسبة الى حدود 63% في التعداد العام للسكان عام 1995م، وذلك بسبب هروب هذه العمالة من بطش قوات الاحتلال العراقي، وعودتها التدريجية بعد تحرر الكويت من براثن هذا العدوان والاحتلال.
ان هذا الكم من العمالة الوافدة ـ سواء أكان ذلك قبل الغزو ام بعده كان له بلا شك انعكاسات امنية واجتماعية لخصها الشيخ جابر الاحمد في بيانه، حين قال: «... ان بلدنا قد فتح ذراعيه مرحبا بأبناء الدول العربية جميعا، فحلوا بين ظهرانينا يسهمون مع ابناء هذا البلد المضياف في بناء نهضته، تلك النهضة المباركة التي مهدت لهؤلاء واولئك سبل الرزق الحلال، حتى جاوز عدد الوافدين عدد المواطنين، وهذا الامر في حد ذاته يلقي على عاتق المسؤولين عن مصير هذا البلد، وعلى الشعب الكويتي بأسره مسؤولية جسيمة، قد لا يوجد لها نظير في اي بلد من بلاد العالم»...
ويضيف قائلا: «... ان تجمع هذا العدد الكبير من الوافدين في بلد محدود المساحة نسبيا كبلدنا، يكون مشكلة كبرى فيما يتعلق بسلامة الدولة والامن العام، وبالاتجاهات الفكرية المؤثرة في مصيرنا، فليس كل الوافدين على البلاد من نفس الطراز او من نفس البيئة، وليس كلهم ممن يحترمون مقدسات هذا البلد، ويقدرون له حسن ضيافته، بل ان منهم من لا يراعي لتقاليدنا وقوانيننا حرمة، او يعمل لحساب مصالح اجنبية ولخدمة مبادىء غريبة عنا، محاولا استقطاب بعض المواطنين وجذبهم الى مبادئه وتسخيرهم لخدمة نشاطه الضار، وهكذا ظهر في بلادنا نشاط يهدف الى تفتيت عرى وحدتنا الوطنية بغرس بذور الحقد والحسد والكراهية بين الاخ واخيه والابن وأبيه، وبعض الاسر وبعضها الآخر، والى اشاعة روح الاستهتار واللامبالاة بالقيم التي نقدسها وتقاليدنا التي نشأنا عليها، والتشكيك في نظمنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يقوم عليها كياننا الاجتماعي...».
وحول حرية الصحافة، وحرية التعبير عن الرأي وحدودهما التي يجب الا تطول حرية الآخرين افرادا او جماعات او مؤسسات، كان للشيخ جابر الاحمد رأي محدد في ذلك التاريخ، حين اشار: «... وقد اثبت فريق من غير الكويتيين الذين يعملون في صحافتنا انهم يقدرون مصالح هذا الوطن، ويشاركونه افراحه واتراحه، وينظرون بالاحترام الواجب الى امنه ومقدساته، لكن فريقا آخر سلم نفسه الى الشيطان، وساهم في جعل بعض الصحف والمجلات ادوات طيعة في ايدي كل نشاط ضار بوطننا ومصالحنا القومية»...
ويمضي، فيقول: «... نحن لا نطلب من الصحافة او من غيرها ان تمدحنا، بل لعلنا الدولة الوحيدة التي تساعد صحافتها كي تنقدها، ولكن من حقنا وواجبنا ان نعمل على ان يكون هذا النقد بناء خالصا لوجه الله والوطن ومصلحة ابنائه جميعا، لا نقدا هداما مسخرا لخدمة جهات معينة، للتمهيد لمبادىء دخيلة يراد فرضها على مجتمعنا...».
ويؤكد: «... اننا نؤمن بالصحافة الحرة النزيهة ونقدر رسالتها، الصحافة التي تبني ولا تدمر، التي تحض على المحبة والوئام لا على الحقد والكراهية، التي تجمع الشمل لا تشتته او تفرقه، التي تخدم مصلحة الوطن لا المآرب الذاتية والمصالح الاجنبية...»
وحول الاوضاع الاجتماعية، والمشكلات المجتمعية التي صاحبت الطفرة الاقتصادية والتغيير الحضاري، كان له الوقفة التالية في بيانه: «... ان الرواج الاقتصادي وما صاحبه من تطور اجتماعي نتيجة للموارد النفطية خلال السنوات الاخيرة، لم تنعكس آثاره بعد على جميع ابناء البلاد... فهناك من المواطنين من يسمع عن المبالغ الكبيرة التي تقرضها الدولة للغير، وهو لا يزال يعيش بيننا عيش الكفاف، معتمدا على راتبه او نصيبه من المساعدات العامة، ومنهم من يشاهد البيوت تقام في كل مكان، وهو ما زال يسكن العشيش التي لا تقيه برد الشتاء ولا حرارة الصيف، وهناك مشكلة بيوت ذوي الدخل المحدود وتوزيعها على المستحقين، والشكوى المزمنة من التأخير في هذا التوزيع، هناك التنظيم ومشاكله، فبعض المواطنين قد ثمنت بيوت سكنهم ولم يتمكنوا من انشاء بيوت بديلة لها، لعدم كفاية مبلغ التثمين، او لعدم وجود قسائم لهم، او للتأخير في منحهم هذه القسائم حتى ذاب مبلغ التثمين بأيديهم دون ان يعود عليهم او على اسرهم بنفع حقيقي، ومن المواطنين من حرم عليهم التصرف في بيوتهم وعقاراتهم سنين طويلة ترقبا لاستملاكها، ثم صرف النظر في ذلك دون تعويض او ترضيه من اي نوع كان عن هذا الحرمان»...
وبنظرة الحاكم العادل العارف بمعاناة شعبه وابناء وطنه يمضي مسلطا الضوء على شكوى المواطنين، فيقول: «... وهناك من يشكون من بقاء قضاياهم معلقة امام المحاكم مددا طويلة، ومن يشكون من تعطيل مصالحهم لدى الوزارات والادارات الحكومية المختلفة، او من عدم تفرغ الموظفين كبارهم وصغارهم لاعمالهم الرسمية، او من عدم صلاحية بعض الموظفين للاعمال التي خصصوا لها.
وهناك شكوى بعض المواطنين من اهمال احيائهم ومناطق سكنهم، وشكوى سكان القرى والجزر من ان الحكومة لا تولي شؤونهم المحلية الاهتمام الكافي اسوة باخوانهم في المدينة»....
وفي معرض حديثه حول معاناة المواطنين مع الادارة الحكومية وقضاياهم ومشكلاتهم اليومية التي تتطلب حلولا حاسمة وسريعة لمجابهة مرحلة التحول الحضاري ومعطياته العصرية، لا ينسى الشيخ جابر الاحمد ان يتناول السلطة التنفيذية ـ جهازا ونظاما وافرادا ـ بالنقد الذاتي والتحليل الموضوعي اللذين قلما نجد قياديا يقوم بمثلهما. ذلك لان ارادة الاصلاح كانت دوما ماثلة امامه، وان عمليات الاصلاح وتعديل المسارات غير المتوازنة لا يمكن ان تتم او تلقى النجاح ما لم يتوافر لها جو صحي قوامه المصارحة والنقد البناء. وهذا ما هدف اليه حين قال: يؤسفني ان اسجل فقدان الانسجام والثقة بين الادارة المركزية ممثلة في الحكومة وبين بعض الهيئات والمؤسسات العامة المتمتعة بشخصية معنوية مستقلة.
ويمضي في هذا الاتجاه فيقول ان البلاد لا تتحمل تطاحنا بين الاجهزة المختلفة التي يجب ان يكون رائدها في العمل التعاون الوثيق المثمر، والتحرر من التقيد، وتعويق الاعمال، والغيرة على مصالح المجموع لا الغيرة على اختصاصات كل منها وصلاحياته او رغبته في الاستئثار بالسلطة.
كما ان التداخل في الاختصاصات بين جهاز البلدية وبين عدد من وزارات الدولة واضح لكل انسان، ويحتاج الى مزيد من التنسيق ولا شك ان ادارة جميع الشؤون المحلية المتطورة للقرى والمدن المختلفة من مركز واحد، وبواسطة جهاز واحد هو امر يستحق التأمل والنظر فيه. فاهل مكة ادرى بشعابها كما يقولون.
وعلى مستوى العاملين في الاجهزة الحكومية ومؤسساتها كان له وقفة طويلة ومريرة، عندما قال «واذا نحن انتقلنا من اجهزة السلطة التنفيذية الى العاملين فيها، طالعتنا ظاهرة خطيرة اخذت تتسرب الى ادارتنا الحكومية ومؤسساتنا وهيئاتنا العامة، واقصد بها انعدام الولاء لدى بعض الموظفين وهنا لا اقصد الولاء لشخص الوزير او الوزراء الذين هم في كراسي الحكم، فاشخاصهم زائلة ومتغيرة بطبيعة الحال، ولكن اقصد الولاء للدولة ككل، وللسلطة التنفيذية التي تمثل الدولة في قيامها بوظيفتها الحكومية والادارية.. هذا الولاء الذي يتطلب من الموظف الامانة التامة في أداء الوظيفة والقيام بكامل اعبائها واحترام الرؤساء وتنفيذ تعليماتهم بالدقة اللازمة في حدود القوانين واللوائح».
ويستمر في حديثه حول هذه الظاهرة مؤكدا: «ان انحراف بعض الموظفين عن هذه المبادىء الاولية لمعنى الامانة في اداء الوظيفة العامة، ينعكس اثره السيىء على سير العمل في المرافق العامة، فتتحول المصالح والادارات الحكومية الى تكتلات متباينة متنافرة، تذوب خلالها المسؤولية وتصاب مصالح الشعب بالاذى والتعطيل. فتعم الشكوى وينتشر السخط بين الجمهور من سوء الادارة الحكومية.
وينتهي من حديثه حول هذه المظاهر محذرا: «واذا كانت الحكومة قد التزمت سياسة اللين والتسامح مع هؤلاء حتى اتهمت بالضعف وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية فانها لن تتوانى من الان فصاعدا عن اداء واجبها في تنحية كل معطل لمصالح الشعب من اولئك الموظفين الذين لا يفهمون معنى الامانة في اداء اعمالهم».
وحول العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وهي علاقة حذرة في الانظمة الديمقراطية كافة، تتسم بالمد والجزر، لكنهما في نهاية الامر تسعيان سويا للصالح العام وخدمة الاهداف العليا للدولة. ومن هذا المنظور القريب البعيد كان للشيخ جابر الاحمد وقفة امام هذه العلاقة حين قال: «ان نظام الحكم عندنا يقوم على اساس فصل السلطات، مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور. واذا كان الدستور قد قرر مسؤولية كل وزير سياسيا عن اعمال وزارته امام الامير وامام مجلس الامة، فانه قد قرر في الوقت ذاته ان مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة وهو الذي يرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية.
وعلى اساس من هذه النصوص الدستورية الصريحة، والاعراف البرلمانية فالاصل ان تطلق يد الحكومة في تصريف الشؤون العامة وفقا لما تراه محققا للصالح العام، في حدود الدستور والقوانين النافذة وان يمهد امامها الطريق لتعديل هذه القوانين متى اقتضت المصلحة العامة ذلك، لا ان يضيق عليها الخناق لدرجة تفقدها القدرة على العمل، او تعوق نشاطها الحكومي والاداري».

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:44 AM   رقم المشاركة : 8
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]ويمضي في هذا الاتجاه موجها حديثه لأعضاء المجلس، فيقول: «إن مجلسكم الموقر لا يألو جهدا في نقد اعمال الحكومة جملة، واعمال كل وزارة على حدة نقدا صريحا لا موارية فيه ولا مجاملة، وهذا حقكم بل واجبكم الذي ترحب به الحكومة كل الترحيب. ولكن هل من الصالح العام في شيء ان يضيع وقت السلطتين التشريعية والتنفيذية في موضوعات مكررة، او في اسئلة يشغل اعداد الاجوبة عليها اجهزة الحكومة ولا يفيد منها المجتمع شيئا؟ لانها لا تتناول في اغلبها الا مسائل شخصية، او لا يقصد بها إلا إحراج شخص وزير بالذات، او اثارة مناقشات جدلية لا طائل من ورائها، أليس من الافضل ان نركز على الموضوعات والاسئلة التي تعود على الشعب بالنفع العام، وان نرتفع بمناقشاتنا الى مستوى المسؤولية التي عهد بها الدستور ـ ايما عهد ـ الى الحكومة ومجلس الامة متعاونين فيما بينهما...؟».
وبكل معاني السمو والصدق والايمان بحق الوطن في البقاء والازدهار، وبحق المواطنين في حياة افضل، كانت دعوة الشيخ جابر الاحمد لمواجهة مواضع الخلل والتحديات بروح تضامنية شجاعة وعزيمة تعاونية لا يرقى اليها الملل او يصيبها السأم.. لقد جاءت دعوته، ليقول لابناء وطنه وشعبه: «علينا ان نضاعف جهودنا ونزيل كل عقبة في طريقنا، لرفع المستوى المادي والاجتماعي لمواطنينا الذين ما زال مستواهم دون ما نرجو لهم، ولتأمينهم وذويهم على حاضرهم ومستقبلهم.
علينا ان نوفر لجميع المواطنين بأقصر وقت ممكن، ومهما كلفنا ذلك، السكن الصالح فنزيد من بناء بيوت ذوي الدخل المحدود لتوزع على مستحقيها.
علينا ان نعيد النظر في اجراءات الاستملاك والتثمين ومشاكل التنظيم وتوزيع القسائم، كي يجد من ثمنت بيوتهم بديلا عنها بالسرعة اللازمة، وحتى لا تظل ممتلكات المواطنين معطلة بين ايديهم، فلا هم يستفيدون منها ولا هم يحصلون على تعويض عادل عن تعطيلها.
علينا تعجيل معاملات المواطنين وقضاياهم امام القضاء ودوائر الحكومة بقوانين تتفق وبيئتنا.
علينا ان نحقق لاحيائنا السكنية وقرانا وجزرنا مزيدا من العناية، مع التعجيل بتزويدها بالمرافق الحيوية الضرورية.
علينا ان نعيد النظر ـ منذ الآن ـ في أجهزتنا الادارية المختلفة على مستوى الادارة المركزية والادارة المحلية لإصلاح ما يحتاج منها الى اصلاح، وللتمهيد للتوسع ـ في الوقت المناسب ـ في نظام الحكم المحلي الذي يعتبر بحق اللبنة الاولى في صرح الحكم الديمقراطي في ظل توجيه الدولة ورقابتها طبقا لأحكام الدستور في هذا الشأن.
علينا ان نحمل العاملين في اجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات العامة على ادراك ان الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، هدفها مصلحة الجمهور والشعب عامة لا الأهواء الشخصية والمصالح الخاصة.
علينا ان ننسق سويا علاقات السلطتين التنفيذية والتشريعية لكي تعود للحكومة قدرتها على العمل المثمر لخير الجميع.
علينا ان نحمل الشركات العاملة في بلادنا، لاسيما القائمة على ثرواتنا الطبيعية، على تفهّم ان ما لها من حقوق يتطلب بالدرجة الاولى مراعاتها بالدقة اللازمة لكافة التزاماتها نحو الحكومة ونحو العاملين في هذه الشركات من المواطنين مع تحسين حالة هؤلاء بما يتمشى مع ما تحققه من منافع»..
هذا البيان التاريخي الذي أدلى به الشيخ جابر الاحمد امام مجلس الامة في بداية توليه ولاية العهد ورئاسته لمجلس الوزراء جاء معبرا عن حديث المجتمع الكويتي، وأماني وتطلعات شعب الكويت وهو يدخل عهداً جديداً، تقود رئاسة السلطة التنفيذية فيه شخصية اقتصادية متميزة عرفت بحنكتها وسعة افقها، وخبرتها ودرايتها بما يدور حولنا في عالم الاقتصاد والمال من تطورات ايجابية يعرف كيف يستفيد منها، واخرى سلبية يدرك ابعادها وكيفية تجاوزها والابتعاد عنها.
هذا البيان الذي هو بمثابة استراتيجية عمل لرئيس الحكومة، تناولته الصحافة المحلية بالتحليل والتعليق لمدة طويلة، تفاعل الكتاب والمحللون الاقتصاديون والاجتماعيون والسياسيون مع مضامينها الآنية وتوجهاتها المستقبلية.
هذه الحالة من الاستجابة والتفاعل التلقائي بين المواطنين ومضامين البيان لم تقف عند شرائح المثقفين والمفكرين من ابناء الكويت، بل ان صدى ذلك البيان الذي بدأ به الشيخ جابر الاحمد المرحلة الثانية من حياته السياسية والعملية بعد توليه ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء، قد هز ارجاء دواوين الكويت وملتقيات اهلها ومنتدياتهم ليصبح حديث الناس والمجتمع كله.
وهذه الحالة من الامتزاج الفكري والوجداني بين المواطنين وبين الشيخ جابر الاحمد، فيما استعرضه من مشكلات مجتمعية، وما طرحه من حلول وافكار مستقبلية، لم تقف عند حدود الكويت، بل تجاوزتها الى وسائل الاعلام الخارجية التي اشادت بدورها بالبيان وبالكلمة وبالتحليل الموضوعي.
هنا، يشير عبد اللطيف البحر الى حوار جرى بين الشيخ جابر الاحمد وبين مجموعة من العاملين في الحركة العمرانية والمخطط الهيكلي للدولة والقائمين على الاسكان الحكومي ، فيقول: «.... واذكر في هذه المناسبة، عندما صارت ازمة السكن في الستينات، وكان قد تم توزيع القسائم السكنية الخاصة، وكان يجري بيعها، ثم فجأة اوقفوا البيع، وبدت بوادر الازمة السكنية، وكانت المشروعات والقسائم الحكومية ـ آنذاك ـ تقع داخل الدائري الرابع الذي انشىء عام 64/1965م، وليس خارجه..».
ويمضي البحر، فيضيف: «.... ومنذ حدوث هذه الازمة كان سموه يعطي كل اهتمامه لدراستها وحلها. فلما استحكمت حلقاتها طلب سموه ان نستدعي رئيس واعضاء مجلس البلدية لمقابلته، وطرح عليه فكرة الامتداد بالمشاريع الاسكانية الى ما بعد الدائري الرابع، حيث لم يعد هناك بديل آخر، وان الشباب مقبلون على الحياة ولهم احتياجاتهم، ولم يعد هناك قسائم تكفي. فقيل لسموه بأن هذه الاراضي تدخل ضمن املاك الدولة، وخارج تنظيم المدينة، فرد سموه بأن املاك الدولة هي للكويتيين ويجب توظيفها واستغلالها لخدمة احتياجاتهم الاجتماعية، وان الامتداد والنماء من سنة الحياة..».
ولو تتبعنا تحركات الشيخ جابر الاحمد البناءة، وانجازاته الوطنية خلال الفترة من 31 مايو عام 1966 حتى 31 ديسمبر عام 1977، وهي الفترة التي تولى فيها ولاية العهد ومقاليد رئاسة الحكومة.
لوجدنا انفسنا امام زخم من الافكار التي تسعى لمعالجة القضايا القائمة وطرح البدائل المناسبة برؤية مستقبلية تضع شأن الاجيال القادمة في اولويات حساباتها وبرامجها.. هذه الافكار والطروحات، وغيرها، جاءت ضمن بيانات ادلى بها امام مجلس الامة الكويتي في اكثر من خمس عشرة مناسبة.. متناولاً فيها الشأن المحلي بمختلف جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، او مدافعاً عن قضية العرب الاولى ـ القضية الفلسطينية ـ بروح وطنية وقومية نالت الشكر والتقدير من الدوائر العربية كافة والمتعاطفين مع حركات التحرر الوطني في العالم. او داعياً للمشاركة في دعم عمليات التنمية في الدول العربية الاكثر احتياجاً، وفي الدول النامية الاشد فقرا، او مندداً بالممارسات العنصرية اينما كانت، وخاصة قضية الفصل العنصري في الجنوب الافريقي.
لقد اختار الشيخ جابر الاحمد دوماً منبر مجلس الامة للادلاء ببياناته الاصلاحية التزاماً بالواجب الدستوري، وايماناً بأن هذا المجلس هو بيت الكويتيين جميعاً، ومن خلاله تحدد المسؤوليات والواجبات والحقوق الوطنية، لتقوم كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية كل منهما في مجالها بتنفيذ ما يوكل اليها، وذلك تأكيداً لنص المادة الرابعة من دستور الكويت الذي حدد نظام الحكم في الكويت بأنه: وراثي محصور في ذرية المغفور له مبارك الصباح، وانه ديمقراطي، وان السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعاً. (المادة السادسة من الدستور).

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:45 AM   رقم المشاركة : 9
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]الشيخ جابر الأحمد
أميراً وحاكماً لدولة الكويت

في 20 ذو الحجة عام 1397 هـ الموافق 30 ديسمبر عام 1977م، انتقل الشيخ صباح السالم الصباح امير دولة الكويت الى جوار ربه، بعد ان ترك خلفه مسافة زمنية في الحكم امتدت زهاء اثني عشر عاماً حافلة بالعمل والمنجزات.
وكان الشيخ جابر الاحمد رفيق دربه ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، يمده دوماً بما يحمله في فكره من مشروعات انمائية، وتطلعات مستقبلية واعدة لخير الكويت وشعبها، ولأنه كان موضع ثقة كبيرة لدى الامير الراحل، فقد تمكن الاثنان من السير بالدولة والمجتمع خطوات الى الامام، ترك معها الامير الراحل بصمات على سجل الكويت، لا يزال الجميع يتذكرها لكونها باتت جزءاً من تاريخ الكويت الحديث.
لقد عاشت الكويت منذ القدم في احضان الشورى اسرة واحدة متضامنة متكافلة متراحمة، وكان نظام الحكم واختيار الحاكم جزءاً من هذا النظام منذ عام 1170 هـ الموافق 1758م، عندما اختار الكويتيون الشيخ صباح بن جابر (صباح الاول) حاكماً لامارة الكويت، من خلال بيعة شارك فيها الجميع.. تجاراً وبسطاء حرفيين ومهنيين، حضراً وبادية.
هذا النظام الشوروي ظل ثابتاً ومستقراً في النظام السياسي لدولة الكويت. لا يقبل التأويل او التفسير، خاصة بعد ان التحمت من جديد ارادة الامة ممثلة بالسلطة والشعب في المادة الرابعة من دستور الكويت لعام 1962م، والتي تنص على الآتي: «الكويت امارة وراثية في ذرية المغفور له الشيخ مبارك الصباح، ويعين ولي العهد خلال سنة على الاكثر من تولية الامير. ويكون تعيينه بأمر اميري بناء على تزكية الامير ومبايعة من مجلس الامة، تتم في جلسة خاصة بموافقة اغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
وفي حال عدم التعيين على النحو السابق، يزكي الامير لولاية العهد ثلاثة على الاقل من ذرية آل الصباح فيبايع المجلس احدهم ولياً للعهد. ويشترط في ولي العهد ان يكون رشيداً عاقلاً، وابناً شرعياً لابوين مسلمين.
وينظم سائر الاحكام الخاصة بتوارث الامارة قانون خاص يصدر في خلال سنة من تاريخ العمل بهذا الدستور وتكون له صفة دستورية، فلا يجوز تعديله الا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور».
وقد حرص الدستور الكويتي ان يظل رئيس الدولة اباً لابناء الوطن جميعاً، وذلك حين نأى بالامير عن اي مساءلة سياسية وجعل ذاته مصونة لا تمس (مادة 54)، كما ابعد عنه مسببات التبعة وذلك بالنص على ان رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية من خلال وزرائه (مادة 55)، وهم المسؤولون عن الحكم امامه (مادة 58) وامام مجلس الامة (المادتان 101 و 102).
وعليه، فإنه من خلال هذه النصوص الدستورية، والقانون رقم (4) لسنة 1964م في شأن توارث الامارة، ونظام الشورى الذي عرفه الكويتيون، ولا يزالون متمسكين به، جاء اختيار الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح اميراً لدولة الكويت.
المبايعة ركن أساسي في نظام الحكم

في 21 ذو الحجة عام 1397هـ الموافق 31 ديسمبر عام 1977م بويع الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح اميرا لدولة الكويت اثر وفاة المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح، ليصبح الامير الثالث عشر في أسرة آل الصباح، وثالث امير لدولة الكويت منذ استقلالها.
وكان الشيخ جابر الاحمد، كما عرف عنه في الدوائر السياسية، وما كتب عنه في الصحافة العربية والعالمية، قد اعد اعدادا جيدا لتولي مهام عمله اميرا للبلاد. فقد كان مسؤولاً عن الامور المالية ومهتما بأمور التخطيط وشؤونهما منذ اواخر الخمسينيات، وولي عهد ورئيس وزراء نشط في العطاء والابداع، كان قريبا من قضايا الدولة والاحداث الجارية في المنطقة وفي العالم، وكان مشهودا له بحب العمل والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، والدقة في تناول القضايا.
وكان لهذه الصفات والمميزات وغيرها دور رائد في حركة الاصلاح والبناء التي شارك فيها بفاعلية منذ مطلع الاستقلال، فقد أرسى واقعا، وقواعد جديدة للدولة والمجتمع العصري، قائما على القانون والنظام والعمل ومؤسسات المجتمع المدني، وهذا ما سهّل لدولة الكويت الدخول الى المجتمع الدولي وهي تملك رصيدا كبيرا من مقومات المجتمع الحضاري:
وفي ذلك التاريخ، اي في 31 ديسمبر عام 1977م، ادلى رئيس مجلس الوزراء بالنيابة وزير الاعلام الشيخ جابر العلي السالم الصباح ببيان اعلن فيه»... باسم اخواني وابنائي واولادي من اسرة الصباح وايمانا بما يتمتع به حضرة صاحب السمو اميرنا ووالدنا المفدى الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح من حنكة ودراية ورؤية مستقبلية ثاقبة، ولما يكنه سموه لخير هذا البلد، ولما يشعر به من العاطفة الابوية التي يشمل بها كل ابنائه الكويتيين، ولتمسكه بكتاب الله وسنة رسوله، وتمثله بتراث الآباء والاجداد الذين ساروا عليه عبر ثلاثمائة سنة، في هذا البلد... بلد ذي ثلاثة اسوار، فاننا نعاهده بان نكون ابناء وجندا له مطيعين، عنه مفتدين... عاشت الكويت وعاش جابر»...
وعلى اثر هذا البيان قام ابناء الشعب الكويتي بمبايعة الشيخ جابر الاحمد اميرا للبلاد، وهو نهج وسيرة تعارف عليها ابناء الشعب الكويتي حكاما وشعبا، وهي سيرة عطرة وسنة حميدة حرص عليها الجميع، كواحدة من مبادىء نظام الشورى في الحكم، فالحاكم لا بد ان يحظى بقبول واختيار الجميع، سواء كان ذلك على مستوى الاسرة الحاكمة او على مستوى الشعب عامة، وان تاريخ الكويت يشهد منذ ان اختير صباح الاول حاكما للكويت بان نهج الشورى كان اساسا في اختياره، وظل هذا النهج وبقيت تلك المبادىء قائمة الى يومنا هذا، فالجميع ارتضاه منهجا ومبدأ وطنيا، وعمل بموجبه ولم يشذ عنه، وجاء دستور الكويت لعام 1962م. ليؤكد بوضوح في مادته الرابعة هذه المبادىء والاعراف التي جبل عليها اهل الكويت، وساروا على هداها.
وامام هذه الرغبة الشعبية الاجماعية، وكاجراء دستوري قام الشيخ جابر الاحمد بأداء اليمين الدستوري في اليوم التالي، وذلك في اجتماع عقده مجلس الوزراء في قصر المسيلة برئاسة رئيس مجلس الوزراء بالنيابة ووزير الاعلام الشيخ جابر العلي السالم الصباح، جاء فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم

«اقسم بالله العظيم ان احمي الدستور وقوانين الدولة، واذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، واصون استقلال الوطن وسلامة اراضيه».
ثم قدم رئيس الوزراء بالنيابة وزير الاعلام الشيخ جابر العلي اكبر الاعضاء سنا من الوزراء حمود يوسف النصف، وهو وزير الاشغال العامة آنذاك، ليلقي كلمة في هذه المناسبة، جاء فيها:
«... يا صاحب السمو لقد فقدنا اليوم ببالغ الحزن والاسى اميرنا ووالدنا وقائدنا صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح، تغمّده الله برحمته ورضوانه، وألهمنا الصبر والعزاء، لقد اراد خيرا للوطن فألهمه الله ان يختاركم وليا لعهده، وتكون محله عند القضاء المحتوم لتكملوا مسيرة كويتنا العزيزة نحو تقدم ورفعة البلاد، ونحن واثقون انكم تحملون الامانة بكفاءة ومقدرة، لتواصلوا العهد من اجل الكويت، داعين لكم بالتوفيق والنجاح»...
وفي الثاني من يناير عام 1978م وجه الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت كلمة الى الشعب الكويتي أبّن فيها المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح طيّب الله ثراه... ذاكرا صفاته الحميدة وحبه لأهل الكويت ومكانته في قلب كل مواطن... مشيرا الى الدور الرائد الذي بذله في بناء الكويت الحديثة... آخذا على نفسه الوعد بان يسير على خطاه في عملية البناء والتحديث.

وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني وابناء وطني،،،،
بقلوب مليئة بالحزن والأسى شيعنا والدنا البار، وقائدنا الحكيم، ورائد نهضتنا، فقيدنا العظيم المغفور له صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح الى مثواه الاخير.
لقد كان اميرنا الراحل والدا للجميع، احب الكويت واهلها حبا خالصا، وبادلته الحب والاخلاص، وكان وفيا لأمانيها وتطلعات شعبها، فبادلته الوفاء والولاء.
لقد كرّس كل حياته منذ صغره لخدمة هذا الوطن، وبقي يتحمل الاعباء والمسؤوليات على حساب راحته وصحته، وأدى واجبه كاملا حتى آخر لحظات حياته.
لقد كان لفقيدنا الكبير ـ رحمه الله وطيب ثراه ـ مكانة رفيعة ومقاما ساميا في قلب كل مواطن من ابناء هذا البلد الامين، ولدى كل من عرفه من ابناء العروبة والاسلام، ولا استطيع ان اعبر عن مشاعري بصورة اعمق مما عبر عنها شعبنا العزيز في وداعه لقائده واميره، فقد عبّرت الكويت بأسرها عما تكنه من مشاعر اصيلة لفقيدها العزيز ومقدرة في الوقت ذاته لاشقائها في العروبة والاسلام مشاركتهم لها في مصابها الجلل.

اخواني،،،
لقد بذل الامير الراحل كل جهده من اجل تقدم وازدهار ورفعة وطننا الحبيب، حتى وصلت الكويت في عهده الميمون الى ما وصلت اليه، من مكانة محمودة لدى الدول الشقيقة والصديقة كافة، واحتلت مكانها اللائق في المجال الدولي، وسوف نكمل المسيرة الخيرة التي اختطها فقيدنا الكبير، ونسير على خطاها لنحقق لوطننا مزيداً من الانجازات في مختلف المجالات. وسنبذل كل ما في وسعنا من جهد ووقت لتحقيق ما يصبو اليه شعبنا من امن وأمان.
وفي الختام، اتوجه بالشكر والتقدير الى ابناء شعبنا الكريم كافة، والى المقيمين في رحاب هذا الوطن العزيز كافة والى كل من شارك في مواساتنا بمصابنا الاليم من الدول الشقيقة والصديقة.

وفقنا الله جميعاً
وسدد على دروب الخير خطانا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

قديم 15-01-2006, 08:45 AM   رقم المشاركة : 10
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]لقد اعتاد الشيخ جابر الاحمد منذ توليه رئاسة الحكومة ان يطرح على الشعب الكويتي، ومؤسسات المجتمع المدني في الكويت وعلى رأسها مجلس الامة الكويتي، برنامج عمله المستقبلي. شارحاً امانيه وطموحاته وتطلعاته لجعل الكويت بلداً ومجتمعاً حضارياً، وواحة امن وأمان للجميع، ينعمون بخيراتها ويتفيأون ظلالها، ويشاركون في بنائها وطناً عزيزاً للجميع، تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
نقول، لقد اعتاد الشيخ جابر الاحمد ان تكون له مثل هذه الوقفة، فهي فرصة يتاح من خلالها للشعب الكويتي ان يراجع معه ما تم انجازه تمهيداً للانطلاق معه الى المستقبل. وكان عند عادته، فحين وجه خطاباً سياسياً الى الشعب الكويتي يوم 14 فبراير عام 1978م، بعد انتهاء فترة الحداد الرسمي لوفاة الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، اعلن فيه عن رؤيته المستقبلية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والادارية، والعسكرية. مؤكداً ان الديمقراطية ليست مجرد الاطار الشكلي البرلماني، بل هي مفهوم حقيقي وممارسة شعبية فعلية نابعة من تراثنا وتقاليدنا، وفي هذا الصدد يقول: «..... لقد عاش شعبنا على هذه الارض الطيبة على مر السنين، تجمع بيننا اواصر القربى والتراحم، وتشدنا عرى التكاتف والتكافل، وقد الف الله سبحانه بين قلوبنا، وكان امرنا دائماً شورى، حتى غدت الشورى صفة اساسية للحكم، حرصت اجيالنا المتعاقبة على التمسك بها. فالديقمراطية متأصلة في نفوسنا جميعاً ككويتيين منذ القدم، الديمقراطية الصحيحة لا تعني مجرد الاطار الشكلي البرلماني، ولكنها تعني المفهوم الحقيقي والممارسة الفعلية للديمقراطية. وسنظل حريصين على ترسيخ ديمقراطيتنا الاصيلة بالمشاركة الشعبية النابعة من تراثنا وتقاليدنا، والتي سنعمل على تطويرها وانضاج ممارستها تلبية لمتطلبات مجتمعنا الجديد في اطار قيمنا واخلاقنا ومبادىء ديننا الحنيف...».
ويمضي مستقياً العبر من انجازات الماضي، فيقول: «.... اننا اذ نذكر بالتقدير ما قام به الآباء والاجداد من اعمال وتضحيات، وما خلفوه لنا من منجزات، يجب علينا ان نواصل مسيرتهم ساعين لتحقيق الافضل والمزيد من التقدم والرقي لوطننا ومجتمعنا. وان ما نطمح اليه اليوم ونسعى لتحقيقه في المرحلة الجديدة من نهضتنا، هو بناء كويت المستقبل والمجتمع الافضل الذي تتعزز فيه منجزاتنا القائمة على الحق والعدل والاخاء والمساواة والعيش الكريم للجميع، والذي نعمل فيه جميعاً اسرة متحابة من ا جل خير الوطن ورفعته....».
لقد تحدث الشيخ جابر الاحمد في هذا الخطاب الجامع عن جملة من التحديات العصرية الكبيرة التي تواجه مسيرة الدولة والمجتمع. مشيراً الى ان الاوضاع الادارية في المؤسسات العامة للدولة تحتاج الى تحديث وتطوير على جميع المستويات... تنظيماً واسلوباً وافراداً، كي تستطيع ان تواكب متطلبات المرحلة، ومعطيات علم الادارة الحديثة وتقنيتها. وهنا يشير الى الاوضاع القائمة بالنقد الموضوعي، والتوجيه البناء، فيقول: «.... ان بناء كويت المستقبل هو التحدي الكبير الذي يجب على جيلنا ان ينهض لمواجهته، وينذر نفسه لتحقيقه، وعلينا من اجل ذلك ان نشرع في بناء الدولة الحديثة التي تأخذ بأسباب التقنية المتقدمة، والاسباب العصرية في مختلف مجالات الحياة. ولعل اول ما ينبغي البدء به تحديث الادارة العامة والجهاز الوظيفي للدولة، وتطبيق المقهوم الحقيقي للوظيفة العامة باعتبارها خدمة عامة، وان الموظف العام من رئيس الدولة الى اصغر موظف في اجهزتها انما هو خادم لهذا الشعب الذي اعطاه ثقته، فيجب ان يصون هذه الثقة بالنزاهة والجدية ورعاية مصالح المواطنين دون اي تقصير او محاباة، وفي الوقت ذاته ينبغي النظر بعين الاعتبار لتحسين اوضاع العاملين في مختلف اجهزة الدولة من مدنيين وعسكريين، كما ينبغي تطوير وتحسين المرافق والخدمات العامة في القطاعات كافة، وتعديل القوانين والانظمة بما يكفل حل مشاكل المواطنين في تعاملهم مع وزارات الدولة وادارتها...».
وعلى مستوى البناء الاقتصادي، والمشاركة الشعبية في بناء المجتمع، يدعو الشيخ جابر الاحمد باستمرار الى ضرورة الاخذ بسياسة الاعتدال في استغلال موارد الدولة، وحسن استثمار عائداتها، وحفظ حق الاجيال القادمة فيه، منوهاً بنشاط القطاع الخاص ودوره المشهود في تاريخ الكويت، متطلعاً الى دور اكبر لجامعة الكويت والمعاهد والمراكز العلمية ومؤسسات المجتمع المدني في بناء كويت المستقبل، الا ان وقفته امام بناء الانسان الكويتي كانت وقفة طويلة، حين يقول: «... ينبغي ان لا نغفل حقيقة اساسية، وهي ان افضل واحدث المعدات والاساليب التقنية لا يمكن ان تؤتي الثمرة المرجوة منها ان لم يقم عليها الانسان الكفء الجاد المخلص. لذلك فإن عملية بناء الدولة الحديثة يجب ان تواكبها عملية بناء الانسان الكويتي، واعداده لمواجهة تحديات العصر. وسوف يكون للشباب النصيب الاكبر من عنايتنا واهتمامنا فكويت الغد هي كويت الشباب رجالاً ونساء تنبض عروقها الفتية بدم الاشباب، وتنطلق الى المستقبل الزاهر بعزيمة الشباب وخطاه...».
ويمضي ناصحاً الشباب نصيحة الوالد الموجه، فيقول: «.... اننا نريد شبابنا ان ينشأوا على الكفاح والجد والخشونة، والبعد عن الترف وحب المظاهر، مقتدين بآبائهم في الطموح وشدة المراس، وعدم الاسترخاء او التواكل....».
ومن الشباب الى المواطنين عامة رسالة مماثلة حملها اليهم، يقول فيها: «نريد للمواطنين عامة ان يقدسوا العمل الشريف أيا كان نوعه، وان يقدروا قيمة الوقت ويكرسوه من أجل خدمة مجتمعنا.. نريد للمواطنين ان يحرصوا على المرافق والاموال والخدمات العامة، فلا يسرفوا في استهلاكها،. وان يتحلوا بروح الايجابية والتعاون مع جهود الدولة للصالح العام، وان يدركوا ان المعيار الحقيقي للمواطنة هو بمقدار الاسهام في خدمة الون، وتحقيق التوازن العادل بين الحقوق والواجبات وبين الاخذ والعطاء.».
ويعود من جديد ناصحا ابناء وطنه، شارحا لهم ما يجيش في فكره وتطلعاته المستقبلية، فيقول: «ان وطننا يتطلع اليوم الى جيل مؤمن بربه ووطنه، يعكف على التزود بالعلوم والمعرفة والتقنية، ويجمع بين الاخذ بأساليب العصر الحديثة والتمسك بديننا وقيمنا ومثلنا واخلاقنا ويسعى الى اثراء حضارتنا العربية والاسلامية العريقة بانتقاء الارفع والانفع من ثمار الحضارات الاخرى بغير خضوع او انقياد لها..».
وعلى المستوى السياسي جاء صوت الشيخ جابر الاحمد معبرا بصدق وقوة عن مواقف الكويت الداعمة لقضايا الامة وحقوقها، المتمسكة بعروبتها الملتزمة بمواصلةسياستها الخارجية، القائمة على ثوابت قوامها الحياد والوسطية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى، ومما يشير اليه في هذا الصدد أن: «الكويت المؤمنة بدينها وعروبتها، ستظل وفية وصادقة مع نفسها واشقائها، وستظل تكافح من أجل تعزيز التفاهم والتقارب ووحدة الكلمة، منتهجة سياستها المعروفة نفسها تحاه شقيقاتها الدول العربية، محترمة التزاماتها وتعهداتها، ساعية نحو علاقات الأخوة والثقة المتبادلة، متمسكة بقرارات القمة العربية، ومخلصة لشعب فلسطين ونضاله الوطني».
ويمضي مؤكدا: «وستواصل الكويت انتهاج سياستها الخارجية الثابتة ، وستظل تبنى علاقاتها مع سائر الدول على اساس التقدير والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، دون تمييز بين شرق وغرب، وبما يخدم مصالحنا الوطنية وقضايانا القومية».
وفي نهاي هذا الخطاب السياسي، توجه الشيخ جابر الاحمد الى ابناء شعبه حاملا اليهم ما يختلج في نفسه وفكره من نوازع الخير لوطنه.. طارحا امامهم تصوراته المستقبلية لكويت الغد.. داعيا الجميع للعمل يدا واحدة. بقوله: «لا يظن اي فرد منكم انه غير مسؤول، او ان المسؤولية يتحملها غيره، فكلنا اخوة متساوون، لا فرق بين كبير وصغير، غني وفقير الا بالحق وخدمة المواطن. وكلنا اخوة متحابون وابناء بلد واحد، ولا مكان للحسد او الحقد في نفوسنا، والكويت لنا جميعا، وعلينا جميعا مسؤولية بنائها، والذود عنها، ودفع عجلة التقدم والرقي فيها. ولكل واحد منا دوره وواجبه ومسؤوليته. وعلى جيلنا الحاضر مسؤولية جماعية خاصة، تفرضها تحديات عصرنا وطموحنا لان نجعل من الكويت مجتمعا حضاريا رائدا».
ويضيف مشجعا الارادة والهمم، فيقول: «هذا هو قدر جيلنا، وعلينا ان نرتفع الى مستواه.. نحمل عن طيب خاطر عبء المسؤولية التي سبقنا الى حملها الآباء والاجداد وننذر انفسنا للقيام بها خير قيام، ثم نسلمها حين يشاء الله لمن بعدنا. وحسبنا ان يقال عنا ـ حينئذ ـ أننا أدينا الامانة، وحافظنا على كويتنا الحبيبة، واضفنا لبنة الى صرحها العتيد..!».
وكان في قمة الصدق والايمان بارادة شعبه، حين وقف مناشدا: «انني ايها الاخوة اذ اتحدث اليكم هذا الحديث ادعوكم جميعا ان تعينوني بسواعدكم.. تعينوني بمشورتكم. تعينوني باقتراحاتكم. فنحن اقوياء بتكاتفنا.. اقوياء بتعاضدنا.. اقوياء برباط المحبة والتعاطف بيننا».
لقد أراد الشيخ جابر الاحمد من خلال هذا البيان التاريخي ان يقف على نبض الشارع الكويتي حول مجمل المشكلات المجتمعية، وبخاصة الاجتماعية منها والاقتصادية والاستئناس برأي قطاعات الشعب المختلفة ومؤسسات المجتمع حول خطط الدولة المقبلة، والتعرف على مرئياتهم بشأن التداعيات الحضارية التي صاحبت انتقال المجتمع من حالته البسيطة وعلاقاته الاولية الى دولة عصرية يسودها النظام والقانون.. انها صورة من صور الديمقراطية والمشاركة في تحمل مسؤولية بناء الوطن والمواطن.


«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa

مواضيع ذات صله المنـتدى العـام

سيــرة سيـــدي الشيــخ جابــر الأحمـــد الصبـــاح أميـــر البـــلاد رحمه الله



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أبيات للامام الشافعي رحمه الله اسااور منـتدى الشعـر وهمـس القـوافـي 1 06-04-2006 01:17 PM
صور الموكب وجنازة سموه رحمه الله albader قسم الصـــور العامـــه 9 21-01-2006 12:32 PM
تواقيع لسمو الامير رحمه الله ملاك الحب منتدى تصاميم وأبـداعات الأعضاء 10 21-01-2006 12:24 PM
شهادات بعض من عملوا مع سمو الأمير رحمه الله ملاك الحب المنـتدى العـام 6 15-01-2006 08:57 PM
سيــرة سيـــدي الشيــخ جابــر الأحمـــد الصبـــاح رحمه الله الذهبي المنـتدى العـام 4 15-01-2006 08:57 AM

الساعة الآن 07:32 AM
جميع الحقوق محفوظة لـ الشبكة الكويتية

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الشبكة الكويتية ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML