بسم الله الرحمن الرحيم>>
لا يختلف عوام الناس وأبواق المعارضة والمستفيدون من فساد المجتمع،على تحميل مسئولية هذا التدني الحاصل فى كل مناحي الحياة (سياسياً،اقتصادياً واجتماعياً0000 الخ) للحاكم،أو الطبقة الحاكمة إجمالا،غافلين أو مُتغافلين عن أن فساد الغير لا يعنى بالضرورة صلاحهم،فكم من ألسنة تدعى الإصلاح والتغيير للأفضل وما وجدناه فى يوم من الأيام ولا حتى فى عالم الأحلام ينتقد حزبه أو حركته،مع أن القلم يعجز عن إحصاء أخطائها،فى حق أبنائها فضلاً عن أخطائها فى حق مجتمعها،وكم من الذين يتغنون صباحاً ومساءاً بفساد الحاكم وما فكروا يوما ولو للحظة بإمكانية أن يكون الخطأ خطأهم والتقصير تقصيرهم0>>
نحن لا ننكر حجم الفساد الموجود فى الطبقة الحاكمة،ولكنه لا يقل كثيراً عن ذلك الموجود فى أحزاب المعارضة أو حتى بين أفراد الشعب،فلا داعي لأن نعيب على غيرنا ما فينا،إن هذا الفساد الذي عم وطم،الكل يدلى بدلوه فى وصفه وتشخيصه وبعضهم يصيب،والكل يدلى بدلوه أيضاً فى وصف العلاج وبعضهم يصيب أيضاُ،ولكنا إلى الآن لم نجد من وصف لنا طريقة تناول هذا الدواء000>>
*السني يقول:إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم00000>>
*الحزبي فى الحركات الإسلامية المُدعاة يقول:الشعوب على دين مُلوكها، وبصلاح الحاكم يصلح المجتمع0000>>
*العلماني يقول:لابد من فصل السلطات،وتفعيل الديمقراطية،والحكومة تتحمل مسئولية الفساد لعدم محاربتها له0000 >>
*الشيوعي يقول:لابد من حكم الشعب للشعب،ولا سلطة على الشعب والتمثيل تدجيل، كما قال "القذافى" فى الكتاب الأخضر0000>>
وأقربهم للحق بل هو الحق نفسه،ذلك القول السني لتعلقه بالسنن الإلهية والنواميس الكونية التي تحكم عجلة التأريخ،ومنه ننطلق توضيحاً للمبنى وتصحيحاً للمعنى فنقول(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم) وهذا القول يعتمد على مبان أربعة:>>
1-أنت المقصود بالحديث بمعنى كُلَ فرد مخاطب بذاته،مقصود بشخصه،فعلى كل من يريد التصحيح والتنقيح،أن يبدأ بنفسه وليستعرض سجله التاريخي بقسميه الإيجابي مع تفعيله،والسلبي مع الاعتراف به وتصحيحه ليكون حجة له لا عليه،ومثالاً على ذلك:ذاك الحزبي الذي يتغنى بقتاله ونضاله وجهاده،ما له يستثنى الحزب الآخر من المديح والثناء مع أنه لا يقل عنه كثيراً شرفاً ونضالاً إن لم يفوقه،أليس هذا دليلاً على تأليه النفس وتقديس الذات وتحقير الغير،وذاك الاشتراكي الذي يطن ويزن ويرن بأن الفرد وما يملك ملك الدولة ما له يتهرب من دفع الضرائب على أقل تقدير وبمثل بسيط يُوضح المقصود0>>
2-التأريخ لا يرحم أحداً،ما أن يموت الزعيم حتى تُكتب مذكراته فى دول العالم الغربي طبعاً،أما فى البلاد العربية فلا تُكتب إلا بعد فترة من الزمن لا تقل عن العشرين عاماً، وهذه المُذكرات إما أن تذكر محاسنه أو مساويه،ثم يتفرغ بعض النقاد والمعارضة لينتقدوا فيقوم أنصار الميت فيردوا على النقد،ثم يُرد على الرد وهكذا،إلى أن ينقسم الناس بين مُؤيد ومُعارض فتضيع الحقيقة ولا يبقى فى ذاكرة التأريخ إلا الفضائح والمخازى،ومثل ذلك الزعيم كل من رضى لنفسه أن يصبح قائداً ولو لثلاثة0>>
3-الجزاء من جنس العمل،وكما تدين تُدان،كم من الناس ظلموا الناس فسُلط عليهم من يظلمهم،وكم من الناس سرقوا الناس فسُلط عليهم من يسرقهم،وكم من بنى آدم قتل بنى آدم فسُلط عليه من يقتله،جزاءاً وفاقاً،والله لا يظلم أحداً، العراق كما احتل اُحتُل،وهتلر أراد أن يملك العالم فسُلب منه ما كان يملكه فرجع بخفي حُنين،ومثله نابليون والتأريخ يطفح بالأسماء0>>
4-الله لا يُنافق أحداً فلا تظن بتصدقك بعشرة دنانير أنك أصبحت عند ربك من المُقربين،ولا تظن بصلاتك وصيامك وحجك أنك أصبحت من أصحاب جنة نعيم،ولا تظن بقتالك أنك أصبحت من المجاهدين المُؤمنين،فى غزوة بدر الكبرى قتل المسلمون سبعين من صناديد قريش،وفى غزوة أحد هزم المسلمون وقتل المشركون سبعين من صناديد الإسلام،بمخالفة واحدة من الجنود الرماة لأمر قائد هم والله لا ينافق أحداً0>>
ولابد لنا إذا أردنا التغيير أن نتجنب أمور خمسة:->>
أولاً:ألا نبرأ أنفسنا ونلقى التبعية على غيرنا فلا نكثر من أنا فى المدح وهم فى الذم فلسنا نحن المؤمنين المجاهدين الصادقين وليسوا هم الكفار الفجار الظلمة،ولسنا النساك وهم الفساق0>>
ثانيا : ألا نضخم المشكلة بحيث نعجز عن تقديم الحلول المناسبة لها،بجعل المشكلة عامة والفساد أكثر من أن يُحصر وأكثر من أن يُشهر،ونحن قلة مُحاربون،ولن ننجح فى تغيير الواقع فالانحطاط حاصل فى كل شئ0>>
ثالثاً:-ألا نُسهل المشكلة بان نجعلها ليست مُشكلة،فننظر للجانب الإيجابي فيها،فما زال المجتمع مُتماسك وما زالت الأخلاق غالبة وما زال الدين بخير،والفساد ظاهرة طبيعية فى كل مُجتمع،تظهر كطفرات شاذة ثم تندثر فلا داعي لتوجيه الجهد فى مُحاربتها فهي تنتهي بتقادم العهد0>>
رابعاً:-ألا نُعطل المجهود اليومي باسم الانشغال بالأهم،فلا نكون ببغاوات تردد:وهل إذا صلينا سينهزم الأعداء أمامنا،وهل إذا أحببنا بعضنا ستنتهي مشاكل العالم،وهل وهل والدعوى لابد من الانشغال بالأهم بغير تحديد هذا (الأهم)0>>
خامساً:-ألا نحتج بأزمنة الفتن،وأن الزمان آخر الزمان،وأنَّا على مشارف القيامة،ولابد من اعتزال الناس،والموت ونحن عاضون على أصل شجرة،فالشر يملأ الدنيا،ثم تُساق الأدلة الشرعية الصحيحة الغير صريحة بتخصيصها بزماننا هذا0>>
أما آلية التغيير فتُؤسس على قواعد ستة:->>
أولاً:-القناعة بانحراف الواقع،فلا نخدع أنفسنا بصلاح الحال،وسلامة الجسد وان اعتراه بعض المرض،ولا نخدع أنفسنا بأن الشر مرحلة مؤقتة،والخير فى طريقه الينا0>>
لابد من الاعتراف بالخطأ حتى يتم لنا تصحيحه،فتشخيص المرض نصف علاجه0>>
ثانياً:-القناعة بتغيير الواقع بمعنى ضرورة تهيئ النفس بتفعيلها إيجابيا عن طريق البحث عن كوامن النفس خاصة المتمرد فيها،بوجوب التغيير بتصنيف الواقع على أنه خلية سرطانية فى جسد الأمة لابد من اجتثاثها0>>
ثالثاً:-القناعة بإمكانية تغيير هذا الواقع من مُنطلق فردى،فلا يعفى الفرد نفسه من تحمل مسئولية الجماعة،بإقناع نفسه:أنه فرد بسيط لا يستطيع التغيير؛بل الواجب على الفرد الاقتناع بحاجة المُجتمع إليه لتغيير هذا الواقع،فتتوجه تلك الجهود الفردية لإصلاح زاوية لا يمكن إصلاحها إلا به، وبذلك يكتمل عمل الترس فى الآلة مما يعنى توازناً فى العمل الكلى0>>
رابعاً:-ضرورة خلق القيادة القدوة،فالناس للفعل تبع أكثر منهم للقول، وتعلقهم بذات الشخص أكبر من تعلقهم بقوله،وهذا مما لا يخفى على عاقل والتأريخ خير شاهد على تشرذم الجنود وتفرقهم بعد موت قائدهم أو فراره من ساحة المعركة0>>
خامساً:-إعداد رجل العقيدة،ذلك الرجل الذي همه ما يحمل من أفكار فيُجهد نهاره ويُسهر ليله خدمةً لهذه الفكرة،إن عمل فلها وان قاتل فمن أجلها وان مات ففي سبيلها،يبذل ما فى وسعه وزيادة فى سبيل تحقيقها وإقناع الناس بها وشعاره((لا أسألكم عليه أجراً))0>>
سادساً:-ترتيب الأولويات بمعنى ضرورة مُناقشة القضايا الحاصلة،وتحديد المهم فالأهم وتصحيح الأكثر خطئاً مع عدم إغفال الخطأ البسيط،فتتوحد الجهود على الأهم والضروري،وان نشأ الاختلاف على الحد الفاصل بين المهم والأهم بحسب التضارب فى الأهداف والغايات العقلية فلابد من الاتفاق على خمسين بالمائة على الأقل يمكنا الانطلاق من خلالها على أنها الأهم أما المُهم فيُرجأ فيه الحديث إلى زمن آخر بعد تغيير ما لابد من تغييره،ولربما كان القضاء على ظاهرة يعنى القضاء على عدة ظواهر ارتبطت بها ارتباطاً خفياً من حيث لا ندرى،فقانون"لا أحد فوق القانون"وقانون"من أين لك هذا؟"يَحُل من الإشكاليات ما يستنفذ السنوات الطوال فى تحديده فضلاً عن علاجه0>>
وهذى النقاط لا تعنى بالضرورة التقيد بها لمن يريد التغيير،ولكنها مُحاولة وآلية تغيير تستلزم بطبيعتها البشرية التعديل إذا ما احتاجت إليه أو الإلغاء إذا عجزت عن تحقيق المنوط بها،ولن يضير ذلك قائلها فهو يسعى لتغيير الواقع السيئ وليس لنشر أفكار0>>
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين0>>
والسلام ختام0>>
03-01-2006, 09:52 AM
نقاش:حتى تغيروا ما بأنفسكم......؟؟
المواضيع المتشابهه
