د. خالد محمد باطرفي
متى "نبطّل" هذه العادة؟ اتفاقية منظمة التجارة العالمية على الأبواب ونحن لا نزال على طبعنا القديم لم نتغير. ندعو الناس ونؤكد عليهم ثم إذا شرفونا "طلّعنا" عينهم، وعاقبناهم على قبولهم دعوتنا.
مثال: نحن نعلن في كل منبر في الدنيا وكل مناسبة أن مرحبا وأهلا وسهلا بالاستثمار الأجنبي. "تعالوا يا رؤوس الأموال وستجدوا لدينا ما يسركم ويملأ جيوبكم ويشجعكم ويرضيكم. ثم يأتي من يأتي فنطوّح به بين جدران الإدارات المختلفة والتي تعمل بمعزل عن بعضها البعض وكأنها في حلبة تنافس لا أعضاء لجسد واحد. البلدية تطلب، والدفاع المدني يطالب، التجارة تشترط والمالية تتقاضى، وما بين بعض هذه الشروط والأنظمة وبعضها ما صنع الحداد. إذا قلت لطرف ولكن ما تطالبني به يتناقض وما تطالبني به دوائر أخرى، قال لك: وأنا مالي! نظامي كذا!
مثال آخر: الدعوة للسياحة الداخلية. نقول للمواطن والمقيم لا داعي للسفر للخارج، فلدينا الخضرة والماء والوجه البشوش. نقول لهم وفروا للبلاد عملتها الصعبة وأنفقوا فيها مدخراتكم لإجازة سعيدة. نقول لهم هذا الكلام في حملاتنا الدعائية والإعلامية، ثم إذا صدقونا و"ساحوا" داخليا صدمناهم بالغلاء والزحام وارتباك النظام والموانع ذات الخصوصية السعودية من "ممنوع دخول الشباب" إلى "ممنوع التصوير".
الحالة الثالثة الماثلة أمامنا منذ عقود أصعب. فنحن لا ندعو المقيمين فحسب، بل نذهب إلى بلدانهم لنتعاقد معهم للعمل عندنا. فإذا جئنا بهم تمننا عليهم، وبدا وكأننا نستغرب وجودهم، ونلومهم على كل شيء ونحملهم كل مشكلة من ارتفاع معدلات الجريمة إلى البطالة ومن تدني أخلاق المجتمع إلى انتشار الرذيلة والفساد. بل وحتى حصيلة عملهم نستكثر عليهم تحويلها لبلدانهم. هذا في الوقت الذي نمنعهم فيه من التملك والتجارة والاستثمار وحتى دخول سوق الخضار.
هذا التأنيب والتأليب على الضيف الذي دعوناه بأنفسنا يرتد علينا سمعة يصعب على الزمان محوها ويقلل من تعاطف الآخرين معنا. ومن يسافر إلى بلدان من نسيء معاملتهم يدرك حجم الضرر الذي تسببت هذه الظاهرة فيه.
أخلص من هذه الأمثلة إلى أننا ندعو الناس إلى بلادنا للاستثمار والسياحة والعمل، ثم نقلب لهم ظهر المجن وكأننا نقول لهم "ضحكنا عليكم .. عليكم واحد".
28-11-2005, 10:15 AM
my article
