البعض يعتقد أن نصف رجل أرحم من لقب "عانس"!
الشبكة"الكويتية" ديفـــــــــــــــــــــــــــــــل
رغم أن زواج الرجل من اثنتين وثلاث وأربع أمر مشروع أباحه الله سبحانه وتعالى، إلا أنه بات قضية شائكة في كثير من المجتمعات العربية، إلى درجة إقدام البعض على سن قانون بتجريمه!
هنا تبرز عدد من التساؤلات في مقدمتها دائمًا: لماذا يفكر الرجل في الزواج من امرأة أخرى؟ وهل يستحق "المحاكمة" أو "الامتهان" لذلك؟ في هذا التحقيق نبحث عن الجاني، والضحية، وحل يرضي جميع الأطراف!
كانت البداية مع الزوجة الأولى التي ترى أن إقدام زوجها على الزواج من أخرى، هو نهاية الحياة بالنسبة لها! تقول "منى أحمد، 34 عامًا: "عندما أخبرني زوجي بأنه سوف يتزوج بأخرى، ظننته يحاول جذب انتباهي إليه فقط! ولكنني وجدته يؤكد ما يقول بأنه أخبر عائلته بهذا الخبر! وعندما تأكدت من جديته، شعرت بالمهانة والذل من موقفه هذا, ومع ذلك حاولت معرفة أسبابه حتى أعلم ما إذا كنت ظالمة أو مظلومة, قبل أن أخطو أية خطوة، فمهما تكن مصيبتي بزواجه من أخرى، أنا أم لأربعة أطفال ليس لهم ذنب فيما سيحدث من تصدع فى كيان الأسرة. إلا أنه عندما تحدث وجدت كل أسبابه غير منطقية، وكان ذلك نفس رأي أسرته، حتى نجح شقيقه الأكبر فى إقناعه بالإقلاع عن الفكرة تمامًا، وأن الحل لا يكون بالهروب إلى الزوجة الثانية، وإنما بحل مشاكله معي. فتراجع فعلا، ولكن تفكيره بعقابي بهذه الطريقة جعلني أنتبه إلى كل صغيرة وكبيرة من تصرفاتي معه. ومع ذلك ما زلت أشعر بمرارة كلما أتذكر أن زوجي كان سيجلب لي (ضرة) مهما تكن أسبابه".
أين الوفاء؟
أما "ناهد محمد"، 40 عامًا، فخاضت التجربة حتى النهاية؛ حيث تقول: "لم يكن ينقصنا أي شيء، فقد تزوجنا عن حب، وعشنا حياة سعيدة لفترة طويلة، حتى ظهرت فى حياته فتاة كانت تتدرب فى المكتب الذي يعمل فيه محاميًا. كان يتحدث عنها بإعجاب شديد، فهي من وجهة نظره، شعلة من النشاط والحيوية والمرح تملأ المكان الذي تتواجد فيه بالبهجة والسعادة. للأسف شعرت أن زوجي بدأ يميل إليها، فهو يريد الصديقة والحبيبة والزوجة، ولكني لم أستطع أن أكون كل ذلك، بجانب كوني أمًا لثلاثة أطفال، لكل منهم احتياجاته. فقد زاد تعلقه بها، وأصبح يتأخر كثيرًا خارج المنزل, وعندما يصل يقضي كل وقته في التحدث عبر الهاتف، ويثور غاضبًا إذا اقتربت من هاتفه المحمول! فواجهته، مطالبة إياه بالكشف عما يخفيه عني، لم يصمد كثيرًا واعترف أنه متزوج بأخرى! وبالتأكيد كنت أعلم من هي هذه الأخرى! وعندما سألته عن سبب ذلك، وكيف هانت عليه عشرتنا، كانت محور إجاباته المراوغة أنه لا يستطيع الاستغناء عني، لأني أم أولاده، ويحفظ عشرتنا معًا! وفي قرارة نفسي ألقي باللوم على الفتاة التي لعبت على أوتار قلبه! وهو يعتبرنا الآن مكملتين لبعضنا البعض. وبعد تفكير مني، قلت لنفسي طالما أنه يعطي لكل منا حقها، فما العيب فى ذلك؟! كما أنه لم يخالف الشرع أو فعل ما يغضب الله!"
الأولى هي السبب!
نعمة سعيد، 42 عامًا، واحدة من نماذج الزوجة الثانية في حياة الرجل، بدأت حديثها بدفاع هجومي عن نفسها ومثيلاتها، قائلة: "أنا بريئة، ولا يجوز اتهامي بخراب بيت الرجل المتزوج الذي تزوجته، فزوجته الأولى هي السبب الرئيسي فى زواجه مني؛ لأنها عجزت عن تلبية رغباته واحتياجاته الزوجية والنفسية، بينما نجحت أنا في ذلك! ونجحت فى الموازنة بين دور الأم والزوجة وربة المنزل، وحرصت حتى اليوم على أن أظهر أمامه فى أفضل مظهر، والنتيجة أننى أصبحت زوجتة الأخيرة، رغم أننى أنجبت منه ستة أولاد، بخلاف أولاده من زوجتة السابقة!"
وترى "هايدي محمد"، 28 سنة، أن الزوجة الثانية مظلومة على طول الخط وينظر إليها الجميع بنظرة شك وارتياب، متسائلين عن كيفية قبولها بأن تكون الثانية وتحظى بنصف رجل باختيارها! ولا ينظرون إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع فى الفترة الأخيرة، وتدفع الفتاة إلى القبول بذلك الوضع بدلا من لقب "عانس"!
وتضيف: "قبلت الزواج برجل متزوج، وأنا أعلم أنه لن يكون لي وحدي؛ لأنه مرتبط بأسرته. ولكنه، كما يحدث مع كثير من الرجال، يعاني من عدم تطوير زوجته الأولى لنفسها، فيبحث عن أخرى! حقًّا واجهت اعتراضًا من كل من حولي، من الأهل والأصدقاء، ولكني صمدت، وكثيرًا ما سمعت عبارات جارحة عن الفتاة التي تقبل أن تكون زوجة ثانية، ولا أدري لماذا كل ذلك؟ هل لأني لم أجد شابًّا مناسبًا لم يسبق له الزواج يتقدم لي إلى الآن؟ هل لأني قبلت بنصف رجل حتى أصون نفسي وأعفها عن الحرام فى عصر كثرت فية الفتن؟ لا أعلم جريمتي التي يعاقبني عليها المجتمع والناس؟ حقًّا لقد أخذت من أخرى زوجها، ولكن بما حلله الله، ولو تفهمت كل منا دورها الذي تلعبه فى الحياة الجديدة، فلن يكون هناك مشاكل. وأنصح كل سيدة أن تقتدي بأمهات المؤمنين فى أفعالهن، لأنهن القدوة، ومع ذلك لم تحظَ واحدة منهن بزوج واحد لها فقط، وكن راضيات قانعات طائعات لربهن".
رأي الأزواج
أما الأزواج فهم يرون أيضًا أنهم "ضحية" الزوجة الأولى! فيؤكد "محمد شعيب"، 35 سنة، أن وراء كل رجل يحاول الزواج للمرة الثانية زوجة لا تشعر بوجوده في حياتها، سواء لانشغالها بعملها وتحقيق طموحها، أو بأعمال البيت ومتطلبات الأولاد، عبر روتين يومي، يخلو من حقوق الزوج! ويقول: "هذا ما دفعني للبحث عن راحتي، وعما لم أجده في زوجتي، من خلال ما أحله الله. ونزل القرار كالصاعقة على زوجتي، وبدلا من إصلاح عيوبها، حاولت إقناعي بأن كل النساء سواء، وأن ما لا أجده عندها لن أجده عند غيرها، وإن وجد فهو مؤقت وزائل! وهذا ما دفعني إلى التصميم على الزواج من أخرى، حتى أثبت لها خطأ تصورها!"
أما حسن عبدالله، فكانت له أسباب خاصة للزواج من الثانية، وهي مرض زوجته، والتي حال مرضها دون القيام بواجباتها الزوجية, فيقول: "من حسن حظي أن زوجتي الأولى كانت إنسانة متفهمة". بينما تقول زوجته الأولى: "تقبلت الوضع على الرغم من أنه آلمني، ولكني تفهمت وجهة نظره في استخدام الرخصة التي أعطاها الله له، كي لا تدفعه رغباته فى تجاوز حدود الله. فلماذا يقع فيما يغضب الله من أجل إرضائي؟ عندي موانع صحية تمنعني من الالتقاء معه، وهذه إرادة الله. ورغم ذلك فإن علاقتنا لم تتأثر في ظل حرص زوجي على العدل بيني وبين زوجته الجديدة. ومع مرور الوقت أصبحنا أصدقاء".
ليس ترفا
وعن رأي علم الاجتماع يوضح د. أحمد خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن ارتباط الزوج بامرأة أخرى، يعود بالدرجة الأولى إلى زوجته الأولى؛ حيث لا يجد الزوج راحته النفسية الكاملة غالبًا، نتيجة عدم تكيف هذه الزوجة معه في حياة مشتركة، رغم أن الاستقرار والسعادة في المنزل مسؤلية الزوجة. ويضيف: "لا يجوز اعتبار الزواج للمرة الثانية نوعًا من أنواع الترف كما يصفه البعض، إلا في حالات قليلة جدًّا، حيث يلعب العامل النفسي دورًا مهمًّا، فمعظم الرجال يحب التغيير، خصوصًا إذا كان غير قادر على تغيير سلبيات زوجته الأولى. كما أن تعدد الزوجات مباح شرعًا، وإن كانت تبقى مشكلة العدل بين الزوجات، كما أمرنا الله، تعد مسألة شديدة الصعوبة. وفى كل الأحوال فإن الزواج الثاني يعني مسئولية أكبر، وكثير ممن تزوجوا من امرأة أخرى، فشلوا في زواجهم سواءً الأول أو الثاني، لأنه لم يتحقق ما كانوا يتوقعونه من مثل هذا الزواج. والضحية في النهاية هم الأولاد! لذا فمن الضروري، سواء عند الزواج الأول أو الثاني، التأكد من الاختيار الجيد وأن يكون على قناعة كاملة به".
وعن سبب قبول فتاة اليوم للضرة أو أن تكون زوجة ثانية، أشار خضر إلى أنه أمر خاضع للمتغيرات الاجتماعية، من زيادة نسبة العنوسة، وغلاء المعيشة، الذي يجبر الزوجة على قبول الضرة من أجل الحفاظ على كيان البيت ونفسية الأولاد. ولو طلبت الطلاق فلن تجد من تعتمد عليه ويتكفل بها وبأبنائها ماديًّا ومعنويًّا. فتكون النتيجة القبول من قبل الطرفين خوفًا من خراب البيت للأولى، والعنوسة ونظرة المجتمع التي لا ترحم للثانية.
نصائح ذهبية!
ومن جانبها تنصح د. ليلى عبد الوهاب، أستاذ الصحة النفسية، التي تتفق مع الرأي السابق، بأن تكون الزوجة في حالة تجدد مستمر, إذا كانت تخشى شبح الزوجة الثانية. كما يجب عليها أن تفرق بين دور الأم الذي تلعبه مع أبنائها، ودور الزوجة مع زوجها. وأن تضع في اعتبارها أن المغريات أمام كل زوج أصبحت كثيرة في الوقت الراهن، بحيث تدفع الزوج إلى المقارنة باستمرار بين مظهر زوجتة وسلوكها وبين ما يراه خارج المنزل, وهى المقارنة التي ستكون في غير صالح الزوجة، إذا تمسكت بنموذج الزوجة الأم الذي تربت عليه في منزل أسرتها! وفي النهاية تقول: "تستطيع الزوجة تجنب كل هذا لو استخدمت ذكاءها وفطنتها كأنثى وجعلت هناك موازنة بين جميع أدوارها في منزلها، بحيث لا يطغى دور على الآخر".
الصدمة
بينما ركزت د. سامية الجندي، أستاذة علم النفس، حديثها على الأثر النفسي للزواج الثاني، الذي يصيب الزوجة الأولى بكثير من الأمراض النفسية، نتيجة هذه الصدمة التي تصيبهن غالبًا بالقهر والاكتئاب، وصولا إلى بعض الحالات التي تصل إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو الجلطة! وتابعت قائلة: "يجب على الزوج اتخاذ الخطوات اللازمة قبل الزواج الثاني، والتي تتمثل في الجلوس مع زوجته الأولى، وإخبارها عن رغبته في الزواج، وأسبابه التي دفعته إلى ذلك. وعليه أن يجيب على كل الأسئلة التي قد تطرحها عليه؛ لأن ذلك من حقها، بالإضافة إلى منحها حرية اختيار شكل العلاقة المستقبلية معه. فإما أن ترضى بزواجه وتبقى معه، أو ترفض وتطلب الطلاق، على أن يراعي الجميع مصير الأولاد، حتى لا يكونوا ضحية هذا الزواج".
سلبيات!
وعن رأي الدين، أوضح الشيخ خيري السباعي، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن تعدد الزوجات أباحه الله من فوق سبع سموات، بشرط العدل، بالإضافة إلى المقدرة المالية والصحية، مشيرًا إلى أن التعدد له إيجابيات تتمثل في القضاء على العنوسة، أو تقليل نسبتها، والحد من الزنا وانتشار التحلل الأخلاقي، فضلاً عن التكاثر في النسل. كما أنه لا يخلو من السلبيات أيضًا، مثل إهمال الأبناء المترتب على كثرة مشاكل الزواج الثاني، فيتعرض الأبناء للانحراف، وقد يتأخرون دراسيًّا. أو التفريق في المعاملة بين الأبناء استنادًا إلى التفرقة الخاطئة بين الزوجات. ويضيف قائلا: "إن مدى قابلية المرأة للزوجة الثانية، يتوقف على ثقافتها الدينية، لكن الغيرة قد تطغى أحيانًا، خصوصًا أن الغيرة أمر فطري، فقد كانت عائشة (رضي الله عنها) تقول: "كنت أغار من خديجة (رضي الله عنها)، رغم أنها ميتة، حين يذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم أمامي".
لا للمتعة!
ويرفض الشيخ فتحي ناصر، تعدد الزوجات إذا كان على طريقة "شهريار" المعروفة، بل ويؤكد أنه لا يجوز شرعًا أن يكون التعدد من أجل المتعة فقط! لأن الله لم يعطِ هذه الرخصة للرجل إلا لأسباب جليلة وراقية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يتزوج إلا الأرامل، حتى يقوم بهم وبأولادهم، وليس للمتعة. ويقول: "تعدد الزوجات هدف إنساني سامٍ، وليس لغاية شهوانية، فالحكمة الإلهية منه هي دفع الشر وجلب الخير، وليس تدمير الأسر وتقويض سعادتها، وزرع الغيرة أو التحيز للأجمل, فيذر الأخرى كالمعلقة، فلا هي متزوجة ولا هي مطلقة. كما يزرع التمايز والعداوة والبغضاء بين الأخوة من أم لإخوتهم من أم أخرى، وتذهب السعادة. ولذلك أمر سبحانه بالعدل، وجعله شرطًا هامًّا".
27-05-2005, 11:03 PM
المواضيع المتشابهه
