عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-01-2006, 08:07 PM
الصورة الرمزية Nathyaa
Nathyaa Nathyaa غير متصل
من المؤسسين
 





Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز
مكـــــــــان للكــــــــــبار

[frame="8 80"]مكـــــان الكبـــار




علي في العاشرة من عمره ، يعيش مع أمه و أبيه و جده في

منزل كبير حياة سعيدة هنيئة ، كان صبيا مجتهدا في دراسته

محبا لأسرته ، مطيعا للكبار ، حريصا على الصلاة في أوقاتها ،

وكان يحب جده العجوز كثيرا و يقضي معه معظم وقته ، يتجاذبان

أطراف الحديث و يتسامران و يتضاحكان



في أحد الأيام بعد أن انتهى علي واجباته المنزلية وأنهى

جميع ما عليه من دروس ، ذهب كعادته إلى غرفة جده و سلم

عليه و جلس معه يحدثه عما تعلمه في المدرسة من أمور



دخل والد علي على والده و ابنه الدار و ألقى التحية عليهما ثم

جلس نائيا و التزم الصمت لبرهة قصيرة و كأن أمرا ما يشغل باله




سأله أبوه برفق

:
ما بك يا ولدي تبدو منشغل البال .. هل هناك ماتود أن تخبرني به ؟ -


رد أبو علي : الحقيقة يا أبي أنني أراك وحيدا طوال الوقت .. و

أخشى أن تسبب لك هذه العزلة الحزن و الاكتئاب فلماذا لا

تحاول أن تكون بعض الصداقات مع غيرك ؟




استغرب كلا من الجد و علي من هذا السؤال ، فهذه هي المرة

الأولى التي يطرح فيها هذا الموضوع



قال الجد : ماذا تحاول أن تقول يا بني ؟



رد أبو علي : لقد أخبرني أصحابي عن دار يجتمع فيها الكثير من

الشيوخ و الرجال للسمر و تكوين الصداقات و الترويح عن النفس

بالأحاديث اللطيفة .. فما رأيك لو ذهبنا غدا إلى هناك ؟



بدا الأمر لعلي غريبا مثيرا للشك ، فهو لم يسمع بهذه الدار من قبل

إلا أن جده أبدى حماسة شديدة لهذا الأمر الذي بدا لهو مشوقا و مثيرا




قال الجد و الحماسة تلمع في عينيه : خذني إليها غدا يا ولدي إن استطعت



ابتسم أبو علي ابتسامة غريبة و قال : حسنا .. ليكن



و لكن علي .. ما زال مرتابا بخصوص هذه الدار ..

فماذا يكون سرها يا ترى ؟



قال على لأبيه : هل تأذن لي بمرافقتكم يا أبي ؟


تجهم وجه الأب و قال : لا يمكنك أن تأتي معنا ، الأفضل أن تباشر

دروسك ..



تدخل الجد بمرح كعادته قائلا : يمكنك أن تأتي معنا يا صغيري إذا

أنهيت دروسك باكرا


و هكذا كان .. حرص علي على أن ينهي واجباته و دروسه بسرعة

و عندما حان موعد الانطلاق كان أكثرهم استعدادا و فضولا لكسف

سر " الدار " التي تحدث عنها والده



و ركب ثلاثتهم السيارة و انطلقوا في طريقهم ، كان الجد منتشيا

مسرورا ، و كان علي متوجسا متشككا يكاد الفضول يقتله ، في

حين كان الأب – و يا للعجب – متوترا عصبيا منزعجا


ترى ما السبب ؟



كانت الطريق التي سلكتها السيارة طويلة جدا ، و لكنهم وصلوا أخيرا ..



و فعلا ، رأى علي الدار التي تحدث عنها والده ، و كان فيها الكثير

من الشيوخ و العجائز الذين سرعان ما وجد الجد مكانا بينهم ،

و كانت هناك لائحة كبيرة معلقة على باب الدار كتب عليها بخط أسود عريض

(( دار العجزة و المسنين ))



دهش علي مما رآه ، هل كان والده يقصد التخلص من الجد

العجوز بنقله إلى دار العجزة ؟ هل يعقل ذلك ؟


لماذا يتخلى الإبن عن أبيه الذي لم يتخلى عنه قط ؟



تساؤلات حائرة ثارت في عقل علي الذي تملكه القلق الشديد

والخوف على جده المسكين ، أما بالنسبة للأب فما إن رأى أن الجد

قد استقر في مكانه و انغمس في الحديث مع غيره حتى شد

علي من يده و غادر الدار




أدرك علي أن والده يريد التخلص من الجد العجوز و سرعان ما

فكر بطريقة ذكية لإنقاذ جده .. و لكن الوقت لا يسعفه ، فسرعان

ما انطلقت السيارة به و بوالده تشق طريقها قافلة إلى المنزل



كان الأب متوترا و كأنه يتحاشى خوض حديث مع ابنه الذي بادر و سأله

:


أبي .. أين جدي ؟ -


تركناه في الدار -


لماذا ؟ -


لأنها مكان الكبار -




لزم علي الصمت لبرهة ثم قال : أبي .. ما اسم هذا الشارع ؟


رد الأب بضجر : شارع السعادة



و ما اسم هذه المنطقة ؟ -


منطقة الشهيد -


و ما اسم000 -



قاطعه ابوه بحدة وضجر و صرخ فيه : أما من نهاية لهذه الأسئلة

المزعجة ! لماذا تسأل عن هذه الأمور ؟


رد علي بهدوء : أريد أن أسأل عن العنوان حتى أحضرك إلى هنا

عندما تكبر كما أحضرت جدي

أولم تقل بأن هذا مكان الكبار ؟





أصيب الأب بذهول مفرط حتى أنه عجز عن قيادة السيارة و أوقفها

جانب الطريق و راح يحدق في ابنه بدهشة و بلسان معقود لا

يدري ماذا يقول


و فوجئ علي بأبيه يغطي وجهه بكفيه و يبكي ندما و هو يردد

" سامحني يا أبي "

" سامحني يا أبي "


جزع علي من بكاء أبيه و لكنه أدرك أنه ندم على تخليه عن أبيه

في كبره و إلقائه في دار العجزة ، وضع علي يده على كتف أبيه

وقال : أبي .. أرجوك .. لنعد إلى جدي و نأخذه معنا إلى البيت






وقد كان




**********



قال الله سبحانه وتعالى



وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )

إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل

لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض

لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِّ ارحمهما كما

( ربياني صغيرا
[/frame]

 

 

توقيع : Nathyaa

Nathyaa