[align=center]
وبداية احب ان انوه بان تم جمع المعلومات والبيانات من تحاليل سياسية وصحفية وكتب تحدثت كثيرا عن الموضوع .
أولا : من المستفيد من الوضع الدولى المتلاحق بعد هجمات 11 سبتمبر ؟
فلنحاول في البداية أن نفهم من استفاد على المستوى السياسي من الوضع الدولي المتلاحق من أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، ولنلاحظ بهذا الخصوص عدة تطورات أساسية بالنسبة للتوازنات الإستراتيجية في العالم:
أولا- لقد وضعت أميركا قدمها في أفغانستان -أحد محاور آسيا الوسطى- فأعطت بذلك لنفسها وسائل الإشراف على طرق النفط المستقبلية التي تربط بين بحر قزوين وآسيا الشرقية وخاصة الصين.
ثانيا- إن أميركا بحربها على العراق من أجل إقامة نظام موال لها في بغداد، فالعراق -"الدولة الوقحة" حسب الاصطلاح الأميركي- مرتبط "بالإرهاب الدولي". ولعدم وجود أدلة حول انتشار الأسلحة النووية والكيماوية والجرثومية، وقد ربطت واشنطن بشكل صريح بين تنظيم القاعدة وصدام حسين . وتمكننا المراهنة فيما يتعلق بالعدو غير المرئي على أن تنظيم القاعدة سيكون مفيدا لواشنطن في إستراتيجيتها ضد العراق، فهل من أحد اليوم يتساءل عن دوافع هجوم أميركا على العراق إلا من منطلق الخطاب الرسمي الأميركي الجاعل من العراق شيطانا؟ لنفترض أن العراق ومن بعده إيران أصبحا منضويين في فلك أميركا.. إن معنى هذا أن أغلب بترول العالم (الخليج، العراق، إيران، بحر قزوين، أميركا) سيصبح تحت النفوذ الإستراتيجي الأميركي، وهذا يعني أن واشنطن ستسيطر على المضخة التي تغذي النمو الاقتصادي للدول البارزة بدءا بالصين، ذلك العملاق الذي تتأكد قوته سنة بعد سنة وسيهدد بعد 20 عاما من الآن الهيمنة الأميركية على العالم.
ثالثا- في الوقت الذي تتكون فيه أوروبا وتحاول أن تتقوى -خاصة أن بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا تدافع عن فكرة "أوروبا قوية" ومستقلة عن الرابط الأطلسي- فإن وضع "الإرهاب الدولي" يقوي وزن الولايات المتحدة على حساب الاتحاد الأوروبي. فالولايات المتحدة كانت خلال الحرب الباردة تصنف حركة عدم الانحياز على أنها حليف موضوعي للسوفيات، وبعد 11 سبتمبر/ أيلول صرح السيد بوش بوضوح أن واشنطن لن تحتمل أي عدم انحياز في الحرب ضد الإرهاب، وهذا يعني أن أي دولة أوروبية لا تسير خلف أميركا سوف تتهم بمساندة الإرهاب الدولي. ولم تبلغ التبعية الأوروبية للسياسة الأميركية مثل هذا الحد باستثناء فرنسا التي تحاول -وبميوعة شديدة من وجهة نظرنا- أن تنأى قليلا عن المجموعة الغربية، فمعظم الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وإيطاليا تبارك الخيارات الأميركية، وها هو الاتحاد الأوروبي يفسح المجال لإسرائيل لخرق القانون الدولي وحقوق الإنسان، ولا نراه يقدم أي ثقل موازن وقوي لالتزام واشنطن الأحادي تجاه الملف الأميركي الإسرائيلي. كيف يتسنى للأوروبيين أن يتركوا لجنة التحقيق حول جرائم جنين تنتحر؟ وكيف يمكنهم أيضا أن يقيموا علاقات دبلوماسية واقتصادية مع دولة تفوق جرائمها عشرات المرات جرائم قادة دول موضوعة تحت الحصار مثل العراق أو يوغسلافيا؟ وكيف يمكن أن تستغرب الدول الأوروبية إذا لم تحظ خطاباتها حول القانون الدولي وحقوق الشعوب وحقوق الإنسان بمصداقية لدى دول الجنوب؟
رابعا- إن تقاربا تاريخيا بين أميركا وروسيا بدأ يتكون، ومن مظاهره الاتفاق الأخير بين واشنطن وموسكو حول تقليص عدد الرؤوس النووية. فأميركا بدأت تتقدم نحو حلمها الجيوسياسي: إنشاء كتلة أوروبية روسية أميركية تحت قيادة إستراتيجية أميركية. والفكرة هي الحيلولة من جهة دون تكوين "أوروبا قوية" ومستقلة، ومن جهة أخرى مواجهة بروز الصين التي ستكون أكبر ند لهذه القطبية الجديدة في القرن الواحد والعشرين. وتمثل إسرائيل في هذا الحلم الإستراتيجي الذي يشجعه مناصرو "الصدام الحضاري" من أمثال صموئيل هنتنغتن، رأس حربة تحالف يهودي مسيحي منظم وموجه ضد مجتمع إسلامي محروم من التنمية. وهذا المشروع الإستراتيجي غير عادل ليس لكونه يحرم شعوبا إسلامية وآسيوية عديدة من التنمية فحسب، وإنما لأنه خطير على التوازن الكوني كما هو جلي.
خامسا- منذ 11 سبتمبر/ أيلول وإسرائيل تستفيد من الأوضاع الراهنة في سعيها لطمس الهوية الفلسطينية في إطار مشروع الحرب الحضارية ضد الإسلاميين. فالصهيونية -سواء كانت صهيونية الحكومة اليمينية أو اليسارية، إذ ينبغي أن لا ننسى أن مجزرة قانا في لبنان كانت في عهد حكومة عمالية- لم تقبل قط بتقسيم الأرض ولا الماء الذي لا يمكن الاستغناء عنه. ومشروع عرفات لإنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لم يقبل قط لأنه يلغي مشروع "إسرائيل الكبرى"، إذ لم تكن إسرائيل بحدودها سنة 1948 -في أذهان الصهاينة- سوى مشروع دولة أي دولة جنينية أو مجرد نواة لدولة يراد لها أن تتمدد. كما أن استمرارية السياسة الإسرائيلية لا تعني سوى التوسع الميداني عبر احتلال الأراضي واستيطانها.[/align]