[frame="1 80"] الحمد لله الذي سجد كل شيء لقدرته، وخضع كل شيء لعظمته والصلاة والسلام على المبعوث للعالمين رحمة، وللمؤمنين هداية صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته رضي الله عنهم وارضاهم ومَن سار من المؤمنين على نهجهم، واقتدى بهديهم، وبعد: فعند سماع كلمة (السجود) يتبادر إلى الذهن: تلك الهيئة الخاصة التي يفعلها المصلي بوضع الأعظم السبعة على الأرض، (الجبهة والأنف، واليدين والركبتين، ورؤوس أصابع القدمين) فهل هذا فقط هو معنى السجود في المفهوم الإسلامي؟ أم إن للسجود معاني أخرى؟ ومدلولات أعمق من الشكل الخارجي الظاهري للسجود في الصلاة؟. ولعل أكبر دليل على عمق معنى السجود، وقيمة مضمونه وليس فقط في صورته وشكله، تلك الحادثة التي قَصَّها القرآن الكريم في أكثر من موضع تُبَيِّن في جملة ما تشير إليه الآيات إلى ما ينبغي التنبه إليه من المعاني المتصلة بالسجود، بمعنى الخضوع لله، والاستجابة لأوامره تلك هي حادثة أمر الله عز وجل بالسجود لآدم. قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ {[البقرة:34]. وقال : }وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ(28)فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ(29) { [الحجر:28-29]. وقال الله تبارك وتعالى: } وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا {الإسراء:61]. وقال الله جلَّ جلاله: ]} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ { [الكهف:50]. وقالI: } وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَ إِبْلِيسَ أَبَى { [طه:116]. فيدركون أن كثرة السجود تعني سرعة الاستجابة للأوامر الله، وحب الخضوع يعني المبادرة إلى تلبية نداءات الله تعالى.لقد كان سعيد بن جبير يقول: [ما آسى على شيء من الدنيا إلا على السجود]. أما علي بن عبد الله بن عباس فقد كانوا يسمونه ( السَّجَّاد )؛ لكثرة سجوده بمعنى استجابته وخضوعه، وليس فقط كثرة حركة الانحناء.وفي وصف الله عز وجل عباده المخلصين الملتفين حول رسوله محمد صلى اله عليه وسلم في حال حياته، والمتبعين لمبادئه بعد وفاته، يقول تعالى سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29 . إنه النور الذي يشرق على جباههم، لسجودهم لله، واستجابتهم لأوامره، وخضوعهم لنداءاته، واحتكامهم لشريعته الغراءلذا فتكرارنا للسجود بين يدي الله عز وجل مرتين ما هو الا تأكيد نا لسرعة الاستجابة لاوامر الله تعالى وحب الخضوع له وتلبية نداؤه جعلنا الله واياكم من الساجدين المطيعين المنفذين لاوامره المبتعدين عن نواهيه [/frame]
Nathyaa