(( الحلقة الثالثة ))
(( احتفال تتراقص عليه أدخنه الجن ))
استرخيت قليلاً على الأريكة وبداخلي نيران تخنقني . لماذا انتهت المكالمة بهذه الطريقة. اعترف أنها المرة الأولى التي أتحدث فيها مع فتاه ولكن لم أخطئ عندما حاولت التملص من حروفها لقد زرع في أعماقي زفيرها المسموع بمللها مني ومن طريقتي في الكلام الألم والأسى ،
قطع حبل أفكاري بها صوت رنين هاتفي المحمول ،
انظر للهاتف انه منزلنا .. (( غريبة ))
أنها أمي تبكي وتصرخ أسرع يا خالد أختك شهد وقعت من السلم وفمها ينزف,
رياض يسألني ماذا جرى ؟؟
لا شيء لا شيء يا رياض ســ اهاتفك هذا اليوم مع السلامة ,,
خرجت مسرعاً أتخبط بكتوف المارة ركبت سيارتي . صريخ إطارات سيارتي المسرعة بالشارع انذر الجميع أن هناك مركبه قادمة بسرعة جنونية, قائدها محملاً بأثقال دموع البشر,,
شهد ياشهد ,,
لم أعي بنفسي وأنا أقود سيارتي بجنون .. وأتملص من بين السيارات أريد أن أصل بسرعة كانت صوره شهد تلمع أمامي لم أكترث لصراخ الناس ونظراتهم لي ولا حتى لإشارات المرور,
وصلت لمنزلنا فتحت باب سيارتي .. وخرجت مسرعاً
فتحت باب المنزل .. ودخلت اصرخ,,
أمي ....... أمي ... أين انتم ؟؟
اصرخ ويرد الصدى صوتي لي مره أخرى جن جنوني
أين ذهبوا ؟؟
شهد . لا أحد بالمنزل ..
خرجت للشارع وقدماي لا تكاد تحملني ،
لولا وجود حارس منزل جارنا واقفاً وهو يشاهدني في حاله غريبة . أتاني مهرولاً
وهو يقول لقد ذهب اهلك مع السائق قبل دقائق للمستشفى العام لعلاج أختك الصغرى
تركته يكمل حديثه وركبت سيارتي وأسرعت للمستشفى دخلت الطوارئ
وجدت شهد على سرير أبيض وأمي بجانبها وأختي عهد معهم ،
توقفت أتأمل وجه شهد ،
الحمد لله يارب رضوض بسيطة سوف تتلاشى قريباً
هدأت العاصفة الجنونية بداخلي . أمسكت بيدها قائلاً كم أنتي متعبة يا صغيرتي .. لماذا صعدتِ السلم ..
تعض شفتها المجروحة وتبكي وتتأسف ضممتها لصدري بحنان وقبلت جبينها لا تخافي صغيرتي لا تخافي .
نظرت إلى أمي مبتسماً.
لم اعلم ياأمي إني أحبها لدرجه الجنون هذه فكنت سوف أموت في حادث مروري لسرعتي الجنونية
بكت أمي ألا يكفي أختك أتريد أن تفجعني بك أنت أيضا .
أمسكت بيدها وقبلتها . لا تخافي يا أمي أنا هنا معك الآن,
خرجنا كلنا من المستشفى العام متجهين لمنزلنا قررت المكوث في منزلنا هذه الليلة بجوار شهد آخر عنقود المنزل ،
أعدت أمي وعهد وجبه عشاء شهية وأنا مع شهد في غرفتها ،
نصنع منزلاً كبير من مكعباتها .. ونزينه ونرتبه فينهار المنزل كله فتنظر لي وتضحك ... ما اجمل ضحكتها الطفولية البريئة ،
اضحك معها .. واحملها على ظهري وأدور بها أرجاء المنزل ..
فتصرخ أمي انزلها أخاف أن تقع مره أخرى . اهمس لها اتركيها ياأمي ولا تخافي أني ممسك بها جيداً
ثواني ويدخل أبي من الباب ومعه إخواني محمد وتركي و عبدالعزيز فقد رافقوه لمنزل جدتي ومكثوا عندها بعض الوقت ..
نظر أبي لشهد ماهذا الذي في شفتاها .. قلت له لقد وقعت من السلم الخارجي ...
حملها مني واحتضنها هل أنتي بخير عزيزتي . تنظر له بحزن وتهز رأسها بنعم ...
سهرنا جميعاً بعد أن تناولنا طعام العشاء المعد من أمي وأختي عهد ...
ذهب محمد وتركي و عبدالعزيز كل منهم على غرفته ...
وعهد أخذت شهد لتنام معها اليوم ...
نظر إلي أبي غداً هو موعد احتفالكم بالنجاح .. قلت نعم ..
قال لاتتأخر غداً كثيراً
همست له حسناً ،
ذهب أبي وأمي لغرفتهم وسألوني أن كنت سأبقى مستيقظاً
قلت نعم ولكن في غرفتي لم يداهمني النوم بعد .
قبلت جبين أبي وأمي وتوجهت لغرفتي ..
تركزت عيناي على المصباح الواقع في طرف الغرفة ،
جلست على سريري .. أمسكت بإحدى المجلات الرياضية فيزعجني نبأ خسارة فريقي فألقي بها بعيداً
اجلس على الكرسي المقابل لمكتبي الصغير وافتح أول أدراجه واخرج ورقه وقلم ...
حاولت أن اكتب شياً فلم استطع سوى خربشات و محاولة لاكتشاف توقيع جديد ،
داهمني النوم ...
فتحت عيناي على أصابع أختي عهد وهي تلكزني في صدري وتهمس خالد
ألي متى ستنام أليس اليوم هو احتفالكم ..
احتفالنا ؟؟ نعم !!
كم هي الساعة الآن ؟؟
نظرت لي وهي تضحك على الطريقة التي افتزيت بها من نومي
قالت الساعة الآن هي الثانية عشر بعد منتصف الليل
صرخت بها.. ماذا ؟؟
ضحكت مره أخرى وقالت كنت أمازحك مازالت الساعة الثانية ظهراً هيا تحرك وأدي صلاتك نحن ننتظرك على المائدة ،
حركت جسدي من على سريري بنشاط .. أديت صلاتي .. وتوجهت للمائدة الجميع ملتف حولها ..
نظر أبي إلي ما كل هذا النوم ... ابتسمت قائلا لم انم ألا متأخراً
أنهيت وجبتي معهم وغسلت يدي ... أخذت هاتفي .. و هاتفة رياض..
وتواعدنا على أن نلتقي في الحفل الليلة ،
رتبت كل شي .. واستعديت وقبل الساعة السابعة مساء خرجت من منزلي متوجهاً لمكان أقامه الحفل ،
ركبتي سيارتي .. وبهدوء أسير بين السيارات قاصد الفندق الذي سيقام فيه الاحتفال لهذا اليوم ،
قبل وصولي للمقر بدقائق رن هاتفي المحمول . انه رياض ربما سألني لماذا تأخرت
لكن صوته كان غريب ...
يصرخ بشده ولأول مره اسمع فيها صراخه ..
خالد أين أنت ؟؟
جاوبته : أنا بطريقي للاحتفال ..!! ما بك هل حدث شي !!
صرخ بوجهي تعال إلي الآن لا تتأخر أريدك للأهمية أرجوك
جاوبته : حسناً حسناً دقائق وسأكون عندك ..
غيرت اتجاه مقود القيادة لأقرب الطرق المؤدية لمنزل رياض ..
أوقفت سيارتي أمام البناية التي يسكن فيها .. أسرعت باتجاه المصعد
أمسكت بمقبض باب شقته .. كان مفتوحاً
نظرت له .. مازال غير مستعد للاحتفال !! عيناه تشع غضباً ....
ماهذا رياض هكذا..... غريب!!
سألته مابك هل حدث شي ..
امسك بكتفي وهو يهزني خائنه يا خالد خائنه ..
قلت له من هي ؟؟
قال نوال علمت أنها تحدث شاب آخر غيري ..
همست له ببرود وهل أنت لم تكن خائن أيضاً ..؟؟
نظر إلي .. ولكني احبها يا خالد دون كل الفتيات الأخريات.
همست له محاولاً تهدئته ...
حسناً اذهب واستبدل ملابسك الآن ودعنا نذهب للاحتفال وعندما نعود سوف نتناقش بهذا الأمر..
نظر إلي وهو يتملص من بين يدي نذهب لا لن نذهب
قلت ماذا هل جننت إننا نستعد له منذ ثلاث أسابيع ..
نظر إلي بتودد وهو يشد على يدي . خالد أنا محتاج مساعدتك الآن أرجوك يا صديقي .
أريدك أن تذهب وتعيد لنوال رسائلها وهداياها لا أريدها عندي أبداً .
قلت له أتريدني أن اترك الحفل واذهب كي أعيد الرسائل والهدايا لنوال ،
من المؤكد أن درجه حرارتك مرتفعه يا رياض ..
صرخ بوجهي خالد لن نتأخر سوف نذهب سوياً تعيد لها أنت كل شي ومن بعدها نذهب للاحتفال ..
وبعد عده محاولات منه وافقت بشرط أن لا نتأخر على الاحتفال ..
تركته يبدل ملابسه .. ونزلنا وصعدنا سيارته..
متجهين لمنزل نوال.
يا رحمه الله في عباده . ما هذا أهنا تعيش نوال وصديقتها عبير ..؟؟
أحياء فقيرة أناس ملابسهم رثه الحزن والهم يكسو ملامحهم .
أطفال جالسون على قارعه الطريق محلات تجاريه قديمه،
دخلنا إحدى الأزقة بالكاد تمشي بها سياره رياض دون أن تحتك بالبيوت المجاورة من الطرفين ،
توقفنا أمام بناية قديمة جداً . وهمس لي هنا يا خالد
اشك أنها آيلة للسقوط .. تخرج من نوافذها رائحة الفقر و الحاجة والحزن.
همست له أين ..؟؟
قال الطابق الخامس .. سوف تستقبلك عبير وتأخذ منك كل شي وتعود بسرعة ..
ماذا.؟؟ عبير ؟؟ المغرورة لا لا لا لن اصعد إذا ... أعدني لسيارتي ..
قال لي ما بك هل أنت خائف .. وبماذا تهمك .. أعيد لها كل شي وتعال وانتهى الأمر هيا يا خالد لا أريد أن نتأخر على الاحتفال ...
فتحت باب السيارة .. ممسك بيدي صندوق صغير به الرسائل والهدايا ..
دخلت البناية .. جدران متصدعة ، رجال طاعنين بالسن متجمعين بالأسفل يتوسطهم مذياع قديم يبدو انهم لا يملكون أي وسيله إخبارية سوى هذا المذياع الأثري ،
نظراتهم كانت موجهه لي بتذمر .. فهيئتي شاذة عمن هم هنا بكثير ..
توجهت للمصعد الكهربائي ... انتظر أن يفتح ... أتاني إحدى الأطفال ..وهو يهمس ..
عمي عمي .. انه لا يعمل بإمكانك أن تستعمل السلم ..
ابتسمت له ... فقال أريد بعض المال كي اشترى حلوى ... طعنتني كلمته هذه .. فأخرجت نقودي من جيبي و أعطيته المال أسرع من جانبي وهو سعيد وفرح جداً ..
قدماي تتخطى السلالم .. خطوه بخطوه ... وصلت للطابق الخامس .. أنتظر قليلاً لا أحد ...
قررت أن أعود للخلف .. إلا أن إحدى الأبواب فتحت وخرجت منه فتاه وهي ترتدي عباءتها ،
سبحانك ربي رافع السماء بلا عمد ... ماهذا الجمال ..
تخشب جسمي .. بدأت حبات العرق تكسو جبيني .. و الرعشة استعمرت جسدي كله
تمشي وهي تنظر للأرض خجلاً ..وأنا ابتعد للخلف لا أريدها أن تصل إلي
بل أريد أن المسافة تطول كي أمتع عيني بها اكثر ...
اقتربت مني .. وهو تقول .. أنت خالد أليس كذالك ...
تلعثمت ولم اعرف كيف أرد على سؤالها ولكن اكتفيت بهز رأسي ..
قالت أين الأشياء الذي قال عنها رياض ..
أمسكت بيدها اليمنى واضعاً بها الصندوق الصغير .. وأمسكت بيدها اليسرى وهي تحتضن كفي الأيسر .. وأتأمل فيها .. تملصت من بين يداي..
وهي تركض لباب منزلها .. وتوقفت عند الباب ورمتني بنظره وابتسامه ودخلت أغلقت الباب ...
سبحانك ربي الآن فهمت قول رياض عندما يقول ملاك ولكنها تمشي على الأرض نعم هي عبير ،
عدت للسيارة غير مكترث بنظرات الجميع لي ولا غماز تهم ولا للمزتهم ..
فتحت باب السيارة .. بادرني رياض ... هل أعدت لهم كل شي ..
أخرجت من صدري آه .. ضحك هو عليها قائلاً هل أعجبتك لهذا الحد .؟؟
نظرت له ملاك فعلاً إنها ملاك ...
ضحك بصوت عالي .. ألم اقل لك هذا من قبل ...
هيا بنا الآن لنذهب للاحتفال فلا نريد أن نتأخر أكثر من ذلك ...
تسير السيارة بين الشوارع ومازالت تلك الابتسامة عالقة في خيالي .. خفت أن أغمض عيني .. فنتشت صورتها مع المناظر .. فأصبحت طيلة الوقت محدقاً سارحاً
حتى قطع صوت رياض كل الصمت ...
هيا بنا لقد وصلنا ...
انتبهت لكل المدة التي كنت فيها أمارس طقوس الصمت ....
وخرجنا متجهين لقاعه الاحتفال ... استقبلنا الزملاء بالعتاب على التأخير ..
احتفال رائع ... أدخنه البخار تتصاعد من كل اتجاه .......... وأصوات عاليه فرحه مهللة بفرحه النجاح ... وأنا مازلت أجاهد كي لاتغيب تلك الابتسامة من خيالي أبدا ...
رغم كل الأدخنة في القاعة ورغم كل الأصوات ... ألا أنني لم أرى سواها ولم اسمع غير اسمي عندما خرج من بين شفتاها ...
أحقاً هو احتفال تتراقص عليه أدخنه الجن ... أم تجمع غفير من الناس كي يسألوني عنها ........؟؟
انشالله اعجبتكم سي يوو لارسون