هل الإيمان بالقلب يكفي ليكون الإنسان مسلما؟ س 11 - تسأل الأخت وتقول: هل الإيمان بالقلب يكفي لأن يكون الإنسان مسلما بعيدا عن الصلاة والصوم والزكاة؟ الجواب: الإيمان بالقلب لا يكفي عن الصلاة وغيرها، بل يجب أن يؤمن بقلبه وأن الله واحد لا شريك له، وأنه ربه وخالقه، ويجب أن يخصه بالعبادة سبحانه وتعالى، ويؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين، كل هذا لا بد منه، فهذا أصل الدين وأساسه كما يجب على المكلف أن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة والنار والصراط والميزان وغير ذلك مما دل عليه القرآن الكريم والسنة الصحيحة المطهرة. ولابد مع ذلك من النطق بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله كما أنه لابد من الصلاة وبقية أمور الدين، فإذا صلى فقد أدى ما عليه، وإن لم يصل كفر، لأن ترك الصلاة كفر. أما الزكاة والصيام والحج وبقية الأمور الواجبة إذا اعتقدها وأنها واجبة، ولكن تساهل فلا يكفر بذلك، بل يكون عاصيا، ويكون إيمانه ضعيفا ناقصا؟ لأن الإيمان يزيد وينقص؟ يزيد الإيمان بالطاعات والأعمال الصالحات، وينقص بالمعاصي عند أهل السنة والجماعة. أما الصلاة وحدها خاصة فإن تركها كفر عند كثير من أهل العلم وإن لم يجحد وجوبها، وهو أصح قولي العلماء، بخلاف بقية أمور العبادات، من الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك، فإن تركها ليس بكفر أكبر على الصحيح، ولكن نقص في الإيمان، وضعف في الإيمان، وكبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، فترك الزكاة كبيرة عظيمة، وترك الصيام كبيرة عظيمة، وترك الحج مع الاستطاعة كبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كفرا أكبر إذا كان مؤمنا بأن الزكاة حق، وأن الصيام حق، وأن الحج لمن استطاع إليه سبيلا حق، ما كذب بذلك ولا أنكر وجوب ذلك، ولكنه تساهل في الفعل، فلا يكون كافرا بذلك على الصحيح. أما الصلاة فإنه إذا تركها يكفر في أصح قولي العلماء كفرا أكبر والعياذ بالله وإن لم يجحد وجوبها كما تقدم؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح، والمرأة مثل الرجل في ذلك. نسأل الله العافية والسلامة. هل يكون الإنسان مسلما ولو لم يأت بأركان الدين؟ س 12 - وتقول السائلة: إن هناك شيئا يتردد بين أوساط الناس حيث يقولون: إن الصلاة يشترط لها الإسلام، والحج يشترط له الإسلام، فالإنسان قد يكون مسلما ولو لم يأت ببقية أركان الإسلام. فنريد تجلية هذا الموضوع. بارك الله فيكم؟ الجواب: نعم. هو مسلم بالشهادتين، فمتى أقر بالشهادتين ووحد الله عز وجل وصدق رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم دخل في الإسلام، ثم ينظر فإن صلى تم إسلامه، وإن لم يصل صار مرتدا، وهكذا لو أنكر الصلاة بعد ذلك صار مرتدا، أو أنكر صيام شهر رمضان صار مرتدا، أو قال الزكاة غير واجبة صار مرتدا، أو قال الحج مع الاستطاعة غير واجب، صار مرتدا، أو استهزأ بالدين أو سب الله أو سب الرسول صار مرتدا. فهذا الأمر ينبغي أن يكون واضحا، فإذا دخل في الإسلام بالشهادتين حكم له بالإسلام، ثم ينظر بعد ذلك في بقية الأمور فإن استقام على الحق تم إسلامه، وإذا وجد منه ما ينقض الإسلام؟ من سب الدين، أو من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو من جحد لما أوجبه الله سبحانه وتعالى من صلاة وصوم، أو جحد لما حرم الله كما لو قال: الزنا حلال، فإنه يرتد عن الإسلام بهذا، ولو صلى وصام، ولو قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فلو قال إن الزنا حلال، وهو يعلم الأدلة وقد أقيمت عليه الحجة، يكون كافرا بالله كفرا أكبر والعياذ بالله، أو قال الخمر حلال، وقد بينت له الأدلة ووضحت له الأدلة ثم أصر يقول إن الخمر حلال، يكون ذلك كفرا أكبر، وردة عن الإسلام والعياذ بالله، أو قال مثلا إن العقوق حلال، يكون ردة عن الإسلام والعياذ بالله، أو قال إن شهادة الزور حلال، يكون هذا ردة عن الإسلام بعد أن تبين له الأدلة الشرعية. كذلك إذا قال: الصلاة غير واجبة، أو الزكاة غير واجبة، أو صيام رمضان غير واجب، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب، كل هذه نواقض من نواقض الإسلام يكون بها كافرا والعياذ بالله. إنما الخلاف إذا قال إن الصلاة واجبة، ولكن أنا أتساهل ولا أصلي، فجمهور الفقهاء يقولون: لا يكفر ويكون عاصيا يستتاب فإن تاب وإلا قتل حدا. وذهب آخرون من أهل العلم وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أنه يكفر بذلك كفرا أكبر، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا؟ لقول الله جل وعلا: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة: 5] . فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله ، بل يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال سبحانه: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة: 11] . فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة ولا يصلي ليس بأخ في الدين. س 13 - ما معنى قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [ البقرة: 284] . وكيف نجمع بين معناها وبين الحديث الشريف الذي معناه أن الله تعالى تجاوز عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما حدثت به أنفسها ما لم تفعله أو تتكلم به؟ الجواب: هذه الآية الكريمة قد أشكلت على كثير من الصحابة رضي الله عنهم لما نزلت، وهي قوله تعالى: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 284] . شق عليهم هذا الأمر، وجاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وذكروا أن هذا شيء لا يطيقونه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم سمعنا وعصينا قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا: سمعنا وأطعنا، فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم أنزل الله بعدها قوله سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا [البقرة: 285، 286] . فسامحهم الله وعفا سبحانه وتعالى، ونسخ ما دل عليه مضمون هذه الآية؟ وأنهم لا يؤاخذون إلا بما عملوا أو بما أصروا عليه وثبتوا عليه، وأما ما يخطر من الخطرات في النفوس والقلوب فهذا معفو عنه. ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم فزال هذا الإشكال والحمد لله، وصار المؤمن غير مؤاخذ إلا بما عمله أو قاله أو أصر عليه بقلبه عملا بقلبه كإصراره على ما يقع له من الكبر والنفاق ونحو ذلك. أما الخواطر والشكوك التي تعرض ثم تزول بالإيمان واليقين، فهذه لا تضر، بل هي عارضة من الشيطان ولا تضر؛ ولهذا لما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه ما أن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق به أو كما قالوا قال صلى الله عليه وسلم ذاك صريح الإيمان فتلك الوسوسة من الشيطان؟ إذا رأى من المؤمن الصدق والإخلاص وصحة الإيمان والرغبة فيما عند الله وسوس عليه بعض الشيء، وألقى في قلبه خواطر خبيثة؟ فإذا جاهدها وحاربها بالإيمان والتعوذ بالله من الشيطان سلم من شرها. ولهذا جاء في الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله ورسله وفي لفظ: فليستعذ بالله ولينته هذا يدلنا على أن الإنسان عرضة للوساوس الشيطانية، فإذا عرض له وساوس خبيثة وخطرات منكرة فليبتعد عنها وليقل: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولينته، ولا يلتفت إليها؟ فإنها باطلة ولا تضره، وهي من الخطرات التي عفا الله عنها سبحانه وتعالى. الربوبية حول قوله تعالى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً س 14 - يقول السائل: قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ [ البقرة: 30] . يقول: هل معنى هذا أن الله خلق الإنسان قبل آدم عليه السلام؟ وإلا فكيف عرفت الملائكة أن الإنسان يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ وما المقصود من أن الله جاعل في الأرض خليفة؟ وخليفة عمن؟ الجواب: الآية الكريمة تدل على أن الله جل وعلا جعل هذا الإنسان وهو آدم عليه الصلاة والسلام خليفة في الأرض عمن كان فيها من أهل الفساد وعدم الاستقامة، وقول الملائكة يدل على أنه كان هناك قوم يفسدون في الأرض، فبنت ما قالت على ما جرى في الأرض، أو لأسباب أخرى اطلعت عليها فقالت ما قالت، فأخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنه يعلم ما لا تعلمه الملائكة، وأن هذا الخليفة يحكم الأرض بشرع الله ودين الله، وينشر الدعوة إلى توحيده، والإخلاص له، والإيمان به. وهكذا ذريته بعده يكون فيهم الأنبياء، ويكون فيهم الرسل، والأخيار، والعلماء الصالحون، والعباد المخلصون، إلى غير ذلك مما حصل في الأرض؟ من العبادة لله وحده، وتحكيم شريعته، والأمر بما أمر به، والنهي عما نهى عنه. هكذا جرى من الأنبياء والرسل، والعلماء الصالحين، والعباد المخلصين، إلى غير ذلك، وظهر أمر الله في ذلك، وعلمت الملائكة بعد ذلك هذا الخير العظيم، ويقال: إن الذي قبل آدم هم طوائف من الناس ومن الخليقة يقال لهم: الجن والحن. وبكل حال فهو خليفة لمن مضى قبله وصار قبله في أرض الله ممن يعلمهم الله سبحانه وتعالى، وليس لدينا أدلة قاطعة في بيان من كان هناك قبل آدم، وصفاتهم، وأعمالهم، فليس هناك ما يبين هذا الأمر، لكن جعله خليفة يدل على أن هناك من كان قبله في الأرض، فهو يخلفهم في إظهار الحق، وبيان شريعة الله التي شرعها له، وبيان ما يرضي الله ويقرب لديه، وينهى عن الفساد فيها. وهكذا من جاء بعده من ذريته قاموا بهذا الأمر العظيم، من الأنبياء، والصلحاء، والأخيار؟ دعوا إلى الحق ووضحوه، وأرشدوا إلى دين الله، وعمروا الأرض بطاعة الله وتوحيده والحكم بشريعته، وأنكروا على من خالف ذلك. الشهادتان قول لا إله إلا الله ودخول الجنة س 15 - يسأل السائل عن قول: " لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من قالها دخل الجنة أريد أن أعرف هل من قالها في عمره مرة يكفي، أو عدة مرات، أو عند الممات، أو في أي وقت؟ وهل تنفع صاحبها مع ارتكابه للمعاصي؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب: إذا قال العبد لا إله إلا الله، وشهد أن محمدا رسول الله عن صدق وعن إيمان، فعبد الله وحده، وأفرده بالعبادة، لا يدعو معه أمواتا، ولا أحجارا، ولا أصناما، ولا كواكب ولا غير ذلك، بل يعبده وحده سبحانه وتعالى، ويصدق رسوله، ويشهد أنه رسول الحق إلى الثقلين، ثم مات على ذلك غير مصر على سيئة، بل أسلم وأدى هذه الشهادة ومات، فإنه من أهل الجنة. أما إن كان عنده معاص، بأن كان أتى شيئا من المعاصي فهو تحت مشيئة الله؛ كالزنا، أو شرب الخمر، أو عقوق الوالدين، أو قطيعة الرحم، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء أدخله النار حتى يعذب على قدر معاصيه، ثم يخرج من النار إلى الجنة، لقول الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48] . وعليه أيضا مع هاتين الشهادتين أن يؤدي الفرائض؛ فعليه أن يؤدي الصلوات الخمس، وعليه أن يؤدي الزكاة، وعليه أن يصوم رمضان، وعليه أن يحج البيت، وعليه أن يؤدي كل ما فرضه الله عليه، فلابد من هذا، ولابد من تجنبه ما حرم الله عليه، فإن أتى بناقض من نواقض الإسلام كفر، ولو أتى بالشهادتين، فإن المنافقين يقولون الشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لكنهم في الباطن يكذبون، يكذبون الرسول، ويكذبون الله فيما قال، فصاروا كفارا في الدرك الأسفل من النار. وهكذا لو قال هذه الشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ثم سب الدين، أو سب الله كفر، وخرج عن الإسلام- والعياذ بالله. وكذلك لو ترك الصلاة عمدا وإن لم يجحد وجوبها كفر عند كثير من أهل العلم، وهو الصحيح؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر وقال عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أما من جحد وجوبها فإنه يكفر بالإجماع وإن صلى، لأنه مكذب لله سبحانه ولرسوله . أما لو ترك الصيام أو ترك الزكاة وهو يعلم أنها واجبة، ويعلم أن الصيام واجب ولكن تساهل، فهذا قد أتى ذنبا عظيما ومنكرا كبيرا، وقد توعده الله بالعذاب يوم القيامة إلا أن يعفو الله عنه، فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى. وهكذا لو أتى بعض المعاصي التي تقدم ذكرها؟ كالخمر، أو العقوق، أو قطيعة الرحم، أو الربا، فهذه معاصي إذا كان لا يستحل ما حرم الله، وهو يعلم أنها معاص ولكن أتاها طاعة لهواه وشيطانه ولجلساء السوء، فهذا يكون قد أتى ذنبا عظيما، ويكون إيمانه بهذا ناقصا وضعيفا، ويكون تحت مشيئة الله عند أهل السنة، لا يكفر بذلك خلافا للخوارج، بل يكون تحت مشيئة الله، ويكون ضعيف الإيمان، فإن شاء الله غفر له سبحانه وتعالى، وإن شاء عذبه في النار على قدر الجرائم التي مات عليها، وبعد التطهير والتمحيص في النار، يخرجه الله منها إلى الجنة، ولا يخلد في النار الخلود الأبدي إلا الكفار. أما الخلود المؤقت فهذا قد يقع لبعض أهل المعاصي كما توعد الله بهذا القاتل، والزاني، وقاتل نفسه، فهو خلود مؤقت له نهاية، أما خلود الكفار فهو خلود دائم ليس له نهاية، كما في قوله سبحانه وتعالى: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة: 167] . ويقول سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة: 37] . نسأل الله العافية. العبادة كتاب الدعاء المستجاب س 16 - هناك بعض الكتب الخاصة بالأذكار والأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها مثلا كتاب " الدعاء المستجاب" وقد وجدت فيه أدعية لكل يوم من أيام الأسبوع ، فهناك أدعية وأذكار ليوم الجمعة، وأخرى ليوم السبت، وهكذا . فهل الالتزام بهذه الأذكار بدعة أم هو من السنة؟ الجواب: هذا كتاب غير معتمد، وصاحبه حاطب ليل يجمع الغث والسمين، والصحيح والضعيف والموضوع فلا يعتمد عليه، ولا يجوز أن يخصص أي يوم أو أي ليلة بشيء إلا بدليل عن المعصوم عليه الصلاة والسلام. فهذا الكتاب لا يعتمد عليه، ولكن تراجع الكتب الأخرى فما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أذكار أو أدعية تقال في الصباح أو المساء شرع ذلك، وما لا فلا. وأما كتاب: "الدعاء المستجاب" فلا يعتمد عليه؟ لأن صاحبه ليس بأهل لذلك؟ لأنه كما قلنا يجمع بين الغث والسمين، والصحيح والضعيف والموضوع. وقد كتبنا في ذلك رسالة سميناها: "تحفة الأخيار بما صح من الأدعية والأذكار" فراجعها إن شئت. حكم الحجاب من القرآن الكريم وغيره س 17 - سائل يقول: هناك بعض الفقهاء عندنا في السودان نسمي الواحد منهم " فقي". أي فقيه. يكتبون الآيات القرآنية في شكل أوراق صغيرة، أو حجاب، أو على ألواح من الخشب، وتمحى وتشرب حسب المرض، كما أن الحجاب مثلا ضد السلاح، أو حفظا من الشيطان والعوارض - ، كما يزعم فئة أخرى غير مجربة لها بأنها أسحار، كما أن هناك شهود عيان على أن هؤلاء الفقهاء قد عالجوا مئات من المجانين ومختلي العقول، وتلبس لهم آلاف الحجب يزعمون أنها ضد السلاح. فما رأيكم في هؤلاء؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب: هذا الكلام فيه تفصيل، فطالب العلم أو ما يسمى فقيها إذا كتب آيات من القرآن في ورقة أو صحن من الزعفران، أو من العسل، أو نحو ذلك، حتى يغسلها المريض ويشربها، فهذا أجازه كثير من أهل العلم، وذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد في هدي خير العباد" عن جماعة من أهل العلم من السلف، وذكره غيره أيضا فالأمر فيه واسع وسهل. فإذا كتب آيات من القرآن أو دعوات طيبة بالزعفران أو بالعسل، ثم غسل وشربه المريض فقد ينفع الله بذلك. ولكن أحسن من هذا أن يقرأ الراقي على المريض الآيات والدعوات الطيبة، ويسأل الله له الشفاء، فهذا أحسن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم يفعلون، وإن قرأ في الماء وشربه المريض أو رش عليه به نفعه ذلك بإذن الله. وقد أخرج أبو داود رحمه الله بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه. وأما الحجب وهي ما يعلق من أوراق أو جلود أو غيرها على المريض، يكتب فيها آيات أو دعوات تعلق على المريض ضد السلاح، أو ضد الجن فهذا لا يجوز، وقد أجاز بعض أهل العلم تعليق ما كان من القرآن خاصة ولكنه قول ضعيف، والصواب منع تعليق جميع الحجب لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ومن تعلق تميمة فقد أشرك والمراد بالشرك هنا الشرك الأصغر. ولأن في ذلك سد الذريعة إلى تعليق غيرها. وسد الذرائع المفضية إلى الشرك أو المعاصي من أعظم مقاصد الشريعة وواجباتها. أما تعليق الحجب من غير الآيات كالعظام والودع والطلاسم والأسماء المجهولة، فهذه لا تجوز بغير خلاف بين أهل العلم؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ومن تعلق تميمة فقد أشرك كما تقدم؟ ولأنها من أعماد الجاهلية؟ ولأنها تصد القلوب عن الله وتعلقها بغيره، والقلوب يجب أن تتعلق بالله سبحانه وتعالى وتعتمد عليه، فتعليق هذه التمائم يجعل القلوب تميل إليها وتتعلق بها وترتاح لها، وهذا خطأ عظيم، فلا يجوز تعليق التمائم، وهي الحجب ولها أسماء أخرى عند الناس. ومن هذا ما روى الإمام أحمد رحمه الله من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقه من صفر فقال ما هذا؟ قال هذا من الواهنة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الحلقة التي يعلقها بعض الناس في يده عن مرض يسمى الواهنة لا تزيده إلا وهنا، وأنها منكر لا تجوز فهي مثل التمائم. ودخل حذيفة رضي الله عنه الصحابي الجليل على رجل فوجد في يده خيطا فسأله عنه فقال هذا من أجل الحمى فقطعه وتلا قوله سبحانه وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف: 106] . وهذا يدل أن من عمل الصحابة إنكار هذا الشيء، والنهي عنه، فلا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تعليق هذه التمائم، ولا هذه الخيوط والحجب على مريض، أو على صبي، أو على غيرهما، لدفع الجن أو السلاح، أو السحر أو غير ذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن هذا، وبين أن تعليق التمائم لا يجوز، ولم يفصل بين تميمة وتميمة، ولم يقل إلا من القرآن، بل عمم، فدل ذلك على أن التمائم كلها من القرآن وغير القرآن ممنوعة، لأن الرسول عم في النهي عليه الصلاة والسلام، وهو المشرع، وهو أنصح الناس للناس، ولو كان في التمائم شيء مستثنى لاستثناه النبي عليه الصلاة والسلام. ثم أيضا تعليق التمائم من القرآن وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى فيلتبس الأمر، ويخفى على الناس، وتنتشر التمائم الشركية. وسد الذرائع من أهم مهمات الشريعة الإسلامية، فوجب منع التمائم كلها عملا بعموم الأحاديث، وسدا لذرائع الشرك، وحماية للأمة مما يفسد عقيدتها، ويسبب غضب الله عليها سبحانه وتعالى. فسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. تعليق الأوراق التي يكتبها السادة والحلف بهم س 18 - سائل يقول: عندنا إذا مرض الشخص فإنه يذهب إلى السادة، فيكتبون له أوراقا يعلقها في رأسه. فهل يجوز هذا أم لا؟ كذلك هناك من يحلف بغير الله أو يحلفون بهؤلاء السادة. فما حكم ذلك؟ الجواب: تعليق التمائم على الأولاد خوف العين أو خوف الجن أمر لا يجوز، وهكذا تعليق التمائم على المرضى وإن كانوا كبارا لا يجوز؟ لأن هذا فيه نوع من التعلق على غير الله، فلا يجوز لا مع السادة المنسوبين إلى الحسن أو الحسين أو غيرهما، ولا مع غيرهم من العلماء، ولا مع غيرهم من العباد، لا يجوز هذا أبدا؟ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تعلق تميمة فقد أشرك والتميمة هي ما يعلق على الأولاد أو على الكبار عن العين أو عن الجن من خرز، أو ودع، أو عظام، أو غيرها، أو أوراق مكتوب فيها كتابات حتى ولو من القرآن على الصحيح، حتى ولو آية الكرسي أو غيرها لا يجوز التعليق مطلقا ولو كان من القرآن، لأن الحديث عام، فالرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق، ولم يستثن شيئا، فدل ذلك على أن التمائم كلها ممنوعة، وهي ما يعلق على الأولاد عن العين أو عن الجن، أو يعلق على المرضى أو الكبار كله لا يجوز. والمشروع في هذا أن الإنسان يسأل ربه العافية، ولا بأس أن يقرأ عليه، المؤمن العارف بالقراءة، يقرأ عليه بعض آيات، ويدعو له بدعوات شرعية، وينفث عليه، فهذه رقية شرعية ولا بأس بها، أما أن يعلق شيئا في قرطاس أو في خرقة، في عضده أو في رقبته، فهذا لا يجوز، وهذا من الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر إذا اعتقد صاحبه أنها تدفع عنه، وأنها تكفيه الشرور دون الله، فهذا يكون من الشرك الأكبر، وأما إذا اعتقد أنها من الأسباب فهذا شرك أصغر، والواجب قطعها وإزالتها. وكذلك الحلف بغير الله لا يجوز، وهو من الشرك الأصغر أيضا، وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف بغير الله أن محلوفه مثل الله، أو أنه يستحق أن يدعى من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون، فإنه يكون شركا أكبر والعياذ بالله. والحاصل أن الحلف بغير الله لا يجوز، قال النبي صلى الله عليه وسلم : من كان حالفا فليحف بالله أو ليصمت متفق على صحته، وقال: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد وقال عليه الصلاة والسلام: من حلف بشيء دون الله فقد أشرك رواه الإمام أحمد رحمه الله عن عمر رضي الله عنه بسند صحيح، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: من حلف بالأمانة فليس منا وخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وأدرك يوما بعض أصحابه في السفر وهم يحلفون بآبائهم، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت وقال ابن عبد البر النمري الإمام المغربي المعروف، المتوفى سنة 463 هـ: إن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الحلف بغير الله ، وهذا يفيدنا أن الحلف بالأمانة، أو بالنبي، أو بالكعبة، أو بحياة فلان، أو شرف فلان محرم لا يجوز بالإجماع، وإنما يكون الحلف بالله وحده، يقول: بالله، تالله، والله، هذا هو المشروع، أما الحلف بغير الله كائنا من كان فلا يجوز لما تقدم. تعليق ما يمنع يكون من التمائم س 19 - سائل يقول: هناك عرق للعقرب إذا لبسه الشخص يخدر العقرب فلا تستطيع لدغ ذلك الشخص اللابس له فهل تعليقه يكون من التمائم المنهي عنها؟ الجواب: نعم، تعليق ما يمنع لدغ العقرب يكون من التمائم، سواء زعم أنه يمنع العقرب، أو يمنع الحيات، أو يمنع الحمى، أو يمنع غير ذلك، والرسول نهى عن التعاليق، وقال صلى الله عليه وسلم : من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وفي رواية أخرى: من تعلق تميمة فقد أشرك فالمقصود أن التعاليق لا تجوز ضد الحمى، وضد العقارب، وضد الحيات أو ضد السباع أو ضد العين، أو ما شابه ذلك، يعتقد فيها أنها تدفع، يعتقد أن هذه الحلقة أو العقدة المعينة من قطن أو صوف أو غير ذلك، أو أن هذا الخاتم يمنع أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز، وهذا من عمل الجاهلية، ولكن يتعاطى ما شرع الله، كالتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثا في الصباح والمساء، ومثل قول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات في الصباح والمساء، ومثل قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة بعد الذكر وعند النوم، ومثل قراءة: قل هو الله أحدا والمعوذتين بعد كل صلاة، كل هذا من أسباب السلامة والعافية من الشر وتستحب قراءة هذه السور الثلاث ثلاث مرات صباحا ومساء وعند النوم لثبوت الترغيب في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . أما تعليق خيط، أو حلقة، أو أي شيء يعلق كخاتم أو سبته أو غير ذلك مما يعلق لرفع البلاء أو دفعه كله لا يجوز إذا كان بهذا القصد، هذا إذا كان لقصد دفع الشرور، كالحمى، أو العقارب، أو الحيات، أو ما أشبه ذلك. حكم الصلاة خلف من يعمل التمائم والحجب، والصلاة في المسجد الذي أنشأه س 20- هناك مسجد أسسه رجل يعمل بالتمائم والحجب ويؤتى له بالنذر، وتضرب في دياره الطبول، ويزعمون أنه يعالج المجانين بالطبول والتمائم وما شابه ذلك. فهل هذا المال المكتسب الذي أسس به المسجد يجعل المسجد مؤسسا على غير التقوى كمسجد ضرار؟ وهل تجوز الصلاة خلفه؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب: هذا الرجل لا يصلى خلفه؛ لأن ظاهره فساد العقيدة، أما المسجد فلا بأس أن يصلى فيه، ولا ينظر إلى نفقته، بل يصلي فيه أهل السنة والجماعة حتى يبتعد عنه أهل الشر والفساد. أما هذا الرجل الذي هذا عمله فلا يصلى خلفه؟ لأن ظاهره فساد العقيدة وعدم الاستقامة. وفق الله الجميع للعافية والسلامة. الحذر من الذبح عند جبل مقصود س 21- عندنا في قريتنا يذهب الناس إلى جبل ويأخذون معهم ذبيحة ويذبحونها في الجبل من أجل الله سبحانه وتعالى، لعل الله يرحمهم وينزل عليهم المطر. فهل هذا يحل أم لا أفيدونا أفادكم الله. الجواب: هذا العمل فيه تفصيل؟ فإذا كان الذبح لله وحده وليس هناك قبر يذبحون عنده، وليس هناك اعتقاد آخر في الجبل، وإنما فعلوا هكذا صدفة من غير قصد فلا حرج والذبيحة لله وحده، ولكن لا حاجة إلى المجيء إلى الجبل؟ لأن هذا يوهم أن هناك اعتقادا في هذا الجبل، فليذبحوها في بيوتهم أو في أي مكان تذبح فيه الدواب، ويكفي هذا في التقرب إلى الله جل وعلا، ثم يوزع هذا اللحم على الفقراء والمساكين، أو يأكلون إن كانوا أرادوا أكله، وإن كانوا أرادوا به الفقراء قسموه بين الفقراء، أو أعطوا للفقراء منه ما شاءوا. المقصود أن قصدهم الجبل فيه شيء من الإيهام، فإذا كان المقصود من المجيء إلى الجبل إظهار الذبيحة وأنها تذبح لله على رؤوس الأشهاد فلا حاجة إلى قصد الجبل، يذبحونها في مكان بارز، ويقسمونها بين الفقراء في قريتهم ويكفي. ولا يقصدوا الجبل هذا الذي يوهم أنهم أرادوا شيئا، أما إن كانوا أرادوا في الجبل أن هناك ميتا مدفونا هناك، أو أن هناك محلا لرجال صالحين جلسوا فيه، أو غار جلس فيه أناس صالحون فهم يتبركون به؛ فهذا لا يجوز فيجب التنبه لهذا. وإذا كان المقصود فقط إظهار الذبيحة فإظهارها يكون في أي مكان سوى الجبل، ولا حاجة إلى الجبل، بل يذبحونها في بيوتهم، أو يذبحونها في محل الذبح، أو في حوش عندهم في محل الذبح، أو في محل حول الطريق يراه الناس، ولا يؤذي أحدا من الناس، فلا بأس. المقصود إظهارها بأي طريق لكن لا يوهم؛ فلا يكون إظهارا يوهم بأن هناك قصدا كقصد جبل معين أو شجرة معينة حتى لا يتهموا بالشرك أو بالبدعة- ولا حول ولا قوة إلا بالله.
Nathyaa