عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-05-2005, 11:01 AM
الصورة الرمزية Nathyaa
Nathyaa Nathyaa غير متصل
من المؤسسين
 





Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز
افتراضي فتاوى نور على الدرب




المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102] .

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1] .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70- 71] .

أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعمة الإسلام وأكمل لنا الدين، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وبين سبحانه وتعالى أن طريق الخير خير طريق للمؤمنين والدعوة إلى الله على بصيرة أفضل ما يقوم به أهل الفضل والإحسان والدين: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: 33] .

ومن تمام نعمته سبحانه وتعالى على عباده أن هيأ لهذه الأمة في مختلف العصور علماء عاملين مخلصين وقفوا حياتهم على خدمة الشريعة ونشرها بين الناس تعليما وتأليفا ودعوة، وصيانة لها من تحريف الغالين وانتحال المبطلين، ويأتي على رأس هؤلاء في عصرنا- ولا نزكي على الله أحدا- سماحة والدنا وشيخنا الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الذي وقف حياته على العلم والتدريس وقضاء حاجات الناس، فوضع الله له القبول في الأرض، وسرت فتاواه وتوجيهاته في العالمين، وانتشر طلابه في أنحاء العالم الإسلامي ينقلون عنه ويبثون علمه، فتعلم على يديه خلق عظيم ممن جلس على يديه أو سمع منه أو قرأ له.

ومن أكثر ما نفع الله به من دروس شيخنا وفتاواه: برنامجه الأسبوعي الإذاعي "نور على الدرب" حيث يستمع إليه خلق عظيم ويسجلونه ويتناقلونه بينهم، وهذا البرنامج تعرض فيه أسئلة متنوعة، تعالج مشاكل الناس وما يحتاجون إليه في شئون دينهم، وعلاقاتهم مع بعضهم، ومعاملاتهم فيما بينهم، فيجدون في إجابة الشيخ العلاج النافع، والبلسم الشافي الموثق بالدليل من الكتاب والسنة.

ورغبة منا في تعميم فائدة هذا البرنامج ليستفيد منه، وينتفع به، من لم يتيسر له- وهم كثير- حرصنا على نشره والعناية به وترتيبه. وقد بذلنا وسعنا، فإن وفقنا فمن الله فله الحمد والمنة، وهذا جزء من حق شيخنا علينا، وإن كانت الأخرى فمن أنفسنا ومن الشيطان، ونستغفر الله ونتوب إليه، ونعتذر من شيخنا اعتذار الابن من أبيه، والتلميذ من شيخه. نسأل الله بمنه وكرمه أن ينفع بهذا الكتاب وأن يعلي منزلة شيخنا ويمتعه بالصحة والعافية، ويجمعنا وإياه ووالدينا في جنات النعيم. آمين.

ونرجو صادقين من كل أخ يطلع عليه، وتكون له ملاحظة أو توجيه أن يفيدنا به، وله منا الدعاء بالتوفيق والصلاح والرشاد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد، وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.







حكم الاطلاع على الإنجيل والتوراة


س 1 - يقول السائل: هل يجوز لي وأنا مسلم أن أطلع على الإنجيل وأقرأ
فيه من باب الإطلاع فقط، وليس لأي غرض آخر؟ وهل الإيمان بالكتب السماوية يعني الإيمان بأنها من عند الله أم نؤمن بما جاء فيها؟ أفيدونا أفادكم الله.


الجواب:

على كل مسلم أن يؤمن بها أنها من عند الله؟ التوراة والإنجيل والزبور، فيؤمن أن الله أنزل الكتب على الأنبياء، وأنزل عليهم صحفا فيها الأمر والنهي، والوعظ والتذكير، والإخبار عن بعض الأمور الماضية، وعن أمور الجنة والنار ونحو ذلك، لكن ليس له أن يستعملها؟ لأنها دخلها التحريف والتبديل والتغيير، فليس له أن يقتني التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو يقرأ فيها، لأن في هذا خطرا، لأنه ربما كذب بحق أو صدق بباطل، لأن هذه الكتب قد حرفت وغيرت، ودخلها من أولئك اليهود والنصارى وغيرهم التبديل والتحريف والتقديم والتأخير، وقد أغنانا الله عنها بكتابنا العظيم القرآن الكريم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في يد عمر شيئا من التوراة فغضب وقال أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي عليه الصلاة والسلام. والمقصود أننا ننصحك وننصح غيرك ألا تأخذوا منها شيئا، لا من التوراة، ولا من الزبور، ولا من الإنجيل، ولا تقتنوا منها شيئا، ولا تقرءوا فيها شيئا، بل إذا وجد عندكم شيء فادفنوه أو حرقوه؟ لأن الحق الذي فيها قد جاء ما يغني عنه في كتاب الله القرآن، وما دخلها من التغيير والتبديل فهو منكر وباطل، فالواجب على المؤمن أن يتحرز من ذلك، وأن يحذر أن يطلع عليها، فربما صدق بباطل وربما كذب حقا، فطريق السلامة منها إما بدفنها وإما بحرقها.

وقد يجوز للعالم البصير أن ينظر فيها للرد على خصوم الإسلام من اليهود والنصارى، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة لما أنكر الرجم اليهود حتى اطلع عليها عليه الصلاة والسلام، واعترفوا بعد ذلك. فالمقصود أن العلماء العارفين بالشريعة المحمدية قد يحتاجون إلى الاطلاع على التوراة أو الإنجيل أو الزبور لقصد إسلامي، كالرد على أعداء الله، ولبيان فضل القرآن وما فيه من الحق والهدى، أما العامة وأشباه العامة فليس لهم شيء من هذا، بل متى وجد عندهم شيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور، فالواجب دفنها في محل طيب أو إحراقها حتى لا يضل بها أحد.







هل هناك أجر في قراءة الأحاديث النبوية

س 2 - يقول السائل: وردت الأدلة على الأجر في قراءة القرآن الكريم، فهل هناك أجر في قراءة الأحاديث النبوية ، أفيدونا بارك الله فيكم؟

الجواب:

نعم قراءة العلم كلها فيها أجر، تعلم العلم، وطلب العلم من طريق القرآن، ومن طريق السنة فيه أجر عظيم، فالعلم يؤخذ من الكتاب، ويؤخذ من السنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلم العلم وعلمه وجاء في قراءة القرآن أحاديث كثيرة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة رواه مسلم.
وقال ذات يوم عليه الصلاة والسلام: أيحب أحدكم أن يذهب إلى بطحان- وادي في المدينة- فيأتي بناقتين عظيمتين في غير إثم ولا قطيعة رحم؟" فقالوا كلنا يحب ذلك يا رسول الله فقال " لأن يذهب أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين عظيمتين وثلاث خير من ثلاث وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل " أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على فضل تعلم القرآن، وقراءة القرآن .
وفي حديث ابن مسعود: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها هكذا السنة إذا تعلمها المؤمن، فقراءة الأحاديث ودرسها يكون له أجر عظيم؟ لأن هذا من تعلم العلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وهذا يدل على أن دراسة العلم، وحفظ الأحاديث، والمذاكرة فيها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه، والتفقه في الدين يكون من طريق الكتاب، ويكون من طريق السنة، والتفقه في السنة من الدلائل على أن الله أراد بالعبد خيرا كما أن التفقه في القرآن دليل على ذلك، والأدلة في هذا كثيرة والحمد لله.






أهل السنة والجماعة

كثرة الطوائف الزاعمة أنها الطائفة المنصورة



س 3 - كثرت الطوائف والفرق التي تزعم أنها هي الطائفة المنصورة ، واشتبه على كثير من الناس الأمر، فماذا نفعل خاصة أن هناك فرقا تنتسب للإسلام كالصوفية والسلفية ونحو ذلك من الفرق فكيف نميز بارك الله فيكم؟

الجواب:

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة- يعني كلها في النار إلا واحدة وهم أتباع موسى- وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة- والمعنى أن كلها في النار إلا واحدة وهم التابعون لعيسى عليه السلام- قال وستفترق هذه الأمة- يعني أمة محمد عليه الصلاة والسلام- على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: يا رسول الله، من هي الفرقة الناجية؟ قال: "الجماعة" وفي لفظ: ما أنا عليه وأصحابي

هذه هي الفرقة الناجية، الذين اجتمعوا على الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم واستقاموا عليه، وساروا على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم ونهج أصحابه، وهم أهل السنة والجماعة، وهم أهل الحديث الشريف السلفيون الذين تابعوا السلف الصالح، وساروا على نهجهم في العمل بالقرآن والسنة، وكل فرقة تخالفهم فهي متوعدة بالنار.

فعليك أيتها السائلة أن تنظري في كل فرقة تدعي أنها فرقة ناجية، فتنظري أعمالها؟ فإن كانت أعمالها مطابقة للشرع فهي من الفرقة الناجية، وإلا فلا،

والمقصود أن الميزان هو القرآن العظيم والسنة المطهرة في حق كل فرقة، فمن كانت أعمالها وأقوالها تسير على كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذه داخلة في الفرقة الناجية، ومن كانت بخلاف ذلك كالجهمية والمعتزلة والرافضة والمرجئة وغير ذلك. وغالب الصوفية الذين يبتدعون في الدين ما لم يأذن به الله، هؤلاء كلهم داخلون في الفرق التي توعدها الرسول صلى الله عليه وسلم بالنار حتى يتوبوا مما يخالف الشرع.
وكل فرقة عندها شيء يخالف الشرع المطهر فعليها أن تتوب منه، وترجع إلى الصواب وإلى الحق الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبهذا تنجو من الوعيد، أما إذا بقيت على البدع التي أحدثتها في الدين ولم تستقم على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنها داخلة في الفرق المتوعدة، وليست كلها كافرة، إنما هي متوعدة بالنار، فقد يكون فيها من هو كافر لفعله شيئا من الكفر، وقد يكون فيها من هو ليس بكافر ولكنه متوعد بالنار، بسبب ابتداعه في الدين، وشرعه في الدين ما لم يأذن به الله سبحانه وتعالى.






تفسير حديث: بدأ الإسلام غريبا...


س 4 - قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : بدأ الإسلام غريبا وسيعود إلى آخر الحديث. نرجو تفسير هذا الحديث وبيان مدى صحته؟

الجواب:

هذا الحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى: قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس
وفي لفظ آخر: الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي وفي لفظ آخر: هم النزاع من القبائل

وفي لفظ آخر: هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير

فالمقصود أن الغرباء هم أهل الاستقامة، وأن الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقل أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت: 30-32] . ما تدعون: أي ما تطلبون. فالإسلام بدأ قليلا غريبا في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجرا وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريبا أيضا حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجا بعد أن فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، فأوله كان غريبا بين الناس وأكثر الخلق على الكفر بالله والشرك بالله وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك.

ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه فدخلوا في دين الله وأخلصوا العبادة لله وتركوا عباده الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين وأخلصوا لله العبادة فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده؟ لا يصلون إلا له؟ ولا يسجدون إلا له؛ ولا يتوجهون بالدعاء والاستعانة وطلب الشفاء إلا له سبحانه وتعالى، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم المدد، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله وحده سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الغرباء.

وهكذا في آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله عندما يتأخر الناس عن دين الله، وعندما يكفر الناس، وعندما تكثر معاصيهم وشرورهم يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا وفي الآخرة.






حديث: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة


س 5 - يقول السائل: هل الملل والنحل والطرق الموجودة الآن هي التي ينطبق عليها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد والقول الآخر: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة أفيدونا بالصواب جزاكم الله خيرا؟

الجواب:

كل طريقة وكل نحلة يحدثها الناس تخالف شرع الله، فهي داخلة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وداخلة في الحديث الصحيح: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: من يا رسول الله؟ قال: "الجماعة".
وفي رواية أخرى: ما أنا عليه وأصحابي فكل طريقة أو عمل أو عبادة يحدثها الناس يتقربون بها إلى الله ويرونها عبادة ويبتغون بها الثواب وهي تخالف شرع الله فإنها تكون بدعة، وتكون داخلة في هذا الذم والعيب الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فالواجب على جميع أهل الإسلام أن يزنوا أقوالهم وأعمالهم وعباداتهم بما قاله الله ورسوله، وما شرعه الله، وما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، بما وافق الشرع وما جاء في كتابه وما ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم ويعرضوها عليها فهذا هو الحق المقبول، وما خالف كتاب الله، أو خالف السنة من عباداتهم وطرقهم فهو المردود، وهو الداخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد

وهذا كله يتعلق بما يتعبد به الناس، وبما يقصد به الناس القربى، أما ما أحدثه الناس من الصنائع والاختراعات كالسلاح، أو من المركوبات أو الملابس أو المآكل فهذا كله غير داخل في هذا، وإنما الحديث يتعلق بالعبادات التي يتعبد بها الناس، ويتقربون بها إلى الله، هذا هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد

ولكن يدخل في هذا الحديث أيضا: العقود المخالفة لشرع الله، فكل عقد يخالف شرع الله فإنه رد.







دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى التوحيد

س 6 - يقول السائل: فضيلة الشيخ، يسمي بعض الناس عندنا العلماء في المملكة العربية السعودية بالوهابية فهل ترضون بهذه التسمية؟ وما هو الرد على من يسميكم بهذا الاسم؟


الجواب:

هذا لقب مشهور لعلماء التوحيد علماء نجد ينسبونهم إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه؟ لأنه دعا إلى الله عز وجل في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، واجتهد في إيضاح التوحيد وبيان الشرك للناس، حتى هدى به الله جما غفيرا، ودخل الناس في توحيد الله، وتركوا ما هم عليه من أنواع الشرك الأكبر؟ من عبادة أهل القبور، ومن البدع المتعلقة بالقبور، وعبادة الأشجار والأحجار، والغلو في الصالحين. فصارت دعوته تجديدية إسلامية عظيمة، نفع الله بها المسلمين في الجزيرة العربية وفي غيرها رحمه الله رحمة واسعة، وصار أتباعه ومن دعا بدعوته ونشأ على هذه الدعوة في نجد يسمى بالوهابي، وكان هذا اللقب علما لكل من دعا إلى توحيد الله، ونهى عن الشرك وعن التعلق بأهل القبور، أو التعلق بالأشجار والأحجار، وأمر بالإخلاص لله وحده وسمي وهابيا، فهو لقب شريف عظيم يدل على أن من لقب به فهو من أهل التوحيد، ومن أهل الإخلاص لله، وممن ينهى عن الشرك بالله، وعن عبادة القبور والأشجار والأحجار والأصنام والأوثان. هذا هو أصل هذه التسمية وهذا اللقب، هو نسبة إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي الداعي إلى الله عز وجل رحمه الله رحمة واسعة، فقد نشأ في نجد، وتعلم في نجد، ثم سافر إلى مكة والمدينة والعراق والأحساء وأخذ عن علمائها من أهل السنة، ثم رجع إلى نجد فرأى ما الناس فيه من الجهل، وعبادة القبور والغلو فيها، والشرك بالله سبحانه وتعالى، ودعاء الأموات والاستعانة بهم والبناء على قبورهم، فدعا إلى الله، وأرشد الناس ونهاهم عن الشرك، وبين لهم أن التوحيد هو حق لله عز وجل على عباده، وأنه الذي دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام.

وبين لهم معنى لا إله إلا الله وأن معناها لا معبود حق إلا الله، يعني أنها نفي وإثبات، تنفي الإلهية عن غير الله وتثبت العبادة لله وحده سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج: 62] . وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] . وقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25] . وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ [الإسراء: 23] . وقال عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر: 14] . وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة: 5].

فالشيخ رحمه الله- محمد بن عبد الوهاب- قام بهذه الدعوة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، وكان ذلك في العيينة في بلدة قريبة من الرياض، دعا إلى الله فيها، ونشر التوحيد وصارت عنده حلقة عظيمة في التعليم، ثم انتقل لأسباب معروفة إلى الدرعية، وتلقاه أميرها محمد بن سعود وبايعه على الدعوة إلى الله عز وجل، وعلى نشر الإسلام في الدرعية وما حولها فنفع الله بذلك، وتعاون الإمامان: الإمام محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود جد العائلة المالكة الآن، فتعاونا في سبيل الدعوة، وكان ذلك في عام ثمان وخمسين ومائة وألف من الهجرة النبوية. هكذا بدأ الدعوة في الدرعية بعد أن انتقل من العيينة، فانتشر الإسلام هناك، وأزيلت القباب التي على القبور، وانتشر التوحيد بين الناس، وعرفوا حقيقة معنى لا إله إلا الله، ثم قامت دولة آل سعود في بقية الجزيرة، وانتشر أمر التوحيد في أطراف الجزيرة، فنفع الله بهذه الدعوة نفعا عظيما، وظهر بها الحق، وانتصر بها أهل التوحيد، وصارت علما لأهل التوحيد في كل مكان. ثم انتشرت هذه الدعوة أيضا في اليمن، وفي جهات كثيرة من الهند والشام والعراق ومصر، حيث تلقاها أئمة الهدى وعلماء الحق بالقبول، وساعدوا الشيخ محمدا رحمه الله ودعوا بدعوته.








الافتراء على الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من قبل المبتدعة


س 7 - إن الذي يؤمن بالكتاب والسنة والرسل في قريتنا أو مدينتنا ولا يعتقد في الأسياد الذين يضربون أنفسهم في الحديد وغيره كما ذكرت في السؤال السابق يقولون عنه: أنت وهابي، ويزعمون أن هذا المذهب لا يعترف حتى بالرسول الكريم محمدا. أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.

الجواب:

هؤلاء مثل ما تقدم جهال أو متعصبون ملبسون على الناس مخادعون، فهم بين جهل وضلال، وبين خداع وتلبيس، فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر ويعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله ينكر عملهم هذا السيئ فينكر طعنهم أنفسهم بالسلاح، أو إدخال أنفسهم في النار، أو تقربهم إلى أسيادهم بالذبائح والنذور، فكل هذا ينكره أهل الحلم بالله، وينكره أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما أنكره الرسول عليه الصلاة والسلام وحذر منه؟ لأنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وليس هذا العمل من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من أمر الصحابة، ولا من دين الله الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم ، فهو باطل.

أما الوهابية فهم أتباع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله، فهو إمام مشهور دعا إلى الله عز وجل في نجد في القرن الثاني عشر. دعا إلى الله، وإلى التمسك بالإسلام، وإلى تحكيم الشريعة المطهرة، وحذر الناس من الغلو في الأنبياء والصالحين، وعبادة القبور، وعبادة الأشجار والأحجار.

ودعا الولاة في زمانه، والأمراء، والعامة إلى توحيد الله والإخلاص له، واتباع الشريعة وتعظيمها، وإقامة الصلوات في المساجد، والمحافظة على شعائر الله، فيسر الله له الأنصار والأعوان من آل سعود، وقام دين الله بأسباب دعوته في الجزيرة العربية، وظهر الحق، وانتصر الحق، وخذل الله الباطل، وحكمت الشريعة الإسلامية في هذه الجزيرة بأسباب دعوته، ولم تزل بحمد الله في آثارها وفي بقاعها. نسأل الله أن يثبتنا ويميتنا على الحق والهدى، فالشيخ محمد رحمه الله وأتباعه هم من أنصار الحق، ومن دعاة الهدى، وهم الذين نصروا دين الله في وقت الغربة في القرن الثاني عشر، وأعلوا كلمة الله، وجاهدوا عليها، وحكموا شرع الله في هذه الجزيرة. وهو يدعو إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلى تعظيم شريعته واتباع ما جاء به، والناس يكذبون عليه وعلى أتباعه، ويقولون إنه لا يصلى على النبي، ويقولون إنه يقول عصاي أحسن من النبي، وكل هذا من الباطل ومن أكاذيب أعداء الله، فهو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الله، وأنه أفضل الخلق، وأفضل عباد الله، وهو سيد ولد آدم، وهو إنما قام يدعو إلى شريعته وإلى اتباع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وهو ممن يعظم أمر الله ونهيه، وينادي في بلاده أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله.

ويرى رحمه الله أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التحيات في آخر الصلاة ركن من أركان الصلاة، فكيف يقال إنه لا يصلي عليه، إذا كان يرى أن الصلاة عليه ركن من أركان الصلاة في آخر التحيات في آخر الصلاة؟ ! ولكن أعداء الله عندهم الكذب، وعندهم التلبيس، وعندهم البهتان، وعدم المبالاة بأمر الله ورسوله. ولا حول ولا قوة إلا بالله.






حكم الطرق في الإسلام

س 8 - تقول السائلة: ما حكم الطرق في الإسلام . علما أنني سألت بعض الأساتذة فقال: هذا حرام، وقال البعض الآخر: ليست فرضا ولا حراما. أرجو الإجابة الواضحة على ذلك وفقكم الله؟


الجواب:

هذا السؤال عن الطرق مجمل، فإن كانت السائلة تريد الطرق الصوفية فهي منكرة، وبعضها كفر وبعضها بدعة وليس بكفر؛ لأن الطريق الذي يجب سلوكه هو طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . قال الله جل وعلا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 153] . وقال سبحانه وتعالى: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 155] . وقال جل وعلا: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7] .

فالواجب على أهل الإسلام أن يسيروا على نهج محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن يستقيموا على سيرته ودينه، قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31] . فصراط الله المستقيم هو ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو طريق المنعم عليهم المذكورين في قوله جل وعلا: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون المذكورون في قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 4] .

فهذا هو الطريق السوي، أما طرق الصوفية ففيها الشرك، كعبادة بعض شيوخهم، والاستغاثة ببعض شيوخهم، وكهجر بعضهم لعلوم السنة، وقوله: حدثني قلبي عن ربي، وعدم الاعتراف بالشرع الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، إلى غير هذا من بدعهم الكثيرة. وكفعل بعضهم مع المريدين، حيث يقول: عليك أن تسلم للشيخ حاله ومراده، وألا تعترض عليه، وأن تكون معه كالميت بين يدي الغاسل، فهذه كلها طرق فاسدة وكلها ضالة.

أما إن أردت بالطرق- الطرق يعني الخط في الأرض، كتلك الخطوط الأرضية التي يخطها المشعوذون والرمالون، ويدعون بها علم الغيب، فهذا منكر آخر ولا يجوز، وهو من الشرك الأكبر، فمن فعل خطوطا في الأرض، وزعم أنه يعلم الغيب بذلك، وأنه يخبر بالغيب بهذا العمل، فإن فعله هذا من الشرك الأكبر، ومن دعوى علم الغيب والعياذ بالله، وقد قال الله سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ الآية .

 

 

توقيع : Nathyaa

Nathyaa