[frame="11 70"]لم تكن الطريقة التي انتهت بها حرب إسرائيل التي استمرت 33 يوماً على لبنان أخباراً تبشر بخير للمسيحيين الإنجيليين الذين التقوا في واشنطن الشهر الماضي. لقد اجتمعوا للتأثير على المشرعين الأميركيين ولالتماس المساندة لصالح إسرائيل في حربها على بلدٍ عربي. انتهت الحرب بفشلٍ عظيم على الرغم ممن اعتبر غير ذلك. جاء هذا في مقالٍ للكاتب دريد البيك في صحيفة غلف نيوز الإماراتية.
وقال البيك مضيفاً أن آمال الإنجيليين, الذين يعتقدون أن شعب إسرائيل هم أول من نال محبة الله, خابت لأنهم كانوا بانتظار المجيء الثاني لعيسى المسيح وتوقعوا أن نتيجة هذه الحرب ستمهد الطريق لذلك.
ومن وجهة نظر الإنجيليين, فإن هناك أسباباً لا بد من أن تكون مرتبطة بهزيمة إسرائيل التي يعتقدون أنها الأمة التي يفضلها الله على سائر الأمم. وما يثير السخرية أن "حزب الله" هو من ربح موقفه من القضية.
ومحاجةً عن السبب الذي يدعوهم للدفاع عن إسرائيل قال القس جون هاجي في كنيسة كورنرستون في سان أنطونيو بتكساس: "أعطى الله الأرض [فلسطين] إلى الشعب اليهودي, وعلى المسيحيين واجب توراتي بدعمها ودعم اليهود."
وفي كتابه "العد التنازلي للقدس: تحذير إلى العالم", يتنبأ هاجي بأن المعركة الفاصلة بين الشرق الأوسط والغرب في أرمجدون ستحقق النبوءة التوراتية لآخر الزمان والمجيء الثاني والنهائي لعيسى المسيح لكي يحكم بالحياة والموت.
من ناحية أخرى, بالنسبة لكثير من الأميركيين الذين لا يكترثون لمعرفة من سيقف في الصفوف الأولى من الجنة, كانت هزيمة إسرائيل في أول مهمة لها ضد "الحرب الدولية على الإرهاب" و "الفاشية الإسلامية" أمر لا يمكن تقبله. فهم يعتقدون أن تلك كانت خسارة مادية كبيرة لبلادهم في استثمارها الإستراتيجي الخارجي.
الحليف الأكثر اعتماداً عليه
جميع دافعي الضرائب في الولايات المتحدة زادوا من حجم استثماراتهم في إسرائيل من أجل لحظة كهذه. الأكثر من ذلك, أن جيش الولايات المتحدة الذي أرهقته الحروب في أفغانستان والعراق يحتاج الآن إلى مساعدة طارئة لإيقاف نمو حزب الله.
كانت إسرائيل الحليف الأكثر اعتماداً عليه في تنفيذ هذه المهمة, لكنها فشلت بالرغم من الدبلوماسية الأميركية والتغطية العسكرية.
اليوم تقف الولايات المتحدة أمام مفترق طرق وجهاً لوجه مع موقف إسرائيل من الحرب على الإرهاب. إذ تعالت دعوات عقلانية من عددٍ من المثقفين الأميركيين ومجالس الخبراء تدعو إلى مراجعة سياسة الولايات المتحدة في المنطقة وإعادة حساباتها التي كان يبدو أنها تعتمد على الحقائق ولكن اتضح أنها باتت حقائق عفا عليها الزمن.
إذا كان لدى الإنجيليين أسباب غيبية لدعم إسرائيل, فإن الأميركيين العاديين لا يسرهم أن يروا استثماراتهم تحترق بسبب صواريخ حزب الله.
وفي دراسة مشتركة كتب كل من جون ميرشايمر أستاذ العلوم السياسية وستيفن والت أستاذ الشؤون الدولية: "منذ حرب أكتوبر في 1973 كانت إسرائيل أكبر متلقٍ للمساعدات الاقتصادية المباشرة سنوياً, وكذلك أكبر متلقٍ لكل شيء منذ الحرب العالمية الثانية."
وأضافا: "بأرقام 2004, كلّفت إسرائيل أميركا 140 بليون دولار. وهذا يعني أن كل إسرائيلي يكلف الولايات المتحدة 500 دولاراً كل سنة, على الرغم من حقيقة أن إسرائيل أصبحت الآن دولة صناعية غنية, يعادل متوسط دخل الفرد فيها متوسطه في كوريا الجنوبية وأسبانيا."
وصرح الكاتبان الأميركيان أنه يمكن فهم هذا المقدار من الكرم في حال كانت إسرائيل تمثل ثروة إستراتيجية حيوية أو كانت هناك قضية أخلاقية مهمة تستحق دعم الولايات المتحدة.
وكتبا: "قد يكون هناك جدل على أن إسرائيل مثلت ثروة إبان الحرب الباردة... لكن حرب الخليج الأولى أوضحت إلى أي مدى يمكن لإسرائيل أن تتحول إلى عبءٍ في المنطقة... كرر التاريخ نفسه في 2003 عندما لم يتمكن بوش من طلب المساعدة منها دون إثارة المعارضة العربية, ووقفت إسرائيل على الخط الجانبي للحرب مرة أخرى."
يعتقد الأميركيون أن إسرائيل, التي كانت متأهبة جيداً للحرب مع حزب الله, لا يمكنها الحد من خطر الحزب في حال نشب أي نزاع بين الولايات المتحدة وإيران, الذي بدوره سيُعرِّض المصالح الأميركية للخطر وسيضر بسلامة جنودها في المنطقة, كما جاء في المقال.
كتب باتريك ج. بوكانان, الكاتب الأميركي والمرشح الرئاسي للحزب الجمهوري, أن الولايات المتحدة كانت الخاسر الأكبر في الحرب ضد حزب الله, لأنها رفضت إدانة الدمار الذي ألحقته إسرائيل بلبنان وبنظامها الديمقراطي.
وقال: "لذلك يستحق بوش وتشيني اللوم سياسياً وأخلاقياً لما حصل في لبنان وحكومته الديمقراطية."
ومع ذلك, تركت الإدارة الأميركية نفسها مع حلٍ وحيد عملي وحكيم لحل هذه المشكلة.
الحل أقل كلفة وبساطة وأكثر فاعلية وتكلفته أقل بكثير من 140 بليون دولار من الاستثمار الخاسر في إسرائيل, وهو حل أزمة الشرق الأوسط بأسلوبٍ عادل وودي. لا تنتظروا كثيراً قبل حل الأزمة الأم لكل الأزمات في المنطقة, إذ لا يمكن لأحد أن يتنبأ بطبيعة وحجم الصراعات القادمة والأسلحة التي يمكن أن تستعملها الأطراف المتحاربة في مواجهتها المقبلة. [/frame]