بسم الله الرحمن الرحيم
اخوتي الاعزاء اعضاء ومشرفين بمنتدى الشعر وهمس القوافي
ارجوا ان لا اكون ضيفا ثقيلا.
اخوتي العزاء اود ان اشارككم بموضوع جميل ومشوق ، وهو يحكي عن
ابيات من الشهر بقيت ترن للأن بأذان الناس كأمثال او مشابة ذلك لقوة
مفرداتها واوزانها وبحورها.
انا اليوم اخترت لكم هذا البيت.
"ياراهب الدير بالأنجيل تخبرني ××× عن البدور اللواتي ها هنا نزلوا."
لم يجد صاحب هذا البيت سوى ثمة مواطئ اقدامهم وبقية رسومهم
وآثارهم، فجن جنونه وفقد عقلة ، وجرى مسرعا الى دير راهب نصراني
قريب منه فناداة والحزن يلف صوته، وهو مضطرب الاحشاء مبهوت
الاحاسيس يرق له من يراه ويرثى له من يجهله ، فنزل له الراهب من
الدير ووقف الى جانبه ، فقال له:
"ياراهب الدير بالأنجيل تخبرني ××× عن البدور اللواتي ها هنا نزلوا."
ثم اتكأ هذا البائس على كتف الراهب ،فبكى حتى إختلفت أضلاعه فرق له
الراهب رقة شديدة ،وبكى رحمة له ، فكان حال هذا لراهب كما وصفة
صاحبنا قائلا:
" فرق لي وبكى وأن لي وشكى ××× وقال لي يا فتى : ضاقت بك الحيل"
"إن البدور اللواتي جئت تطلبها ××× بالامس كانوا هنا واليـوم قد رحلـوا"
فنادى صاحبنا حادي العيس بصوت مسموع:
"يا حادي العيس مهلاكي نودعها ××× رفقـا قليــلا ففــي توديعهــا الاجــل"
"ما راعني اليوم شيئ غير فقدهم ××× لمـا إستقلـت وسـارت بالدمـى الأبل"
"إني على العهد لم انقض مودتهم ××× فليت شعري وطال الدهـر ما فعلـوا"
إن هذه الابيات غاية في الرقة ومن العجائب التي تذكر ، أن صاحبها
( أحد المجانين ) وكان صاحبنا ضمن مجموعة مجانين في دير يسمى
( دير هرقل ) أيام خلافة المتوكل على الله العباسي وهو بناحية النعمان بين
مدينة واسط ومدينة بغداد وقد ذكر ذلك الرحالة الكبير المسعودي في
كتابة " مروج الذهب ومعادن الجوهر" ولم يورد المسعودي أسم هذا
المجنون صاحب الابيات وانما ذكر أن "محمد بن يزيد بن المبرد" النحوي
المعروف ، مر بهذا الدير فشاهد صاحبنا وحاوره طويلا واستمع لعدة قصائد
منه كان آخرها الابيات السابقة ، وأنه بعد ان قال البيت الاخير صاح
قائلا :( آه آه ) ثم خر ميتا فما برح ابن المبرد حتى غسله وكفنه وصلى
عليه ثم دفنه..
تمت
ارجوا ان تكونوا قد استمتعتم بهذه الابيات والقصيدة وانا آسف على الاطالة.
اخوكم Hornet