عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-04-2006, 09:58 AM
الصورة الرمزية اسااور
اسااور اسااور غير متصل
عضو مشارك
 




اسااور كاتب جديد
حوار الله مع السماء والأرض

الحوار منهج الله سبحانه وتعالى مع جميع مخلوقاته بجميع أنواعها ولم يرد في القرآن حوار بين الله تعالى والسماء والأرض إلا في آية واحدة في سورة فصلت، وهي قوله تعالى: ''ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ''،
وبعد خلق السماء والأرض خاطبهما الله تعالى بقوله ''ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا''، ومعنى ذلك أمر منه تعالى لهما: جيئا بما خلقت فيكما، وأعطيا المنافع والمصالح وأخرجاها لخلقي، فالسماء تطلع شمسها وقمرها وكواكبها، وتجري رياحها وسحابها، والأرض تشق أنهارها وتخرج شجرها وثمارها، ويكون هذا شروعًا في بيان كيفية التكوين إثر بيان كيفية التقدير، ولعل تخصيص البيان بما يتعلق بالأرض وما فيها لبيان اعتنائه تعالى بأمر المخاطبين وترتيب مبادئ معايشهم قبل خلقهم، مما يحملهم على الإيمان ويزجرهم عن الكفر والطغيان، ومعنى قوله: طوعًا أو كرهًا؛ أي شئتما ذلك أو أبيتما، أي استجيبا لأمري، وانفعلا لفعلي طائعتين أو مكرهتين، قالتا: أتينا طائعين.
أ- تكلمت السماء والأرض، وهذا نص الآية أن القول كان منهما، ومعناه أتينا أمرك طائعين وذكراه بهذه الصيغة، لأنه إخبار عنهما وعما فيهما، ولانهما جريا مجرى ما يعقل وما يميز، والمعنى: جئنا بما أحدثت فينا من خلقك مستجيبين لأمرك، لا نعصي أمرك.
ب- وقال آخرون: إن معنى القول ظهور الطاعة منهما حيث انقادتا وأجابتا، فقام مقام قولهما، وكان ذلك على سبيل التمثيل؛ لتحتم تأثير قدرته تعالى فيهما، واستحالة امتناعهما من ذلك، لا إثبات الطوع والكره لهما.
والأرجح الأول، وهو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، والله أعلم، وقال الحسن البصري لو أبتا عليه أمره لعذبهما عذابًا تجدان ألمه.
الفوائد من هذا الحوار
1- إثبات وجود حوار بين الله تعالى ومخلوقات نراها في نظرنا جمادًا، ولكنه حوار مع خالقها.
2- كلام الله مع هذه المخلوقات يدل على عظمته وقدرته وسلطانه سبحانه.
3- السماء والأرض تتحدثان بلغة وصوت وحروف وقدرة على الحديث خلقها الله فيهما.
4- كلمات السماء والأرض مختصرة مؤدية للغرض، تدل على الانقياد بلا جدال.
5- كلام الأرض والسماء ممكن شرعًا وعقلاً، فقد ورد أيضا من الأحاديث ما يدل على أن الأرض تبكي والجبال تشهد والحجارة والأشجار، والعقل لا تستحيل معه قدرة الله.
6- مخلوقات الله تستجيب لأوامر الله وتطيع الله ونحن أحرى بذلك منها.