بسم الله الرحمن الرحيم
(( ما أقلت الغبراء ولاأظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر ))
حديث شريف
أبو ذر الغفاري
اسلامه
كان جندب بن جنادة المكنى بأبي ذر واحدا من قبيلة غفار وكان يمتاز بجرأة القلب ورجاحة العقل وبعد النضر وكان يضيق أشد الضيق بهذه الأوثان التى يعبده قومه من دون الله .
ويستنكر ماوجد عليه العرب من فساد الدين وتفاهة المعتقد .
ويتطلع الى ظهور نبى جديد يملأ على الناس عقولهم وأفئدتهم ويخرجهم من الظلمات الى النور .
ثم تناهت الى أبي ذر أخبار النبي الجديد الذى ظهر فى مكة ، فقال لأخيه (أنيس ) :
انطلق الى مكة وقف على أخبار هذا الرجل الذى يزعم انه نبي وأنه يأتيه وحي من السماء واسمع شيئا من قوله واحمله الى .
ذهب انيسالى مكة والتقى بالرسول وسمع منه ثم عاد الى البادية فتلقاه ابو ذر فى لهفة وساله عن أخبار النبى الجديد
فقال :
لقد رأيت رجلا يدعو الى مكارم الأخلاق ويقول كلاما ماهو بالشعر .
فقال له :
وماذا يقول الناس عنه ؟
فقال :
يقولون : انه ساحر وكاهن وشاعر
فقال ابو ذر :
والله ماشفيت لى غليلا ولا قضيت لى حاجة فهل انت كاف عيالى حتى انطلق فانظر امره ؟
فقال :
نعم ولكن كن من اهل مكة على حذر
اتجه ابو ذر الى مكةيريد لقاء النبي والوقوف على خبره بنفسه
بلغ مكه وهو متوجس خيفة من اهلها لذا كره ان يسأل احدا عن محمد لانه ماكان يدرى ايكون هذا من شيعته ام من عدوه .
ولما اقبل الليل اضطجع فى المسجد فمر به على بن ابى طالب رضي الله عنه فعرف انه ىغريب فقال :
هلم الينا ايه الرجل فمضى معه وبات ليلته عنده وفى الصباح عاد الى المسجد دون ان يسال منهما صاحبه عن شئ
ثم قضي يومه الثانى فلما امسى اخذ مضجعه من المسجد فمر به على رضي الله عنه فقال :
اما ان للرجل ان يعرف منزله ؟
ثم اصطحبه معه فبات عنده ليلته الثانية ولم يسأل احد منهما صاحبه عن شيئ
فلما كانت الليلة الثالثة قال على لصاحبه :
الا تحدثنى عما اقدمك الى مكة ؟
فقال ابو ذر ان اعطيتنى ميثاقا ان ترشدنى الى ماأطلب فعلت فأعطاه على ما اراد من ميثاق .
فقال ابو ذر :
لقد قصدت مكة من اماكن بعيدة ابتغى لقاء النبي الجديد وسماع شيئ مما يقوله .
فانفرجت اسارير على رضي الله عنه وقال انه لرسول الله حقا فاذا أصبحنا فاتبعنى حيثما سرت فان رايت شيئا اخافه عليك وقفت كأنى اريق الماء فان مضيت فاتبعنى حتى تدخل مدخلى
فى الصباح مضى على بضيفه الى بيت الرسول الكريم ومضي ابو ذر وراءه يقفوه وهو لا يلوي على شيئ حتى دخلا على النبي فقال ابو ذر
السلام عليك يارسول الله
فقال الرسول : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
فكان اول من حيا الرسول بتحية الإسلام
مالبث ابو ذر ان اعلن كلمة الحق ودخل فى الدين الجديد قبل ان يبرح مكانه فكان رابه ثلاثه اسلمو او خامس اربعة
اذيته فى الاسلام
ولنترك الكلام لابىذر ليقص علينا بقية خبره قال
أقمت بعد ذلك مع رسول الله فى مكة فعلمنى الاسلام واقرانى شيئا من القران ثم قال لى :
لاتخبر باسلامك احدا فى مكة فانى اخاف عليك ان يقتلوك .
فقلت : والذى نفسى بيدهلا أبرح مكة حتى اتى المسجد واصرخ بدعوة الحق بين ظهرانى قريش فسكت الرسول .
فجئت المسجد وقريش جلوس يتحدثون فتوسطتهم وناديت بأعلى صوتى : يامعشر قريش إنى اشهد أن لا اله الا الله ةان محمدا رسول الله.
فما كادت كلماتى تلامس اذان القوم حتى ذعروا جميعا وهبو من مجالسهم وقالوا : عليكم بهذا الصابئ
وقامو الى وجعلوا يضربونني لأموت فأدركنى العباس عم النبي وأكب على ليحمينى منهم
ثم اقبل عليهم وقال : ويلكم أتقتلون رجلا من غفار وممر قوافلكم عليهم ؟ فأقلعوا عنى
ولما افقت جئت الى رسول الله صلى الله عليه وسلمفلما رأى مابى قال :
ألم أنهك عن اعلان اسلامك ؟ فقلت :
يارسول الله كانت حاجة فى نفسي فقضيتها .
انطلق ابو ذر الى منازل قومه
وقد شرح الله صدر اخيه انيس على يده وامهم فدخلو الاسلام
واسلم من غفارخلق كثير واقيمت فيهم الصلاة
فقال عليه السلام
غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله .
خدمته للرسول
اقام ابو ذر فى باديته حتى مضت بدر واحد والخندق ثم قدم على المدينه وانقطع الى رسول الله صلي الله عليه وسلم وأستأذنه فى ان يقوم على خدمته فاذن له ونعم بصحبته وسعد بخدمته
وظل رسول الله صلوات الله عليه يؤثره ويكرمه فما لقيه مرة الا صافحه وهش فى وجهه وبش
حياته بعد وفات الرسول صلى الله عليه وسلم
لما لحق الرسول بالرفيق الاعلى لم يطق ابو ذر صبرا على الاقامة فى المدينة بعد ان خلت من سيدها واقفرت من هدي مجالسه فرحل الى بادية الشام وأقام فيها مدة خلافة الصديق والفاروق رضي الله عنهما وعنه
وفى خلافة عثمان نزل دمشق فرأى من اقبال المسلمين على الدنيا مأذهله ودفعه الى الاستنكار فاستدعه عثمان الى المدينه فقدم اليها
لكنه مالبث ان ضاق برغبة الناس فى الدنيا وضاق الناس بشدته وتنديده بهم فأمره عثمان
بالانتقال الى الربذة وهى قرية صغيرة من قرى المدينة فرحل اليها واقام فيها بعيدا عن الناس
زاهدا بما فى ايديهم من عرض الدنيا متمسكا بما كان عليه الرسول وصاحباه من ايثار الباقيه على الفانية .
زهده وورعه فى الدنيا
دخل عليه رجل ذات مرة فجعل يقلب الطرف فى بيته فلم يجد فيه متاعا .
فقال : ياأباذر اين متاعكم ؟
فقال : لنا بيت هناك ( يعنى الآخرة ) نرسل اليه صالح متاعنا
ففهم الرجل مراده وقال له :ولكن لا بد لك من متاع مادمت فى هذه الدار .
فأجاب ولكن صاحب المنزل لا يتركنا فيه .
وبعث اليه أمير الشام بثلاثمائة دينار وقال له استعن بها على قضاء حاجتك
فردها اليه وقال : أما وجد أمير الشام عبدا لله أهون عليه منى .