عرض مشاركة واحدة
قديم 21-03-2006, 11:48 AM   رقم المشاركة : 83
albader
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية albader






albader غير متصل

albader كاتب رائع


افتراضي

الشيخ أحمد النجمي

سؤال 21 : فضيلة الشيخ ، نسمع كثيرا عن ما يسمى بالعمليات الاستشهادية – الانتحارية – وصورتها كالآتي :
يقوم الرجل بوضع قنبلة في ملابسه ، وعندما يصل إلى منطقة معينة محددة من قبل الجهات المنظمة لهذه العملية ، فإنه يقوم بتفجير نفسه قاضيا معه على كل من وجد في هذه المنطقة ، سواء كانت هذه المنطقة دكانا أو مطعما أو سوقا أو حديقة يكثر فيه اجتماع الناس أو يقوم بقيادة سيارة مليئة بالمتفجرات ، وعندما تصطدم السيارة بمكان معين تتفجر ، وينفجر معها السائق أو يقوم بقيادة حافلة مليئة بالمتفجرات ، ومعه مجموعة من الناس كرهائن ، سواء كانوا مسلمين أو كفارا أو خليطا من المسلمين والكفار ، ثم يقوم بتفجير الحافلة ، فيموت كل من وجد في هذه الحافلة حتى السائق .
والسؤال هو : ما حكم من يقوم بهذه العمليات الانتحارية ، سواء قصد الانتحار أو لم يقصد ، وذلك بهدف إلحاق الضرر بالعدو ؟
الجواب : الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .
وبعد : تسألون عن حكم العمليات الانتحارية التي وصفتم ، وهذه العمليات عمليات محرمة لا يجوز فعلها ، لأنها مبنية على الخيانة ، وعلى أمور خفية يكون فيها تستر على الغادرين ، والغدر لا يجوز والخيانة محرمة ، حتى ولو كان القصد منه إلحاق الضرر بالعدو ، وحتى لو كان العدو معتديا وظالما ، فالله سبحانه وتعالى يقول : (( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ )) [الأنفال : 58] . وجاء في الحديث : [ أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك ] (السلسلة الصحيحة برقم 424 وفي الإرواء برقم 1544) فالخيانة منبوذة في الشرع الإسلامي ، وممنوعة فيه ، وكذلك الغدر أيضا إذ لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يغدروا بأحد من قادة الكفر كالوليد بن المغيرة ، وأبو جهل ، وعتبة بن ربيعة وغيرهم ، حتى ولم يكسر أصنامهم في حالة الغفلة منهم ، ونبي الله موسى صلى الله عليه وسلم يقول لقومه كما أخبر الله عنه مع أن العدو يذبِّح أبناءهم ويستحيي نساءهم ، فإذا ولدت المرأة جاء الجلاوزة فأخذوه إذا كان ذكرا وذبحوه أمام أبيه وأمه ، فشكى قوم موسى إليه ذلك ، فقال لهم : (( اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )) [الأعراف : 128] ، ولم يأمرهم بغدر أحد ، ولا قتل أحد .
والمهم أن هذه العمليات تصدر من قوم جهال يجهلون الشريعة ، فيعملون أعمالا مبنية على العاطفة من دون أن ينظروا هل هي مباحة في الشرع أم لا !! فهم يرون ظلم الأعداء ، وعسفهم فيظنون أن ما عملوه له وجه من الصواب ، وليس كذلك ، ولعل هناك من يفتيهم بجواز هذه العمليات .
ثم إن في ذلك جناية على سائر المسلمين ، حيث أن العدو يزداد في العداء لهم ، والظلم والتعسف لهم ، فانظروا مثلا العمليات التي حصلت في أمريكا ماذا ترتب عليها من ظلم للإسلام وأهله ، واعتداء عليهم !! فالأفغان فيها الملايين من المساكين الذين ظلموا بسبب تلك الحادثة وكذلك الفلسطينيون والعراقيون ، فنسأل الله أن يبصر المسلمين ، ويجنبهم القادة الجاهلين .
أما وصف هذا العمل بأنه استشهاد ، فإنه وصف في غير محله ، ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم أم العلاء وهي تقول لعثمان بن مظعون – رضي الله عنهما – حين مرض ومات : (رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله) فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : [ وما يدريك أن الله أكرمه ! ] فقلت : لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أما عثمان فقد جاءه والله اليقين ، وإني لأرجو له الخير ، والله ما أدري – وأنا رسول الله – ما يفعل بي ] قالت : فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا) رواه البخاري ، وقد ورد النهي عن أن يقال فلان شهيد ، لأن الشهادة تترتب على الإخلاص ، والإخلاص لا يعلمه إلا الله ، فلا ينبغي أن نصف المنتحرين بأنهم شهداء ، ولا أن عملهم شهادة ، ولكنا نرجو لمن مات على التوحيد إذا كان عمله مشروعا نرجو له الشهادة .
أما عمل هؤلاء ، فإنه عمل جاهلي ، ولا يصح أن نصف أصحابه بأنهم شهداء ، وبالله التوفيق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سؤال 24 : هل يجوز مساعدة الكفار في إلقاء القبض على من يدَّعون حقا أو باطلا أنهم من منظمي هذه العمليات ؟ وما الحكم إذا كان منظمي هذه العمليات من المسلمين ؟
الجواب : يجوز التعاون مع الكفار غير المحاربين على أصحاب العمليات الإرهابية ، سواء كانوا من المسلمين أو الكفار ، لأن السكوت عنهم يلحق الضرر بالإسلام والمسلمين ، فيظن أن الإسلام دين إرهاب ، ودين إفساد أو دين خيانة وغدر ، والإسلام يبرأ من هذا كله ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرا على جيش أو سرية ، أوصاه في خاصته بتقوى الله - ومن معه من المسلمين – خيرا ، ثم قال : [ اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ] رواه مسلم . فهو كما ترى يوصي المسلمين المجاهدين بعدم الغدر ، فالغجر ليس له مكان في الإسلام ، والخيانة كذلك ، فالإسلام دين العدل ودين الحق .
وقبل ذلك لابد من معرفة الإرهاب ما هو ؟ إنه إخافة الآمنين ، ونشر الذعر بين الناس بالأعمال السرية التي تبيت في السر ، وتكون مبنية على الخيانة ، والغدر ، ولا يعلم بها الناس إلا بعد أن تنفذ ، فهذا هو الإرهاب ، فالخائف لا يطيب عيشه ، ولو كان موفرا له المأكل والمشرب ، ولذلك قرن الله عز وجل بين هذين الأمرين في قوله تعالى : (( الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ )) [قريش : 4] .
وإن ما يعمله اليهود في فلسطين من قتل وجرح المسلمين الآمنين لهو الإرهاب بعينه ، وإن ما يقارفونه من احتلال للبيوت والأراضي ، وتجريف للمزارع التي يعيش فيها المسلمون لهو الإرهاب والإفساد بعينه ، فأين المنصفون ؟! وبالله التوفيق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سؤال 25 : هل يجوز للمسلم أن يتستر على منظمي هذه العمليات الانتحارية أو بخططهم إذا كانوا من المسلمين أو كفارا إذا كان الهدف واحد وهو إلحاق الضرر بدولة معينة بحجة أن هذه الدولة هي العدو المشترك لظلمها ولجورها ، ولاغتصابها أراضي كان يعيش فيها المسلمون والكفار معا كما نسمع عن اجتماع النصارى مع المسلمين في فلسطين لمحاربة اليهود ، أفيدونا مأجورين ؟
الجواب : لا يجوز التستر على منظمي هذه العمليات الانتحارية ، ومن تستر عليهم فهو يعد منهم ومتعاونا معهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ لعن الله من آوى محدِثا ] رواه مسلم ، ومعنى محدِثا : يعني كونه يعمل عملا إجراميا يأباه الإسلام ، ويرده ، فلا يجوز التعاون معهم على ذلك ، وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

المصدر : [ ( الفتاوى الجلية عن المناهج الدعوية ) الجزء الثاني (ص : 59 – 66) لفضيلة الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النَّجمي ، جمع وتعليق : حسن بن منصور الدغريري ، ط. (دار المنهاج) بالقاهرة – مصر ]