عرض مشاركة واحدة
قديم 18-02-2006, 11:40 AM   رقم المشاركة : 53
albader
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية albader






albader غير متصل

albader كاتب رائع


افتراضي

أخى العزيز أبو محمد الله يهدينا وياك الى سوء السبيل
أخى
1- أن الاستدلال اللى أستدليته من أحداث المعارك للمسلمين السابقة وما استُدل به على جواز أن يقتل المرء نفسه بنفسه لغرض إنزال النكاية بالعدو .. كالأدلة الدالة على جواز الإقدام والانغماس في صفوف العدو .. وقصة الغلام مع الملك .. ومسألة قتل الترس .. فهي أولاً لا تعني أن يقتل المرء نفسه بنفسه .. وإنما تعني أن يُقتلَ على يد عدوه أو غيره لا بيد نفسه .. وهي ثانياً متشابهة في دلالتها على جواز قتل المرء لنفسه بنفسه لغرض النكاية بالعدو .. حمَّالة أوجه ومعانٍ .. يُمكن صرفها إلى أكثر من معنى .. وإلى أكثر من وجه .. غير معنى ووجه قتل النفس بالنفس .. وما كان كذلك لا يصلح أن يكون دليلاً في المسألة .. ولا تُرد بمثله الأدلة المحكمة القطعية في دلالتها وثبوتها .. ولا يقوى على دفعها ومعارضتها .. وقد تقدم ذكر بعض هذه الأدلة.
2- العمل بمقتضى الأدلة المتشابهة في هذه المسألة .. يعني نسخ وتعطيل العمل بالأدلة المحكمة القطعية التي تُفيد تحريم قتل المرء لنفسه بنفسه .. وهذا لا يجوز اللجوء إليه، لأوجه عدة:
منها: أن المحكم في دلالته وثبوته لا يُرد ولا يُنسخ بالمتشابه.
ومنها: أن المتشابه يُفسَّر ويُفهم على ضوء المحكم، وليس العكس .. وأن المحكم حكَمٌ على المتشابه وليس العكس.
ومنها: أن قواعد الشريعة تُلزم العمل بمجموع النصوص .. وعدم اللجوء إلى القول بالنسخ، أو التعطيل، أو تقييد المطلق إلا في حالة استحالة التوفيق بين مجموع النصوص ..
وفي مسألتنا منعدمة هذه الاستحالة؛ إذ لا يوجد تعارض بين نصوصها .. ويُمكن التوفيق فيما بينها .. والعمل بمجموعها .. ومن دون تعطيل أي نص من نصوص المسألة؛ فمن وجه يُعمل بالأدلة والنصوص التي تُرغب بالشجاعة .. والاقتحام .. والانغماس في صفوف العدو .. من غير تهور .. وإن أدى ذلك لأن يُقتل المرء على يد عدوه .. ما دام في انغماسه مصلحة راجحة للجهاد والإسلام والمسلمين .. ومن وجه آخر يُعمل بالأدلة والنصوص التي تمنع من أن يقتل المرء نفسه بنفسه .. فالتوفيق ممكن وسهل .. لا حاجة البتة للجوء إلى التقييد أو النسخ أو التعطيل!
خلاصة القول: أن قولي في المسألة مؤداه العمل بمجموع النصوص ذات العلاقة بالمسألة .. بينما العمل بقول المخالف مؤداه ولا بد إلى تعطيل العمل بالنصوص الشرعية المحكمة التي تفيد حرمة المرء أن يقتل نفسه بنفسه .. وهذه مجازفة لا تؤمَن عواقبها!
3- ومن محاذير هذا العمل أنه في الغالب ـ كما هو مشاهد ـ مؤداه إلى قتل الأنفس البريئة المعصومة شرعاً بغير وجه حق .. سواء كانت هذه الأنفس المعصومة من المسلمين أم من غيرهم .. وهذا محذور لا ينبغي الاستهانة به .. بل ينبغي الاحتراز له كثيراً كثيراً؛ فالمرء لا يزال دينه بخير ما لم يُصب دماً حراماً،
قال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً النساء:93.
وقال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ  الإسراء:33. وقوله تعالى: وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً الفتح:25.
وفي الحديث فقد صح عن النبي أنه قال:" اجتنبوا السبعَ الموبقات "، منها:"قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ...".
وقال :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " و " المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم "؛ مفهوم المخالفة يقتضي أن الذي لا يأمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم، ولا يسلمون من لسانه ويده، فهو ليس بمسلم ولا مؤمن .. وهذا وعيد شديد ينبغي الحذر منه.
وقال :" كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعِرضه ..".
وقال :" لقتل مؤمنٍ أعظم عند الله من زوال الدنيا "!
وقال :" كل ذنبٍ عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً ".
وقال :" أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة "!
وقال :" لا يزال العبد في فسحةٍ من دينه ما لم يصب دماً حراماً "!
وقال :" من آذى مؤمناً فلا جهاد له "؛ هذا فيمن يؤذي مؤمناً ـ مجرد أذى ـ فكيف فيمن يقتله .. ويتعمد قتله؟! وقال :" من قتل رجلاً من أهل الذمة، لم يجد ريحَ الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاماً "!وقال :" من قتل نفساً معاهدة بغير حِلها، حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها ".
هذه أدلة محكمة قطعية في دلالتها وفي ثبوتها .. لا يُمكن ردها أو تعطيلها .. أو الاستهانة بها بأدلة متشابهة حمالة أوجه .. أو لذرائع واهية ضعيفة لا تقوى على الوقوف أمام تلك النصوص المحكمة الآنفة الذكر؛ كذريعة التترس .. إذ يكثر الاستدلال بها في هذا الزمان!!