عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-01-2006, 02:48 AM
الصورة الرمزية ملاك الحب
ملاك الحب ملاك الحب غير متصل
عضو نشط
 





ملاك الحب كاتب جديد
افتراضي رحل كبير وجاء.. كبير!

..للمرة الاولى- منذ 28 عاماً و14 يوماً - تشرق الشمس على الكويت ولا يكون «جابر الاحمد» أميرنا، لكن عزاءنا الحقيقي انه غادر الى عالم افضل من عالمنا ودار اجلّ من دارنا مسلحاً بأعماله الطيبة ونواياه الصادقة وقلب عامر بالحب لبلده وارضه وشعبه ولكل الانسانية جمعاء، كان الامير الراحل يتميز ببعد نظر وشفافية عالية، واحساس بالمسؤولية ندر ان يتمتع بها حاكم - ليس في العالم الثالث فحسب - بل العالم الاول ايضاً حين قرر - في بدايات الاستقلال وعندما كان وزيراً للمالية - ان يكون هناك رافد آخر للثروة الوطنية فجاءت فكرته حول الاستثمارات وتعددها في معظم اقطار العالم، وهذه الخطوة لم يعرف قيمتها اهل الكويت إلا في الثاني من آب 1990 لحظة الغزو العراقي وما اعقب ذلك من احداث جسام احتاجت الى التمويل المالي فيما كانت جرذان صدام حسين تحرق آبار النفط وتحيل الكويت الى مدينة من الاشباح! كان رجلاً قليل السفر، فقد وجد كل متعته في التواجد على ارض وطنه وبالقرب من شعبه، ومن هنا جاءت تلك العلاقة الخاصة بينه وبين ابناء بلده، فلا حواجز ولا قيود ولا بروتوكول يعيق تواصله مع الناس، وحتى عندما تعرض الى محاولة الاغتيال الآثمة في عام 1985، كان داخل سيارة عادية موجود شبيه لها عند 90% من العائلات الكويتية، واتذكر - وقتها - اننا كتبنا كثيراً ودعونا سموه لان يستخدم سيارة مصفحة حرصاً على سلامته اولاً، وسلامة الكويت المرتبطة به، وقد وافق على ذلك بعد تردد طويل فلم يكن يريد ان يشعر شعبه بأنه متميز عنهم او يعلوهم بدرجة! هكذا كان الامير الراحل جابر الاحمد طيب الله ثراه! من ذكرياتي عن «قصر دسمان» انه كان منزلاً مثل منازل كل الكويتيين بل ربما اقل تأثيثاً وفخامة،والأسبق اثر وعكة صحية المت به، كان يجلس بغرفه، و ان السرير الموضوع بداخلها والذي يتسم بالبساطة وصغر الحجم هو سرير امير الكويت! نستطيع ان نقول ان الرجل كان زاهداً في الدنيا، والرفاهية بالنسبة له هي في توفير الرفاهية لشعبه والتطور والرفعة لبلده، وما عدا ذلك لم يكن مهما على الاطلاق.
لهذه الاسباب جميعها كانت لوعة فراقه في قلوب الكويتيين ساخنة ومؤلمة وجارحة! الراحل الكبير لم يمت، بل انضم الى قادة الكويت الكبار الذين سبقوه في تحمل هذه المسؤولية الكبيرة وترك الامانة في يد كبار ايضاً سينقلونها- بدورهم - الى من سيأتي بعدهم، وكما قال المغفور له بإذن الله.. «الكويت باقية ونحن زائلون»، له الرحمة والمغفرة، إنا لله وإنا اليه راجعون.