عرض مشاركة واحدة
قديم 15-01-2006, 06:32 PM   رقم المشاركة : 2
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]ثالثا : الفكر السياسي :


منذ استقلال الكويت ودخولها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة اختطت لنفسها سياسة واضحة المعالم للتحرك على المستويين الإقليمي والدولي ، حيث اعتمدت ( الوسطية ) منهجا للسياسة الخارجية ، استطاعت من خلالها تحقيق علاقات جيدة مع دول العالم ، وهي التي انعكست بشكل مباشر على موقف تلك الدول المؤيدة للحق الكويتي إبان العدوان والاحتلال العراقي للكويت عام 1990م.


ومن ثم ، فقد أصبحت الكويت في إطار هذا النهج ، وهذه السياسة الدولية الحكيمة التي سخرها صاحب السمو لصالح بلده ، ذات مكانة مرموقة في السياستين العربية والدولية ، وصاحبة كلمة مسموعة في مواجهة الأحداث والصراعات الدولية.

1- الأسرة الخليجية :


كانت الكويت وما زالت تؤمن بوحدة دول الخليج العربية ، فتشابك مصالح هذه الدول واشتراكها في عادات وتقاليد وثقافة ومصير مشترك يحتم عليها أن تنصهر في بوتقة واحدة.


فمنذ مطلع الخمسينيات كانت الكويت تعمل بكل جهدها وإمكاناتها على أن تترجم ما تؤمن به من أفكار إلى واقع عملي ملموس.


وكانـت فكــرة التعاون وشــد أزر الأخـوة فـي دول الخلـيج العربــية عن طريــق المساعدات الفنية أولى الخطوات في هذا الاتجاه ، حيث أنشئت أول مؤسسة كويتية في عام 1953م لمتابعة هذا الأمر ، وقد سميت ( بهيئة الخليج والجنوب العربي).




حضرة صاحب السمو أمير البلاد في الدورة السابعة عشر للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي وبعد مضي قرابة 28 عاما ، وعلى وجه التحديد في الفترة من 25-26/5/1981م شهدت مدينة أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة مولد أول تنظيم إقليمي خليجي "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" جاء ليمثل نقطة تحول كبرى في حاضر هذه المنطقة ، وليغدو تجسيدا عمليا لأماني أجيال متعاقبة من أهل الخليج تحلم به وترجوه وتتمناه.




وقد اعتبر ذلك اللقاء الانطلاقة الأولى لمسيرة المجلس " الدورة الأولى للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية " ، حيث وقع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على النظام الأساسي للمجلس ، الــذي يتـضـمـــن موافقـــة الدول الست على إنشائه ، كما تم في ذلك اللقاء أيضا الموافقة على النظام الداخلي للمجلس الأعلى ، وهو السلطة العليا لمجلس التعاون وأحد الأجهزة الرئيسة الثلاث المكونة له إلى جانب المجلس الوزاري.


في الدورة السابعة عشر للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في مدينة الدوحة في قطر خلال الفترة من 7–9/9/1996م ، تقدم صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت باقتراح بإنشاء مجلس استشاري شعبي يكون رديفا لمجلس التعاون ، إيمانا من سموه واقتناعاً راسخاً بأهمية الدور الشعبي وضرورة إفساح المجال له لكي يعمل في إطار المجلس .


أن موافقة قادة دول المجلس على هذا المقترح الحضاري لمناقشته في دورة قادمة إنما يدل كذلك على اقتناعهم بالدور الذي ستلعبه شعوبهم في مسيرة المجلس بجانب قادتهم وحكوماتهم.


وفي الدورة الثامنة عشرة للمجلس التي عقدت في رحاب دولة الكويت خـــلال الـفـتــــرة من 20-22/9/1997م جرت مناقشة تفعيل الدور الشعبي في دعم المجلس الأعلى وانتهت إلى قرار تضمنه البيان الختامي للمجلس الذي أكد من جديد حرصه على تعزيز دور المواطن في تفعيل مسيرة دول الخليج ، متخذا أول خطوة عملية في هذا الاتجاه حين قرر إنشاء هذه الهيئة الاستشارية من مواطني دول المجلس من ذوي الخبرة والكفاءة ، لتتــولى إبــداء الرأي فيما يحيله المجلس إليها من أمور ، وقد تم تشكيل المجلس خلال السنة ذاتها بواقع خمسة أعضاء من كل دولة ، وقد تولت الكويت رئاسة أول دورة ورشحت لهذا المنصب السيد عبد الله يعقوب بشارة الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون لدول الخليج العربية .

2 - الأسرة العربية :


لقد اهتم صاحب السمو الأمير بقضايا الأمة العربية اهتماما كبيرا ، وكان لها الأولوية في فكره السياسي ، ويتجسد ذلك بوضوح عند الأزمات السياسية ، والمحن الكبرى التي مرت بها الأمة العربية كحرب 1956م ، ونكسة عام 1967م ، وحرب تحرير جزء من الأراضي العربية في أكتوبر 1973م.


وكانت القضية الفلسطينية لها حضور مستمر في فكر سموه السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وكان سموه يرفض دائما المساومة على قضية الشعب الفلسطيني ، كما كان سموه يعتز اعتزازا كبيرا بحركة التحرير الفلسطينية لكونها واحدة من حركات التحرير العالمي ، لإيمان سموه بحق الإنسان في الحياة ، وحقه الكامل ، في استعادة ما سلب منه ، ولم يترك سموه أي مناسبة قومية أو دولية تمس القضية الفلسطينية إلا وكان في صدارة قادة الدول العربية في الدفاع عن الحق الفلسطيني ومناصرته ، وبخاصة في السنوات التي ترأس فيها سموه منظمة المؤتمر الإسلامي ( الدورة الخامسة / الكويت / عام 1987م ) حيث مكنه ذلك الموقع من مخاطبة دول العالم قادة وشعوبا بإسم ملايين المسلمين في كافة أرجاء العالم داعيا إياهم إلى إيجاد حل عادل لتلك القضية ، ومساعدة الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم.


لذا كان سموه أكثر أولئك القادة حزنا وألما على المحن التي كانت تصيب الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الخارج.


كان سموه حريصا كل الحرص على وحدة كلمة العرب والعمل العربي المشترك وتضامن الشعوب العربية ، وكان لسموه في هذا الاتجاه مبادرات توفيقية عديدة ، سعيا إلى إعادة التضامن العربي كلما تصدعت العلاقة ، أو شابتها شائبة بين دولة عربية وأخرى.


كما كان صاحب السمو الأمير حريصا أشد الحرص على حضور اجتماعات القمم العربية ، وكان لسموه دور فعال ومؤثر في إيجاد الحلول المناسبة للقضايا العربية المدرجة على جدول أعمال هذه القمم ، كما كان لسموه حضور مشهود في مناقشات ومداولات تلك القمم خاصة دور سموه المميز في تصفية الأجواء العربية أو في تقديم كامل الدعم المادي والمعنوي للمصالحة العربية أينما كانت.


ومن أجل كل تلك الجهود والمساعي القومية التي بذلها صاحب السمو على الساحة العربية ، تم اختيار سموه " شخصية عربية متميزة " ، وذلك في الاستفتاء الذي أجراه ( المركز العربي للإعلام وبحوث الرأي العام ) في ديسمبر عام 1989م والذي شارك فيه 10,000 مواطن عربي من الدول العربية ، والمهاجرون في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا واستراليا واليابان.


من جهة أخرى ، استحق سموه أيضا وسام الرأي العام العربي من الطبقة الأولى ، بمناسبة اختيار سموه في استفتاء عالمي شمل عشر زعامات عالمية أدت أدوارا متميزة على المستوى العالمي والإسلامي والعربي ، حيث جرت مراسم تسليم الوسام في 2/6/1990م بمبنى السفارة الكويتية في القاهرة.

3- الأسرة الإسلامية :




صاحب السمو أمير البلاد يرأس الدورة الخامسة للمؤتمر الإسلامي إن فكرة عقد لقاءات إسلامية على أعلى المستويات قد طرحت على أساس العمل العربي الإسلامي منذ أمد بعيد ، حيث بادرت المنظمات والشخصيات الإسلامية المعنية بالعمل العربي والإسلامي إلى الدعوة لعقد مؤتمرات وإنشاء منظمات إسلامية دولية ، سعيا وراء إيجاد قنوات اتصال وتعاون بين الشعوب والأقطار الإسلامية ، خدمة ودفاعا عن المصالح المشتركة التي تربطها في ظل الإسلام.



وكان صاحب السمو الأمير أحد الشخصيات التي دعت إلى إنشاء منظمة إسلامية تعنى بشؤون المسلمين وتبحث حال الشعوب الإسلامية أينما كانت ، وجاءت حادثة إحراق المسجد الأقصى لتحرك مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم لتسارع في عقد أول مؤتمر قمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في الرباط ، وذلك خلال الفترة ما بين 22-25 /9/1969م ، وحضره رؤساء وممثلو معظم الدول الإسلامية.


كما كان من أكثر الاهتمامات والهواجس التي شغلت فكر صاحب السمو متابعته المستمرة للمسيرة الإسلامية حتى ظهورها ككتلة جديدة في التنظيم الدولي ، ورغم ذلك ، فقد ظل سموه متابعا لهذه المسيرة ، ومحاولا ترسيخ هذا الكيان الدولي بين التنظيمات الدولية الأخرى ، وخاصة عندما دعا سموه عام 1980م إلى الإسراع بإنشاء محكمة عدل إسلامية يرتضيها جميع المسلمين في كافة أنحاء العالم حكما وقاضيا ومصلحا ، في خطوة للمحافظة على الخصوصية الإسلامية بعيدا عن محكمة العدل الدولية ، وخاصة فيما يتعلق بحفظ الدماء وعدم سفكها بين المقاتلين من أمة محمد ، ووقف الصراعات الدائرة بين الإخوة في الإسلام.


ومن الجدير بالذكر أن سفراء سبع دول إسلامية في الكويت قد أجمعوا على تأييدهم الكامل لدعوة صاحب السمو ، وهم سفراء كل من الأردن ، ولبنان ، والسودان ، وموريتانيا ، وباكستان ، وبنغلاديش ، وأندونيسيا.


ودعما لهذه التوجهات والجهود الخيرة ، قام صاحب السمو الأمير في 22 /9/1988م ، برحلة سلام بإسم ألف مليون مسلم في كافة أنحاء المعمورة ، بادئا زيارته لفرنسا لينتقل بعدها إلى نيويورك ، حيث ألقى سموه خطابا تاريخيا أمام الدورة الـ 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة بإسم هؤلاء المسلمين جميعا بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الإسلامي.


وقد اقترح سموه في هذا الخطاب التاريخي مشروعا مكونا من ثلاثة بنود يمكن أن تساهم في معاناة الدول النامية المثقلة بالديون الخارجية ، والتي باتت إحدى وسائل الضغط التي تمارسها دول الشمال المتقدمة على دول الجنوب الفقيرة.


فقد دعا سموه إلى قيام نظام اقتصادي وإنساني جديد ، كما دعا إلى مقاومة الإرهاب مع ضرورة التفريق بين الإرهاب الظالم ، سواء كان فرديا ، أو جماعيا ، أو حكوميا ، والحق المشروع في الدفاع عن النفس والوطن ، لكونه حقا شرعته القوانين الدولية.


وقد حظي هذا الخطاب المنهجي والتاريخي الشامل باهتمام وكالات الأنباء وبثته في نشراتها الرئيسة ، مركزة بوجه خاص على القضايا التي تناولها سمو الأمير في خطابه ، كأزمة الديون التي تعاني منها الدول النامية ، ومشكلة دفن النفايات النووية والكيماوية من قبل الدول الصناعية في مناطق الدول النامية ، وما يتعلق بالحوار بين الشمال والجنوب.

4- الأسرة الدولية :




حضرة صاحب السمو أمير البلاد مع رؤساء وفود الدول الإسلامية للدورة 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة إن اهتمام صاحب السمو الأمير بالقضايا الدولية لم يكن يوما أقل شأنا من اهتمامات سموه بالقضايا المحلية ، بل كان يتجاوزها في بعض الأحوال والظروف ، لأن فلسفة سموه وفكره بشأن الدول يتمحوران بصفة أساسية حول النظرة الشمولية للقضايا الدولية ، مهما تباينت وتعددت جوانبها أو تشعبت محاورها ،


وذلك لإيمان سموه بأن التداعيات السلبية لهذه القضايا واحدة في جميع الأحوال وإن اختلفت في درجتها ومساحتها وتنوعت أسبابها ، وبخاصة في جانبها السياسي والاقتصادي ، وبالتالي فإن محصلتها النهائية تشكل ضررا بالغا للبشرية لكونها الخاسر الأعظم في أتون هذا الصراع.

من هنا ، فإن فكر سموه في معالجة القضايا الدولية ينطلق دوما من النظرة الشمولية هذه النظرة التي تبرز جليا وواضحا في المقترحات والمبادرات التي يقدمها سموه إلى المحافل الدولية ، والتي يسعى من خلالها إلى إيجاد قنوات تفاهم واتصال وتقارب بين مفردات المجتمع الدولي ، تبعده عن مخاطر الانزلاق في حروب إقليمية قد تقود العالم إلى حروب أوسع وأكبر منها ، لا يعرف الإنسان وقتها مدى تأثيرها المدمر ، ونتائجها الرهيبة على الإنسانية والمجتمع البشري.


وما سنورده في السطور القادمة ليس سوى نماذج من تلك الجهود العديدة التي كرسها صاحب السمو الأمير في معالجة الأوضاع الدولية من منظور عملي يحفظ كرامة كل دولة وسيادتها ، ويهدف إلى حماية البشرية ، ونشر السلام العالمي في ربوع المعمورة.


في ديسمبر عام 1980م ، بدأ صاحب السمو الأمير زيارة لـ 6 دول آسيوية في أول جولة عمل يقوم بها سموه منذ توليه سدة الحكم ، وهي : جمهورية باكستان الإسلامية – الهند – بنغلاديش - أندونيسيا - ماليزيا - سنغافورة ، وقد تركزت مباحثات سموه مع قادة هذه الدول حول تعاون الكويت معها في المجالات الاقتصادية والسياسية ومجالات المال والاستثمار ، بما يحقق توسيع هذا التعاون وتنسيقه وتنميته.


ففي باكستان أمر صاحب السمو ببناء عدد من المساجد والمدارس والمستشفيات وحفر الآبار للمياه في عدد من القرى الباكستانية هدية من شعب الكويت إلى شعب باكستان ، كما قام سموه بغرس شجرة في إحدى المناطق الجبلية.


في 8/3/1983م ، دعا صاحب السمو أمير البلاد حركة عدم الانحياز إلى تكثيف جهودها من أجل إنهاء النزاع المسلح بين العراق وإيران ... قال سموه في كلمة ألقاها أمام مؤتمر القمة السابع لدول عدم الانحياز : " إن نجاح الحركة في وضع حد لهذه الحرب هو ميزان دقيق لصدق فعالية جهودها ... " كما دعا سموه إلى بذل جهود مثمرة لإنهاء التوسع الإسرائيلي فوق الأرض العربية ، وضمان حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.


في 24/1/1987م ، أعرب سموه عن دعم الكويت الكامل للأمم المتحدة ، وتمنى لها ولوكالتها المتخصصة كل نجاح في سعيها للقيام بالمهمات الكبرى المنوطة بها ، وقد جاء ذلك في الخطاب الذي وجهه سموه بمناسبة يوم الأمم المتحدة ، والذي أعلن فيه سموه تمسك الكويت بالمبادئ السامية التي تجسدت في ميثاق الأمم المتحدة ، والتزامها بالقانون الدولي الذي ينبغي أن يحكم العلاقات بين الدول كبيرها وصغيرها.


في 26/8/1988م ، حث سموه الأسرة الدولية على مواصلة الجهود لحل المشكلة الفلسطينية باعتبارها من أبرز القضايا الإقليمية التي تهدد أمن العالم بأسره وسلامته ، كما دعا سموه إلى العمل سويا في سبيل تحقيق آمال الشعوب المستضعفة في فلسطين وناميبيا وغيرهما لاستعادة حقوقهما المسلوبة ، جاء ذلك في كلمة وجهها سموه بإسم الكويت ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى الأمم المتحدة بمناسبة الاحتفال بيوم ناميبيا.


في 28/9/1988م ، كانت لصاحب السمو وقفة شامخة شموخ الكويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، أراد بها سموه أن يثبت للعالم أنه حتى في عالم الكبار يمكن للدول الصغيرة أن تقول كلمة الحق والصواب ، وتتمسك وتؤمن بالعدالة وتدعو إليها ، فقد تحدث سموه من فوق منبر الأمم المتحدة واضعا أولوياته بالترتيب الصحيح ، معبرا عن الهموم العربية والإسلامية ، وهموم العالم الثالث.


تحدث عن الإرهاب الذي طال الكويت منه الكثير ، موضحا الفرق بين الإرهاب الظالم والحق المشروع في الدفاع عن النفس ، محذرا من الخلط بينهما ، منبها إلى الفجوة الشاسعة التي تفصل بين دول الشمال والجنوب ، وبين الأغنياء والفقراء ، معتبرا أن حالة من الاستغلال تهدد المسار الاقتصادي العالمي بسبب أزمة الديون العالمية.


وهنا بادر سموه إلى طرح تصور شامل لهذا الوضع ، تتحمل فيه الدول الغنية نصيبها الكبير من خلال إسقاط الديون المستحقة على الدول الأشد فقرا ، داعيا سموه في الوقت ذاته إلى قيام نظام اقتصادي إنساني جديد.


وقد حظي هذا الخطاب المنهجي التاريخي الذي ألقاه سموه أمام الدورة الـ 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الإسلامي باهتمام وكالات الأنباء العالمية وبخاصة وكالات أنباء دول الكتلة الشرقية في نشرتها الرئيسية باللغة الإنجليزية ، وكذلك عدد كبير من وكالات الأنباء في دول العالم الثالث والدول العربية التي نشرت مقتطفات مطولة من خطاب سموه ، ركزت فيها على القضايا المهمة والمصيرية التي أولاها سموه الأهمية في خطابه وبخاصة ما يتعلق بمشكلة دفن النفايات النووية الكيماوية من قبل الدول الصناعية في مناطق متفرقة من دول العالم الثالث ، إضافة إلى النداء الذي وجهه سموه إلى جميع دول العالم من أجل إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر توازنا وعدلا وإنسانية بين الشعوب.


وأشاد تعليق سوفييتي بخطاب صاحب السمو فوصفه بأنه : " كلمة متزنة أثبتت أن الكويت دولة وأميرا تتمتع عن جدارة بالاحترام والثقة ، ليس فقط في الوسط العربي والإسلامي بل في جميع أنحاء العالم".


ومن جانبه ، رحب المفوض العام عن المجموعة الأوروبية (كلود سيشون) بمبادرة سمو الأمير بشأن المديونية المستحقة على دول العالم الثالث.


ومن جهة أخرى ، أبلغ المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة (ميرتن وولترز) أن : "الولايات المتحدة ستدرس بعناية الخطة التي اقترحها سمو الأمير على المجتمع الدولي ، وبخاصة ما يتعلق بالحوار بين الشمال والجنوب الذي تهتم به بلاده " ، وذكر وولترز " أن صاحب السمو رجل مهم ، وعميق التفكير ، وسنكون سعداء بالتأكيد على دراسة اقتراحه بعناية".

رابعا : النهج الديمقراطي والإنساني في فكر صاحب السمو الأمير : -

1- الديمقراطية :


( .... ان الدستور الذي أصدرناه ليس أكثر من تنظيم حقوقي لعادات معمول بها في الكويت ، فقد كان الحكم دائما في هذا البلد شورى بين أهله ......).


هذه الكلمات هي من أقوال المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح الحاكم الحادي عشر لدولة الكويت ، وهي كلمات تحكي باختصار قصة الديمقراطية في المجتمع الكويتي ، فلقد كان نظام الحكم في الكويت منذ فجر التاريخ قائما على أساس الشورى بين الحاكم والشعب ، رغم غياب المجالس والمؤسسات الدستورية المنظمة لهذه العلاقة.


فقد كانت سلطة الحاكم بمثابة السلطة التنفيذية ، في حين كانت السلطة التشريعية متمثلة في أعراف وتقاليد من صنع أهل الكويت أكثر من كونها من صنع الحاكم ، وبالطبع كان مبدأ الشورى يعني التزام الحاكم باستشارة الأهالي ، كما لم ينفرد الحاكم يوما بوضع تشريع دون الرجوع إلى الأعراف والتقاليد ، وأحكام الشريعة الإسلامية التي كانت تنظم علاقات المجتمع.


وفي عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح وعلى وجه التحديد عام 1921م ، تأسس أول مجلس للشورى ، وعلى الرغم من أن عضويته كانت تتم عن طريق التعيين إلا أنه اعتبر أول محاولة لتنظيم الشورى في الحكم ، وتحديد العلاقة بين الحاكم والشعب.


ثم تلا ذلك إنشاء أول مجلس للبلدية عام 1930م ، وأول مجلس للمعارف عام 1936م كما تم انتخاب أول مجلس تشريعي عام 1938م ، وصدور وثيقة وطنية مبسطة تتفق مع واقع الحياة في ذلك الوقت.


هكذا يتضح لنا أن الممارسات الديمقراطية ، ونظام الشورى في الحكم كانت من الثوابت الأساسية والمهمة في مسيرة المجتمع الكويتي منذ نشأته ، ولم تكن وليدة عهد الاستقلال.


ولا شك في أن عصرا جديدا قد بدأ مع تولي المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح الحكم حيث تم إعلان استقلال الكويت في عـــام 1961م ، وصـدور دسـتــور الكويت في عام 1962م (الذي يعد ترجمة لتلك الممارسات والثوابت السياسية الكويتية) وقد بدأ العمل به في عام 1963م ، كما تم انتخاب أول مجلس للامة في البلاد.


وهكذا كان كذلك صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد مسايرا وملازما لكل تلك التحولات ، وكان له دوما رأي وموقف في معترك تلك التطورات والتصورات المطروحة ، فالمنظومة الفكرية لسموه المتعلقة بالحياة الديمقراطية والحريات العامة لا يمكن أن يرتقي إليها الشك ، ففي كل المناسبات التي يخاطب فيها صاحب السمو شعبه يؤكد أهمية الشورى والديمقراطية كمنهج للحياة في الكويت ، وأنهما أساس الحكم وضميره.


وبهذا نجد أن الديمقراطية دائما وأبدا في فكر سموه ووجدانه ، فهو يعبر في كل مناسبة عن إيمانه العميق بحرية المواطنين في الحوار وإبداء الرأي ، والمشاركة الفعالة في كل ما يتعلق بحياتهم ، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.

2- حقوق الإنسان :




حضرة صاحب السمو أمير البلاد في إحدى جولاته لنادي الصم الكويتي كانت الكويت وعلى مر العقود حريصة كل الحرص على كفالة احترام حقوق الإنسان مستمدة مبادئها من الشريعة الإسلامية ومما جاء في القران الكريم والسنة النبوية الشريفة ، لتصبح هي الأخرى إحدى الثوابت في النظام السياسي للكويت ، وتترجم - فيما بعد - في مواد الدستور وأحكامه ، فالمادة (29) من الدستور تنص على أن : (الناس سواسية في الكرامة ، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين).




كما تشير المادة (30) إلى أن : (الحرية الشخصية مكفولة) ، وتقضي المادة (31) بأنه : (لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته ، أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون ، ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة).


وقد شكل مجلس الأمة الكويتي في جلسته المنعقدة بتاريخ 24/10/1992م ، لجنة برلمانية دائمة تعنى بحقوق الإنسان ، وتضم في عضويتها سبعة نواب ، وذلك حرصا من المجلس واهتماما منه بالجانب الإنساني الذي يشكل ركيزة من ركائز الدولة العصرية ، التي يسودها العدل ويحكمها القانون.


وقد امتد حرص صاحب السمو الأمير على المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان إلى المجتمع الدولي ، فلم تخلُ كلمة لسموه أمام المحافل الدولية ، وبخاصة الأمم المتحدة من الدعوة إلى محاربة التمييز والتفرقة العنصرية ، كما لم يترك سموه مناسبة عالمية بشأن حقوق الإنسان ، ومناهضة الفصل العنصري ، إلا وكان لسموه رسالة أو كلمة يطالب فيها بتحرير الإنسان من ظلم أخيه الإنسان ، وكما أن وقوفه إلى جانب حركات التحرر الوطني كان من الثوابت الراسخة في فكر سموه.




هذا ، وقد خطت الكويت في عهد سموه خطوات بعيدة في دعم حقوق الإنسان ، وذلك من خلال انضمامها إلى العديد من الاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان ومحاربة التمييز والتفرقة العنصرية بجميع صورها وأشكالها ، تأكيدا منها لحسن النوايا والإخلاص للمبادئ الإنسانية ، وعلى الأخص ما ورد منها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهدين الدوليين للحقوق السياسية ، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

3- الفكر المؤسسي :


لقد عرفت الكويت نظام المؤسسات منذ مطلع الثلاثينيات حيث استطاعت أن تحقق الكثير من الإرادة الشعبية وتنقلها من المجال الفكري والتنظيري إلى المجال التطبيقي ، وقد كان صاحب السمو الأمير من المتابعين لإنجازات هذه المؤسسات وبخاصة أن سموه كان ممن تولوا رئاسة مجالس التخطيط في البلاد ، وقد أولاها اهتماما بالغا ، وحقق من خلالها إنجازات كبيرة.


وعند تولي سموه مقاليد الحكم سعى إلى تشكيل مؤسسات فكــــرية وعلـمـيــة تابعة للديوان الأميري ، لتكون عونا فيما يواجه المجتمع من أمور تحتاج إلى الدراسة والمتابعة ، كما تسهل - في الوقت ذاته - لأصحاب القرار اتخاذ قراراتهم في الاتجاه السليم.


ومن ضمن تلك المؤسسات نذكر هنا مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وجهاز الدراسات والبحوث الاستشارية ومكتب الشهيد ومكتب الإنماء الاجتماعي واللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامي.

رحمه الله

إنا لله وإنا إليه راجعـــــــون
[/frame]







التوقيع

Nathyaa