[frame="1 80"]مرحلة ما قبل ولاية العهد :
1- تولى سموه رئاسة الأمن العام في مدينة الأحمدي :
بدأ سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح حفـظــه الله ورعاه حياته العملية في يناير عام 1949 م رئيسا للأمن العام في مدينة الأحمدي ، هذه المـديـنــة التـي جـســدت وشهدت انتقال المجتمع الكويتي من مرحلة صعبة عانى فيها الشعب الكويتي شظف العيش وقساوة الحياة ، إلى مرحلة تميزت بالرفاه الاجتماعي ، والتعامل مع أسباب الحضارة الحديثة.
وقد زودت هذه المرحلة سموه بخبرات إدارية واسعة ، ومعرفة ودراية بأمور فنية تختص بشؤون النفط واقتصادياته على وجه الخصوص ، مما جعل ذلك دوما محور اهتمام سموه ، وذلك لثقة سموه بأن هذه المادة الاستراتيجية هي عصب الحياة في الكويت حاضرا ومستقبلا.
2- تولى سموه رئاسة دائرة المالية :
في عام 1959م تولى سموه منصب رئيس دائرة المالية ، الذي جاء منسجما مع اهتمام سموه بشؤون النفط ، ومتساوقا مع تفكيره ، وتجاربه وخبراته التي اكتسبها حين كان رئيسا للأمن العام في مناطق النفط الأمر الذي جعل سموه ذا شأن ومكانة رفيعة في اقتصاديات النفط ومطالب المجتمع وحقوق الوطن لدى شركاته العاملة ، وبخاصة في الكويت.
3- تولى سموه أول منصب وزاري :
تم تعيين سموه في أول وزارة شكلت بعد الاستقلال ، وبالتحديد في 17/1/1962م عندما اختير سموه أول وزير للمالية والاقتصاد ، حيث استمر سموه على رأس هذا الجهاز خلال الفترة مـا بـيـن عام 1959-1965م ، وهنا يجدر بالذكر أن سموه قــد تولى بالإضافــة إلــى عمــله وزيـرا للجهاز المالي للدولة ، مهام نائب رئيس مجلس الوزراء ، كما ناب عن كل من سمو الأمير آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح السالم الصباح في أثناء غيابهما في الخارج.
وفي الفترة التي تولى فيها سمو الشيخ جابر الأحمد حقيبة الجهاز المالي حقق سموه جملة من الإنجازات الكبيرة والمهمة نورد أهمها فيما يلي :
1- إنشاء (بنك الائتمان) لتيسير الائتمان العقاري والزراعي والصناعي ، وذلك من أجل زيادة دخل كل من الدولة والمواطنين ، من حصيلة قيام الأفراد بإنشاء صناعات ، ومشروعات زراعية وعقارية ، وتأسيس الشركات المختلفة والمساهمة في رأسمالها.
أول عملة كويتية 2 - إصدار نقد كويتي لاستخدامه في التداول ، بدلا من النقد الهندي بغية عدم الارتباط بعملة دولة أخرى ، مما قد يؤثر سلبا في كيان الدولة.
3- إنشاء مؤسسة مهمة هي (مجلس النقد الكويتي) الذي أشرف على إصدار أوراق النقد والمسكوكات في الكويت.
4- إعداد النظام الخاص بالصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ، والذي باركه سمو أمير البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح ، برأسمال قدره 50,000,000 دينار كويتي ، ليكون دعامة من دعائم التنمية الاقتصادية في الدول العربية الشقيقة.
جهود وأنجازات أبونا الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله
بويع صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أميرا لدولة الكويت في 31/12/1977م ، في أثر وفاة المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح ، ليصبح الأمير الثالث عشر في أسرة آل الصباح ، وثالث أمير لدولة الكويت منذ استقلالها.
فالمبايعة نهج متعارف عليه لدى أبناء الشعب الكويتي حكاما ومحكومين ، فهي مبدأ من مبادئ نظام الشورى في الحكم ، والحاكم لا بد وأن يحظي بقبول عامة الشعب والأسرة الحاكمة واختيارهما معا.
وكإجراء دستوري قام صاحب السمو بأداء اليمين الدستوري في اليوم التالي في اجتماع عقده مجلس الوزراء في قصر المسيلة برئاسة رئيس الوزراء بالنيابة وزير الإعلام الشيخ جابر العلي السالم الصباح.
اللقاء بأبناء الشعب وفعاليات المجتمع واجب أبوي ورسالة تاريخية :
حضرة صاحب السمو أمير البلاد يتواصل مع أبناء الوطن لقد وجد صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه أن أول خطوة يود أن يخطوها بعد توليه الحكم هي الاتصال المباشر بالمواطنين على المستويين الشعبي والرسمي ، لأن مطالب الناس ومشكلاتهم لا يمكن الإحساس بها إلا من خلال المعايشة الشخصية لها.
كما أراد سموه من هذا اللقاء أن يستمع إلى ردود الفعل للبرنامج المستقبلي الذي أعده وعرضه في كلمته السياسية ، التي خاطب فيها الشعب بمناسبة انتهاء فترة الحداد الرسمي على الأمير الراحل المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح طيب الله ثراه ، والذي حاول سموه من خلاله تحديد معالم المسيرة الكويتية المستقبلية ليصل إلى كل المواطنين وجميع شرائح المجتمع.
لذا كان لسموه عدة زيارات ولقاءات بالمواطنين في مناطق سكنهم ، حيث أتيحت الفرصة لكل مواطن في التحدث أو توجيه الأسئلة إلى سموه في جو أسري تسوده الديمقراطية ، فيتسنى لسموه الاضطلاع عن قرب على أوضاع المنطقة ومشكلاتها الحياتية.
وكان سموه يؤكد لأولئك المواطنين أهمية الالتزام بروح التعاون والوحدة الوطنية، والأخوة المستمرة بين أبناء الشعب الكويتي.
كما التقى سموه ضمن تلك اللقاءات مع ضباط الجيش الكويتي بمختلف رتبهم ومواقعهم العسكرية ، وضباط القطاعات التابعة لوزارة الداخلية ومسؤوليها ، ورؤساء وأعضاء جمعيات النفع العام.
والتقى سموه أيضا بالرعيل الأول في أماكن تجمعاتهم ، وغيرهم من مسؤولي وفعاليات مؤسسات المجتمع المدني.
المنظومة الفكرية لحضرة السمو الشيخ جابر الأحمد عبر مسيرته في قيادة الدولة والمجتمع :
أولا : الفكر المجتمعي والعدالة الاجتماعية :
تواصل حضرة صاحب السمو أمير البلاد مع أبنائه الطلبة خارج البلاد كان حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه متابعا جيدا للتداعيات والإفرازات الاجتماعية التي صاحبت رياح التغيير التي هبت على الكويت بعد تدفق عوائد النفط عليها ، وانفتاح المجتمع لاستقبال أفواج العمالة العربية والأجنبية الوافدة، التي جاءت للمساهمة في بناء كويت المستقبل
، وخروج الكويتيين في رحلات سياحية وانتشارهم في دول حضارية متقدمة ، وكذا خروج أفواج من الطلبة الكويتيين من سور الكويت لاول مرة من اجل الدراسة وتحصيل العلم في دول عربية وأجنبية.
وقد أدى هذا الانفتاح إلى إحداث هزة كبيرة في المجتمع الكويتي أثرت في أنماط الحياة الاجـتـمــاعية التي كان يعيشها الكويتيون ، فالأسرة الكبيرة انكمشت وتـقـلـصــت لصالـــح الأسر الصغيرة .... و الأعراف والتقاليد التي كانت تحكم المجتمع تراجعت لتحل محلها القوانين ، والفتاة الكويتية خرجت من أسوار البيت للتحصيل العلمي في الكويت وفي الخارج.
هذه التحولات وغيرها ، نقلت المجتمع الكويتي من حالته الأولية حيث علاقة الوجه للوجه ، إلى وضع جديد تحكمه القوانين ، وتنظم شؤون حياته نظم وإجراءات تشرف على تنفيذها مؤسسات الدولة.
وفي السطور القادمة سوف نحاول إيجاز شيء من فكر سموه المجتمعي ، وتوجهاته التي تصدرت أولويات العمل الوطني في مطلع النهضة الحضارية التي شهدتها الكويت.
1- كانت قضية الأجيال القادمة إحدى الهواجس التي شغلت بال صاحب السمو ، فاهتدى فكر سموه إلى أهمية إنشاء صندوق للأجيال القادمـة يــدخر فيها ما يمكن ادخاره من عائدات الـدولة واسـتـثـمــــاراتها ، وتحققت الفكرة وخرجت إلـى حـيــــز التطبيق بصدور مرسوم أميري في 28/11/1976م ، يكفل للأجيال القادمة حياة كريمة ومرفهة.
وكان هذا التفكير سابقا لأوانه ، ورؤية ملؤها الشفافية في قراءة المستقبل ، جعلت وجود حساب خاص لاحتياطي الأجيال القادمة خير معـيــــن في مواجهــــة ما نـجــــم عــن العدوان والاحتلال العراقي، حيث كفل الصندوق للمواطنين الكويتيين داخل الكويت وخارجها ما يكفيهم لعيش حياة كريمة إبان الأزمة.
2- كان سموه يسعى دوما إلى القضاء على الأمية في الكويت ، وكان يرى أن تقدم المجتمع لا يمكن أن يتحقق وأن يستقيم في ظل الأمية والجهل ، فدعا سموه إلى القيام بحملة للقضاء على الأمية في الكويت ، وكان أهم ما أثمرت عنه تلك الحملة صدور مرسوم بقانون بشأن إلزامية التعليم ومحو الأمية ، وذلك في 23 /8/1981م.
زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد لمجمع دور الرعاية الاجتماعية ومع استقلال الكويت بدأ التأكيد في كل مناسبة على مفهوم دولة الرفاه الاجتماعي ، فالفكر الاجتماعي لدى صاحب السمو أمير البلاد جاء شاملا للعلم ، والمعرفة ، والصحة الجيدة وغيرها من المسائل الإنسانية والمجتمعية.
كان هذا المفهوم في فكر صاحب السمو قد أخذ أبعادا اجتماعية عميقة ، لتشمل الأسرة وكل ما يحيط بها من قضايا اجتماعية ، فالتعليم في فكر سموه يعني مواكبة الحضارة الحديثة ، ويعني مستقبل الكويت ، ويعني الرأسمال الــذي لا ينـضـــب ، كمـــا يعني فرص عمل لمن يبحث عن عمل ، ومن ثم كان دستور الكويت مؤكدا ومحاكيا لهذا الفكر.
وامتد هذا الفكر الشمولي ليشمل جوانب أخرى من حياة المجتمع ، تمثلت في دعوة سموه وتشجيعه لإقامة الجمعيات الأهلية وفقا لاحتياجات المجتمع بهدف المساهمة والمشاركة الأهلية ، وإسهام المواطنين في خدمة مجتمعهم ، ومن الجدير بالذكر هنا أن المرأة الكويتية قد استأثرت بقدر لا يستهان به من هذا العمل التطوعي.
ومن جهة أخرى ، اهتم سموه بشرائح أخرى من المجتمع كالأمهات ، والأطفال ، والشباب ، والشيوخ ، وذوي الاحتياجات الخاصة ، وكان اهتمام سموه بهذه الفئات اهتماما منقطع النظير ، فكان سموه يتابع شخصيا همومهم وقضاياهم.
ثانيا : الفكر الاقتصادي والتنموي :
حضرة صاحب السمو أمير البلاد يزرع شجرة إيذانا بإقامة مشروع إنمائي يمكننا القول بأن حضرة صاحب السمو الأمير هو مهندس الاقتصاد الكويتي منذ كان حاكما لمناطق النفط عام 1949م ، فلقد كانت بصماته وأفكاره وتطلعاته المستقبلية ملموسة على كل ما تقوم به وتنفذه الدولة في مجال التنمية الاقتصادية ، وذلك على المستويين المحلي والعالمي.
فعلى المسـتـوى المحلـي كـانت فـكــرتا توزيع الثروة على أبـنــاء الشعب بطرق مختلفة ، وتعدد مصادر الدخل دون الاعتماد على سلعة واحدة (النفط) من بنات أفكار سموه.
أما على المستوى العالمي ، فقد اقترح سموه أمام قمة عدم الانحياز في سبتمبر عام 1989م أربعة مقترحات عملية لحل مشكلة الديون وفوائدها التي تعاني منها الدول الفقيرة ، كما كرر سموه في الخطاب الذي ألقاه في الأمم المتحدة أثناء انعقاد دورتها الـ 33 دعوته إلى إيجاد نظام اقتصادي وإنساني عالمي عادل ، مؤكدا أن الفوائد المتزايدة لديون دول الشمـــال على دول الجنوب أصبحت ذات تأثير سلبي مباشر على التنمية في دول الجنــوب ، مما يعـــرقل بنــاءها وتطورها ، وقد اعتبرت هذه الدعوة وهذا المقـــترح وثيقة رسمية من وثائـــق الأمم المتحدة ، لتصبح فيما بعد جزءا من إعلان (كراكاس).
حضرة صاحب السمو أمير البلاد في قمة عدم الانحياز عام 1989م لقد كان لدعوة صاحب السمو وفكره الاقتصادي الذي حمله معه ونقله إلى المجتمع الدولي صدى دولي واسع ، فقد لقيت مقترحات سموه ترحيبا كبيرا من عدد كبير من رؤساء دول العالم والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة ، وبخاصة تلك العاملة في المجالات التنموية.[/frame]