[frame="1 80"]والتشرد.. وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله حمد الشاكرين والصابرين المؤمنين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق) صدق الله العظيم.
اخواني واخواتي ابناء الكويت الاوفياء،،،
لقد لاحت مع الخيوط الاولى لفجر الخميس الثاني من رجب بشائر النصر، وبدأ الحق يأخذ طريقه ليبدد الظلام ويدحر الطغيان، وقد تكللت بالنجاح جهود العالم اجمع في الوقوف امام شريعة الغاب التي ارادها رئيس النظام العراقي ان تسود، حيث تغلب نهج العدل وصوت القانون على من حاول التفرد والتمرد على ارادة المجتمع الدولي، وان الظالم مهما طال امد ظلمه، فان الله ـ سبحانه وتعالى ـ يمهل ولا يهمل.
اخواني وأخواتي في داخل الكويت،،
لقد كنا وسنظل نعتز ونفتخر بكم لما عانيتم وتعانون من قتل وتعذيب اعتقال وتشريد من المحتل البغيض، ونحن جميعاً نعيش معكم صباح مساء في محنتكم، ونشعر بما تشعرون به، وبمشيئة الله فقد بدأت عملية تحرير ارضنا العزيزة من المعتدين الغاصبين، وسنلتقي قريبا ان شاء الله في وطننا العزيز ليلتم شمل الكويتيين في وطنهم الكويت. ولقد كان ايماننا بالله ثم بكم كبيراً، وكنا نعتقد جازمين بأن ارهاب المعتدي وبطشه لا يمكن ان يؤثر عليكم او يفت في عضدكم، وحدث ما توقعناه فقد زادتكم المحن تلاحماً، والشدائد تكاتفا واستطعتم بصمودكم وصبركم ان تهزموا العدو منذ بداية الغزو بالارادة الصلبة والعزيمة القوية.
لقد حاول الباغي ان يراهن على وحدتكم ترغيباً وترهيباً، ولكنه فوجىء بأبناء الكويت ابناء ذلك الرعيل الذي بنى اسوار الكويت بدمه وعرقه يتحدون باصرار كل تلك المحاولات، ويتصدون لكل تلك الغزوات العدوانية، فهزم قبل ان تهزمه القوة، فهنيئاً لكم هذا النصر، وهنيئاً لكويتنا الحبيبة بهؤلاء الرجال والنساء الذين سيكتب التاريخ قصة كفاحهم بأحرف من نور، وسيذكرهم الابناء والاحفاد بكل عزة وفخار.
يا أبناء الكويت الاعزاء خارج الكويت،،
يا من ذقتم مرارة البعد والتشرد والاغتراب، وعرفتم بالتجربة القاسية كم هي الكويت عزيزة عليكم، هنيئاً لكم جهودكم الخيرة التي بذلتموها ليل نهار من اجل العودة، وكنتم سنداً لصمود اخوانكم في الداخل حتى يتحقق النصر بمشيئة الله سبحانه.
وانني ايها الاخوة والاخوات في الداخل لعلي ثقة ويقين بالله ـ سبحانه وتعالى ـ انكم ستكونون يداً واحدة متعاونين في السراء والضراء، متكاتفين لبناء الكويت من جديد، مستفيدين من الدروس والعبر التي مرت بنا، ولو انها كانت قاسية علينا جميعاً، عرفنا من خلالها الصديق من العدو، وعرفنا ان الاعتماد على الله سبحانه، ثم على انفسنا هو السبيل الذي يتم من خلاله ترتيب لبنات البناء ودعائمه.
يا أبناء الكويت الاوفياء،،،
انني باسمكم جميعاً اتوجه بكل التقدير والشكر والعرفان الى كل الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت معنا في محنتنا، والتي آثرت ان تضحي بأبنائها وشبابها في سبيل نصرة الحق وابطال الظلم.
وفقنا الله جميعاً لما يحبه ويرضاه، وهدانا بمنّة وكرمه سواء السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
وبتاريخ 8 فبراير عام 1991 استقبل الشيخ جابر الاحمد وزير الدفاع الامريكي ريتشارد تشيني، ورئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال كولن باول.
وقد حضر المقابلة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، وكذا نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد، ووزير الدفاع الشيخ نواف الاحمد، ووزير التخطيط سليمان المطوع، والمستشار بالديوان الاميري عبد الرحمن العتيقي.
وحضر من الجانب الامريكي سفير الولايات المتحدة لدى دولة الكويت ادوارد غنيم، ووكيل وزارة الدفاع بول وولفوتز، ومساعد وزير الدفاع بيتر وليامز، ونائب مساعد وزير الدفاع آرثر هيوز وعميد البحرية جوزيف لوبيز، والعقيد ريتشارد تشد كوت.
وقد جرت المباحثات بين الجانبين في جو ودي ساده التفاهم المتبادل. واعرب الجانبان عن رضاهما التام لسير العمليات، ولما تم تنفيذه حتى الان من مخططات عملية «عاصفة الصحراء» التي تهدف لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، وذلك تطبيقا لقرارات مجلس الامن الدولي الصادرة بهذا الشأن. كما تناولت المحادثات التصورات المستقبلية لاستكمال معركة التحرير.
وقد اشاد الجانب الامريكي بالمساهمة الفعالة للقوات الجوية الكويتية في العمليات العسكرية التي دارت ـ وما تزال ـ من اجل تحرير الكويت، ونوه بالدور المرتقب للقوات الكويتية البرية التي ستساهم بصورة اساسية في تحرير بلادها.
وبتاريخ 9 فبراير عام 1991 وصل مبعوث الشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت، وزير التعليم العالي الدكتور علي الشملان الى هافانا، حاملاً رسالة منه الى الرئيس الكوبي فيدل كاسترو لم يكشف النقاب عن مضمونها. وكان وزير التعليم العالي واحداً من عدة مبعوثين يطوفون العالم حاملين رسائل مماثلة من امير دولة الكويت الشيخ جابر الاحمد للعديد من زعماء العالم.
كانت كوبا آنذاك عضواً غير دائم في مجلس الامن الدولي الذي تبنى في 29 نوفمبر عام 1990 قراراً يجيز للامم المتحدة استخدام القوة لاخراج قوات الاحتلال العراقي من الكويت، وهو القرار الذي بدأت الشرعية الدولية تنفيذه في 17 يناير عام 1991م، ولم يكن الموقف الكوبي في مجلس الامن طوال الازمة موقفاً مرضياً عنه لانحيازه للجانب العراقي بسبب المشكلات السياسية العالقة بينه وبين الولايات المتحدة الامريكية.
وبتاريخ 14 فبراير عام 1991 استقبل الشيخ جابر الاحمد، وبحضور ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح في الطائف رئيس الوزراء الفرنسي ميشال روكار يرافقه وزير الدفاع بيير جوكس، ورئيس الاركان العامة في الجيش الفرنسي موريس شميت، حيث جرى خلال اللقاء تقويم شامل للاوضاع الراهنة عسكرياً وسياسياً.
وبتاريخ 15 فبراير عام 1991 استقبل الشيخ جابر الاحمد وزير الخارجية التركي احمد كورجبا البيتموجين والوفد المرافق له، حيث نقل له رسالة من الرئيس التركي تورغت اوزال، تتعلق بتطورات الاوضاع على الساحة الخليجية والعلاقات الثنائية بين البلدين المسلمين والشعبين الصديقين.
وقد حمل الشيخ جابر الاحمد الوزير التركي تحياته وتمنياته الطيبة للرئيس التركي، وتقدير الشعب الكويتي للشعب التركي على مواقفه المشرفة ضد العدوان العراقي على دولة الكويت المسالمة.
وبتاريخ 19 فبراير عام 1991 وصل الى الطائف وزير الدولة للشؤون الخارجية الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح، وبعد جولة سياسية استغرقت اسبوعين وشملت ست دول، سلم خلالها ست رسائل من الشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت، ومن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح الى رؤساء دول وحكومات كل من: ايران، مصر، قبرص، يوغسلافيا، رومانيا، ومالطا.
وبتاريخ 20 فبراير عام 1991 استقبل الشيخ جابر الاحمد السفير الايطالي لدى دولة الكويت، حيث سلمه رسالة من الرئيس الايطالي فرانسيسكو كوسيجا حول التطورات الاخيرة على الساحة الخليجية. وتطرقت الرسالة الى ما بين البلدين الصديقين من علاقات متينة، كما تضمنت تهاني ايطاليا حكومة وشعباً بالعيد الوطني الكويتي الثلاثين.
وبتاريخ 25 فبراير عام 1991 اعرب الشيخ جابر الاحمد في رسالة جوابية الى الرئيس البولندي ليخ فاليسيا بمناسبة تهنئته له بذكرى العيد الوطني الكويتي الثلاثين، عن شكره وامتنانه لموقفه الذي دعم القضية الكويتية العادلة دعماً كاملاً، وساند حق الشعب الكويتي في الدفاع عن ارضه، وتحريرها من براثن القوات العراقية الغازية.
كما اعرب عن امله في ان تسهم المشاركة الفعالة للرئيس فاليسيا في الجهود الدولية من اجل اعادة السلام واستتباب الامن والاستقرار في منطقة الخليج، بعد انهاء الحرب وتحرير دولة الكويت.
وفي التاريخ نفسه اعرب الرئيس البرازيلي فرناندو كولر عن تمنياته الحارة للشيخ جابر الاحمد بعودة الكويت الى كامل سيادتها، وبتطبيق جميع قرارات مجلس الامن الدولي الخاصة بالقضية الكويتية، وذلك في برقيته التالية:
صاحب السمو،،،
الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح،،،
امير دولة الكويت،،
تقبلوا يا صاحب السمو تحياتي بمناسبة العيد الوطني للكويت، وفي هذه اللحظة التي بدأت فيها الحملة الارضية بهدف التحرير النهائي للاراضي الكويتية، اعبر لصديقنا الموقر عن التمنيات الحارة من شعب وحكومة البرازيل بأن تتحقق، وفي اقرب وقت ممكن، الظروف المواتية لتطبيق قرارات مجلس الامن، وبشكل كامل لعودة الكويت ـ هذا البلد الصديق ـ الى كامل سيادته.
مع أسمى آيات تقديري،،،
فرنالدو كولر
وفي التاريخ ذاته ايضا وجه الشيخ جابر الاحمد كلمة الى شعبه وابناء وطنه بمناسبة العيد الوطني الثلاثين لدولة الكويت، معلناً انتظار لحظة العودة الى الوطن العزيز محرراً مطهراً من دنس الباغين، مؤكدا بأن الكويت، رغم المحنة القاسية التي مرت بها، ستظل كما كانت دائماً عربية الوجه والقلب والوجهة، مهتدية بشريعة الرحمن، ساعية الى السلام والمحبة والتفاهم الدولي، واحة امن وأمان لا تحمل ضغينة لاحد.
بعد أن عادت الكويت حرة مستقلة وعادت الشرعية الكويتية أكثر قوة الأمير: لن ننسى الغزو الغادر لكن سنترك التاريخ يروي أهواله وبشاعاته
الحلقة الاخيرة
وفيما يلي في السطور التالية ننشر نص الكلمة التي ألقاها سمو الامير الى شعبنا الصامد بعد التحرير.
الحمدلله نستعينه ونتوب اليه ونستغفره، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
قال سبحانه وتعالى: (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) صدق الله العظيم.
أيها الاخوة والاخوات ابناء الكويت الغالية،
نحتفل معا في مثل هذا اليوم من كل عام بعيدنا الوطني. ونستقبله الان ومعركة التحرير مشتعلة لدحر المعتدي الغاصب واعادة الحق الى نصابه، وبقلوب خاشعة ملؤها الايمان بالله سبحانه ندعوه جلت قدرته ان يعجل بالنصر وان يدحر المعتدي الظالم ويرد الكويتيين الى كويتهم ظافرين منتصرين.
أيها الاخوة والاخوات
لقد كشفت هذه المحنة عن المعدن الاصيل لشعب الكويت، فقد توحدتم في صلابة وتماسك مرصوص يشد بعضه بعضا في مواجهة معتد اثيم، استخدم أبشع ضروب التعذيب والتنكيل والقتل والنهب دون ان تلين منكم قناة، فلم يجد العدو منفذا الى صفوفكم فابطلتم بهذه الوقفة الصلبة دعاواه الكاذبة امام العالم.
والتممتم في اخوة وتكافل طوال المحنة، تتقاسمون القوت، وتتنافسون في تحمل المسؤوليات، قاومتم حشوده وجحافله بايمانكم الراسخ، وبحبكم الكبير لوطنكم وبكل ما تملكون من وسائل فبرزت كويت المحبة والسلام حقيقة تشهدها الدنيا في مواجهة العدوان.
واضطر الكثيرون منكم الى الخروج من وطنهم تحت وطأة البطش والارهاب، ففتح لكم الاخوة الاشقاء قلوبهم وديارهم لاستضافتكم وسارعوا يقدمون في كرم كل عون ممكن ينفح عنكم جراح الغربة، ومعاناة المحنة، وجمع الله القلوب حول قضيتنا العادلة، فوقف العالم لاول مرة بوحدة ترفض ان يفيد الباغي من عدوانه وتصمم على انسحابه غير المشروط، وتطبيق قرارات مجلس الامن كاملة.
وقدم الاخوة والاصدقاء ابناءهم وحشدوا تحت مظلة القوات المشتركة العربية والاسلامية والصديقة، كل امكاناتهم يقاتلون عن هذا العمل في بسالة واصرار.
أيها الاخوة والاخوات،،
وفي انتظار لحظة العودة الى الوطن العزيز محررا مطهرا من الباغين، مصداقا لقوله تعالى: (ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون) نقف ملحين في الدعاء ان يتغمد الرحمن شهداء قضية التحرير والحق والعدل بواسع رحمته. وتظل قلوبنا معلقة بابناء واخوة واصدقاء متحملين مرارة الاسر ووحشية الطغاة.
ونحمل في الصدور المحبة والتقدير للوقفة الصلبة لإخوة واصدقاء نصروا قضيتنا وحملوا السلاح دفاعا عنها، وواجهوا المعتدي بحشوده. لم يرهبهم وعيد، ولم تغرهم وعود، ولم تجتذبهم مطامع، بل بذلوا في سخاء وصدق ارواحا غالية، وتحملوا تضحيات جسيمة حماية للقانون الدولي، ورفضوا ان ترتد البشرية مرة اخرى الى شريعة الغاب، ومسلك العدوان فإلى كل هؤلاء شكر الكويت واجيالها.
ومن أتون الحرب الملتهبة ووسط آلامها يرتفع اليوم صوت الكويت مؤكدا انها سوف تظل ـ كما كانت دائما ـ عربية الوجه والقلب والوجهة. مهتدية بشريعة الرحمن، ساعية الى السلام والمحبة والتفاهم الدولي، واحة امن وامان لا تحمل ضغينة لأحد.
ان اهل الكويت يدركون تماما ان ما حل بهم من غدر وخيانة وعدوان انما هو سلوك طغاة لا منهاج امم، وقرار افراد زين لهم الشيطان اعمالهم، لا ارادة شعوب عربية حرة مسلمة، ومع هذا نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وهو نعم المولى ونعم النصير.
وللإخوة والاخوات من اهلنا الصابرين في الكويت اقول باسمي، واسم اخوانكم واخواتكم خارج وطننا العزيز، اننا ندعو الله ـ جلت قدرته ـ ان يعينكم ويهبكم القوة والصبر على البلاء.
ان قلوبنا جميعا معكم رافعين أكف الضراعة الى الله العلي القدير ان يساعدكم على ما تتحملون من اعباء الصبر، ويسبغ عليكم رحمته الواسعة، وان فرج الله قريب، وما بعد عسر الا يسر ان شاء الله.
أيها الاخوة والاخوات،،
اننا مقبلون على مرحلة جديدة حاسمة تتطلب منا الاجماع على كلمة سواء، فلنتسلح بالايمان الصادق مما يتنزل معه من الرحمن الرعاية والعون، متخذين من توصيات المؤتمر الشعبي الكويتي المنعقد في اكتوبر من العام الماضي ميثاقا وطنيا بحكم مسيرتنا القادمة باذن الله، فكويت الغد غير كويت الامس لاختلاف حجم ونوعية ما نواجهه من مهمات جسام، يتوقف تجاوزها على اعتماد ابنائنا على انفسهم، وتصدرهم الصفوف لتحمل الاعباء في عزم مجمع على الانجاز والاتقان.
ان مرحلة التعمير والبناء المقبلة لوطننا هي مرحلة العطاء بلا حدود، مرحلة تتشابك خلالها الايدي في تعاون، وتلتقي القلوب في وحدة وصمود، ويتضاعف العمل في تضحية ونكران للذات.
ولا يفوتني في ختام كلمتي هذه ان اقدم باسم الشعب الكويتي وباسمي جزيل الشكر والتقدير للقوات المسلحة المشتركة في مختلف فروعها، لما قامت وتقوم في عمليات تحرير الكويت.
(واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) صدق الله العظيم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
«يتبع»[/frame]