عرض مشاركة واحدة
قديم 15-01-2006, 10:13 AM   رقم المشاركة : 62
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]آخر الأخبار

قصــة الديمقراطيــة فــي الكويـت
الحلقة الخامسة والعشرون

كان الحكم منذ فجر تاريخ الكويت قائما، وبصفة مستمرة على اساس الشورى بين الحاكم والشعب، فاذا ما حاولنا استرجاع التاريخ لوجدنا ما يشير الى ان تقاليد الشورى كانت قائمة في الكويت منذ تولي صباح الاول حكم الامارة، وكانت سلطة الحاكم بمثابة السلطة التنفيذية، في حين كانت السلطة التشريعية متمثلة في اعراف وتقاليد من صنع اهل الكويت اكثر من كونها من صنع الحاكم، حيث كانت الحياة بسيطة غير معقدة، لا تستلزم تشريعات تنظم احوال الناس، وعلى الرغم من انتفاء الطابع الالزامي لهذه الشورى الا انها خلقت قيدا نفسيا وعرفيا على تصرفات الحاكم.
وهكذا يمكن القول ان نظام الحكم منذ النصف الاول من القرن الثامن عشر ـ وفي اعقاب اختيار صباح الاول حاكما ـ يقوم على اساس الشورى بين الحاكم والشعب دون وجود مجلس شورى او مجالس تشريعية، اذ كانت الحياة في الكويت بسيطة، ولم يحدث ما يدفع بالحاكم الى الانفراد بالسلطة، وكان مبدأ الشورى يعني التزام الحاكم باستشارة المواطنين، ولم يكن للحاكم ان يضع قانونا من صنعه، وانما يستند الى العرف والتقاليد والشريعة الاسلامية، دون ان تكون له سلطة التشريع.
ويمثل عهد المغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح نقطة تحول في تطوير اسلوب مشاركة الشعب في صنع القرار السياسي، اذ تم تأسيس اول مجلس للشورى عام 1921م، ومع ان عضوية هذا المجلس كانت تتم بالتعيين، الا انها تعتبر اول محاولة لتنظيم الشورى في الحكم، وتحديد العلاقة بين الحاكم والشعب.
ثم شهدت الكويت بعد ذلك عدة تطورات تنظيمية اخرى، يمكن اعتبارها ـ بشكل او بآخر ـ نوعا من السلوك الديمقراطية في ادارة شؤون اهل الكويت، اذ كانت هذه التنظيمات تدار من قبل مجالس منتخبة، فقد انشىء اول مجلس للبلدية عام 1930م واول مجلس للمعارف عام 1936م.
وكان ميلاد هذه المجالس ـ وعلى وجه الخصوص مجلس الشورى ـ بمثابة اول صيغة رسمية لمجلس يعاون الحاكم، ومنعطفا تاريخيا يعني الاعتراف بالمشاركة الشعبية في ادارة شؤون الدولة والمجتمع، على الرغم من ان مجلس الشورى لعام 1921م لم تكن له سلطات تشريعية ملزمة بالمعنى المتعارف عليه، وانما كانت آراؤه استشارية فقط، على ان هذا المجلس مر بعد ذلك بنوع من التطوير، اذ تم انتخاب اول مجلس تشريعي عام 1938م كما صدر اول دستور للبلاد ـ بشكل مبسط ـ يتفق مع واقع الحياة في ذلك الوقت، وهو ما يمكن اعتباره نقطة تحول كبيرة في الحياة التشريعية.
وقد عملت الخبرات، او تلك الممارسات السياسية من قبل اهل الكويت، والتي نجح بعض منها وفشل البعض الآخر على تهيئة المجتمع الكويتي للدخول في مرحلة الحياة الديمقراطية المقننة المعتمدة على قواعد دستورية بالغة التنظيم، وعلى ممثلين للأمة من اعضاء منتخبين، وعلى وعي وتفهم للديمقراطية من قبل قاعدة شعبية كبيرة.
وبدأت ـ بالفعل ـ مرحلة عصرية جديدة في عهد المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح، اذ تم اعلان استقلال الكويت في التاسع عشر من يونيو عام 1961م، وصدر مرسوم اميري في 26 من اغسطس عام 1961م بانشاء هيئة تتولى بالاشتراك مع المجلس الاعلى وضع مشروع قانون لانتخاب اعضاء المجلس التأسيسي الذي يتولى مهمة اعداد دستور الكويت. كما صدر القانون رقم 1 لسنة 1962م بالنظام الاساسي للحكم في فترة الانتقال، وهي الفترة التي تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون في 7 يناير عام 1962م، وتنتهي مع بدء العمل بالدستور في 29 يناير عام 1963م.
وقد تضمن هذا القانون 32 مادة، كلفت المادة الاولى منه المجلس التأسيسي المنتخب باعداد دستور يحدد نظام الحكم على اساس المبادىء الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت واهدافها وثوابتها، وأوجب القانون على المجلس الانتهاء من هذه المهمة خلال سنة، تبدأ من تاريخ اول انعقاد (انظر مرفق رقم 19).
لقد اكتسبت التجربة الديمقراطية في الكويت المزيد من الوعي والنهج والتطور، بعد ممارسات في الحياة النيابية دامت سنوات طوالا منذ ان بدأ مجلس الامة الاول عمله عام 1963م وحتى الآن، حيث تزايد مستوى الوعي بين المواطنين، سواء أكانوا ناخبين، ام مرشحين، ام اجهزة تشرف على العملية الانتخابية.
وكان للشيخ جابر الاحمد ـ وهو وزير للمالية ـ مساهمات كبيرة فاعلة مؤثرة في صياغة احكام دستور الكويت، وقد جاءت هذه المساهمات من خلال الخبير الدستوري عبد الرزاق السنهوري الذي كان يعمل بالوزارة ـ آنذاك ـ خبيرا قانونيا، عندما كلف بجانب عمله في صياغة قوانين الصناعة والتجارة المشاركة في وضع دستور الكويت، الامر الذي اتيح معه للشيخ جابر الاحمد ان يضع بصماته على معظم احكامه.

الشيخ جابر الاحمد
والحياة الديمقراطية والنيابية

لقد كان الشيخ جابر الاحمد دائما ملازما ومسايرا لكل التطورات الحياتية على الساحة الكويتية، سواء أكانت سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية. وكان له دوما رأي وموقف في معترك تلك التطورات، سواء أكانت سلبا ام ايجابا، وان كلماته التي القاها في شتى المناسبات، تجسد روح الديمقراطية المتأصلة في نفس الحاكم والشعب منذ بداية حياة الشورى الاولى الى ان تبلورت تلك الممارسات في صيغتها النيابية المتحضرة المعاصرة، وفيما يلي نماذج من مواقفه في اكثر من مناسبة:
في خطاب وجهه الى المواطنين بانتهاء فترة الحداد الرسمي على الامير الراحل المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح في الرابع عشر من فبراير عام 1978م، اشار فيه بالآتي: «... وكان امرنا ـ دائما ـ شورى بيننا حتى غدت الشورى صفة اساسية للحكم، حرصت اجيالنا المتعاقبة على التمسك بها، فالديمقراطية متأصلة في نفوسنا جميعا ككويتيين منذ القدم، والديمقراطية الصحيحة لا تعني مجرد الاطار الشكلي البرلماني، ولكنها تعني المفهوم الحقيقي، والممارسة الفعلية للديمقراطية، وسنظل حريصين على ترسيخ ديمقراطيتنا الاصيلة بالمشاركة الشعبية النابعة من تراثنا وتقاليدنا، والتي سنعمل على تطويرها وانضاج ممارستها تلبية لمتطلبات مجتمعنا الجديد في اطار قيمنا واخلاقنا، ومبادىء ديننا الحنيف»...
ويؤكد الشيخ جابر الاحمد من جديد هذه المعاني فيما جاء في كلمته في افتتاح المؤتمر الشعبي في جدة بالمملكة العربية السعودية في اكتوبر عام 1990م، حين يقول: «... لقد عاش الكويتيون منذ القدم في اجواء من الحرية، والتزموا الشورى ومارسوا الديمقراطية في اطار دستورنا الذي ارتضيناه جميعا، واذا ما اختلفت اجتهاداتهم بشأن امر من الامور المتعلقة بترتيب البيت الكويتي، فانهم يكونون اشد تلاحما واصرارا وتآزرا في مواجهة الاخطار التي تهددهم».
وفي اعقاب المؤتمر الشعبي الذي انعقد في جدة بالمملكة العربية السعودية خلال فترة العدوان والاحتلال العراقي، وبعد تحرير الكويت مباشرة، يعود الشيخ جابر الاحمد ليبث الطمأنينة في نفوس اهل الكويت، ويبشرهم بالتصميم على عودة واستمرار الحياة الديمقراطية والنيابية كمنهج اساسي لادارة شؤون البلاد.
ففي كلمته في العشر الاواخر من رمضان عام 1411هـ الموافق عام 1991م، اكد: «... ان الشورى والمشاركة الشعبية في امور البلاد كانت من طبيعة الحياة في بلادنا، ولها طرق عدة، الا ان عودة الحياة النيابية، هي ما اتفقنا عليه في المؤتمر الشعبي في جدة، ووفاء بهذا الوعد، فقد قررنا بعد ان تستقر الاوضاع، وتبدأ مسيرة الحياة، ويعود اهل الكويت جميعا الى وطنهم، ان تجري الانتخابات النيابية خلال السنة القادمة ـ بإذن الله تعالى ـ حسب ما نص عليه دستورنا»....
ويحدد الشيخ جابر الاحمد الأبعاد الرئيسية للسلوك الديمقراطي في الكلمة التي ألقاها بمناسبة العيد الوطني وعيد التحرير عام 1992م، وصولا الى تأكيد المعاني الحضارية للديمقراطية، والحرص على تقديم التوجيه والنصح والارشاد لابنائه الكويتيين فيما يختص بالسلوك الانتخابي، سواء من قبل المرشحين او الناخبين انفسهم، فيقول: «... ان الديمقراطية هي حرية، وهي مسؤولية في الوقت ذاته، ومثلها حق المواطن في التعبير عن رأيه، وفي الحوار مع اخوانه، أما الفرقة والتنافر والتطاحن، فإنها العدو الاول للوطن، وهي منبت الفتنة»...
ويضيف قائلا: «... وفي مجتمع منفتح على جميع الافكار والتيارات مثل مجتمعنا النابض بحيوية الكويتيين ومثابرتهم تتكاثر الاجتهادات، وتتباين الآراء، وتتنوع الحلول حول افضل السبل والوسائل للارتقاء بالمجتمع وتطويره، وهذا هو اقتناعنا الدائم، منذ قيام الكويت الحديثة»...
ويكشف الشيخ جابر الاحمد عن ان الديمقراطية الكويتية لها اصالتها ولها جذورها العميقة التي امتدت على مدى تاريخ الكويت، وانها جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الكويتي منذ حياته الاولى البسيطة استمرارا الى حياته المعاصرة التي اخذت بأعلى مستويات التقدم، وتتجسد تلك المعاني في كلمته بمناسبة العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1412هـ وعلى وجه التحديد في 28 مارس عام 1992م، اذ يقول: «... كلنا نعرف ان الديمقراطية اختيار كويتي، كان منذ البداية، وهو سبيلنا الدائم، والديمقراطية ليست مستعارة بل هي كويتية الجذور والمنبت، كويتية النهج والقيم، حيث ان الشورى بين الكويتيين في تسيير امور بلدهم واقع تاريخي، وهذا ما يجب تأكيده والحرص عليه، وهذا المعنى هو الذي يعطي الديمقراطية الكويتية شخصيتها المنفردة، ووضعها الحقيقي، ومغزاها الاصيل، اما ما عدا ذلك من التقليد للآخرين، فهو لون من التبعية التي ينفر منها الكويتيون كل النفور ـ فالكويتيون ـ دائما ـ يحرصون على الاصالة التي هي ابرز سماتهم على طول تاريخهم، اننا اذا عرفنا ذلك وآمنا به، كانت ديمقراطيتنا مثلا يحتذى، ونموذجا يقتدى به»...
وفي كلمة اخرى له في العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1413هـ، وعلى وجه التحديد في 17 مارس عام 1993م يقول فيها: «... لقد آمنا بالشورى والديمقراطية والحرية منذ فجر تاريخنا لصالح الكويت وشعب الكويت، فديمقراطيتنا نابعة من مجتمعنا، محكومة بطبيعته وفلسفته واخلاقه، وان نعمة الحرية التي نتمتع بها جميعا هي وسيلة لصدق التعبير، وامانة المكاشفة، ونور المصالحة بهدف الارتقاء بمجتمعنا، وعلاج مشكلاته على أسس سليمة وموضوعية»...
وعندما يخاطب الشيخ جابر الاحمد شعب الكويت في تلك المناسبات، اي العشر الاواخر من شهر رمضان، وفي غيرها من المناسبات، فانه يصر على التأكيد على اهمية الشورى والديمقراطية بصفتها منهجا للحياة في الكويت، وهو بهذا، يفصح دائما وفي اكثر من مناسبة عن ايمانه العميق بحرية المواطنين في الحوار والتعبير، وابداء الرأي والمشاركة الفعالة في كل ما يمس حياتهم من شؤون سياسية واجتماعية واقتصادية.
فالديمقراطية ـ دائما وابدا ـ في فكره ووجدانه مثلما كانت ـ دائما وابدا ـ في فكر ووجدان الشرعية الكويتية على مدى تاريخها، ابتداء من شورى الحياة البسيطة غير المعقدة في عهد صباح بن جابر، الى محاولات تنظيم العلاقة بين الحاكم والشعب في عهد المغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح، من خلال مجالس شورى ثم تعيين اعضائها في بادىء الامر، ثم بالانتخاب في مرحلة تالية الى مرحلة التحديث في شتى نواحي الحياة، ومنها الحياة النيابية التي توجت بوضع دستور للدولة عام 1962م في عهد المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح.

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa