[frame="1 80"]وفي نوفمبر عام 1987م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة، بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، اكد فيها على اهمية عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط لتحقيق الاماني الوطنية للشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته العادلة في مواجهة التحديات والممارسات التعسفية التي تهدف الى تصفية القصية، والتي تشكل انتهاكا صارخا لميثاق الامم المتحدة،. والاعلان العالمي لحقوق الانسان.
وفي ديسمبر عام 1987م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى قادة ورؤساء الدول الاسلامية، من خلال منظمة المؤتمر الاسلامي، يناشدهم فيها استخدام الوسائل المتاحة كافة للوقوف الى جانب انتفاضة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحداث التعسفية الاسرائيلية في الاراضي المحتلة.
لقد أراد من خلال هذه الرسالة ان يضع العالم الاسلامي امام مسؤولياته التاريخية، حين قال: «وفي تقديرنا، ان العالم اذ يتناول الآن، وفي اعلى مستوياته، وعبر منظماته، قضية حقوق الانسان، فان ما تشهده الآن الاراضي الفلسطينية المحتلة من التعسف الصهيوني ضد هذه الحقوق، ليمثل حالة صارخة من حالات الانتهاك الخطيرة لحقوق الانسان، وان ما يقوم به الاشقاء الفلسطينيون في الاراضي المحتلة ـ هو في الواقع ـ مدعاة لاعتزازنا جميعا، حيث انهم يؤكدون مجددا للعدو الصهيوني، بل وللعالم اجمع، استمرار ثباتهم على موقفهم الرافض للاحتلال، والذي لا يقبل بأقل من الاستعادة الكاملة لجميع الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. اننا نرى ان ما يقوم به الاخوة الفلسطينيون يستوجب الدعم والاشادة من قبلنا بحقوقه مهما ضاقت به الحيل، او قلت امامه السبل في وجه الظلم، ومهما امتلك من وسائل البطش والعدوان، وبالتالي، فان الوقوف الى جانب الفلسطينيين في انتفاضتهم الحالية هو دعم لجميع الحقوق المسلوبة للانسان اينما كان».
وبتاريخ 9 يناير عام 1988م اكد الشيخ جابر الاحمد ان يأس اخواننا الفلسطينيين في الاراضي المحتلة من امتهم العربية وزعاماتها، ومعاناتهم من القهر والاذلال على يد السلطات الاسرائيلية.، هما المحرك الاساسي والدافع وراء انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وقطاع غزة المحتلين.
جاء ذلك في رده على سؤال لرئيس مجلس الادارة المدير العام لوكالة الانباء الكويتية، حين أجاب قائلا: «إن اقل ما يمكن عمله الآن، هو ان يقف العرب وقفة جادة موحدة لمساندة هذه الانتفاضة العارمة، فهي فرصة مواتية لكي يثبت العرب للعالم صدق وعودهم باسترجاع حقوقهم السليبة، ويثبتوا لاخوانهم في الاراضي المحتلة، الذين يقدمون التضحيات كل يوم، ويضربون امثلة رائعة من الجهاد والفداء، انهم معهم ـ هذه المرة ـ قلبا وقالبا بالعمل الجاد، لا بالاقوال والتصريحات».
ويمضي مؤكدا: «ان مساندة إخواننا الفلسطينيين في الاراضي المحتلة مسؤولية تاريخية يتحملها كل عربي مهما كان موقفه ومركزه. وان الشعب الكويتي في طليعة المتجاوبين مع اخوانهم الفلسطينيين، وقد بذل الكويتيون، وما زالوا يبذلون، عن قناعة ورغبة واستعداد متواصل، كل ما يستطيعون لمساندة ابناء فلسطين، ولجعلهم يشعرون انهم معهم فيما يواجهون من تعسف وظلم».
ويضيف قائلا: «كما ان الكويت، التي ساهمت ـ ولا تزال تساهم ـ في دعم القضية الفلسطينية، ومساندة اخواننا «الشعب الفلسطيني» في الاراضي المحتلة بوسائلها الخاصة، تعمل كل ذلك منطلقة من ايمانها الراسخ بان الشباب هم امل المستقبل، وهم الذين سينتزعون حقهم وحريتهم بقوة الايمان والتضحية من المغتصب مهما كان لديه من قوة وجبروت».
وفي كلمة وجهها الشيخ جابر الاحمد للاسرة الدولية، ومن خلال السكرتير العام للامم المتحدة في نوفمبر عام 1988م بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني اشار فيها، بين امور اخرى، انه: «منذ اربعين سنة ونحن نتكلم ونخطب ونتوعد، ونفرح شعوبنا باننا سنعيد هذه الارض عربية مرة اخرى، وانا باعتقادي. ان لم نبالغ، انه لا يقل عن تسعين بالمائة من مأساة فلسطين هو كثرة الكلام الذي نطلق ـ نحن ـ كمسؤولين في هذه الامة، لو كنا عملنا بجد وثابرنا وصدقنا في وعودنا لتحررت فلسطين منذ زمن».
ويحدثنا بدر النصرالله ضمن ذكرياته حول هذه العلاقة، فيقول: لا ينكر احد موقف الشيخ جابر الاحمد القوي، وتعاطفه واحتضانه للقضية الفلسطينية، فكثيرا ما كان يستضيف القيادات الفلسطينية ويتحاور معهم في الشأن الفلسطيني، كانوا يحبونه ويستمعون اليه، لانه لم يكن يتردد لحظة واحدة في تلبية طلباتهم واحتياجاتهم، حتى بعد العدوان والاحتلال العراقي للكويت ظل موقفه ثابتا في دعم القضية الفلسطينية».
مما سبق من فقرات حول القضية يتضح لنا كم كان الشيخ جابر الاحمد مناصرا لقضية الشعب الفلسطيني، وكم كانت هذه القضية تحظى بالاولوية القصوى في فكره السياسي. لم يكن يترك فرصة او مناسبة قومية ام دولية إلا يستغلها في الدعوة لمناصرة الشعب الفلسطيني، وبخاصة في السنوات التي ترأس فيها منظمة المؤتمر الاسلامي، حيث مكّنه ذلك الموقع من مخاطبة دول العالم، رئاسة وشعوبا، باسم ملايين المسلمين في ارجاء الدنيا للوقوف الى جانب الحق الفلسطيني، وايجاد حل عادل ومشرف لقضيتهم، بحيث تتاح لهم العودة الى وطنهم وديارهم وممتلكاتهم.
هذا الفكر السياسي للشيخ جابر الاحمد لا يزال هو نهج الكويت وسياستها في التعامل مع القضية الفلسطينية، رغم تواطؤ القيادة الفلسطينية ومؤازرتها ومساندتها للنظام العراقي في عدوانه واحتلاله لدولة الكويت.. لقد ظل ذلك الفكر ـ على الرغم من كل ما حدث ـ نقيا صافيا، وظلت تلك السياسة محتفظة بمصداقيتها، وستظل كذلك الى ان يقيم الشعب الفلسطيني دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني.
«يتبع»[/frame]