[frame="1 80"]وفي تصريح صحفي للشيخ جابر الأحمد أمير دولة الكويت، لدى وصوله الى منفذ النويصيب الحدودي بين الكويت والمملكة العربية السعودية، وصف فيه اتفاقية الدفاع المشترك، التي وقعها قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمة المنامة، بانها انجاز تاريخي، وخطوة عملية رائدة في تكاتف وتلاحم بلدان المجلس وشعوبها ضد كل المخاطر والتهديدات التي قد يتعرض لها امنها واستقلالها وسيادتها.
وفي هذا السياق اضاف قائلا: «لقد اثبتت الاحداث، ان التعاون والتماسك بين دولنا وشعوبنا الشقيقة، هما ضمان قوي لامننا واستقرارنا وخاصة في عالم نرى فيه ان لا خيار لنا الا تعزيز التعاون وتقوية روابط الاخاء فيما بيننا والاحداث المتسارعة تفرض علينا ضرورة التباحث والتشاور المستمر لاختيار الاسلوب السليم،والمنهج الصحيح إزاء كل ما يستجد على الساحة الخليجية». كما تعرض امير دولة الكويت في تصريحه الصحفي الى الامور الاقتصادية والاوضاع النفطية في العالم، مؤكدا على ضرورة التنسيق الدائم بين دول المجلس في هذا الشأن، وتبني سياسة موحدة لمواجهة ما يطرأ في السوق العالمية من اتجاهات وتطورات.
سموه كان أكثر قادة الدول العربية حزناً وألماً على المحن التي كانت تصيب الشعب الفلسطيني الأمير أولى القضايا العربية أولوية قصوى بطريقة ليست مرضية لأوروبا وأمريكا
الحلقة التاسعة عشر
لقد كان الشيخ جابر الاحمد ـ دائماً وابداً ـ ذا توجه ديمقراطي في تعامله مع القضايا والاحداث، سواء أكانت داخلية ام خارجية، كما انه شديد النزوع نحو الاخذ بالممارسات الشعبية، وتأكيد دورها في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهو ايضاً من المؤمنين اشد الايمان بأن النشاط الحكومي يظل ناقصاً اذا لم يسانده ويؤازره دعم ومشاركة اهلية. وهذا ما جعله ـ باستمرار ـ يدفع مؤسسات المجتمع المدني قدماً الى الامام لكي تساهم كشريك فاعل في بناء كويت المستقبل.
يقول في كلمة له في العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1411 هـ الموافق 7 ابريل عام 1991م :«... ان الشورى والمشاركة الشعبية في أمور البلاد كانت من طبيعة الحياة في بلدنا...».
كما يشير فى كلمة اخرى له في افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السابع لمجلس الامة الكويتي في 29 اكتوبر عام 1994م الى انه: «.... من خلال تجربتنا الديمقراطية، اشعر، وتشعرون ان تلاحم الطاقات والدراسة الموضوعية للمسائل المطروحة، والحوارات الجادة البعيدة عن المصالح الذاتية والمنافع الشخصية، ووضع مصلحة الكويت فوق اي اعتبار، هو السبيل الاقوم، والمنهج الاسلم، لخدمة الوطن والمواطنين...».
هذه الرؤية الديمقراطية للمشاركة الشعبية، ودورها في بناء الوطن، وضمان سلامة المجتمع لم تقف عند حدود الكويت، بل حملها الشيخ جابر الاحمد في فكره ليطرحها نقية صافية صادقة امام اخوانه قادة دول مجلس التعاون في لقاءاتهم الدورية، خاصة ما جاء في الرسالة التي وجهها اليهم في ديسمبر عام 1994م، والتي اكد فيها ـ بين امور اخرى ـ على ضرورة العمل كي تتلاحم الارادة الشعبية بالجهود الرسمية لدفع مسيرة العمل الخليجي المشترك قدماً الى الامام، وتحقيق المزيد من المكاسب الوطنية.
مشيراً الى تجارب وحدوية جرت في مناطق اخرى من العالم رغم اختلاف العادات وتباين اللغات. وان تطابق السمات الاجتماعية بين شعوب مجلس التعاون يسهل بدرجة كبيرة تحقيق مثل هذه الطموحات، والامال التي ستعزز الثقة في قلوب ابناء الخليج، وتجعل الايمان بجدوى الوحدة الجزئية من خلال اتحادات ومنظمات محدودة المجال حقيقة واقعة.
وفي الدورة السابعة عشرة للمجلس الاعلى التي عقدت في الدوحة في ديسمبر عام 1996م، كان الشيخ جابر الاحمد في تلك اللحظات يسعى بفكره لان يكمل مجلس التعاون مقوماته بصفته مؤسسة دستورية جماعية، وكان لابد له من ان يتقدم بخطوة عملية في هذا الاتجاه، حين تقدم باقتراح لانشاء مجلس استشاري شعبي يكون رديفاً للمجلس، وهو ـ بلا شك ـ اقتراح حضاري يقوم على دعم الدور الشعبي والمبادرة الشعبية من اجل دفع مسيرة مجلس التعاون خطوات الى الامام، وخلق حالة من التفاعل الرسمي والشعبي لصالح دول المجلس.
ان هذا المقترح الذي تقدم به الشيخ جابر الاحمد يدل على قناعته الراسخة بأهمية الدور الشعبي وضرورة افساح المجال له لكي يعمل. كما ان موافقة قادة دول المجلس على هذا الاقتراح الحضاري لمناقشته في دورة قادمة، انما يدل كذلك على اقتناعهم بالدور الذي تلعبه الشعوب من خلال ممثليها، وهذا في حد ذاته يمثل نظرة اهتمام وتقدير حيال شعوبهم.
وجاء البيان الختامي للدورة الثامنة عشرة، التي عقدت في الكويت خلال الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر 1997م، معلناً حرص المجلس على تعزيز دور المواطن في تفعيل مسيرته، متخذاً اول خطوة عملية في هذا الاتجاه، حين قرر انشاء هيئة استشارية من مواطني دول المجلس ذوي الخبرة والكفاءة، تتولى ابداء الرأي والمشورة فيما يحيله المجلس الاعلى اليها من امور.
وهكذا، وجد المقترح الذي تقدم به الشيخ جابر الاحمد طريقه الى التنفيذ بصدور النظام الخاص بالهيئة وفقا لاحكامه، عدد الأعضاء بثلاثين عضواً يختارون من مواطني دول المجلس على اساس الخبرة والكفاءة، وبواقع خمسة أعضاء من كل دولة. وان للهيئة ان تختار لها رئيسا لمدة عام من بين ممثلي الدولة التي تتولى رئاسة دورة المجلس، ونائباً للرئيس من بين ممثلي الدولة التي ستتولى رئاسة الدورة التالية للمجلس الاعلى.
وقد تم تشكيل الهيئة في السنة ذاتها التي تولت الكويت فيها رئاسة المجلس، وعقدت اول اجتماع لها برئاسة عبد الله يعقوب بشارة الذي تم اختياره بصفته احد ممثلي الكويت المرشحين لهذه المهمة.
لقد اولى الشيخ جابر الاحمد قضايا الامة العربية اولوية قصوى في فكره السياسي، تشهد لها الساحة العربية، ولقاءات القمم التي عقدت تحت مظلة جامعة الدول العربية. ويتجسد ذلك الفكر بوضوح عند الازمات السياسية التي تعرضت لها الامة العربية، والمحن الكبرى التي مرت بها هذه الامة، كالاعتداء الثلاثي الذي تعرضت له مصر من قبل انجلترا وفرنسا واسرائيل عام 1956م، ونكسة الامة العربية في حربها مع اسرائيل عام 1967م، وحرب تحرير جزء من الارض العربية في اكتوبر عام 1973م.
«يتبع»[/frame]