[frame="1 80"]س: ما رأي سموكم فيما يتردد بين حين وآخر من الادعاء بوجود فراغ امني في الخليج العربي، ومحاولة تدخل الدول الكبرى في شؤونه؟
ج: انني أؤكد ان أمن الخليج هو مسؤولية اهله، ونحن نعتقد ان قيام مجلس التعاون الخليجي كفيل بأن يضع قوة الدول الاعضاء سياسياً واقتصادياً على مسار العمل الجدي لتوطيد الاستقرار في المنطقة، وابعاد اخطار التدخل الخارجي عنها، وتكريس هذه القوة لخدمة قضايانا القومية. واذا كنا حريصين على ان نؤدي دورنا الانساني في توفير الرخاء لشعوب العالم، فإننا حريصون ايضاً على ان تقابلنا دول العالم بالمثل.. وباختصار فإن هدفنا هو ابعاد الخليج عن الصراعات والتدخلات الخارجية، فالخليج لابنائه حقاً وأمناً ومسؤولية.
س: هل هناك علاقة بين مجلس التعاون الخليجي والسياسات الداخلية للدول الاعضاء؟
ج: هناك اوجه شبه وتعاون كثيرة بين الدول الاعضاء، وذلك في الانشطة الاقتصادية، والاجتماعية، والتربوية، والثقافية، ومجالات التنمية بصفة عامة. وهناك ـ في الوقت نفسه ـ تجارب خاصة لكل منها في سياساتها الداخلية وتطورها التشريعي ومؤسساتها. ولكل دولة من الاعضاء لها ان تختار لنفسها ما ترتضيه من نظم داخلية. فالتعاون لا يقتضي التماثل في كل شيء.وان الفروق الداخلية لا تحول دون التعاون. وهناك نماذج في اجزاء كثيرة من العالم في مجال التعاون الاقليمي مع وجود تباين في النظم الداخلية.
وهكذا تتواصل المسيرة، وقادة دول الخليج العربية يؤكدون، في كل دورة من الدورات السنوية للمجلس، عزمهم على مواصلة التنسيق، والتعاون فيما بينهم في المجالات: الاقتصادية والسياسية والامنية لمواجهة الاخطار المحيطة بالمنطقة وزيادة الاتصالات بينهم لدرء هذه الاخطار.
ففي الدورة الرابعة للمجلس، التي عقدت بمدينة الدوحة في الفترة من 7 ـ 9 نوفمبر 1983م، كان للشيخ جابر الاحمد وقفة امام بعض هذه المفاهيم التي جاءت ضمن الكلمة التي القاها في الجلسة الختامية للدورة باسم قادة دول المجلس، حين قال: «.... ان لقاءات واجتماعات المجلس الاعلى لمجلس التعاون بدأت تتخذ طابعاً مميزاً في منطقتنا هذه. فقد اصبح رمزاً للترابط والتماسك والمصير الواحد. وتولد شعور لدى المواطن في بلدان مجلس التعاون بأنه جزء لا يتجزأ من مجموعة متناسقة، وانه على المستوى الفردي مستعد ان يشارك في اي جهد لتعضيد هذا الشعور وترسيخه فكراً وعملاً...».
وعند عودته الى ارض الوطن ادلى بتصريح صحفي اكد فيه هذه المفاهيم، حين اشار الى: «... ان جميع الخطوات التي تمت وجميع القرارات التي اتخذت ستعود بالخير والنفع على البلدان الاعضاء، وستفتح آفاقاً واسعة للتعاون البناء، وستجعل شعوبنا اكثر تقارباً وتعاوناً لمصلحتها المشتركة. ولابد من ان نواصل هذه المسيرة لانها الطريق السليم الذي من شأنه ان يجعلنا نشعر بأننا مجتمع واحد. وان على الفرد ـ مثله مثل اي مسؤول ـ واجب المساهمة في دعم ومساندة مسيرة التعاون...».
وتأتي الدورة الخامسة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون التي عقدت بدولة الكويت خلال الفترة من 27 ـ 29 نوفمبر عام 1984م، والتي تدارس المجلس فيها الاوضاع العربية الراهنة وتأثير الخلافات العربية على القضايا العربية المصيرية. كما ناقش المجلس ايضاً الدور الذي تقوم به الدول الاعضاء على الصعيد الدولي.
وكان للشيخ جابر الاحمد الذي ترأس دورة المجلس كلمة في الجلسة الافتتاحية، قال فيها: «... ان التعاون الخليجي بناء صنعته ارادة شعوب الخليج. وهو استجابة صادقة لحقائق الحياة في هذا الجزء من العالم، وصياغة معاصرة لما كنا نمارسه بالود والتقاليد الموروثة عن آباء كرام، عاشوا على التعاون والتشاور والتكافل..».
ويمضي في هذا السياق فيقول: «... وكان الانجاز مشكوراً، وكانت الآمال اكبر، وستظل المسؤولية الرئيسية التي يحملها مجلس التعاون في يومه وغده هي بذل المزيد من الجهد، ليقطع المسافة بين ما يحققه من انجازات وما تتطلع اليه شعوبنا من آمال، فكل امل يدعونا الى انجاز جديد، وكل انجاز يزيدنا ثقة في تحقيق امل منشود. ومن الله نستمد العون على المسير..».
ويضيف مؤكداً: «... ان هذا المجتمع الخليجي الجديد الذي نبنيه ونحميه هو جزء من الامة العربية استوى على سوقه واتخذ الى النمو طريقاً. ونأمل ان يلقى هذا الطريق قبولاً من امتنا العربية ليشمل اقطارها بمشيئة الله.. هذا المجتمع الخليجي الجديد هو هديتنا الى ابنائنا والى ابناء العروبة، ووصية يحملها جيل الى جيل على طريق مدروس ومخطط لحالات اوسع في التعاون الاسلامي والعالمي..».
وفي الجلسة الختامية لاعمال المجلس القى الشيخ جابر الاحمد رئيس الدورة كلمة اخرى، جاء فيها: «... لقد جاءت ثمرات هذا اللقاء برهاناً جديداً يؤكد قدرة المجلس على حمل الامانة والعطاء.. ان قراراتنا ومسؤولياتنا وخطوات مستقبلنا وصورة آمالنا وامتحان ارادتنا عهد بيننا وبين شعوبنا.
واذا كان طريق العمل طويلا، فإن الخطوات الواثقة والمنتظمة، والقدرة على مراجعة الذات وتصحيح المسار، والحوار الاخوي، كل ذلك، قادر ـ بتوفيق الله ـ على تحقيق الكثير..».
وفي الدورة السادسة للمجلس التي عقدت في مسقط العاصمة في الفترة 27 ـ 29 نوفمبر عام 1985م، توصل قادة دول الخليج العربية الى تصور استراتيجية للدفاع بين دول المجلس، ووضع برنامج زمني لتنفيذ مختلف مجالات وانشطة التعاون الاقتصادي، وكذلك وضع استراتيجية موحدة للتنمية الصناعية.
واثر عودة الشيخ جابر الاحمد الى ارض الوطن كان له تصريح صحفي حول ما دار في اجتماعات المجلس من حوارات، وما اتخذ من قرارات، مشيراً الى ان: «... لقاء الاخوة في مسقط له اهميته البالغة، اذ انه يتزامن مع ظروف صعبة، تمر بها منطقة الخليج، تتطلب التباحث والتنسيق، واتخاذ مواقف موحدة تجاه القضايا كافة والتحديات الطارئة التي تواجهها المنطقة. فالوضع في منطقة الخليج اصبح اكثر تعقيداً بسبب استمرار الحرب العراقية الايرانية التي مضت عليها ست سنوات، ونتج عنها الكثير من الدمار، مما يستدعي تكثيف الجهود والمساعي لوضع حد لهذه المأساة..».
واضاف قائلاً: «... واتفق الاخوة الرؤساء على ان تظل منطقة الخليج بعيدة عن التدخلات كافة التي تؤثر على استقرارها، وامنها، كما تم الاتفاق على السير قدماً في مجالات التعاون المختلفة الاخرى، وتذليل كافة الصعاب التي تعترض طريق التماسك والتلاحم بين بلدان المنطقة وشعوبها..».
مؤكداً على :«... ان ترابط بلدان مجلس التعاون الوثيق، اخذت اهميته تبرز وتزداد باستمرار، نظراً لشعور هذه المنطقة بالمصير الواحد.. هذا الشعور الذي اصبح حقيقة واقعة على المستوى الرسمي والشعبي، بحيث اخذ المواطن الخليجي يشعر بأهمية المواقف الموحدة وبضرورة التعاون المشترك، واخذ يدرك ان استقرار هذه المنطقة وازدهارها يأتي اولاً، وقبل كل شيء مع شعوره ووعيه بأهمية التعاون الوثيق بينه وبين اشقائه في بلدان الخليج العربي الاخرى..و.
وفي الدورة الحادية عشرة للمجلس، التي عقدت في الدوحة العاصمة في الفترة من 22 ـ 25 ديسمبر عام 1990م، والتي تزامنت مع العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت الذي كان خطوة اولى للزحف على منابع النفط بدول المجلس واحتلالها.
في هذه الدورة تدارس المجلس الوضع الخطير في المنطقة، الناجم عن تهديد النظام العراقي لامن وسلامة الدول الاعضاء، وما شهدته الساحة الكويتية في ظل ذلك الاحتلال الآثم من سفك لدماء الابرياء من شعب الكويت، والمقيمين فيها، وتشريدهم، وسلب ممتلكاتهم، وانتهاك حرماتهم في محاولة جائرة لطمس الهوية الكويتية، والغاء كيانها. كما تدارس المجلس افرازات هذا العدوان والاحتلال، وتداعياته، ونتائجه الخطيرة على امن واستقرار منطقة الخليج العربي، والامن والسلم الدوليين.
وقد اكد المجلس وقوف الدول الاعضاء، حكومات وشعوباً بكل قوة واصرار مع دولة الكويت في محنتها، ومساندتها المطلقة، وتضامنها التام مع شعبها وحكومتها في جهادهما حتى التحرير الكامل.
وقد اشاد المجلس بشعب الكويت الصامد الرافض للاحتلال والمتمسك بقيادته وحكومته الشرعية... ذلك الموقف الوطني الرائع الذي نال اعجاب الاسرة الدولية.
وقد اعتبر المجلس ان اي اعتداء على اي دولة عضو هو اعتداء على جميع الدول الاعضاء، وان امن دول المجلس كل لا يتجزأ، وان عدوان النظام العراقي على دولة الكويت هو عدوان على دول المجلس كافة.
ومن هذا المنطلق الوحدوي والتضامني، دعا المجلس النظام العراقي الى المبادرة فوراً بسحب قواته من جميع الاراضي الكويتية، دون قيد او شرط، لتعود اليها السلطة الشرعية، وكذلك الذين شردوا من شعب الكويت. هنا، حمل المجلس النظام العراقي مسؤولية التعويض عن جميع الخسائر والاضرار الناجمة عن عدوانه.
من جانب آخر، اقر المجلس في دورته المذكورة تعزيز القدرات الدفاعية الذاتية للدول الاعضاء. كما قرر في الوقت ذاته انشاء برنامج لدعم جهود التنمية في الدول العربية، والاسلامية بهدف تشجيع الانفتاح الاقتصادي، والتوجه نحو اقتصاديات السوق، وتحسين الاداء الاقتصادي العربي، وحشد الدعم الدولي لعملية التنمية العربية من خلال مؤسسات التمويل الدولية، ووكالات المساعدات الانمائية الوطنية لصالح برامج التنمية للدول العربية.
وفي ختام الدورة صدر عن المجلس اعلان اطلق عليه «اعلان الدوحة»، متضمناً القرارات الصادرة عن المجلس، والتي تؤكد في مجملها للعالم وللاسرة الدولية الرفض الجماعي لذلك الاسلوب البربري الذي سلكه النظام العراقي تجاه دولة كاملة السيادة، وعضو في الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وعضو في جامعة الدول العربية ومؤسساتها، وعضو في مجلس التعاون الخليجي، ومنظمة المؤتمر الاسلامي . مطالبة اياه بالانسحاب الفوري من كل شبر على ارض الكويت، وتحمله المسؤولية الكاملة تجاه الاضرار التي لحقت بالكويت وشعبها، والمقيمين الذين كانوا يعيشون على ارضها.
«يتبع»[/frame]