عرض مشاركة واحدة
قديم 15-01-2006, 10:01 AM   رقم المشاركة : 43
Nathyaa
من المؤسسين
 
الصورة الرمزية Nathyaa






Nathyaa غير متصل

Nathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميزNathyaa كاتب مميز


افتراضي

[frame="1 80"]لقد عرف عن الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح منذ بدايات حياته العملية انه قليل الكلام كثير الاعمال، يدرس ويفكر ثم ينفذ، بجانب شغفه بالامور المالية والاقتصادية والصناعية والتجارية التي سبق الاشارة اليها، فقد عرف عنه بين اوساط شركات النفط وخبرائها بأنه اختصاصي من الطراز الاول بشؤون النفط، وله شأن كبير بالنسبة لشركات النفط العاملة في الكويت، ومنظمة الدول المصدرة للنفط ¢OPEC". هذه الصفات التي تميز بها انعكست على فكره السياسي.. ذلك الفكر الذي اتسم دوماً بالهدوء والاتزان في تناول المشكلات الاقليمية والدولية.
لم تكن القضية الفلسطينية تحتل مركز الصدارة في الفكر السياسي لدى الشيخ جابر الاحمد فحسب، بل هي قضية الكويت الاولى، فحين تعرض موكبه للاعتداء الآثم في مايو 1985م، لم ينس آلام وآمال الشعب الفلسطيني، فقد اعرب في تلك اللحظات الحرجة عن استنكاره الشديد لما يجري في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، عندما قال: «... ان ما يؤلمني ويحز في نفسي ما يجري من تقتيل للاطفال والنساء والابرياء.. ان قلبي يتمزق على اخواننا الفلسطينيين، وما يجري ضدهم من مذابح في المخيمات.. ان قيادات العالم العربي كلها على مدى ثلاثين عاماً لا حديث لها في كل لقاءاتها الا القضية الفلسطينية وايجاد حل عادل لها، ثم بعد ذلك تجد ـ الان ـ نساء واطفالاً وشيوخاً من الفلسطينيين يقتلون وبأيادً عربية، ونتساءل لمصلحة من كل ذلك..».
هذا هو الموقف القومي والروح العربية العالية والكلمة الصادقة، ويشاء القدر ان تقف القيادة الفلسطينية في الجانب المؤيد والمتحمس للعدوان العراقي واحتلاله لدولة الكويت. وعلى الرغم من ذلك فقد ظل متماسكاً بصدق وامانة في الدفاع عن الحق الفلسطيني في الحياة، واقامة دولته المستقلة.
من جانب آخر، نلاحظ ان الشيخ جابر الأحمد بقدر حرصه على القضية الفلسطينية، فإن حرصه على قضايا الامة العربية لم يكن يقل اهمية وشأناً. ففي نكسة يونيو عام 1967م، كانت له مواقف معلنة وصريحة امام تلك المحنة التي اصابت الامة العربية، وكان يرى ان الحرب مستمرة، وأن لهذه الامة طاقات تستطيع ان تساند حرباً طويلة الامد، تحفظ لها شرفها ومقدساتها، وتسترد بها حقوقها السلبية.
وهنا يؤكد انه: «.... اذا كانت بعض هذه الطاقات قد ظهرت فيما استعملته الكويت وشقيقاتها في بعض اسلحتها الاقتصادية، فلتعلم اية دولة ان لدى الامة العربية مزيداً من الاسلحة الاقتصادية والنفسية، تستطيع ان تلقي بها في المعركة حتى يكتب لها النصر...».
وفي تأكيد آخر لواجب المواطن الكويتي امام هذه المحنة القومية، يشير الى: «... ان الشعب الكويتي جزء من الامة العربية، وقد شاء الله ان يمتحن هذه الامة في الظروف العصيبة التي تمر بها، فأصبح فرضاً على كل واحد منا ان يستشعر المعركة، ويعيش فيها، ويشارك في حمل أعبائها، وعلى كل واحد منا ـ ايضاً ـ ان يطور حياته ليصبح مرابطاً في سبيل الله، ينحي عنه الترف، ويسعى الى التقشف، ويصهر روحه في معاني التضحية والمشاركة، ويتقبل التكاليف والاعباء، ويبذل مزيداً من الجهد والعمل المتواصلين ليحفظ لبلاده مستوى اقتصادياً جيداً، وليسند هو والدولة اقتصاديات الدول الشقيقة، وبهذه الروح من الفرد الكويتي، وبمثلها من المواطنين المقيمين، يشارك كل فرد في هذه الامة باخلاص وايمان مشاركة حقيقية في المعركة القائمة.
وليعلم العالم ان هذه الامة قد آلت على نفسها وعاهدت الله على ان تبذل كل شيء لتحفظ كرامتها وعزتها وحقوقها....
ثم يمضي في هذا الاتجاه معتمداً الصراحة والامانة في فكره السياسي حين يجيب عن جملة من الاسئلة للتلفزيون الفرنسي في 15 يوليو عام 1967م.. تلك الردود الصريحة والواضحة لم تكن سوى سياسة الكويت ونهجها في تلك الفترة المصيرية الدقيقة للأمة العربية. فقد لخص دور الكويت في المعركة التي تعيشها الامة العربية، قائلاً: «... لقد سخرت الكويت من اجل المعركة جميع الطاقات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وهذا ما عملته الكويت وما تحرص عليه. فالكلمة يجب ان تكون مختصرة مفيدة بالقدر الذي يتطلبه الموقف لمعرفة الحقيقة، وحتى تكون الامة العربية على ثقة واطمئنان، فإن على الدول العربية ان تضع كل امكاناتها في ميدان المعركة لتحقق النصر الحتمي على كل اعدائها...».
مؤكداً دور الكويت في هذا المضمار، فيقول: «... لقد حرصت الكويت دائماً على العمل العربي المشترك، والسعي نحو توحيد الشمل العربي، واليوم فإن الامة العربية كلها موحدة الكلمة في موقفها لرده العدوان الصهيوني الغادر، واما المبادرة التي اتخذتها الكويت بالدعوة لعقد مؤتمر لوزارة الخارجية، فقد كانت تستهدف وضع الخطط لعقد مؤتمر قمة عربي، وتنسيق الجهود التي تبذل على المستوى الدولي...».
ومؤكداً ـ ايضاً ـ حقيقة يؤمن بها كل الايمان، وفي كل مكان وزمان، الا وهي: «... ان الدفاع عن الكرامة والشرف، والسعي لاسترداد الحقوق المشروعة، واجب مقدس تتضاءل إزاءه اي اعتبارات مهما كانت خطيرة..». وهذا ما كان عليه موقف القيادة الكويتية ولغتها امام العدوان والاحتلال العراقي.. وهو ما جعل الشعب الكويتي اليوم اكثر صلابة وايماناً وتمسكاً بتراب وطنه المقدس، وما التضحيات والبطولات والبسالة والفداء التي قدمها ابناء الكويت، رجالاً ونساءً، وشيباً وشباباً، من اجل تخليص تراب وطنهم وارضهم من يد طغاة النظام العراقي، الا ترجمة حية لتلك اللغة والمواقف.
واذا ما عدنا الى الوراء، وعلى وجه التحديد عند دخول الكويت جامعة الدول العربية وهيئة الامم المتحدة، نجد ان القيادة السياسية قد خططت للدولة سياسة خارجية واضحة المعالم، تتحرك في اطارها على المستويين: الاقليمي والدولي معتمدة «الوسطية» نهجاً ومنهجاً لسياستها الخارجية.. هذه السياسة التي كفل لها ضمان علاقات جيدة مع دول العالم، انعكست بشكل مباشر على موقف الاسرة الدولية المؤيد للحق الكويتي ابان العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت.. هذا النهج والمنهج جعلا الكويت في الصفوف الاولى بين مجموعة دول عدم الانحياز، وجعل لها مكانة، وكلمة مسموعة في الوساطات والمبادرات التي تتقدم بها في معترك الصراعات الدولية.
هذه السياسة التي أكدها الشيخ جابر الأحمد في نوفمبر عام 1967م حين قال: «... ان سياسة دولة الكويت الخارجية تقوم على مصادقة الدول كافة التي تمد لنا يد الصداقة وتؤيد قضايانا في المحافل الدولية، اياً كانت الكتلة التي تنتمي اليها تلك الدول، او المذاهب الاجتماعية او السياسية التي تنتهجها، ولا يعني ذلك ان علينا ان نعادي ـ لزاماً ـ غيرها من الدول لمجرد انها لا تجارينا، فالسياسة الدولية انما تقوم اصلاً على الروابط المشتركة والمصالح المتبادلة، وليس على النظريات والعواطف...».
وهذا ما اكده ايضاً لمجلة «الافكار» اللبنانية الاسبوعية في فبراير عام 1983م، حين اشار الى: «... ان سياسة الكويت الواضحة والمعلنة، التي تبنتها بوحي من المصلحة القومية، هي سياسة التوازن بين المعسكرين الدوليين، والحياد في صراع الجبارين، والاستقلال التام في الوطن، والحرية المطلقة في اتخاذ القرار دون انحياز الى شرق او غرب...».
لقد كانت ثقة الشيخ جابر الأحمد بالامم المتحدة كبيرة وعظمية في حل المشكلات الدولية، وان إعطاءها الدعم المادي والمعنوي كافة واجب على الدول الاعضاء لتحقيق الاهداف التي قامت من اجلها المنظومة الدولية. فقد كانت الكلمة التي وجهها في اكتوبر عام 1987م، بمناسبة يوم الامم المتحدة، تؤكد مدى ايمانه بالمنظمة الدولية في حل المعضلات والمشكلات التي تجتاح دول العالم بين حين وآخر.
فقد صدق حدسه ورؤيته العميقة لمستقبل العمل السياسي للمنظمة الدولية حين وقفت بجانب الحق الكويتي، وتمكنت من اعادة الحقوق السلبية الى اصحابها الشرعيين من يد النظام العراقي، قراصنة القرن العشرين. وهذا ما اشار اليه في احدى كلماته، حين قال: «... ان عالمنا اليوم لفي حاجة ماسة الى مثل هذه المنظمة التي ينبغي ان تعبر عن الارادة الحرة للمجتمع الدولي دون اي تدخل، وان تسمو في قراراتها الحاسمة على المصالح والاهواء، وبذلك تحتفظ بهيبتها ومصداقيتها، وتتمكن من معالجة القضايا الملحة التي تصرخ منذ سنين متطلعة اليها، منذرة بتهديدها للسلام العالمي..».
لقد اراد الشيخ جابر الأحمد، وهو يطلق هذه الدعوة، ان يرسخ مبدأ في العلاقات الدولية آمنت به الكويت، وطبقته طوال مسيرتها السياسية في الشؤون الخارجية، وذلك حين نادى بأن الدول ذات الانظمة السياسية والاجتماعية المتباينة تستطيع ان تقيم فيما بينها علاقات صداقة حقيقية.. هذه الدعوة التي جعلت بلداً صغيراً في حجم الكويت تحتل مكانة كبيرة في عالم العلاقات الدولية المتشابكة، وتحظى بهذا القدر الكبير من الاحترام والتقدير.
هذا الموقع المميز للسياسة الكويتية الخارجية التي قاد بداياتها الشيخ جابر الاحمد، ولا تزال لمساته واضحة في خطواتها، وهذه السياسة التي سخرها من اجل بلده وشعبه، ومن اجل قضايا العرب القومية وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني جعلته يحتل مكانة مرموقة في السياسة العربية والدولية.
من هنا، استحق الشيخ جابر الاحمد وسام الرأي العام العربي من الطبقة الاولى، حيث جرت بمبنى سفارة دولة الكويت في القاهرة في مطلع يونيو عام 1990م، مراسم تسليم الوسام لسفير دولة الكويت في القاهرة بعد استفتاء عالمي لعشرة زعماء من دول العالم أدوا أدواراً متميزة على المستوى العالمي والاسلامي والعربي، كان من بينهم الشيخ جابر الاحمد.
فقد جاء اختياره، في الاستفتاء الذي اجراه المركز العربي للاعلام، وبحوث الرأي العام في جمهورية مصر العربية، وشارك فيه اكثر من 100 الف مواطن عربي من الدول العربية، ومن المهاجرين في الولايات المتحدة واوروبا واستراليا واليابان. تقديراً لدوره في رأب الصدع العربي، والمحاولات الموفقة التي قام بها مباشرة، او من خلال الدبلوماسية الكويتية بين مختلف الاقطار العربية دعماً للوفاق العربي، حيث استطاعت الكويت بفضل هذه السياسات الحكيمة الحفاظ على الموقف العربي الموحد في اطار سياساتها الداعية الى رؤية عربية واحدة.
ويشاء القدر بعد شهرين فقط، ان تكون الكويت ضحية وثمناً غالياً لتلك السياسة التي كانت تحاول ـ جاهدة ـ فيها لم شمل العرب وتوحيد صفوفهم في مواجهة الاخطار والاطماع الاجنبية، وعلى رأسها اطماع الصهيونية، ولكنها، على الرغم مما حدث، فإن ايمانها بتلك السياسة ظل راسخاً وقوياً وعميق الجذور في تربة الكويت، وهذا ما جعلها محط انظار دول العالم والدول العربية على وجه الخصوص.
وفي متابعة حثيثة للفكر السياسي للشيخ جابر الاحمد نجد انه قد تجاوز التصريحات الصحفية، وما كتب عنه في اصدارات عديدة، كما ان ذلك الفكر تجاوز العلاقات الثنائية بين دولة الكويت والدول الاخرى على المستويات كافة، لكونه بات منتشراً على مساحة كبيرة من المعمورة، وذلك من خلال اللقاءات والمؤتمرات الخليجية والعربية والاقليمية والدولية، وخاصة مؤتمرات القمم التي شارك فيها، وكانت له مواقف وطروحات ـ حيال مجمل القضايا التي كانت موضع المداولات ـ جديرة بالاحترام والتقدير.
فمقترحاته وآراؤه التي صاحبت فكره السياسي، كانت دوماً مجردة، دون غايات، او اهداف ذاتية لدولة الكويت، وكانت هذه الافكار تحاكي الواقع الدولي بمشكلاته ومعضلاته القائمة، سعياً وراء ايجاد حل يسعد البشرية في بقاع مختلفة من العالم، وخاصة في هذا الجزء الجنوبي من الكرة الارضية، اذ ان هذا التجرد، وهذه الواقعية في طرح الآراء والمقترحات هي التي جعلت افكاره موضع تقدير لدى المجتمع الدولي، وفي كثير من الاحوال كانت كلماته تعتمد بصفتها واحدة من الوثائق الرسمية للقاء. وفي السطور القادمة سوف نحاول إلقاء شيء من الضوء على تحركات الشيخ جابر الأحمد السياسية والانسانية على المستويين: الاقليمي، والدولي

«يتبع»
[/frame]







التوقيع

Nathyaa