عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-01-2006, 06:39 PM
الصورة الرمزية migoo_el_egipto
migoo_el_egipto migoo_el_egipto غير متصل
عضو نشط
 





migoo_el_egipto كاتب جديد
(شرف البنت) دون (شرف الابن)

منقول

من المفاهيم المغلوطة الشائعة التي لا تستند على دليل قرآنيّ ولا على حكم شرعيّ ولا على قيمة اسلامية ، بل هي تتناقض مع المفاهيم الاسلامية ، هو التركيز على (شرف البنت) دون (شرف الابن) .
فالشرف واحد ، شرف البنت كشرف الابن ، وشرف الشاب كشرف الفتاة ، ولا ميزة للذكور في ذلك على الإناث ، وأي منتهك لحرمة شرفه ـ رجلاً كان أو إمرأة ـ مدان ومحاسب ، فإذا أهدرت الفتاة شرفها ، وأساءت لسمعتها ، وانحدرت في المباذل الرخيصة ، فإنّها تكون مساوية في التردّي الأخلاقي لذاك الشاب الذي ينغمس في الفواحش والمجون ويسكن المواخير والملاهي وبيوت الدعارة .
هي نظرة جاهلية لا تزال تعشش في عقول وأذهان الكثير من المسلمين ، أي أنّ رواسب الجاهلية التي كانت تئد البنات مخافة أن يتلوّث شرف القبيلة إن هي هزمت وسبيت نساؤها واعتدي على شرفهنّ ، ما زالت قائمة إلى اليوم .
فالنظرة العشائرية القبلية تعتبر الإساءة إلى شرف البنت إساءةً إلى شرف العشيرة أو القبيلة كلّها ، ولذا ـ فمن وجهة نظر عشائرية جاهلية ـ لا بدّ من (غسل العار) بقتل الفتاة التي استهانت بشرفها ، وبالتالي بشرف قبيلتها ، أو دفنها وهي حيّة ، أي وأدها تماماً كما كان يفعل الجاهليون مع الفرق في أنّ الأب في الجاهلية كان يئد ابنته وهي بعد طفلة صغيرة لا تعي من الحياة شيئاً ، والأب في الفهم العشائري للشرف يئد ابنته وهي في ريعان صباها وشبابها .
ولا بدّ من الالتفات إلى أنّ الفارق الوحيد بين الفتاة والشاب في مسألة الشرف ، هو فارق في النتيجة الظاهرة ، أي في الحمل .
أمّا ما عدا ذلك فالشاب مرتكب الفاحشة والمستجيبة له بإرادتها كلاهما على درجة سواء فيما يتحمّلان من وزر عملهما المشين .
اُنظروا إلى التسوية في العقوبة الإلهية النازلة بالزاني وبالزانية : (الزانية والزاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة )(1) ، فالقرآن لا يميِّز في عقوبة الزنا تمييزاً جنسياً ، بل يوقع العقوبة على كلّ من مرتكبَي الفحشاء ويحمّل الطرفين المسؤولية فيها ، ولم يسقط أو يخفف العقوبة عن أحدهما تحيّزاً أو محاباة .
فشرف الرجل أو الشاب هنا قد انتهك وسقط وتمرّغ بالوحل بممارسة الزنا ، مثلما سقط شرف الفتاة وانتهك وتمرّغ بالوحل ، ولكنّ المجتمع الذكوري الذي تقدّم ويفضّل الذكر على الأنثى يتخذ موقفاً أشد من موقف الشريعة ، فهو يجلد المرأة أو الفتاة المرتكبة للفحشاء وحدها بسياطه ، ويلقي باللوم والتبعة والمسؤولية على الفتاة أو المرأة دون الشاب أو الرجل .
أمّا القول بأنّ شرف الفتاة من شرف أسرتها أو قبيلتها ، وإنّه إذا تعرّض إلى الأذى فكأ نّما تعرّضت الأسرة والعشيرة كلّها للنيل من شرفها ، مفهوم غير إسلامي ولا يقرّه القرآن البتة . فالله تعالى يقول : (ولا تزِرُ وازرة وزر أخرى )(2) أي لا يصحّ أن يؤخذ البريء بجريرة المسيء ، ولذا فما ذنب الأب أو الاُم إذا كانت البنت لم تحفظ شرفها وسمعتها ولوثتهما بالفاحشة ؟
إنّها وحدها التي تتحمّل ما جنته يداها من سوء وإثم ، ولا يتحمّل أهلها إثم ما فعلت إلاّ بقدر ما يساهمون في دفعها إلى ذلك . وإذا رجعنا مرة أخرى للعقوبة الإلهية المنزلة بالزانية والزاني ، فإنّنا لا نجد أيّ أثر لعقوبة ثالثة تنزل أو تترتب على المتعلقين بهما من ذويهما أو أهلهما سواء الأبوين أو الأقرباء أو العشيرة .