![]() |
قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ
قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ
كلنا يعلم أن الصديق يوسف مكث في السجن بدون جريمة تذكر سوى انه رفض ارتكاب الفاحشة مغاضبا ربه قائلا ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) طالما انه لا حيله لديه سوى ارتكاب الفاحشة لينجوا بنفسه وربما اشتاق يوسف إلى الحرية وأراد الخروج من سجنه بدليل قوله ( اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ) ونلاحظ هنا قوله (اذْكُرْنِي ) ( عِندَ رَبِّكَ ) ولم يقل عند ( ربى ) آو عند ( ربنا ) فالواضح أن يوسف الصديق كان يعبد الله حق العبادة على دين آباءه وأجداده الدين الحنيف ربما وسط قوم لا يعرفون الله آو عند قوم يعرفون اله آخر غير اله يوسف وهذا واضح في قول يوسف (إِنِّي تَرَكـْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ) ومن الواضح أن يوسف كان يعلم أن القرار بيد الحاكم لا بيد غيره وكان يوسف يأخذ بالأسباب الدنيوية (اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ) ولكن إرادة الله لم تحن بعد لخروج يوسف إلى الحرية ربما لان الوقت ليس في صالح يوسف في هذا الوقت فنسى الرجل أن يبلغ أمنيه يوسف للملك ( فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) هذه إرادة الله ولكن حينما أراد الله ليوسف الخروج قدر للملك أن يرى رؤيته (وَقَالَ المَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ) في هذا الموقف العصيب على الملك تذكر ذلك الرجل أن يوسف الصديق لديه الحل صاح قائلا (ٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ) توجه الرجل إلى يوسف قائلا له (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ) ومن سياق القرآن الكريم ينضح أن الرجل ذهب إلى يوسف في سجنه ولم يحضروا يوسف لتأويل الرؤيا في دار الملك بدليل قول الرجل ليوسف ( لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ) وبعد أن علم الملك بتأويل الرؤيا ما كان منه إلا أن أمر بإحضار يوسف (وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ) ورغم ذلك لم يلبى يوسف داعي الملك ويخرج من السجن إلا بعد البحث في لب قضيته وأساسها وما كان فيها وقال لداعي الملك (قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) وبعد البحث والاستفسار وثبوت طهارة يوسف ونزاهته (قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ العَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) شعر الملك انه يحتاج إلى يوسف والى عقليته وطريقه تفكيره ما كان من الملك إلا أن قال (وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ) وزيادة على ذلك من الملك إلى يوسف (إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ) وكان يوسف يقظا عالما بكثير من الأمور ربما يجهلها غيره ويجهلها كثيرون (مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ) قال للملك (َ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ ) ليست منحة منك ولا تفضلا ( إِنِّي حَفِيظٌ ) على هذه الخزائن ( عَلِيمٌ ) بما تحتاج من علم ودراية لم يترك يوسف الدعوة للدين الحق حتى داخل السجن عندما سألاه الفتيان عن رؤيتهما وأراد أن يجيبهم ما كان منه إلا أن يشرح لهما الدين الحق أولا ثم يجيبهم بعد ذلك قائلا قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكـْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ () مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40) بعد ذلك كانت إجابة يوسف لهما (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ) نجد أن يوسف لم يفرض دعوته على الناس ولكن تحين الفرصة المواتية للاستماع إليه عند طلبهم تفسير الرؤيا أن يوسف طلب من الملك أن يكون وزيرا بمجرد استحسان الملك لتأويله وطريقه تفكيره أن يوسف ذكر الملك بأنه حفيظ على هذه الوزارة وعليم بما تحتاج من علم ودراية أن يوسف كان يأخذ بالأسباب الدنيوية اذكرني عند ربك أن يوسف كان يعلم أن القرار بيد الملك وحده أن يوسف لم يترك الدعوة للدين الحق حتى وهو داخل السجن أما قول يوسف (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ ) ولم يقل اجعلني على خزائن مصر هل من الممكن أن نقول أن مصر كانت مسئوله عنى إطعام كل سكان الأرض؟ وهل من الممكن أن تعود لذلك يوما ما؟ ربما اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا |
أعتقد قوله (ع) خزائن الأرض أشارة منه الى المسؤلية الدنيويه
المحدودة ليميزها عن مسؤلية الرب المطلقه أي ( خزائن السماوات والأرض) والله أعلم على كل حال لو حدث و وأستلمتم الخزائن في مصر ( أذكرني عند ربك) شكرا للموضوع الجميل |
الله يرضي عليك دنيا واخره اشتقنا لكل ماهو مفيد لديك فلا تحرمنا منه ولا تحرم نفسك الاجر بأذن الله سلمت لنا الايادي |
اقتباس:
حقيقى اعجبنى تعليقك واسلوبك لن اوافقك التفسير بخصوص خزائن الارض ولن ارفضه ايضا ربما يكون هذا التفسير شئ من مراد الله وليس كله ونحتكم لكتابه العزيز (قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً )(109) الكهف شكرا اخى مرات ومرات واعدك انى لن انساك عند استلام الخزائن فسيكون لك ولاحبائك نصيب سلام الله عليكم |
اقتباس:
شكرا جزيلا الاخت الغاليه نثيو الجميل مشكوره للتواصل الدائم والتعليقات الرائعه والاسلوب المميز جزاكى الله خير وفيرا |
أخي العزيز
أشكرك على تميزك الأخلاقي والفكري وننتظر منك المزيد |
اقتباس:
شكرا اخى الكريم والصديق العزيز وجزاك الله خيرا وفيرا لك وافر تقديرى واحترامى وادعوك لقراءة باقى الموضوعات اذا وقت حضرتكم يسمح بذلك |
أحسنت
فعلاً كما قال عز وجل لهذه السورة المباركة " نحن نقص عليك أحسن القصص " وجزاك الله خير الجزاء ووفقك العظيم لما يحبه ويرضاه فشكري وإمتناني لك أخي الكريم |
اقتباس:
مشكور اخى الكريم الذهبى وافر تقديرى واحترامى لكم وللمرور الغالى والتعليق الرائع وادعوك اذا سمح وقتكم بذلك لباقى موضوعاتى اتمنى ان تعجبكم |
الساعة الآن 03:48 AM |
جميع الحقوق محفوظة لـ الشبكة الكويتية
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الشبكة الكويتية ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر