منتدى الشبكة الكويتية

منتدى الشبكة الكويتية (https://www.kwety.net/vb/index.php)
-   المنـتدى العـام (https://www.kwety.net/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   ثقــافــة الإحبـاط والمناقيش الجدد !! / سعود الصاعدي (https://www.kwety.net/vb/showthread.php?t=14636)

توفيق 13-12-2005 03:43 PM

ثقــافــة الإحبـاط والمناقيش الجدد !! / سعود الصاعدي
 
.. ومع أنّ مصطلح الثقافة له أطـوار وأبعـاد بحيث لا يصحّ إطـلاقــه عـلى جانبٍ ضيّقٍ من المعـرفة ، إلاّ أنّه لقـي هو الآخـر مــا لقـي من تنقّل خلخل بنيتــه وأ ضاع هويّتـه ، وصـار يُحمـل بمناقيـر الأقـلام إلى حيث أراد أصحـابهـا : فهذه ثقافة الجسـد ، وتلك ثقافة الوهـم ، وأخرى ثقـافة الهزيمـة ، ممّا أفضى إلى تكاثر الثقافات ؛ فلم نعـد ، والحالة هذه ، نستطيع حصر هذه الثقافات الوافـدة إلينـا من أعمـاق الحالات النفسيّة والإحباطات التي يعيشها المثقّفون العـرب أمـام المـدّ الحضــاريّ المــاديّ بعـد أن أطبق على العالم بفكّيـه واحتضن كلّ الثقـافات الهشّـة تحت إبطيــه !



أقـول : رغم محدوديّة المصطلح إلاّ أنّــني ، وعلى طريقة القوم ! ، سأجرجر هذا المصطلح البائس إلى حيث أريـد من قراءات في الخطاب العـربيّ الثقافيّ بعـد سقـوط بغـداد .



والحقّ ،أنّ بغـداد لم تسقط وحـدهـا فحسب ، ولم يسقط النظام الدكتاتوريّ وحـده ، ولا حتّى طـائرة منقاش التي ملأت الإعـلام العـربيّ عـويـلاً : بين شامتٍ مخذّل ، ومحبـطٍ ذليــل ! ، ثمّة أقنعـة تساقطت عن وجوهٍ كانت مخبوءة تحت ستـارٍ من التـرقّب والتـربّص ! ، ومـا هـي إلاّ أن تربّع الصليب على بغـداد وارتفع علمـه فوق مناراتهـا الحـزينـة حتّى دارت الدائـرة وانقلبت الطاولة فأعاد الإعــلام الخافض صوته برهـةً من الوقت صياغة نفسه من جديد بعد أن كان يستمع إلى أخبـار التفوّق ضـد جيوش الصليب وينظر إلى منقاش بعينين مدهوشتين ، صار هذا الإعـلام يراجع أوراق الحرب ويبحث عن تلك الضـربات التي هزّت عـرش القوّة الأمريكيّة ليعيـد صياغتهـا من جديد ، فكان ضحيّة هذه الانتفاضة الإعلاميّة المنقاشيّة فـلاّحا فقيـراً آثر أن يفتح صفحةً جديدة تحت ضغوط الفقر والجوع ليعترف قسراً أنّه لم يسقط الطائرة وإنّمـا وجدهـا جاثمة صبيحة ذلك اليوم دون أن تتدخّل بندقيّته العتيقة في رسم ملامح ذلك السقوط ! ، فسقوط الطائرة بـلا سبب ، أو نتيجة اصطدامهـا بأسراب من عصافير مزرعة الفلاّح منقاش أرحم بكثيـر على القوّة الصناعيّة من سقوطهـا ببندقيّةٍ عتيقـــة ، إضـافةً إلى أنّ مثـل هذا التحوّل في سياسة الإعــلام المنقـاشي لـه مـا بعـده في الأيّـام القــادمـة من إحبــاطات وهزائم شـرعت ، الآن ، بعض الأقـلام في التأسيس لهـا والترويج بطـريقةٍ تغـرز سكّين الإحبـاط في خاصـرة الأمّـة ، في وقتٍ نحن أحوج مـا نكون فيه إلـى استنهـاض جمـاعيّ من هذه النكســة الجديدة !



وقبـل أيّـام سوّدت أقـلام الصحافة بياضهـا بإحباطاتٍ جديدة وطفحت على السطح مقالات نسجت سطورهـا بخيوط العنكبوت الواهيـة متّكئـة على اعتراف فلاّح فقيـر يمثّل الـوجـه الآخـر للإعـلام المنتصـر ، بعـد أن كان مقاتلاً شجاعاً وباعتراف إعلام الخصم نفسه قبـل أن تفتح بغداد ذراعيهــا للغزاة بفعــل فــاعل وتدبيـر مبيّت !





يقول الكاتب كارل ملاكوناس معلّقاً على تصريح أريك ستريكر أحد الطيّارين الأمريكان :) وتعتبر مروحيات بلاك هوك على غرار معظم المروحيات العسكرية الاميركية طائرات متطورة للغاية لكنها تتأثر بشكل خاص بنيران الاسلحة الخفيفة وتأكدت هذه الهشاشة مع مقتل سبعة جنود في تحطم مروحيتهم بعد تعرضها لنيران اسلحة خفيفة قرب كربلاء مساء الاربعاء. ويقوم ستريكر بمهمات استطلاعية فوق المدن وهذا الامر بمثابة كابوس بالنسبة اليه وبالنسبة الى طيارين آخرين يتذكرون مقتل رفاق لهم في تحطم مروحيتهم بلاك هوك في الصومال مطللع التسعينات. وكان منتج بريطاني صور هذه التجربة المأساوية التي اختبرها الجيش الاميركي في فيلمه "بلاك هوك داون" وعرض على الشاشات الكبرى في العام 2001. واضاف ستريكر ان طائرات بلاك هوك قد تتعرض لمثل هذه الحوادث في العراق اثناء عمليات قتالية مشابهة. واصبحت هذه الهواجس مصدر قلق حقيقي رغم تقدم قوات المشاة باتجاه بغداد لأن جيوب المقاومة العراقية ما زالت موجودة في معظم المدن في جنوب العراق مثل كربلاء والنجف والناصرية. واضاف الطيار الاميركي "ذخيرة محدودة قادرة على اسقاط مروحيات (بلاك هوك)"



فهل يصحّ أن نقول إنّ الإعـلام الغـربيّ أيضـاً يعـاني من داء ثقافة الوهم وهـو يصادق على إمكان سقوط طائرة بأحـد الأسلحـة الخفيفـة أم أنّ أقـلام مثقّفينـا الأفاضل تشكو من عقدة التقزّم أمـام كلّ مــا هو غــربيّ مؤمــرك ؟! وأيهمـا أخطر على الأمـة : الثقافة التي تستولد النصر من الهزيمة أم الثقافة التي تتسوّل الحضارة بأقلام مرتعشــةٍ ذليــلة ؟!





إنّ بعض الأقـلام التي انتقدت بشدّة كلّ من ابتهج بسقوط طائرة الأباتشي إبّان الحرب لم تقتصـر على منقاش وطائرته ، وليس يعنيهـا ذلك أبـداً ، إنّمـا اتّخذت من اعترافه المسروق ذريعـةً لتنفث أحقـاداً قـديمـة عـلى بعض من تحرّكت فيهم نشوة النصـر على العدوّ فابتهجوا بطريقتهم ، ولا ذنب لهم سوى تضامنهم مع الشعب العراقيّ المسلم وتشجيعـه لمقاومة التحالف الصليبيّ ، ومن سوء حظّهم -عند هؤلاء- أنّ طـائرة الأباتشي التي أسقطهـا منقاش كانت إحدى وسائل المقاومة ضدّ الإعــلام الغـربيّ العسكريّ ، الذي - هو الآخـر - لم يتوان في اختلاق الأكاذيب فجاء بالأسرى معـه ورفع أعـلام النصر في أمّ قصـر قبـل أن يسيطر على شبرٍ منهـا ، لكن منطق بعض المصفّقين لإعلام الغرب يقول : كذّاب ربيعـة خيــرٌ لنا من صادق مضـر !



..وهؤلاء الذين يتذرّعون بوقوفهم ضدّ ثقافة الوهم ، ألـم يسأل بعضهم بعضـاً عن تورّطهم في إعادة بناء ثقافة الإحباط من جديد بقصـدٍ أو بدون قصـد ؟!





..وعندمـا أؤكّد على أنّ بعض الأقلام تعيد بناء ثقافة الإحباط التي تقوّض بنيانهـا بعد ملاحم النصر الإسـلاميّ بدءاً ببدر وأحد والأحزاب وانتهاءً بحطّين صلاح الدين الأيوبي ، فإنّمـا أعني أنّ لهذه الثقافة جذوراً قديمـة ، وهي وليدة الأزمات ، إذ لا يتكاثر أصحابهـا إلاّ في أوقات الحروب وتكالب الأعداء عـلى الأمّـة ، وسأعـرض هنـا بعضاً من صور ثقافة الإحباط التي بنيت على شفا جرفٍ هـارٍ منذ أن نزل على نبيّنا –صلىالله عليه وسلم- قوله تعالى " لـو خـرجوا فيكم مـا زادوكم إلاّ خبــالاً ولأوضعـوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعــون لهم "



( * ) .. في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : " لما كنا حين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق عرض لنا في بعض الخندق صخرةً لا تأخذ فيها المعاول ،واشتكينا ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فجاء فأخذ المعول فقال : بسم الله ، فضرب ضربةً فكسر ثلثها ، وقال : الله أكبـر أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصـر قصورها الحمر الساعة ، ثم ضرب الثانية فقطع الثلث الآخـر فقال : الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس ، والله إني لأبصـر قصر المدائن أبيض ، ثم ضرب الثالثة وقال : بسم الله فقطع بقيّة الحجر فقال : الله أكبـر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصـر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة " ، وقـد روي أنّ بعض المنافقين كان يقول بعـد أن بلغت القلوب الحناجر واشتدّ الحصار : محمد يعـدنـا بكنوز قيصر وكسـرى ، وأحـدنـا لايأمن على نفسـه أن يذهب إلى الغائط !



( * ).. وعندمـا أقبلت جموع قريش مع حلفـائهـا من اليهود وبقيّة العـرب ، صارت المدينة النبويّة في عيون المرجفين كمفحص قطاةٍ فظنّوا أنّ نهاية الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه أوشكت ، حينذاك تنادوا فيمـا بينهم يحبطون ويهوّنون من قوّة الإسلام مقابل تهويل الخصم قائلين : مـا وعـدنـا الله ورســولـه إلاّ غــرورا !



( * ) وفـي قصّة المنافق عبدالله بن أبيّ قبيل معركة أحـد مثالٌ لإحدى وسائل التثبيط والإحباط ، حيث انهزم هـو ومن معـه وأحدثوا فوضـى كادت أن تسلم المدينة للمشركين عندمـا همّت طائفتان من المسلمين أن تفشلا تحت تأثيـر الإعـلام المنافق آنذاك ، غيـر أنّ الله سبحانه تولاّهمـا وثبّتهمــا " إذ همّت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهمـا وعـلى الله فليتوكل المؤمنون "



..وممّـا يؤسف له أنّ قضيّة منقاش وطائرة الأباتشي لم تكن في حقيقتهـا سوى غطـاء صفيق يتدثّر به أولئك المرجفون من حملة الأقـلام ليفتّوا في سـاعـد الأمّـة ويقتلوا طموحهـا ، وليجعـلوا منها ذريعـةً للتندّر والتهكم بالمؤمنين الذين عظمت في نفوسهم قدرة الله فصغـرعدوّهم الكبير بجنوده وحشوده !



وقـد قرأت من تداعيات هذه الأحداث أقـلامـاً تسخر من عصر النبوّة فتصفـه بزمن الأساطير والخرافات ، وهم يعنون بذلك تأييد الله لجنده بالملائكة في غزوات المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام ، بل وصـل الأمـر إلى أن ينكـر بعضهم كلّ المعجزات سوى معجزة القـرآن على حدّ زعمـه ، ولو أنّ في قلبه شيئاً من هذا الكتاب المعجز لهـداه إلـى الإيمان بهـا جميعـاً " أفـلا يتدبّرون القـرآن أم عـلى قلوبٍ أقفـالهـا "



وإنّنـي لأربـأ بكتّابنـا ومثقّفينـا في هذه البـلاد الطاهـرة أن يسلكوا مسلك تلك الفئـة المهزومـة من الداخـل ، فالقلم أمـانة ، والـوطن أمـانة ، والناشئـة الذين يقرؤونهم أمـانة ، ولئن نكص هؤلاء وتقهقـروا فغيـرهم من دهماء الناس أولى ، ثمّ ليعلمـوا أنّ هذه الأمّـة تضعف وتضعف وتضعف لكنّهـا لا تموت ، وقـد استجاب الله دعاء نبيّه عليه أفضل الصلاة والسلام حينمـا سأله ألاّ يسلّط على أمّتـه عدوّاً من سواهم يستبيح بيضتهم ، ولكنّ المنافقين لا يفقهـون !





قلم / سعود الصاعدي

VIP 13-12-2005 04:45 PM

الف شكر على النقل

AL_3oooD 13-12-2005 08:48 PM

الف شكر لك اخوي توفيق على النقل

Nathyaa 15-12-2005 10:48 AM

اشكرك اخي الفاضل علي النقل

الكليب 18-12-2005 05:04 AM

يسلموووووووووووووووووم


الساعة الآن 03:13 PM

جميع الحقوق محفوظة لـ الشبكة الكويتية

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الشبكة الكويتية ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر