منتدى الشبكة الكويتية

منتدى الشبكة الكويتية (https://www.kwety.net/vb/index.php)
-   المنـتدى العـام (https://www.kwety.net/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   مقال: ''التعددية '' بين قانون السّننية وواقعية التطبيق / فتاة الأمل (https://www.kwety.net/vb/showthread.php?t=14634)

توفيق 13-12-2005 03:31 PM

مقال: ''التعددية '' بين قانون السّننية وواقعية التطبيق / فتاة الأمل
 
''التعددية '' بين قانون السّننية وواقعية التطبيق / فتاة الأمل







في خطى الإصلاح الذي تتداعى الحاجة إليه اليوم من اجل صد تقاطر التدخل الأجنبي من جهة ، ثم الحاجة الملحة إلى توحيد المجتمع ليكون مساهما فاعلا في حركة البناء الحضاري ، ومواكبا للتطور التقني والمعلوماتي مع توفير الجو الهادئ لإشعال جذوة الإبداع بكل صوره ... كل ذلك يحتم علينا كأمة (إسلامية عربية ) وكمجتمعات ( عربية إسلامية ) أن نعيد ترتيب البيت الداخلي لنمهّد للاستقرار أركانه القوية في وجدان وعقل الإنسان العربي السملم ، مع اليقين أن الثبات والاستقرار لا يتحقق بمظهر القوة الخارجي المتمثل في قوة العسكر والجيش ، أو قوة الاعتقال والنفي ، أو بطش الحاكم والمستبد ؛ وإنما صناعة القوة الحقيقية والفاعلة في ميزان الحضارة تنطلق من " قوة الفكرة " المرتكز على مبادئ تؤهله للجمع بين محلية الأصالة وعالمية المعاصرة ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن انتكاسة القوة الفكرية المستنيرة يجعل الإصلاح ضربا من العبثية أو ذر الغبار في عيون المعذبين ، لأن كل تغيير مهما كان طفيفا يرشح عن التفاعل بين المجتمعات الملونة سيحدث - ولاشك - بلبلة واضطرابا تموج فيه الهوية الأصلية للذات الفردية والمجتمعية
فتنعدم القدرة على التفريق بين ماهو معلوم من الثوابت بالضرورة ، وبين ماهو مساحة للعفو التي يستباح في فضاءاتها تداول الأفكار والاستفادة من معطيات التجارب الإنسانية من الشرق والغرب .
ومن أهم بنود الإصلاح لبناء الوحدة المجتمعية قبول (مبدأ التعددية )حيث يصبح المجتمع والوطن حق للجميع ، مهما تباينت المشارب الثقافية أو وجهات النظر ، هذا القبول يُملي على الفرد أن يصبح الحفاظ على بقاء ووجود الجماعة همًّا ينال منه الرعاية والحماية ، لأنه مرادف لحرية وسلامة الوطن والأرض المهد الأول للتعايش .
وقبل ان نستطرد في بحث ماهية التعددية المنشودة ، لابد من أن نشير إلى ان " التعددية " كمبدأ طبقت أول ما طبقت في المراحل الأولى لبناء الدولة الإسلامية من أجل توفير الضمان والأمان الاجتماعي الذي يفتح للدعوة والدولة الإسلامية الازدهار والانتشار . ففي المعاهدة الأولى التي عقدها النبي صلى الله عليه وسلم فور دخوله المدينة مايبرهن على رابط التعددية القابلة للتعايش في ظل اختلاف الدين والمبدأ ، فالمدينة كانت أمشاجا من عرقيات عدة ، منها عرقية الدم ممثلة في اليهود الذي لم يكونوا عربا في أغلبهم ، ورعقية الانتماء ممثلا في القبائل العربية التي ظلت عصية عن الدخول في الدين الجديد ، وظلت هاجسا لابد من كبحه حتى لا يضعضع طموحات الدولة الإسلامية الوليدة ، هنا كان رابط التعددية الذي جمع عليه الرسول صلى الله عليه وسلم الجميع : هو رابط الأرض الشمتركة ، والآمال المشروعة ، فالجميع أهل أرض واحدة لاينسخ القادم الجديد مواطنة الساكن الأول ، كما أن كل الطوائف كانت تنشد الاستقرار المعيشي مما يوفرازدهار المناشط الحياتية المتعددة ( التجارة ، الزراعة ، الأمن ) .
ولم ير الرسول صلى الله عليه سولم حرجا في أن ينص في بنود المعاهدة على هذه الاختلافات الفكرية ، ولعله فقه المرحلة هو ما جعل القبول بالتعددية المساوية ( أو الند للند مع باقي أطراف المجتمع ) وسيلة لا غاية ، تمهِّد للانتقال إلى مرحلة الظهور ( ليظهره على الدين كله ) فكريا وعسكريا ، والذي تمثل في الغزوات والحروب كحرب الأحزاب وما استتبع ذلك من طرد يهود خيبر حتى خلصت الجزيرة العربية لدين واحد ظاهر يعيش فيه الطوائف الأخرى كأقليات لها حقوق وعليها واجبات .
مبدأ ( التعددية ) هو تطبيق عملي لقبول ( الآخر ) في حياتنا الفكرية سواء أكان هذا الآخر ، معارضا مناقضا ، أو محايدا ، او لديه بعض الموافقة وبعضا من المخالفة أيضا .
وفي مجتمعنا العربي اليوم ظهرت الكثير من الاتجاهات التي عملت على تقسيم المجتمع إلى عرقيات فكرية مثل : إسلامي ، ليبرالي ، تبليغي .. وكلا منها يحمل رفضا مسبقا للآخر انطلاقا من أيدلوجية انتصبت على مبدأ القمع والإقصاء ، لا القبول والحوار ، ولاشك أن هذا يجعل المجتمع نسيجا مهترئا ومرتعا وخما لأطماع الخارج .
إن التعددية التي يصنعها البشر في حياتهم هي فرع عن التنوع السنني الذي أراده الله في العالم المادي خلقا وتكوينا ، وعالم البشرية قدرا وكونا ( ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم والوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ) الروم 22 ، ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) هو 119-118
لذا فإن محاولة غض الطرف عن قبول هذه التعددية إنما هو صدام مع سنة كونية ثابتة ، والإفشكال الحقيقي لا يتثمل في وجود التنوع والتعدد ولكن في كيفية التعياش مع التعدد .. وهذا هو مفصل القضية كلها !!..
وفي جانب آخر قد يسأل سائل : هل في مجتمع تحكمه الشريعة الإسلامية الواحدة يعتبر التعدد واقعا قائما أم أنه مجرد ترجمات لإملاءات أجنبية عن هوية مجتمعاتنا ؟ والأهم هو السؤال : هل التعددية التي تدعيها الأطراف المخلتفة هي تعددية المنهج والفكر حقيقية ، أم تعددية الشعارات وازدحام المسميات رغبة في إيجاد اللاموجود ؟
هنا نحتاج للتفريق بين مصطلحين : ( المجتمع الإسلامي ) ، ( الدين الإسلامي ) ، فنحن نسمح بتعدد المجتمع لا بتعدد الدين . إن المجتمع الإسلامي هو قالب يقوم على احتواء أفراده مهما اختلفت منطلقاتهم وتوجهاتهم ، وهذا التاريخ الإسلامي أكبر شاهد على تعايش التعددية ، أما الدين فهو المرجعية القيمية والفكرية المثالية للمجتمع ، بهذا نفصل بين الدين كنظرية محفوظة بأمر الله ، وبين المجتمع كتجارب تطبيقية واقعية قابلة للخطأ والصواب ، فالدين يخلق المجتمع ، ولكن ليس بالضررة ان كل أفراد المجتمع هم في درجة واحد ومثلى كما يريدها الدين .
وهذا يترجم لنا بعض جوانب الثراء الفكري للثقافية الإسلامية التي تراكمت عبر أطول عصور الحضارة الإسلامية القوية ، والحاكمة في زمانها فالمناظرات والمجادلات بين أهل الفرق والنحل المختلفة كانت تبعث الحيوية والتجدد في العقل المسلم بين أهل الاعتزال والإرجاءوالسنة والفلاسفة وغيرهم ، بل إنها أسست لمنهجيات علمية رفيعة القدر والأثر في تطور العلوم الشرعية خاصة ، والعلمية الطبيعية عامة ، ولعل هذا الزخم الفكري المتفجر في المجتمع كان السبب الأول في استيلاد ( ابن تيمية ) رائد المعقول والمنقول ، و( الغزالي ) الذي جمع بين الروح والعقل ورفض في تهافت الفلاسفة الكثير من شطحات الوثينية اليونانية .
وهنا تتبلور معالم التعايش للإطارات الفكرية المتعددة ألا وهو توفير ( المحضن الحواري الحر ) سواءا في المساجد على الصورة التاريخية السابقة أو من خلال مراكز الحوار المستقلة ، إذ لا داعي للخوف الذي يظن معه أن تواجد هذه الأطياف دليل على عبثية المجتمع أو حصول الفتنة في الدين ، بل لعل التعدد يشكل رافدا حيا في البعث العقلي والروحي المتين .
ففي الوقت الذي كان التوسع فيه أفقيا وعموديا في جسم الدولة الإسلامية ، كانت المساجد تزخر بحلقات النظر والجدل الذي يحكمه قوة الحجة وصحة المنهج ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) .
إذن قبول التعددية هو ظاهر صحية عقلا ونقلا ، ذلك أنه بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام انتهت عصمة فرد تمثل فيه المنهج بشكله النموذجي ، لتصبح العصمة هي عصمة المنهج ذاته ، فلا يتفاضل الأفراد حينها إلا بمقدار الاقتراب والابتعاد عن روح المنهج .
إذا رسَّخنا ذلك في المجتمع نكون قد أعطينا للحوار بعده الفكري وشرَّعنا الأبواب لتأسيس أدبيات جديدة في الخلاف ، وصار الإصلاح على بصيرة وبينة يتوسع من القاعدة صاعدا إلى القمة ، كما أن ذلك يوفر جو الأمان لمخلتف التيارات الفكرية بعيدا عن عشوائية التكفير وسياسة الإقصاء ، وبذلك نوفر للمجتمع طاقات فكرية أجدر أن تظل في سيل ألأمة عن أن يستغلها الآخر المعادي ثغرات يتسلل منها ، أو ان تتحول إلى أعداء من بني جلدتنا ولساننا .

قلم / فتاة الأمل

VIP 13-12-2005 04:49 PM

الف شكر لك توفيق

AL_3oooD 13-12-2005 08:47 PM

الف شكر لك اخوي توفيق على النقل

Nathyaa 15-12-2005 10:27 AM

الف شكر للنقل اخي الفاضل

الكليب 18-12-2005 05:05 AM

يسلمووووووووووووووم


الساعة الآن 09:15 AM

جميع الحقوق محفوظة لـ الشبكة الكويتية

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الشبكة الكويتية ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر