Nathyaa
23-04-2006, 09:37 AM
http://www.kwety.net/kwety1/q88/159902_300003_small.jpg
الثقافة الجنسية.. تربية أم قلة أدب؟
لكي لا يلجأ أبناؤنا إلى الجن والعفاريت لحل مشاكلهم الجنسية
23/04/2006 تحقيق: محمد حنفي
يقال أن معرفة المشكلة نصف الحل، لكن تجاهل المشكلة يؤدي إلى كوارث. فبعض الآباء يعتقدون أن أبناءهم ليسوا في حاجة لأي ثقافة جنسية، لكن ربما سيصدم هؤلاء عندما يقرأون على لسان متخصص أن بعض الأزواج يكتشفون في الليلة الأولى من الزواج أنهم لا يعرفون كيفية القيام بالواجبات الزوجية، بل الكارثة أن البعض يلجأ إلى الجن والعفاريت للبحث عن حل لمشاكلهم الجنسية.
الجزء الثاني من هذا التحقيق يؤكد وجود مشكلة تتعلق بالثقافة الجنسية لأبنائنا، والأسئلة التي يحاول التحقيق الإجابة عنها هي:
هل يحتاج أبناؤنا ثقافة جنسية؟ من يقدم لهم هذه الثقافة؟ كيف ينظر الآباء والأبناء إلى مثل هذه الثقافة؟
إن الثقافة الجنسية موضوع ذو شجون وفيه الكثير من وجهات النظر المختلفة بين المتخصصين والآباء وحتى الأبناء.
ربما كان أكثر المختلفين حول الثقافة الجنسية الخاصة بالأبناء هم الآباء أنفسهم، فكيف ينظر أولياء الأمور إلى موضوع الثقافة الجنسية لأبنائهم؟
هناك من يرى أنه لا يجوز أن يعرف الأبناء مثل هذه الثقافة، إما بسبب صغر سنهم أو لأن هذه الأمور يمكن أن تزيد من فضولهم الجنسي فتدفعهم إلى أفاق غير مضمونة عواقبها. وهناك من يرى أن أبناء هذا الجيل أحوج ما يكون إلى مثل هذه الثقافة في وسط ما يتعرضون له ويحيط بهم من مظاهر جنسية يمكن أن تدفع بهم إلى الخطأ والخطر.
يقول سالم العيدان وهو أب لثلاثة أبناء:
أبناؤنا ليسوا في حاجة إلى ثقافة جنسية فهم منفتحون ولديهم الكثير من المجالات التي يستقون منها ثقافتهم الجنسية، فوسائل الإعلام العديدة المتاحة أمامهم تقدم برامج وموضوعات في غاية الجرأة والحساسية، وهناك الإنترنت التي يستطيعون من خلالها ايجاد اجابات لكل تساؤلاتهم. وهذه المجالات لم تكن متاحة لجيلنا حيث كنا نتزوج ونحن لا نعرف أي شيء عن هذه الموضوعات، وتتشكل ثقافتنا بعد الزواج. أما هذا الجيل فهو يتزوج وعنده معلومات وافية عن الحياة الزوجية وواجباتها.
أبناؤنا معرضون للخطر
لكن أم فيصل وهي أم لأربعة أبناء بعضهم في سن الطفولة وبعضهم في سن المراهقة، تختلف مع الرأي السابق وتقول:
أبناؤنا في حاجة ماسة لتربية جنسية سليمة، لأنهم معرضون في هذا الأيام للخطر، فهم يتمتعون بحرية كبيرة في السهر والسفر ويبقون فترات كبيرة خارج البيت من دون أن يعلم الأهل ماذا يفعلون، وأمامهم الكثير من المغريات التي يتعرضون لها يوميا، خاصة من بعض البرامج التي تقدم في الفضائيات وبعضها يقترب من الإباحية.
ولذا يجب تحصينهم بثقافة جنسية تحتوي على معلومات سليمة ووافية تحميهم مما يتعرضون له، وذلك في نطاق العادات والتقاليد، وأنادي بأن تكون المدرسة هي المكان المناسب لهذه التربية. فنحن نسمع عن تطوير المناهج وإدخال مناهج جديدة في التعليم، والأولى أن نقدم لأبنائنا منهجا يضعه متخصصون في عدة مجالات يجري من خلاله تعريفهم بكل ما يتعلق بالتربية الجنسية.
كيف تقدم الثقافة الجنسية؟
د. عواد الغريبة، أستاذ علم النفس التربوي في جامعة الكويت، يرى أننا يجب أن نفرق بين الثقافة الجنسية كمفهوم غربي وبين التربية الجنسية الخاصة بالثقافة الإسلامية ضمن إطار العادات والتقاليد. يقول:
عندما انتشرت الإباحية الجنسية في المجتمعات الغربية بشكل خطير، لجأوا إلى هذا النوع من التثقيف الجنسي للطلاب للحد من هذه الإباحية والأمراض الخطيرة التي ارتبطت بها، خاصة في فترة المراهقة التي يكون فيها النمو الجسماني أكثر من العقلي، ويكون الاتزان الانفعالي محدودا في هذه الفترة التي تشكل قمة العنفوان للشباب.
الأمر مختلف في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فالوازع الديني والعادات والتقاليد السائدة في المجتمعات العربية، تساهم في الحد من انتشار هذه الإباحية، لذا أعتقد أنه لا حاجة لتدريس مثل هذه الثقافة على النمط الغربي في المدارس كمنهج منفصل بذاته، وإنما يجب أن تكون التربية الجنسية ضمن إطار متكامل في المناهج الدراسية، وأن يجري توزيع ما نريد تقديمه للطلاب من معلومات على العديد من المواد الدراسية، فمثلا في العلوم نشرح جهاز التشريح والفروق بين الجنسين، وفي التربية الإسلامية يمكن التحدث من منظور ديني عن أهمية ضبط الغريزة وقيمة العلاقات الزوجية، حيث أن الدين تناول الكثير من الأشياء التي تتعلق بالحياة الجنسية في إطار راق. وفي موضوعات الأدب يمكن أن نقدم لهم نماذج تركز على التسامي بالغريزة الجنسية.. وهكذا على بقية المواد الدراسية، وهذا أفضل من وجود منهج واحد يهتم بالثقافة الجنسية حيث أعتقد أن لا ضرورة له.
لكن المشكلة هي في كيفية توصيل هذه المعلومات بشكل علمي وتربوي يشكل ركيزة علمية للطلاب والطالبات من دون ترك العنان لخيالهم. ويمكن تدريس هذه الموضوعات من خلال الأفلام العلمية التي أشرف على إعدادها متخصصون أو من خلال المجسمات والوسائل والصور التوضيحية، كما يمكن أن يكون تثقيف الشباب بهذه المعلومات من خلال عمل دورات تدريبية أو محاضرات تشرف عليها بعض الجهات التربوية والمؤسسات المتخصصة في الدولة، ويحاضر فيها متخصصون في علم النفس والطب ورجال الدين، بحيث نقدم المعلومات السليمة لشبابنا ونحصنهم ضد الانحراف الجنسي وتلقي المعلومات الخاطئة.
ثقافة الجن والعفاريت
أما د. عادل الحنيان استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية والعقم، فيرى أن عدم تقديم ثقافة جنسية سليمة لأبنائنا يجعلهم عرضة للانحراف الجنسي، ويجعلهم يلجأون إلى ثقافة بديلة هي ثقافة الخرافات والأساطير لحل مشاكلهم الجنسية. يقول:
نقصد بالثقافة الجنسية هنا إمداد الناس بالمعلومات العلمية الصحيحة التي تدور حول المسائل الجنسية في إطار علمي غير مبتذل وبعيدا عن الإثارة، وذلك حسب المرحلة العمرية لكل فرد، بحيث نساعده على التعايش السليم مع النمو الجسدي والانفعال النفسي، وبما يمكنه من اكتساب خبرات تساعده فيما بعد في التعامل مع حياته الجنسية الأسرية من دون مشاكل.
وقد يعتقد البعض أن أبناءنا ليسوا في حاجة إلى مثل هذه الثقافة الجنسية، وأن هذه الأمور فطرية ولا تحتاج إلى تثقيف أو تربية، وهذا اعتقاد خاطىء تماما. وهناك من يعتقد أن الخوض في هذه الأمور غير لائق أخلاقيا أو دينيا، وهذا أيضا قول خاطئ، فهذه الأمور، مثل أي معرفة أخرى، تحتاج إلى إمدادها بالمعلومات الصحيحة وغير المشوهة. كما أن الخوض في هذه الأمور بأسلوب علمي أفضل من تركها للظروف، حيث يكبر الأبناء ويتزوجون وهم لا يعرفون شيئا عن أجسادهم ولا عن طريقة الممارسة الزوجية الصحيحة.
وسيتهمني البعض بالمبالغة لو عرفوا أن هناك حالات عرضت علي كانت المشكلة فيها أن الزوجين لم يستطيعا في ليلة الزفاف القيام بالمعاشرة الزوجية بطريقة سليمة.
وهذه مصيبة أن يتزوج الشباب وهم لا يعرفون حتى أبسط قواعد المعاشرة الزوجية، بل إن الأخطر من ذلك هو تلك الثقافة الخاطئة التي اكتسبها أبناؤنا، وتراكمت لديهم، وتظهر بعد الزواج فيلجأون إلى الجن والعفاريت لحل مشاكلهم، فنجد مثلا أحد الأشخاص يقول لك أنه مربوط، وواحد ينصح صديقه أن يذهب إلى فلان ليقرأ عليه لأن عليه جني يمنعه من القيام بواجباته الزوجية، ناهيك عن
النصائح التي يقدمها بعض الجهلاء وقد تسبب كوارث بعد الزواج.
وأخطر ما أحذر منه أن عدم إمداد أبنائنا بالمعلومات السليمة يمكن أن يعرضهم للتحرش والانحراف الجنسي، خاصة صغار السن الذين يمكن أن يقعوا ضحية في أيدي ضعاف النفوس. وكذلك الذين تركناهم يكتسبون الخبرة والمعرفة من أماكن وعلاقات مشبوهة سيعانون بعد الزواج من هذه التصرفات الخاطئة.
وأكثر ما سيعانون منه الأمراض الجنسية التي يمكن أن تنتقل إليهم عبر هذه العلاقات والأماكن المشبوهة، ويمكن أن تؤثر في علاقاتهم الزوجية وحتى إمكان الإنجاب لديهم، وكان يمكن تفاديها بتعريفهم بأخطار العلاقات غير المشروعة ضمن ثقافة جنسية سليمة.
مذكرات شاب حائر مع الثقافة الجنسية
سألت خالد، وهو طالب في السنة النهائية بكلية التجارة، كيف يستقي معلوماته الجنسية، وإلى من يلجأ حين يريد معرفة معلومة تتعلق بالثقافة الجنسية؟ قال:
هناك خجل بين الأبناء والآباء فيما يتعلق بهذا الموضوع، ولا أعتقد أن والدي سألني مرة عن هذا الموضوع. وعلى رغم أنني أردت أكثر من مرة معرفة بعض الأشياء، إلا أنني شعرت بالخجل من سؤال والدي أو والدتي.
في المرحلة المتوسطة كان هناك درس في التربية الإسلامية يتحدث عن أشياء مبهمة بالنسبة إلي مثل الجنابة والاحتلام، وكنت يومها أشعر بأن ما يقوله المعلم غير مفهوم خاصة أنه كان يقول المعلومات بسرعة ولا يهتم بتبسيط مثل هذه الأمور لنا، ولا يسمح بتلقي أسئلة من الطلاب.
لقد وجدت في الإنترنت ما أريد كنت كلما أردت البحث عن سؤال يتعلق بالحياة الجنسية، لجأت إلى هذه المواقع، وأهمها عندي على موقع أجنبي متخصص في الأمور الجنسية التي تهم الشباب، كما أدخل إلى مواقع الدردشة التي تناقش الثقافة الجنسية.
وأثناء جلوسي مع أصدقائي تدور بيننا نقاشات حول الكثير من الموضوعات الجنسية، ونتبادل الكتب التي تتناول الثقافة الجنسية.
هناك شباب يحافظ على نفسه ويتفادى الدخول في علاقات غير مشروعة قبل الزواج، لكن بعض الأصدقاء خاضوا الكثير من التجارب مع الجنس الأخر، أو يشاهدون الأفلام الإباحية التي يعتقدون أنها تزودهم بالمعرفة الجنسية اللازمة لهم قبل الزواج.
راقبوا العلامات الجنسية في أجساد أبنائكم المراهقين
مع دخول الأبناء مرحلة المراهقة على الآباء مراقبة العلامات الجنسية المميزة لهذه المرحلة، مثل خشونة الصوت ونمو الشارب وشعر الإبطين عند الولد وبروز الصدر عند البنت، والتغيرات الفسيولوجية المصاحبة لمرحلة البلوغ مثل الاحتلام عند الولد والحيض عند البنت. وهنا يجب أن نبدأ بتعليمهم أن التناسل فعل طبيعي، لكنه لا يجوز إلا في إطار شرعي هو الزواج، وإن على كل شاب وفتاة المحافظة على أجسادهم وتأجيل إشباع الحاجات الجنسية حتى يحين موعد هذا الرباط المقدس.
إن مراقبة هذه العلامات بداية مهمة لإمداد أبنائنا المراهقين بالمعرفة الجنسية، وأفضل من يقدم هذه المعرفة للولد هو الأب، وأفضل من تقدمها للبنت هي الأم. على الآباء والأمهات أن يستعدوا جيدا للإجابة عن تساؤلات أبنائهم في هذه المرحلة الحساسة، سواء عن طريق قراءة الكتب المتخصصة أو الاستعانة باستشارة بعض المتخصصين، لأن عدم الاقتراب من الأبناء في هذه الفترة الحرجة يجعلهم أمام طريقين كلاهما مر: الأول الخوف والتعامل مع هذه التغيرات وكأنها دنس يجب تحاشيه، والثاني هو اللجوء إلى الغرباء وإلى طرق خطيرة للحصول على المعرفة الجنسية التي لم يوفرها لهم الآباء والأمهات.
الثقافة الجنسية.. تربية أم قلة أدب؟
لكي لا يلجأ أبناؤنا إلى الجن والعفاريت لحل مشاكلهم الجنسية
23/04/2006 تحقيق: محمد حنفي
يقال أن معرفة المشكلة نصف الحل، لكن تجاهل المشكلة يؤدي إلى كوارث. فبعض الآباء يعتقدون أن أبناءهم ليسوا في حاجة لأي ثقافة جنسية، لكن ربما سيصدم هؤلاء عندما يقرأون على لسان متخصص أن بعض الأزواج يكتشفون في الليلة الأولى من الزواج أنهم لا يعرفون كيفية القيام بالواجبات الزوجية، بل الكارثة أن البعض يلجأ إلى الجن والعفاريت للبحث عن حل لمشاكلهم الجنسية.
الجزء الثاني من هذا التحقيق يؤكد وجود مشكلة تتعلق بالثقافة الجنسية لأبنائنا، والأسئلة التي يحاول التحقيق الإجابة عنها هي:
هل يحتاج أبناؤنا ثقافة جنسية؟ من يقدم لهم هذه الثقافة؟ كيف ينظر الآباء والأبناء إلى مثل هذه الثقافة؟
إن الثقافة الجنسية موضوع ذو شجون وفيه الكثير من وجهات النظر المختلفة بين المتخصصين والآباء وحتى الأبناء.
ربما كان أكثر المختلفين حول الثقافة الجنسية الخاصة بالأبناء هم الآباء أنفسهم، فكيف ينظر أولياء الأمور إلى موضوع الثقافة الجنسية لأبنائهم؟
هناك من يرى أنه لا يجوز أن يعرف الأبناء مثل هذه الثقافة، إما بسبب صغر سنهم أو لأن هذه الأمور يمكن أن تزيد من فضولهم الجنسي فتدفعهم إلى أفاق غير مضمونة عواقبها. وهناك من يرى أن أبناء هذا الجيل أحوج ما يكون إلى مثل هذه الثقافة في وسط ما يتعرضون له ويحيط بهم من مظاهر جنسية يمكن أن تدفع بهم إلى الخطأ والخطر.
يقول سالم العيدان وهو أب لثلاثة أبناء:
أبناؤنا ليسوا في حاجة إلى ثقافة جنسية فهم منفتحون ولديهم الكثير من المجالات التي يستقون منها ثقافتهم الجنسية، فوسائل الإعلام العديدة المتاحة أمامهم تقدم برامج وموضوعات في غاية الجرأة والحساسية، وهناك الإنترنت التي يستطيعون من خلالها ايجاد اجابات لكل تساؤلاتهم. وهذه المجالات لم تكن متاحة لجيلنا حيث كنا نتزوج ونحن لا نعرف أي شيء عن هذه الموضوعات، وتتشكل ثقافتنا بعد الزواج. أما هذا الجيل فهو يتزوج وعنده معلومات وافية عن الحياة الزوجية وواجباتها.
أبناؤنا معرضون للخطر
لكن أم فيصل وهي أم لأربعة أبناء بعضهم في سن الطفولة وبعضهم في سن المراهقة، تختلف مع الرأي السابق وتقول:
أبناؤنا في حاجة ماسة لتربية جنسية سليمة، لأنهم معرضون في هذا الأيام للخطر، فهم يتمتعون بحرية كبيرة في السهر والسفر ويبقون فترات كبيرة خارج البيت من دون أن يعلم الأهل ماذا يفعلون، وأمامهم الكثير من المغريات التي يتعرضون لها يوميا، خاصة من بعض البرامج التي تقدم في الفضائيات وبعضها يقترب من الإباحية.
ولذا يجب تحصينهم بثقافة جنسية تحتوي على معلومات سليمة ووافية تحميهم مما يتعرضون له، وذلك في نطاق العادات والتقاليد، وأنادي بأن تكون المدرسة هي المكان المناسب لهذه التربية. فنحن نسمع عن تطوير المناهج وإدخال مناهج جديدة في التعليم، والأولى أن نقدم لأبنائنا منهجا يضعه متخصصون في عدة مجالات يجري من خلاله تعريفهم بكل ما يتعلق بالتربية الجنسية.
كيف تقدم الثقافة الجنسية؟
د. عواد الغريبة، أستاذ علم النفس التربوي في جامعة الكويت، يرى أننا يجب أن نفرق بين الثقافة الجنسية كمفهوم غربي وبين التربية الجنسية الخاصة بالثقافة الإسلامية ضمن إطار العادات والتقاليد. يقول:
عندما انتشرت الإباحية الجنسية في المجتمعات الغربية بشكل خطير، لجأوا إلى هذا النوع من التثقيف الجنسي للطلاب للحد من هذه الإباحية والأمراض الخطيرة التي ارتبطت بها، خاصة في فترة المراهقة التي يكون فيها النمو الجسماني أكثر من العقلي، ويكون الاتزان الانفعالي محدودا في هذه الفترة التي تشكل قمة العنفوان للشباب.
الأمر مختلف في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فالوازع الديني والعادات والتقاليد السائدة في المجتمعات العربية، تساهم في الحد من انتشار هذه الإباحية، لذا أعتقد أنه لا حاجة لتدريس مثل هذه الثقافة على النمط الغربي في المدارس كمنهج منفصل بذاته، وإنما يجب أن تكون التربية الجنسية ضمن إطار متكامل في المناهج الدراسية، وأن يجري توزيع ما نريد تقديمه للطلاب من معلومات على العديد من المواد الدراسية، فمثلا في العلوم نشرح جهاز التشريح والفروق بين الجنسين، وفي التربية الإسلامية يمكن التحدث من منظور ديني عن أهمية ضبط الغريزة وقيمة العلاقات الزوجية، حيث أن الدين تناول الكثير من الأشياء التي تتعلق بالحياة الجنسية في إطار راق. وفي موضوعات الأدب يمكن أن نقدم لهم نماذج تركز على التسامي بالغريزة الجنسية.. وهكذا على بقية المواد الدراسية، وهذا أفضل من وجود منهج واحد يهتم بالثقافة الجنسية حيث أعتقد أن لا ضرورة له.
لكن المشكلة هي في كيفية توصيل هذه المعلومات بشكل علمي وتربوي يشكل ركيزة علمية للطلاب والطالبات من دون ترك العنان لخيالهم. ويمكن تدريس هذه الموضوعات من خلال الأفلام العلمية التي أشرف على إعدادها متخصصون أو من خلال المجسمات والوسائل والصور التوضيحية، كما يمكن أن يكون تثقيف الشباب بهذه المعلومات من خلال عمل دورات تدريبية أو محاضرات تشرف عليها بعض الجهات التربوية والمؤسسات المتخصصة في الدولة، ويحاضر فيها متخصصون في علم النفس والطب ورجال الدين، بحيث نقدم المعلومات السليمة لشبابنا ونحصنهم ضد الانحراف الجنسي وتلقي المعلومات الخاطئة.
ثقافة الجن والعفاريت
أما د. عادل الحنيان استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية والعقم، فيرى أن عدم تقديم ثقافة جنسية سليمة لأبنائنا يجعلهم عرضة للانحراف الجنسي، ويجعلهم يلجأون إلى ثقافة بديلة هي ثقافة الخرافات والأساطير لحل مشاكلهم الجنسية. يقول:
نقصد بالثقافة الجنسية هنا إمداد الناس بالمعلومات العلمية الصحيحة التي تدور حول المسائل الجنسية في إطار علمي غير مبتذل وبعيدا عن الإثارة، وذلك حسب المرحلة العمرية لكل فرد، بحيث نساعده على التعايش السليم مع النمو الجسدي والانفعال النفسي، وبما يمكنه من اكتساب خبرات تساعده فيما بعد في التعامل مع حياته الجنسية الأسرية من دون مشاكل.
وقد يعتقد البعض أن أبناءنا ليسوا في حاجة إلى مثل هذه الثقافة الجنسية، وأن هذه الأمور فطرية ولا تحتاج إلى تثقيف أو تربية، وهذا اعتقاد خاطىء تماما. وهناك من يعتقد أن الخوض في هذه الأمور غير لائق أخلاقيا أو دينيا، وهذا أيضا قول خاطئ، فهذه الأمور، مثل أي معرفة أخرى، تحتاج إلى إمدادها بالمعلومات الصحيحة وغير المشوهة. كما أن الخوض في هذه الأمور بأسلوب علمي أفضل من تركها للظروف، حيث يكبر الأبناء ويتزوجون وهم لا يعرفون شيئا عن أجسادهم ولا عن طريقة الممارسة الزوجية الصحيحة.
وسيتهمني البعض بالمبالغة لو عرفوا أن هناك حالات عرضت علي كانت المشكلة فيها أن الزوجين لم يستطيعا في ليلة الزفاف القيام بالمعاشرة الزوجية بطريقة سليمة.
وهذه مصيبة أن يتزوج الشباب وهم لا يعرفون حتى أبسط قواعد المعاشرة الزوجية، بل إن الأخطر من ذلك هو تلك الثقافة الخاطئة التي اكتسبها أبناؤنا، وتراكمت لديهم، وتظهر بعد الزواج فيلجأون إلى الجن والعفاريت لحل مشاكلهم، فنجد مثلا أحد الأشخاص يقول لك أنه مربوط، وواحد ينصح صديقه أن يذهب إلى فلان ليقرأ عليه لأن عليه جني يمنعه من القيام بواجباته الزوجية، ناهيك عن
النصائح التي يقدمها بعض الجهلاء وقد تسبب كوارث بعد الزواج.
وأخطر ما أحذر منه أن عدم إمداد أبنائنا بالمعلومات السليمة يمكن أن يعرضهم للتحرش والانحراف الجنسي، خاصة صغار السن الذين يمكن أن يقعوا ضحية في أيدي ضعاف النفوس. وكذلك الذين تركناهم يكتسبون الخبرة والمعرفة من أماكن وعلاقات مشبوهة سيعانون بعد الزواج من هذه التصرفات الخاطئة.
وأكثر ما سيعانون منه الأمراض الجنسية التي يمكن أن تنتقل إليهم عبر هذه العلاقات والأماكن المشبوهة، ويمكن أن تؤثر في علاقاتهم الزوجية وحتى إمكان الإنجاب لديهم، وكان يمكن تفاديها بتعريفهم بأخطار العلاقات غير المشروعة ضمن ثقافة جنسية سليمة.
مذكرات شاب حائر مع الثقافة الجنسية
سألت خالد، وهو طالب في السنة النهائية بكلية التجارة، كيف يستقي معلوماته الجنسية، وإلى من يلجأ حين يريد معرفة معلومة تتعلق بالثقافة الجنسية؟ قال:
هناك خجل بين الأبناء والآباء فيما يتعلق بهذا الموضوع، ولا أعتقد أن والدي سألني مرة عن هذا الموضوع. وعلى رغم أنني أردت أكثر من مرة معرفة بعض الأشياء، إلا أنني شعرت بالخجل من سؤال والدي أو والدتي.
في المرحلة المتوسطة كان هناك درس في التربية الإسلامية يتحدث عن أشياء مبهمة بالنسبة إلي مثل الجنابة والاحتلام، وكنت يومها أشعر بأن ما يقوله المعلم غير مفهوم خاصة أنه كان يقول المعلومات بسرعة ولا يهتم بتبسيط مثل هذه الأمور لنا، ولا يسمح بتلقي أسئلة من الطلاب.
لقد وجدت في الإنترنت ما أريد كنت كلما أردت البحث عن سؤال يتعلق بالحياة الجنسية، لجأت إلى هذه المواقع، وأهمها عندي على موقع أجنبي متخصص في الأمور الجنسية التي تهم الشباب، كما أدخل إلى مواقع الدردشة التي تناقش الثقافة الجنسية.
وأثناء جلوسي مع أصدقائي تدور بيننا نقاشات حول الكثير من الموضوعات الجنسية، ونتبادل الكتب التي تتناول الثقافة الجنسية.
هناك شباب يحافظ على نفسه ويتفادى الدخول في علاقات غير مشروعة قبل الزواج، لكن بعض الأصدقاء خاضوا الكثير من التجارب مع الجنس الأخر، أو يشاهدون الأفلام الإباحية التي يعتقدون أنها تزودهم بالمعرفة الجنسية اللازمة لهم قبل الزواج.
راقبوا العلامات الجنسية في أجساد أبنائكم المراهقين
مع دخول الأبناء مرحلة المراهقة على الآباء مراقبة العلامات الجنسية المميزة لهذه المرحلة، مثل خشونة الصوت ونمو الشارب وشعر الإبطين عند الولد وبروز الصدر عند البنت، والتغيرات الفسيولوجية المصاحبة لمرحلة البلوغ مثل الاحتلام عند الولد والحيض عند البنت. وهنا يجب أن نبدأ بتعليمهم أن التناسل فعل طبيعي، لكنه لا يجوز إلا في إطار شرعي هو الزواج، وإن على كل شاب وفتاة المحافظة على أجسادهم وتأجيل إشباع الحاجات الجنسية حتى يحين موعد هذا الرباط المقدس.
إن مراقبة هذه العلامات بداية مهمة لإمداد أبنائنا المراهقين بالمعرفة الجنسية، وأفضل من يقدم هذه المعرفة للولد هو الأب، وأفضل من تقدمها للبنت هي الأم. على الآباء والأمهات أن يستعدوا جيدا للإجابة عن تساؤلات أبنائهم في هذه المرحلة الحساسة، سواء عن طريق قراءة الكتب المتخصصة أو الاستعانة باستشارة بعض المتخصصين، لأن عدم الاقتراب من الأبناء في هذه الفترة الحرجة يجعلهم أمام طريقين كلاهما مر: الأول الخوف والتعامل مع هذه التغيرات وكأنها دنس يجب تحاشيه، والثاني هو اللجوء إلى الغرباء وإلى طرق خطيرة للحصول على المعرفة الجنسية التي لم يوفرها لهم الآباء والأمهات.