المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة والقلم


توفيق
08-04-2006, 03:34 PM
مرت المرأة العربية المسلمة في طريقها إلى التغريب بطورين هامين :
الأول ما يسمى بحركة تحرير المرأة والتي بدأها ( قاسم أمين ) في كتابه ( تحرير المرأة )، ومضت على قدم وساق إبان الحركات القومية في الوطن العربي ..وما زالت تمارس دورها في مواقع جديدة ، وجمعيات متعددة ، تتلقى دعما ( هائلا ) من مصادر غربية مختلفة ، ليس هذا محل تمحيصها .
أما الطور الثاني : فهو أعمق فلسفيا ، وبينه وبين الطور الثاني تباينا في كثير من الطرق والآليات.
ذلك لأن الطور الثاني الذي تمر به المرأة المسلمة حاليا يتميز عن سابقه بأمور منها :
• أنه يستهدف النخب الواعية من النساء بالذات ويركز عليهن تركيزا شديدا.
• أن المرأة هي التي تلعب الدور الأبرز فيه ، وذلك عن طريق تبنيها لنظريات قائمة على فلسفة ردود الأفعال، حين يقوم بعض المثقفين والمفكرين باضطهاد المرأة فكريا والإنقاص من قدرها وتهميشها عمدا في الحياة الثقافية .
• أنه نظرة فلسفية عميقة تتهم اللغة والتاريخ والدين بتهميش واضطهاد المرأة والوقوف ضد المرأة وعبقريتها، وليس حركة اجتماعية تهدف إلى إعطاء المرأة بعض الحقوق والواجبات الاجتماعية والسياسية ..إلخ
• لا يقوم هذا الطور على فكرة المساواة بين الرجل والمرأة كسابقه، بل يقوم على فكرة عداء مقيت ومستحكم بين الجنسين، ويسعى منظرو هذا الفكر العدائي على تكريس هذه النظرة العدائية، من خلال قراءة التاريخ واللغة قراءات مبتورة ، توظف الشاذ ليصبح قاعدة محكمة .

هذا الطور الذي يسميه بعض الباحثين ( مرحلة التمركز حول الأنثى )، يشير إلى ضرورة التمركز حول الأنثى وجعلها قطب الفكر، بعد أن كان الرجل هو المسيطر على التاريخ واللغة والدين والإبداع، ويفرق هذا الاتجاه بين لغة الرجل ولغة المرأة ويقوم بتصنيف الأدب والفكر وفق النوع، وأكثر الذين يتبنون هذا الفكر من النساء اللواتي شعرن بعقدة النص في الفكر الغربي الذي ينظر باشمئزاز للمرأة
فالمرأة في بعض أدبيات الفكر الغربي ( خطيئة ) وشؤم ..!! وهي سبب خطئية آدم.. إنها إبليس آخر، ومطية الشيطان..
والمرأة هي المرض كما يقول " أبقراط " ..!!
و من هنا ظهرت ثنائية عدائية بين الرجل و المرأة في الفكر الغربي تعلي من قيمة الأول وتحتقر الثاني كما يقول " دريدا ".
ولا عجب حينها أن يظهر في المجتمع الغربي حركات نسائية ( متطرفة ) لها نظرتها المتطرفة إلى التاريخ واللغة باعتبارها ( ثقافة ) صنعها الرجل ..! والرجل هو عدو المرأة , لتتبنى هذه الحركات النسائية آراء تدعو إلى خلق ثقافة جديدة.. ولغة جديدة.. وتاريخ جديد ليس من صنع الرجل المسيطر ، وإنما من صنع المرأة التي يجب أن تكون هي المركز، بعد أن كانت تعيش في الطرف الأقصى..!!
وبقدر تطرف هذه الحركات بقدر ما يزداد المفكرون ( الليبراليون ) وأنصار النقد الثقافي من تحقير المرأة، واكتشاف مواطن التحيز ضدها، لإشعالها أكثر وسوقها في طريق ردة الفعل العنيفة.. حتى وصل الوضع إلى اتهام الدين بالتحيز...!! فدعت بعض الجمعيات النسائية في الغرب إلى خلق دين جديد ... وإله جديد يكون ( أنثى ) أو أنثى وذكر أو لا أنثى ولا ذكر...وكان آخرها الترجمات الجديدة للإنجيل التي قامت بتعديل الألفاظ التي تخاطب الذكور بألفاظ تشمل الجنسين ..!!
ومن هذه الحركات ( النقد النسوي ), ( التمركز حول الأنثى ) وكثير من الجمعيات الماسونية التي باتت تتغلغل فيها هذه النظرة " المتطرفة "..!!


فماذا عن قلم المرأة...!!؟
تلقف مثقفونا للأسف الشديد بعضا من هذه الأطروحات، فقرؤوا ( اللغة ) والتاريخ قراءة تسير على نفس النسق الغربي...!!
فاكتشفوا ( لله در أبيهم ..!!) أن اللغة تنحاز للرجل ..!! وأن المرأة تعيش في مستعمرة ذكورية...!!
وأنها منذ زمن لا تتكلم إلا بلسان ( مذكر )... فالقلم لفظ مذكر..!! وليس للمرأة فيه حق ، ما لم يتأنث..!!
وتجدهم خلف كل كاتبة أو شاعرة أو قاصة، يشيرون إليها بأصابع الاتهام ..( إنها تحمل بين فكيها لسان رجل / هذا قلم رجولي / هذا اسم مستعار لرجل / لا وجود للأنوثة في النص ..إلخ ) .
ومن هنا نشأ سؤال لا بد منه
أين تكمن ذكورة أو أنوثة الإبداع..؟
هل هو في اللغة ...!!
أم في الخطاب...؟؟
فإذا كان التحيز في اللغة ..
فبالله عليكم ما ذنب المرأة ..!!؟؟ وقد وجدت في لغة " مذكرة " وكيف تخلق أنوثتها في داخل ( كهف مذكر )..؟
ولأن هذا القول لا يقول به عاقل فضلا عن مثقف واع أمين ، ذلك لأن لهذا القول ما وراءه
فاللغة ـ كما هو معلوم ـ توقيفية ، وقد أضحت هذه حقيقة أقرب إلى الإجماع ، ولا يمكن أن تكون العدالة الإلهية خلقت لغة ظالمة تنحاز إلى جنس دون آخر، إضافة إلى سذاجة هذه النظرة.

وضعفاء النفوس المتثاقفون ذكورا وإناثا ، يدعون المرأة إلى تدمير اللغة القديمة / الظالمة / المنحازة للرجل .. لتصنع لنفسها لغة جديدة تحمل الطابع الأنثوي ..!!إنه تخريب الذاكرة كما يسميه " الغذامي "..!!
ولعمري إنها لكارثة الكوارث ... وإن كان ذلك في حكم المحال..!
أمَا وإنه لا بد من اللجوء قسرا إلى القول بأن أنوثة الإبداع أو ذكورته لا تكون إلا في الخطاب فهنا يكون ميدان النقاش أوسع قليلا .. وقابل للمراوغة والتسلل عبر المناطق المظلمة .
الخطاب وما أدراك ما الخطاب...؟
الخطاب يقصد به الاستخدام الأسلوبي للغة ..، أو هو الكلام الذي نكتبه أنا وأنت وغيرنا..
فهل للمرأة خطاب ذو سمات محددة وتحيط به دائرة لا تخرج المرأة عنه ، ولا يدخله الرجل ..!؟بحيث أنك إذا قرأت خطابا ( مجهول الهوية ) صنفته وأنت مغمض العينين فقلت ( هذا خطاب أنثوي / أو ذكوري )..؟
أما أنا فلا أعرف عاقلا سويا ولا مجنونا متخبطا قال بهذا..!!
فإن كان ولابد من إصرار بعضهم على أن الخطاب يمكن أن يوصف بالأنوثة والذكورة ، فإليّ بسمات هذا الخطاب الأنثوي ... !!
ولن أقبل سمات ( مطاطية ) يلوكها القوم في أفواههم كما يلوك الصبي ( العلك ) .
لن أقبل من السمات أن تكون الكتابة ضد الرجل ( شتمه ، انتقاصه ، تحقيره ..إلخ ) لأن كل رجل قادر على هذا.
ولن اقبل أن تكون من السمات كتابة المرأة عن جمالها ، وجاذبيتها وعاطفتها وأحاسيسها ، ومكياجها ، وغرفة نومها ... لأن أي رجل يكتب كل هذا..
ولا أن تكتب أيضا عن عذاب الطلاق وموت الحبيب والزوج ويتم الأطفال ... لأن كل رجل يبدع مثل هذا..
إننا نبحث عن سمات جامعة مانعة، حتى إذا أقمنا محكمة النقد والتصنيف نكون على حجة بينة ،نجمع من خلالها أن الخطاب الذي أمامنا خطاب أنثوي أو خطاب ذكوري..
وهذا ما لا تستطيعه الجن بنقادها، ولا الإنس بعباقرتها...، ذلك لأن الإبداع ( معاشر العقلاء ) حق مشاع ( كالماء والنار والكلأ ) لا يمكن حكره أو حجره لنوع دون نوع ، أو جنس دون جنس ...
جمال الإبداع وروعته في تقنياته الفنية ، ودلالاته المجازية، في لغته التي ترسمه بريشة فنان ، وحنجرة طائر ، فيأتيك بالجمال من كل حدب وصوب.وليس في تصنيفه الجديد الذي لا يقدم ولا يؤخر..!!

AL_3oooD
08-04-2006, 03:46 PM
الف شكر لك اخوي على الطرح

Nathyaa
09-04-2006, 07:53 AM
تسلم الايادي اخي الكريم

~*~عاطفية~*~
09-04-2006, 09:08 PM
يسلموووووووووووووووووو يااخ توفيق على الموضوع