تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصص الانبياء من سيدنا ادم الى نبينا صالح


Nathyaa
11-01-2006, 01:33 PM
مكان نزول آدم على الأرض

أمر الله سيدنا ءادم وحواء بالهبوط من الجنة ألى الأرض، وأمر إبليس بالهبوط إليها أيضاً وأخبرهما أن العداوة بينهما وبين إبليس اللعين ستضل قائمة وبالتالي ستكون بين إبليس وبني ءادم قال تعالى:

{سورة البقرة}


فيروى أن ءادم عليه السلام نزل في أرض الهند في أرض تسمى سرنديب على أشهر الأقوال، ونزلت حواء عليها السلام في أرض أخرى قيل إنها جدة، فجاء سيدنا ءادم في طلبها حتى أتى جمعا فازدلفت (أي اقتربت) إليه حواء فلذلك سميت المزدلفة وهي بين مكة وعرفة، وقيل إنهما تعارفا في عرفات لذلك سميت عرفات، وأما إبليس اللعين فقيل إنه نزل بالأبلة أرض في العراق.

فائدة:

قيل إن أطيب بقعة في الأرض ريحًا التي أهبط بها ءادم فعلق بشجرها من ريح الجنة، قيل إن تلك الأرض الي نزل بها ءادم من أصح بلاد الأرض فناسبت أن تكون موطنه لكونه قريب عهد بالجنة.
بناء البيت الحرام

أمر الله ءادم عليه السلام أن يبني البيت الحرام فقدم مكة وبنى البيت من خمسة أجبًل: من طور سيناء، وطور زيتى، ولبنان، والجودي، وبنى قواعده من حراء، فلما فرغ من بنائه أرسل الله له ملكاً علمه المناسك، ثم بقي كذلك حتى أغرق الله قوم نوح عليه السلام فرُفع البيت وبقي أساسه فجاء سيدنا إبراهيم عليه السلام فبناه.
====================
هابيل وقابيل


قال الله تبارك وتعالى:



{سورة المائدة}

تتلخص قصة هابيل وقابيل أن حواء عليها السلام ولدت أربعين بطناً وكانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى، وكان سيدنا ءادم عليه السلام يُزوجُ ذكر كل بطن بأنثى من بطن ءاخر، ويقال إن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أجمل من أخت هابيل لكن قابيل أراد أن يستأثر بها، فأمره ءادم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى، فأمرهما أن يقربا قرباناً وهو ما يتقرب به الى الله تعالى وذهب ءادم عليه السلام إلى مكة ليحج، وقرب كل واحد منهما قربانه بعد ذهاب أبيهم ءادم عليه السلام، فقرب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب غنم، وأما قابيل فقرب حزمة من زرع ردىء وكان صاحب زرع، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب قابيل غضباً شديداً قال لأخيه هابيل لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال له: إما يتقبل الله من المتقين.

وذات ليلة أبطأ هابيل في المرعى فبعث سيدنا ءادم عليه السلام - وكان قد رجع من الحج - أخاه قابيل لينظر ما أبطأ به، فلما ذهب إذ هو به، فقال له: تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال له هابيل: إنما يتقبل الله من المتقين، فغضب عندئذ قابيل، ثم أتاه وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه، وقيل خنقه خنقاً شديداً. وأما قول هابيل لقابيل :


{سورة المائدة}.

فمعناه أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك وأقوى فتتحملُ إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك.

وقيل: لما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك فضمه إليه حتى تغيرت رائحته، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر حتى يرمي به فتأكله، وكره أن يأتي به ءادم فيحزنه، ولم يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر، فعمد إلى الأرض يحفر له بمنقاره فيها، ثم ألقاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى واراه، فقال عندها قابيل:


{المائدة}.


ثم أخذ يفعل به ما فعل ذاك الغراب فواراه تحت التراب.

وليعلم أن ابن ءادم قابيل الذي قتل أخاه هابيل كان مسلماً مؤمناً ولم يكن كافراً، وإنما ارتكب معصية كبيرة بقتله أخاه هابيل ظلما وعدوانا.

فائدة:روى الجماعة سوى أبي داود، وأحمد في مسنده عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تًقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن ءادم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل)) أي ظلماً.

وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها مغارة الدم، ذُكر بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، والله أعلم بصحة ذلك.
موت سيدنا آدم وحواء

عاش سيدنا ءادم عليه السلام ألف سنة قيل: قضى منها مائة وثلاثين سنة في الجنة وبقيه الألف عاشها على هذه الأرض التي نزل إليها، ولما مات بقيت ذريته على دين الإسلام يعبدون الله تعالى وحده ولم يشركوا به شيئاً، فعاش البشر ألف سنة أخرى على دين الإسلام.

ولم يكن فيهم كفر ولا شرك وإنما حصل الكفر والشرك بعد نبي الله إدريس عليه الصلاة والسلام فكان سيدنا نوح عليه السلام أول نبي بعث إلى الكفار.

وقد ورد في الأثر أن ءادم عليه السلام دفن في مكة أو في منى قرب مسجد الخيف حيث دفن سبعون نبيا، وقبورهم مخفاة ولا يوجد علامات تدل عليها، وقيل دفن عند الجبل الذي أهبط عنده في الهند، وقيل بجبل أبي قبيس بمكة. والله أعلم.

ويروى أن زوجه حواء عليها السلام عاشت بعد سيدنا ءادم عليه السلام سنة ثم ماتت ويقال إنها دفنت في جدة.
============================
نبي الله شيث عليه السلام

هو نبي الله شيث ابن سيدنا ءادم عليهما الصلاة والسلام من صلبه، وقد ولدته حواء عليها السلام بعد أن قتل قابيل أخاه هابيل.

جعل الله تعالى شيثاً نبياً بعد موت سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام، وأنزل عليه خمسين صحيفة، روى أبو ذر الغفاري رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اُ نزل على شيث خمسون صحيفة))رواه ابن حبان.

قام سيدنا شيث بالأمر بعد سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام وصار يدعو إلى طاعة الله وتطبيق شريعة الله، وقد كان الناس في زمانه على دين الإسلام يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئا، وأنزل الله عليه شرعاً جديداً وهو تحريم زواج الأخ من أخته غير التوأم بعد أن كان حلالا في شرع ءادم.

ولقد ذُكر أن ءادم عليه الصلاة والسلام مرض قبل موته أحد عشر يوماً، وكتب وصيته ثم دفع كتاب وصيته إلى شيث وأمره أن يخفيه عن ولده قابيل وولده، لأن قابيل كان حسوداً ولذلك قيل: إن شيثاً كان وصي أبيه ءادم عليه السلام في مخلفيه.

أقام سيدنا شيث بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات، وقيل إن شيثاً لما مرض أوصى إلى ابنه أنوش، وقيل دفن مع أبويه ءادم وحواء عليهما السلام في غار بأبي قبيس في مكة، ويقال إنه دفن بقرب مسجد الخيف بمنى.

قال المؤرخون: قام أنوش بعد وفاة أبيه شيث على منهجه من غير تبديل ولا تغيير ثم بعده ولده قينان، ثم من بعد ابنه مهلاييل وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة، ثم بعده ابنه يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده أخنوخ وهو إدريس عليه السلام على المشهور.

ويروى أنه إلى شيث يرجع أنساب بني ءادم كلهم اليوم، وذلك أن نسل سائر ولد ءادم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا لم يبق منهم أحد، والله أعلم.
=========================
نبي الله إدريس نبوته ورسالته


قال تعالى:{مريم}.

سيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام هو أحد الأنبياء والرسل الكرام الذين أخبر الله عنهم في القرءان الكريم، وقد ذكره الله تعالى في بضعة مواطن من سور القرءان، وهو ممن يجب الإيمان والاعتقاد بنبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم، وقد وصفه الله تعالى في القرءان الكريم بالنبوة والصديقية.

نسبه وما جاء في وصفه


اختلف في نسبه وأشهر ما قيل هو إدريس بن يرد بن مهلاييل، ويسمى أيضا أخنوخ، وينتهي نسبه عليه السلام إلى نبي الله شيث بن ءادم عليهم الصلاة والسلام.

وقد سمي إدريس بهذا الأسم لأنه مشتق من الدراسة، وذلك لكثرة درسه الصحف التي أُنزلت على سيدنا ءادم وابنه شيث عليهم الصلاة والسلام.

وأما ما جاء في وصفه فقد روى الحاكم في المستدرك عن سَمُرَة بن جندب قال: كان إدريس أبيض طويلا، ضخم البطن، عريص الصدر، قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس، وكانت في صدره نكتتًا بيضاء من غير برص، فلما حصل من أهل الأرض الجور والاعتداء في أمر الله رفعه الله إلى السماء فهو حيث يقول:



{سورة مريم}.

وقيل إن إدريس هو أول من خط بعد ءادم عليه السلام وقطع الثياب وخاطها، وينسب إلى هذا النبي الكريم أشياء كثيرة ما هي إلا كذب وافتراء. وقد روى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يا أبا ذر أربعة سُريانيون: ءادم، وشيث، وأخنوخُ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم، ونوح)).

مولده ونشأته ودعوته إلى تطبيق شريعة الله

سيدنا إدريس عليه الصلاة السلام هو ثالث الأنبياء بعد ءادم وشيث عليهم السلام، ولقد اختلف العلماء في مولده ونشأته فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل مدينة العراق، وقال ءاخرون إنه ولد بمصر والصحيح أنه ولد بالعراق في مدينة بابل.

وقد أخذ إدريس عليه السلام في أول عمره بعلم شيث بن ءادم عليهما السلام ولما كبر ءاتاه الله النبوة والرسالة وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة كما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي رواه ابن حبان، فصار عليه السلام يدعو إلى تطبيق شريعة الله المبنية على دين الإسلام الذي أساسه إفراد الله تعالى بالعبادة واعتقاد أنه لا أحد يستحق العبادة إلا الله، وأن الله خالق كل شىء ومالك كل شىء وقادر على كل شىء، وأن كل شىء في هذا العالم يحصل بمشيئة الله وإرادته، وأن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئاً من مخلوقاته ولا يشبهه شىء من خلقه.

فعاش سيدنا إدريس عليه السلام يعلم الناس شريعة الإسلام وأحكام دين الله، مع أن الناس الذين كانوا في زمانه كانوا مسلمين مؤمنين يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئاً، واستمر الأمر على هذه الحال إلى أن ظهر إبليس اللعين للناس في صورة إنسان ليفتنهم عن دين الإسلام، وأمرهم أن يعملوا ثماثيل( كان في شرع إدريس جواز عمل تماثيل للأشخاص، ثم نسخ ذلك).

لخمسة من الصالحين كانوا معروفين بين قومهم بالمنزلة والقدر والصلاح، فأطاعوه وعملوا لهم صوراً وتماثيل، ثم لما طالت الأيام ظهر لهم مرة أخرى في وقت كثر فيه الجهل والفساد في الأرض، وأمرهم أن يعبدوا هذه التماثيل والأصنام الخمسة فأطاعوه وعبدوهم واتخذوهم ءالهة من دون الله وصاروا كافرين مشركين، وكان ذلك بعد وفاة نبي الله إدريس عليه السلام بمدة ولم يكن في ذلك الوقت نبي، قال الله تعالى حكاية عن هؤلاء الذين عبدوا هؤلاء التماثيل التي كانت صوراً لخمسة من الصالحين:

{سورة نوح}.

فسيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام عاش تتمة الألف سنة بعد سيدنا ءادم على الإسلام هو ومن تبعه ومن كان معه، يدعو المسلمين الذين كانوا في زمانه إلى تطبيق شريعة الله وأداء الواجبات واجتناب المحرمات، وأخذ ينهى عن مخالفة شريعة الإسلام، فأطاعه بعضهم وخالفه بعض، فنوى أن يرحل فأمر من معه أن يرحلوا معه عن وطنهم العراق فثقل على هؤلاء الرحيل عن وطنهم، فقالوا له: وأين نجد مثل بابل إذا رحلنا؟ وبابل بالسريانية النهر، كأنهم عنوا بذلك دجلة والفرات، فقال لهم إذا هاجرنا لله رزقنا غيره - أي بلداً غيره - فلما خرج سيدنا إدريس عليه السلام ومن معه من العراق ساروا إلى أن وافوا هذا الإقليم الذي يسمى بابليون فرأوا النيل ورأوا وادياً خالياً فوقف سيدنا إدريس على النيل وأخذ يتفكر في عظيم قدرة الله سبحانه ويسبح الله سبحانه وتعالى.

أقام سيدنا إدريس عليه السلام ومن معه في مصر يدعو الناس للالتزام بشريعة الله وكانت مدة إقامته في الأرض كما قيل اثنتين وثمانين سنة ثم رفعه الله إلى السماء ثم توفاه على هذه الأرض، وكون وفاته على الأرض هو الصحيح.

دعوة إدريس ومواعظه وءادابه وبعض ما سنه في قومه

لسيدنا إدريس عليه السلام مواعظ وءاداب اشتهر بها بين قومه وأهل ملته، فقد دعا سيدنا إدريس إلى دين الله وإخلاص العبادة له، وإلى الالتزام بالشريعة وإلى تخليص النفوس من العذاب في الآخرة بالعمل الصالح، وحض على الزهد في هذه الدنيا الفنية الزائلة والعمل بالعدل وعدم الظلم، وأمرهم بالصلاة وبينها لهم، وأمرهم بصيام أيام معينة من كل شهر، وأمرهم بزكاة الأموال معونة للفقراء، وشدد عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم عليهم الخمر والمسكر من كل شىء من المشروبات وشدد فيها تشديداً عظيماً، وقيل جعل لقومه أعياد كثيرة في أوقات معروفة، وقيل كان في زمانه اثنان وسبعون لغة يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى لغاتهم جميعها ليعلم كل فرقة من قومه بلغتهم كما قال تعالى:


{سورة إبراهيم}.


وقيل إنه علم قومه العلوم، وإنه أول من استخرج الحكمة وعلم النجوم فإن الله سبحانه و تعالى أفهمه أسرار الفلك وتركيبه، وأفهمه عدد السنين والحساب، وقيل إنه أول من نظر في علم الطب، وأول من أنذر بالطوفان، وأول من رسم لقومه قواعد تمدين المدن. وأقام للأمم في زمنه سنناً في كل إقليم سنة تليق بأهله.

حكم سيدنا إدريس ومواعظه


اشتهر سيدنا إدريس عليه السلام بالحكمة والمواعظ المؤثرة، فمن حكمه عليه السلام: (( الصبر مع الإيمان بالله يورث الظفر)) وقد قيل إن هذه الحكمة كانت منقوشة على فص خاتمه، ومنها: (( إذا دعوتم الله فأخلصوا النية وكذا الصيام والصلوات فافعلوا)) أي أخلصوا النية لله تعالى في الدعاء والصيام والصلوات.

ومنها: ((تجنبوا المكاسب الدنيئة))، ومنها: ((من أراد بلوغ العلم والعمل الصالح فليترك من يده أداة الجهل وسىء العمل))،

ومنها: ((حياة النفس الحكمة))، ومنها: ((لا تحلفوا بالله كاذبين)).


فائدة:


روى أن سيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام جاءه مرة إبليس في صورة إنسان وكان سيدنا إدريس يخط وفي كل دخلة وخرجة يقول سبحان الله والحمد لله، فجاءه إبليس اللعين بقشرة وقال له: الله تعالى يقدر أن يجعل الدنيا في هذه القشرة؟ فقال له سيدنا إدريس: الله تعالى قادر أن يجعل الدنيا في سَم هذه الإبرة أي ثقبها، ونخس بالإبرة في إحدى عينيه وجعله أعور.

وأما قول سيدنا إدريس عليه السلام الله تعالى قادر أن يجعل الدنيا في سم هذه الإبرة، أراد به أن الله تبارك وتعالى قدر أن يصور الدنيا أصغر من سم الإبرة ويجعلها فيها، أو يجعل سم الإبرة أكبر من الدنيا فيجعلها أي الدنيا في سم الإبرة، لأن الله تبارك وتعالى على كل شىء قدير، وإنما لم يفصل له سيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام الجواب لأنه معاند، ولهذا عاقبه على هذا السؤال بنخس العين. ذكر هذه القصة الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني في كتابه الترتيب في أصول الفقه.


رفع إدريس إلى السماء ومكان موته

أقام سيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام في العراق وفي مصر يدعو إلى دين الإسلام، جاهد في سبيل الله، وصبر في الدعوة إلى الله الصبر الجميل، وتحمل من قومه الكثير وهو يدعوهم إلى الالتزام بالشريعة وبطاعة الملى سبحانه وتعالى وعدم معصيته. ثم رفعه الله تبارك وتعالى إلى السماء كما قال الله تعالى في حق إدريس عليه السلام:


{سورة مريم}.


وقد اختلف المؤرخون في السماء التي رفع إليها سيدنا إدريس عليه السلام، فقد روى عن ابن عباس أنه قال في تفسير الآيه : إن الله رفعه إلى السماء السادسة فمات بها، وروى عن مجاهد قال السماء الرابعة، والصواب أنه عليه السلام مات على هذه الأرض كما تقدم. وأما أنه لم يزل في السماء السادسة فغير معتمد، وذلك أن الله ذكر في كتابه الحكيم أن الإنسان خلق من هذه الأرض وتكون نهايته بعد الممات إليها ومنها يبعث يوم القيامة.
============================
نبي الله نوح عليه السلام

قال الله عزوجل:{سورة نوح}.

نسب سيدنا نوح عليه والسلام

هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ - وهو إدريس - بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن ءادم أبي البشر.

وكان بين نوح وءادم عشرة قرون كما جاء ذلك في حديث ابن حبان.

وبالجملة فنوح عليه السلام أرسله الله إلى قوم يعبدون الأوثان قال تعالى إخباراً عنهم:


{سورة نوح}.

وقد تقدم أن هذه أسماء رجال صالحين من قوم إدريس وكان لهم رجال يقتدون بهم فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم ان انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وانتسخ العلم عبدت.

دعوة نوح لقومه الى الاسلام

بعث الله نوحاً عليه السلام إلى هؤلاء الكفار ليدعوهم إلى دين الحق وهو الإسلام والعبادة الحقة وهي عبادة الله وحده وترك عبادة غيره، وقال بهم:{سورة الأعراف}

ودعاهم نوح إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والإجهار وبالترغيب تارة وبالترهيب أخرى، لكن أكثرهم لم يؤمن بل استمروا على الضلالة والطغيان وعبادة الأوثان ونصبوا له العداوة ولمن ءامن به وتوعدوهم بالرجم:{سورة الأعراف} فأجابهم:

{الأعراف}


وقالوا له فيما قالوا بعد أن تعجبوا أن يكون بشر رسولا


{سورة هود}.


لبث سيدنا نوح عليه السلام في قومه يدعوهم إلى الإسلام ألف سنة إلا خمسين عاما قال تعالى:

{سورة العنكبوت}،

وكان قومه يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه، حتى تمادوا في معصيتهم وعظمت منهم الخطيئة فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي كان قبله، حتى إن كان الآخر ليقول: قد كان هذا مع ءابائنا وأجدادنا مجنونا لا يقبلون منه شيئا. ومن جملة ما قال لهم {سورة هود} أي أن الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولكن اليأس لم يدخل قلب نوح بل أخذ يجاهد في إبلاغ الرسالة ويبسط لهم البراهين، ولم يؤمن به إلا جماعة قليلة استجابوا لدعوته وصدقوا برسالته.

بناء سيدنا نوح للسفينة ونزول العذاب بالكفار

ثم إن الله أوحى إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن قال الله تعالى:


{سورة هود}،


فلما يئس من إيمانهم دعا عليهم فقال:


{سورة نوح}

فلما شكا إلى الله واستنصره عليهم أوحى الله إليه:

{الصافات}.

فأقبل نوح على عمل السفينة وجعل يهىء عتاد الفلك من الخشب والحديد والقار وغيرها، وجعل قومه يمرون به وهو في عمله فيسخرون منه وكانوا لا يعرفون الفلك قبل ذلك، ويقولون: يا نوح قد صرت نجاراً بعد النبوة! وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد لهن.

وصنع الفلك من خشب الساج وقيل غير ذلك، ويقال إن الله أمره أن يجعل طوله ثمانين ذراعاً وعرضه خمسين ذراعاً، وطوله في السماء ثلاثين ذراعاً. وقيل: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وقيل غير ذلك والله أعلم.

ويقال إن نوحاً جعل الفلك ثلاث طبقات: سفلى ووسطى وعليا، السفلى للدواب والوحوش، والوسطى للناس، والعليا للطير، حتى إذا فرغ منه وقد عهد الله إليه
{سورة هود}، وقد جعل التنور ءاية، وقيل: كان تنوراً من أرض الهند، وقيل: بالكوفة، وأخبرته زوجته بفوران الماء من التنور، ولما فار التنور حمل نوح من أمر الله بحمله وكانوا ثمانين رجلا، وقيل غير ذلك.

وكان فيها نوح وثلاثة من بنيه سام وحام ويافث وأزواجهم وتخلف عن ابنه قيل اسمه يام وقيل كنعان وكان كافراً. ويقال إن نوحاً حمل معه جسد ءادم عليه السلام، وقال تعالى:

{سورة هود}.

ثم إن المطر جعل ينزل من السماء كأفواه القرب، فجعلت الوحوش يطلبن وسط الأرض هرباً من الماء حتى اجتمعت عند السفينة فحينئذ حمل فيها من كل زوجين اثنين.

لما اطمئن نوح في الفلك، وأدخل فيه من أمر به جاء الماء كما قال تعالى:


{سورة القمر}

والدسر:المسامير. وقوله تعالى:

{سورة القمر}


أي بحفضنا وحراستنا.

وجعلت الفلك تجري بهم في موج كالجبال قال الله تعالى:

{سورة هود}،


وكذلك أن الله أرسل من السماء مطراً لم تعهده الأرض قبله وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها، ونادى نوح ابنه الذي هلك وكان في معزل:


{سورة هود}


وكان كافراً خالف أباه في دينه،


{سورة هود}.


قال جماعة من المفسرين: أرسل الله المطر أربعين يوماً، ويقال : إنهم ركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، وكان الماء نصفين نصفاً من السماء ونصفاً من الأرض وقد ارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض قيل: خمسة عشر ذراعاً، وقيل ثمانين والله أعلم، وقد عم جميع الأرض سهلها وحزنها وجبالها وقفارها، فلم يبق على وجه الأرض أحد ممن عبد غير الله عزوجل، قال تعالى:

{سورة الأعراف}.


وطافت السفينة بالأرض كلها لا تستقر حتى أتت الحرم فدارت حوله اسبوعاً، ثم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى جبل الجودي وهو بأرض الموصل فاستقرت عليه.

قال تعالى:

{سورة هود}.


ثم لما غاض الماء أي نقص عما كان وأمكن السعي فيها والاستقرار عليها هبط نوح ومن معه من السفينة التي استقرت بعد سيرها على ظهر جبل الجودي قال تعالى :

{سورة الصافات}،

فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني ءادم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة.

روى الإمام أحمد عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم)) رواه الترمذي عن سمرة مرفوعاً بنحوه، وقيل: المراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان، وروى عن سعيد بن المسيب أنه قال: ((ولد نوح ثلاثة: سام ويافث وحام، وولد كل واحد من هؤلاء الثلاثة ثلاثة: فولد سام العرب وفارس والروم، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وولد حام: القبط والسودان والبربر)

ذكر اليوم الذي استقرت فيه السفينة

قال قتاده وغيره: ((ركبوا السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب فساروا مائة وخمسين يوماً واستقرت بهم على الجودي شهراً، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم))، وقد روى ابن جرير خبراً مرفوعاً هذا، وأنهم صاموا يومهم ذلك.

وروى الإمام احمد في مسنده عن أبي هريرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال: ((ما هذا الصوم))؟ فقالوا: هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني اسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا اليوم استقرت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكراً لله عزوجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:: ((أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم))، وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه ءاخر إلا أنه ليس فيه ذكر نوح عليه السلام.

قال تعالى في ذكر اسقرار الفينة:




عمر سيدنا نوح ووفاته

قيل: بعث سيدنا نوح وله أربعمائة وثمانون سنة وإنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة والله أعلم.

ويروى أن نوحاً عليه السلام لما حضرته الوفاة قيل له: كيف رأيت الدنيا؟ قال: ((كبيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر)).

وأما قبره عليه السلام فقيل: إنه بالمسجد الحرام وهو الأقوى، وقيل: إنه ببلدة في البقاع وتعرف اليوم (( بكرك نوح)) وهناك جامع قد بني بسبب ذلك فيما ذكر، وقيل: إنه بالموصل والله أعلم.

وصية نوح عليه السلام لولده

روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن نبي الله نوحاً لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصّ عليك الوصية، ءامرك باثنتين وأنهاك عن اثنين، وءامرك بلا اله الا الله، فإن السموات والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا اله الا الله في كفة رجحت بهن لا اله الا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا اله الا الله، وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شىء وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر)).

ثناء الله عزوجل على نوح

قال الله تعالى مخبراً عن نبيه نوح عليه السلام:

{سورة الإسراء}


، وروى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن محمد بن كعب القرظي قال: (( إن نوحاً عليه السلام كان إذا أكل قال: الحمد لله، وإذا شرب قال: الحمد لله، وإذا لبس قال: الحمد لله، وإذا ركب قال: الحمد لله، فسماه الله عبداً شكورا)).


تنبيه:

ليس في هذه القصة أن الإنسان يكون شكوراً بمجرد هذا بل شرط الشكور أن يكون تقياً يؤدي الواجبات ويتجنب المحرمات ويكثر من العبادات التي لم يفرضها الله فرضاً ولذلك قال تعالى:



{سورة سبأ}.


فالشكور من بين المؤمنين قليل، ولا شكور ولا شاكر من الكفار ولو أكثروا قول الحمد لله والشكر لله بألسنتهم، وكذلك المسلمون العصاة لا يكونون من الشاكرين لمجرد الإكثار من كلمة الحمد والشكر.

وليس في هذا الدليل على ماتدعيه الوهابية فإنهم يظنون أن فرقتهم هم المؤمنون وهم الشاكرون لما يعلمون من أنهم شرذمة قليلة بالنظر إلى المسلمين الذين يخالفونهم لأن عددهم نحو مليون والمسلمون مئات الملايين.

وقد صح في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:((إن من أمتي من يشفع لأكثر من ربيعة ومُضر))، رواه أحمد في مسنده، وربيعة ومُضر أكثر من مائة مليون بل من مئات الملايين وذلك لأن ربيعة ومضر من أقدم القبائل العربية، هؤلاء الذين يشفع فيهم هذا الرجل وهو شخص واحد، وهناك من يشفع لكثير من الخلق في الآخرة، فكيف يصح مع هذا للوهابية أن يعتبروا أنفسهم المسلمين ومن سواهم من المسلمين مشركين.
========================================
نبي الله هود عليه السلام

قال الله تبارك وتعالى:


{سورةالأعراف}.


بعد أن نجّا الله تبارك وتعالى نبيه نوحاً ومن معه في السفينة وأغرق الذين كذبوه من قومه بالطوفان العظيم الذي عم جميع الأرض، نزل الذين ءامنوا من السفينة يعبدون الله تعالى وحده ويعمرون الأرض، وكثرت الذرية من أولاد نوح الثلاثة سام وحام ويافث الذين كانوا على دين ءابائهم الإسلام، وكانوا يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئا.

ثم بعد أن طال الزمن عاد الفساد والجهل وانتشر في الأرض ورجع بعض الناس إلى الشرك بالله وعبادة غير الله، فبعث الله تبارك وتعالى هوداً قال تعالى: {الشعراء}.

وقد سماه الله أخّا لهم لكونه من قبيلتهم لا من جهة أخوة الدين، لأن أخوة الدين لا تكون إلا بين المؤمنين كما قال تعالى:


{سورة الحجرات}.


عدد مرات ذكره في القرءان

ذُكر هود عليه الصلاة والسلام في القرءان الكريم سبع مرات، وقد ذكر الله تبارك وتعالى قصته عليه السلام مع قومه مع شىء من التفصيل في سورة الأعراف وسورة هود وسورة المؤمنين وسورة الشعراء وسورة الأحقاف وسورة فصلت.


مساكن قوم عاد


قال الله تبارك وتهالى في سورة الأحقاف:


{سورة الأحقاف}.

قبيلة عاد قبيلة عربية كانت باليمن، وكانت منازلهم ومساكنهم وجماعتهم أرض الأحقاف، والأحقاف هي الرمل فيما بين عُمَان وحضرموت من أرض اليمن بأرض يقال لها الشحر، وقيل كانوا ثلاث عشر قبيلة وظلموا وقهروا العباد بسبب قوتهم التيءاتاهم الله إياها، فقد زادهم الله في الخلقة والقوة، وبسط لهم في أجسادهم وعظامهم فكانوا طوالا في أجسامهم وقوامهم، قيل كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعاً، قال تعالى:

وكانوا أصحاب أوثان وأصنام يعبدونها من دون الله، صنم يقال له صداء، وصنم يقال له صمود، وصنم يقال له الهباء، قال تعالى:


دعوته لقومه وما جرى بينهم من جدال


أعطى الله تبارك وتعالى قبيلة عاد نعماً كثيرة وافرة وخيرات جليلة، فقد كانت بلادهم ذات مياه وفيرة فزرعوا الأراضي وأنشأوا البساتين وأشادوا القصور الشامخة العالية، إضافة لما منحهم الله تعالى فوق ذلك من بسطة في أجسامهم وقوة في أبدانهم لكنهم كانوا غير شاكرين لله على نعمه، فاتخذوا من دونه ءالهة وعبدوا الأصنام وصاروا يخضعون لها ويتذللون ويقصدونها عند الشدة، فكانوا أول الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان العظيم الذي عم الأرض وأهلك الكافرين الذين كانوا عليها، فبعث الله تبارك وتعالى إليهم نيبه هوداً وكان أحسنهم خُلقاً وأفضلهم موضعاً وأوسطهم نسباً، فدعاهم إلى دين الإسلام وعبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وأن يوحدوا الله الذي خلقهم ولا يجعلوا معه إلها غيره، وأن ينتهوا ويكفوا عن الظلم والبغي والفساد بين الناس، ولكنهم عاندوا وتكبروا وكذبوا نبي الله هوداً عليه الصلاة والسلام وقالوا:



، وءامن به واتبعه أناس قليلون كانوا يكتمون إيمانهم خوفاً من بطش وظلم قومهم الكافرين المشركين، قال الله تبارك وتعالى :


وقال تعالى:


المعنى ان هوداً قال لقومه: يا قوم اعبدوا الله وحده ولا تجعلوا معه إلها غيره فإنه ليس لكم إله غيره أفلا تتقون الله ربكم فتحذرونه وتخافون عقابه بعبادتكم غيره وهو خالقكم ورازقكم دون كل ما سواه، فأجابه قومه بما أخبر الله تبارك وتعالى به


، أي يا قوم ليس بي سفاهة عن الحق والصواب بل إني على الحق المبين والطريق الصواب، رسول من رب العالمين أرسلني إليكم فأنا أبلغكم رسالات ربي وأؤديها إليكم، وأنا لكم ناصح فيما دعوتكم إليه من عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، فاقبلوا نصيحتي فإني أمين على وحي الله وعلى ما ائتمنني عليه من الرسالة لا أكذب فيه ولا أزيد ولا أبدل، بل أبلغ ما أمرت به كما أمرت.


أي عجبتم أن انزل الله وحيه بتذكيركم وأرسل نبيه إليكم يدعوكم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، ولينذركم عذابه إن لم تقبلوا دعوته ولم تدخلوا في دينه الاسلام، وقد قال لهم هود هذا منكرًا عليهم بعد أن استبعدوا أن يبعث اله رسولا بشرًا يأكل ويشرب كما يأكلون ويشربون، واعتبروا أن تصديقه في دعواه خسارة وبطلان:


، المعنى اتقوا الله في انفسكم واذكروا ما حلّ بقوم نوح من العذاب إذ عصوا رسولهم وكذبوه وكفروا بربهم واستمروا على بغيهم وتكبرهم، فإنكم إنما جعلكم ربكم خلفاء في الأرض بعدهم لما أهلكهم، فاتقوا الله أن يحل بكم نظير ما حل بهم من العقوبة فتلكم كما أهلكهم ويبدل منكم غيركم سنته في قوم نوح قبلكم على كفرهم وتجبرهم.


ثم بين لهم نعم الله الجليلة عليهم إذ زادهم في الخلق بسطة فزاد في أجسادهم وقوامهم فأمرهم أن يذكروا نعم الله عليهم وفضله عليهم في أجسادهم وقوامهم، فيشكروا الله تعالى على ذلك بأن يعبدوا الله وحده ويخلصوا له العبادة ويتركوا الإشراك وعبادة الأصنام كي يفلحوا. لكن قوم هود رغم هذا البيان المقنع والكلام الناصح من نبيهم هود عليه السلام لم يقبلوا الحق الذي جاء به، وأعلنوا له أنهم لن يتركوا عبادة الأصنام وأنهم يعتقدون أن بعض ءالهتهم غضب عليه فأصابه في عقله فاعتراه جنون بسبب ذلك، كما أنهم استبعدوا إعادتهم يوم القيامة وأنكروا قيام الأجساد بعد أن تصير ترابًا وعظامًا، فقال لهم نبيهم هود عليه السلام ما أخبرنا الله به في القرءان الكريم :



وقال الله تعالى مخبرًا عن قول هود عليه السلام في موضع ءاخر من القرءان الكريم:


فبين لهم سيدنا هود عليه السلام أنه لا يطلب على نصيحته لهم أجرًا يأخذه منهم أو رئاسة يتزعم بها عليهم، وأنه لا يطلب الأجرة في دعوته لهم إلى الإيمان والاسلام إلا من الله تبارك وتعالى، ثم قال لهم واعظا ما معناه أتبنون بكا مكان مرتفع بناءً عظيمًا هائلا تعبثون ببنائه ولا حاجة لكم فيه وأنتم تسكنون الخيام العظيمة، ثم تتخذون القصور رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعمارًا طويلة، ثم ذكر لهم أنهم يتجبرون ويظلمون الناس فأمرهم أن يتقوا الله بأن يدخلوا في دينه ويعبدوا الله وحده ويطيعوه، وذكّرهم بما أنعم الله به عليهم وبما أمدهم به من أنعام وبنين وما رزقهم من مياه وافرة وبساتين خضراء يانعة يتنعمون بها، وحذرهم من عذاب الله العظيم يوم القيامة الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم من الكفر والشرك، ولكن قوم هود أصروا على كفرهم وعنادهم وقالوا له فيما قالوا: أجئتنا لنعبد الله وحده ونترك عبادة الأوثان والأصنام ونخالف ءاباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه، وقالوا له على وجه التهكم والعناد والاستكبار إن كنت صادقًا فائتنا بما تعدنا من العذاب فإنا لا نصدقك ولا نؤمن بك وقد أخبرنا الله في القرءان بذلك:



قال الله تعالى:


إهلاك عاد


لما تجبر قوم هود عليه السلام ولم يستجيبوا لدعوة نبيهم هود عليه السلام بل عصوا رسول الله هودًا وكذبوه وجحدوا بآيات الله عزوجل التي أقامها هود عليه السلام دلالة على صدقه في أنه مرسل من ربه واتبعوا أمر كل جبار عنيد من ملإ قومهم وأصروا على عبادة الأصنام أحل الله تبارك وتعالى بهم نقمته وعذابه في الدنيا بعد أن أنذرهم سيدنا هود عليه السلام بالعذاب القريب الذي ينتظرهم، قال تعالى:

، فأمسك الله عنهم المطر حتى جهدوا، وكان كلما نزل بهم الجهد ذكرهم هود بدعوة الله وأنه لا ينجيهم من البلاء والعذاب إلا الإيمان والاستماع لنصائحه بالقبول، فكان ذلك يزيدهم عتوا وعنادًا فازداد العذاب عليهم وصاروا في قحط وجفاف شديدين فطلبوا السقيا والمطر وأوفدوا وفدهم إلى مكة يستسقون لهم، فأنشأ الله سحابًا أسود وساقه إلى عاد فخرجت عليها من واد فلما رأوها استبشروا أنه سحاب مطر وسُقيا ورحمة فإذا هو سحاب عذاب ونقمة قال تعالى:



، أي أن الله أرسل عليهم ريحًا شديدة عاتية حملت رحالهم ودوابهم التي في الصحراء وقذفت بها إلى مكان بعيد، فدخل قلوبهم الفزع وهرعوا مسرعين إلى بيوتهم يظنون أنهم ينجون، ولكن هيهات إذ حملتهم هذه الرياح الشديدة وأهلكتهم. وكان بعد ذلك العرب إذا بعثوا وفدًا لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد، روى الإمام أحمد في مسنده أن الحارث ابن حسان البكري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد)) الحديث.

قال الله تعالى:


لقد أرسل الله على قوم هود ريحًا باردة شديدة الهبوب سخرها الله على القوم الكافرين سبع ليال وثمانية أيام كوامل متتابعات حتى أهلكتهم وصاروا صرعى، وقد شبههم الله بأعجاز النخل التي لا رءوس لها، وذلك لأن هذه الريح كانت تجىء إلى أحدهم فتحمله فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة هامدة بلا رأس، قال تعالى :


أي لا تنتج خيرًا وكالشىء البالى الفاني الذي لا ينتفع به بالمرة.
ولقد نجى الله هودًا ومن معه من المؤمنين قال تعالى :
وقد حج بعد ذلك سيدنا هود عليه السلام كما روى ذلك أبو يعلى في مسنده، أما موضوع قبره ففيه خلاف، قيل بحضرموت في بلاد اليمن، وقيل بالحجر من مكة، وذكر ءاخرون أنه بدمشق، وبجامعها مكان في حائطه القبلي يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام والله أعلم.

وبلاد عاد اليوم رمال قاحلة لا أنيس فيها ولا ديار، فسبحان الملك العزيز الجبار.
=====================================
نبي الله صالح عليه السلام

قال الله تبارك وتعالى:


عدد ذكره في القرءان الكريم


ذُكر اسم صالح عليه الصلاة السلام في القرءان تسع مرات، وقد ذكر الله تبارك وتعالى بعضاً من قصته وما جرى بينه وبين قومه من جدال في سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة الشعراء، وسورة النمل، وسورة الحجر، وسورة القمر، وسورة الشمس، وسورة فصلت، وسورة الذاريات، وسورة الحاقة.

مساكن ثمود وماذا كانوا يعبدون

قال الله تبارك وتعالى:

أسكن الله تعالى قبيلة ثمود أرضًا بين الحجاز وتبوك وأسبغ عليهم من نعمه الكثيرة كما أسبغ على قبيلة عاد من قبلهم، ولكنهم لم يكونوا أحسن حالاً من أسلافهم ولم يتعظوا بما حل بعاد، ولم يشكروا الله تعالى بعبادته واتباع نبيه وتصديقه، بل أشركوا به وعبدوا الأصنام من دون الله وانفتنوا بالنعيم وسعة العيش الذي كانوا فيه.

بعث الله تبارك وتعالى نبيه صالحًا وكان من أشرفهم نسبًا وأصفاهم عقلا وأوسعهم حلمًا، فدعاهم إلى عبادة الله وحده وحضهم على توحيده وعبادته، وبين لهم أن الأوثان والأصنام لا تملك لهم ضرا ولا نفعًا ولا تُغني عنهم من الله تعالى شيئًا، وقال لهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز:

أي أن الله تبارك وتعالى جعلكم من بعد عاد لتعتبروا بما كان من أمرهم وكيف أهلكهم الله بكفرهم فتعملوا بخلاف عملهم وتشكروا الله بعبادته وحده وترك عبادة الأصنام وتصدقوا نبيه، وقد أباح الله لكم هذه الأرض تبنون في سُهولها القصور وتنحتون في الجبال بيوتًا حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها، فقابلوا نعمة الله بالشكر وعبادته وحده لا شريك له وإياكم ومخالفته وترك الإيمان به وتكذيب نبيه فتكون عاقبة ذلك وخيمة عليكم، وأمرهم عليه السلام أن لا يتبعوا الضالين المسرفين الذين يُزينون لهم الضلال والفساد ولا يريدون الإصلاح قال الله تعالى في كتابه العزيز مُبينًا ما قال نبيه صالح عليه السلام لقومه ثمود في دعوته لهم إلى الإيمان وعبادة الله وحده وطاعته:


فبين سيدنا صالح لقومه أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقهم وجعلهم عمّار هذه الأرض بعد قوم عاد وجعل لهم في الأرض الزروع والثمار فهو الخالق والإله والرزاق الذي يستحق العبادة وحده، وأمرهم أن يقلعوا عن كفرهم وعبادة الأصنام ويعبدوا الله وحده. قال الله تعالى:

بعد دعوة صالح عليه السلام لقومه كان جوابهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه:
، أي إننا عهدناك ثاقب الفكر والرأي وها أنت الآن تدعونا إلى ترك ماكان عليه ءاباؤنا، وقيل: إن المعنى إننا كنا نرجو أن يكون عقلك كاملا قبل هذه المقالة أتنهانا عن عبادة كان عليها ءاباؤنا؟ وقد درجنا عليها ونشأنا مًستمسكين بها وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ولا نطمئن إلى قولك ولا نثق بصدق دعوتك ولن نترك ما وجدنا عليه ءاباءنا، وعندما سمع سيدنا صالح عليه السلام ما أجابه به قومه من تكبر عن اتباع الحق ومن إصرار على كفرهم قال لهم ما أخبرنا الله تعالى:
وهذا تلطف منه عليه السلام لقومه في العبارة ولين جانب وأسلوب حسن في الدعوة لهم إلى الخير والإيمان، والمعنى أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إليه؟ وما هو عذركم عند الله؟ وقد بلغتكم ما أمرني به ربي أن أبلغكم فماذا يُخلصكم من عذابه و أنتم تطلبون مني أن أترك دعوتكم إلى عبادته، ودعوتكم إلى الإيمان والإسلام واجب علي لو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني من عذاب الله بسبب معصيته على ترك التبليغ. وأخبرهم عليه السلام أنه سيبقى على دعوته لهم إلى الإيمان والإسلام وعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام حتى يحكم الله تعالى بينه وبينهم، ولكنهم قابلوه بالإيذاء.

معجزة نبي الله صالح الباهرة

استمر سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام يدعو قومه إلى الإيمان، واستمر قومه على عنادهم وتكبرهم من اتباع الحق، ولما وجدوا منه استمساكًا برأيه واصرارًا على دعوته إياهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام خاف المستكبرون من قومه أن يكثر أتباعه وأن ينصرفوا عنهم إليه، وفي ذلك ذهاب لسلطانهم وتفتيت لقوتهم، فأرادوا أن يظهروا للناس أنه عاجز غير صادق في دعواه وهذا من خبث نفوسهم وظلام قلوبهم عن اتباع الحق، فطلبوا منه معجزة تكون دليلا على صدقه وقالوا له : أخرج لنا من هذه الصخرة - وأشاروا إلى صخرة كانت هناك - ناقة ومعها ولدها وصفتها كيت وكيت وذكروا لها أوصافًا، وقالوا له: إن أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة ومعها ابنها ءامنا بك وصدقناك، فأخذ سيدنا صالح عليه السلام عليهم عهودهم ومواثيقهم على ذلك، وقام وصلى لله تبارك وتعالى ثم دعا ربه عزوجل أن يعينه ويجيبه إلى ما طلب قومه فاستجاب الله دعوته فأخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام بقدرة الله ناقة ومعها ولدها من الصخرة الصماء. فقد أمر الله هذه الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة طويلة فيها الصفات التي طلبوها ومعها ابنها، فلما رأى قومه هذا الأمر الخارق للعادة الذي فيه الدليل القاطع والبرهان الساطع على صدق سيدنا صالح عليه السلام ءامن قسم منهم ومنهم جندع بن عمرو وكان من رؤسائهم ومعه رهط من قومه، واستمر أكثرهم على كفرهم وعنادهم وضلالهم، وقد صدهم عن الإيمان دؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم وغيرهما.

وعندما أخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام هذه الناقة مع فصيلها بقدرة الله تعالى قال لهم ما أخبرنا الله تعالى :

أضافها عليه السلام لله تعالى إضافة تشريف وتعظيم وأخبرهم أنها لهم دليل صدق على دعوته عليه السلام، وأمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله قال تعالى:

، وحذرهم أن يتعرضوا لها بالقتل أو الأذى، وأخبرهم أنهم إن هم تعرضوا لها بالسوء يأخذهم عذاب وهلاك عظيم، قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز:
فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شائت من أرضهم، فتردُ الماء يومًا، ويقال إنها كانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم، قال تعالى:



تآمرهم على قتل الناقة


مكثت ناقة صالح عليه الصلاة والسلام في قبيلة ثمود زمانًا تأكل من الأرض، وترد الماء للشرب يوما وتمتنع يوما، مما استمال كثيرًا من قومه عليه السلام إذا استبانوا بها على صدق رسالة نبيهم صالح عليه السلام وأيقنوا بذلك، مما أفزع ذلك المستكبرين من قومه وخافوا على سلطانهم أن يزول وقالوا للمستضعفين الذين أشرق نور الإيمان في قلوبهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز :


فأجابوهم :

، ولكن جواب المؤمنين من أتباع صالح عليه السلام لم يؤثر في المشركين المستكبرين وظلت قلوبهم قاسية كالأحجار، ورأى المستكبرون من قوم نبي الله صالح في هذه الناقة خطر جسيما عليهم فاتفقوا على أن يعقروها ليستريحوا منها، قال تعالى :


وقيل أنهم ظلوا مترددين في تنفيذ ما اتفقوا عليه إلى أن قامت فيهم إمرأتان خبيثتان إحداهما اسمها صدوق ابنة المحيا وكانت ذات حسب ومال فعرضت نفسها على رجل يقال له مصرع بن مهرج إن هو عقر الناقة وذبحها، وكان اسم الأخرى عنيزة بنت غنيم وكانت عجوزا كافرة لها أربع بنات فعرضت على رجل شقي خبيث أيضًا اسمه قُدار بن سالف أي بناتها يختار إن هو عقر الناقة، فقبل هذان الشابان وسعيا في قومهم لأجل هذا الغرض الخبيث فاستجاب لهم سبعة ءاخرون فصاروا تسعة كما أخبر الله تبارك وتعالى بقوله:


فانطلق هؤلاء الرجال الخبثاء يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها رماها أحدهم وهو مصرع بسهم، وجاء النساء يشجعن في قتلها فأسرع أشقاهم وهو قدار بن سالف فشد عليها بسيفه وكشف عن عُرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض ميتة بعد أن طعنها في ليتها فنحرها، وأما فصيلُها فصعد جبلا منيعا ثم دخل صخرة وغاب فيها، روى البخاري ومسلم وأحمد بإسنادهم عن عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقر فقال رسول الله: ((انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه مثل أبي زمعة))، وقوله ((عزيز)) أي قليل المثل، وعارم أي كثير الشراسة والشر، ومنيع أي ذو منعة، وقال الله تبرك وتعالى في كتابه العزيز وهذا مبلغ العناد والزيغ فلقد رأى قوم صالح هذه المعجزة العظيمة لنبي الله صالح عليه السلام، وهذا البرهان الصادق والدليل القاطع على نبوته وصدقه أمام أعينهم، ولكن حملهم الكفر والضلال والعناد وحب الدنيا على رفض الحق واعتناق الباطل، وكان عاقبة هذا العناد والتكبر عن الحق وخيمة عليهم.

يقول الله تبارك وتعالى:

أي احذروها ولا تتعرضوا لها ولسقياها

تآمرهم واتفاقهم على قتل صالح

بعد أن عقر قوم صالح عليه السلام الناقة التي حذرهم نبيهم من التعرض لها واستمروا على عنادهم وتكبرهم وعبادة الأصنام، قال لهم صالح عليه السلام لقد حذرتكم من أن تمسوها بأذى وها أنتم اقترفتم الإثم فتمتعوا في داركم ثلاثة أيام يأتيكم بعدها العذاب ويحل عليكم العقاب ذلك وعد غير مكذوب، ورغم هذا لم يتوبوا ويعودوا إلى الرشد، بل استمروا على باطلهم وظنوا وعيده كذبا وتحذيره بهتانا وقالوا له: تشاءمنا بك وبمن معك، قال الله تعالى :
ثم إنهم اتفقوا على قتله وأهله تآمروا على ذلك وتحالفوا فيما بينهم وتبايعوا على هذه المؤامرة وأن يغتالوه ليلا ثم يجحدوا قتله إن طالبهم أولياؤه بدمه، ولكن الله تبارك وتعالى أنقذ نبيه من كيدهم وتآمرهم فأرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتله حجارة أهلكتهم تعجيلا قبل قومهم ورد كيدهم في نحورهم، قال الله تعالى:


وبعد إنذار سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام لقومه الذين كذبوا بالعذاب الذي يأتيهم بعد أن يتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام أصبحوا يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام الإمهال والنظرة ووجوههم مصفرة، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم اصبحوا في اليوم الثاني وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم اصبحوا في اليوم الثالث وهو يوم السبت ووجوههم مُسودة فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى الأجل، فلما كان صبيحة يوم الأحد تأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا سيحل بهم من العذاب والنكال والنقمة ولا يدرون كيف يفعل بهم ولا من أي جهة يأتيهم العذاب.

فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم ورجفة من تحتهم ففاضت أرواح هؤلاء الكافرين وزهقت نفوسهم، وسكنت الحركات وهدأت الأصوات، وأصبح هؤلاء الكافرون في ديارهم جاثمين جثثًا هامدة لا أرواح فيها.

وقيل إن قوم صالح عليه السلام لما أصبحوا في اليوم الرابع وهو يوم الأحد وارتفعت الشمس ولم يأتهم العذاب ظنوا أن الله قد رحمهم فخرجوا من قبورهم التي كانوا قد دخلوا فيها وصار يدعو بعضهم بعضًا، إذ نزل جبريل فوق المدينة فسد ضوء الشمس، فلما عاينوه دخلوا قبورهم فصاح بهم صيحة كالصاعقة فتقطعت قلوبهم في صدورهم وماتوا وتزلزلت بيوتهم فوقعت على قبورهم.

روى الإمام أحمد والحاكم بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر قال: (( لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت - أي الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من تحت أديم السماء منهم الا رجلا واحدا كان في حرم الله))، فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: ((هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه))، ورواه أبو داود بنحوه عن ابن عمر.

ثم إن نبي الله صالحًا عليه السلام خاطبهم بعد هلاكهم قائلا لهم: لقد جهدت في دعوتي إياكم إلى الإيمان وترك عبادة الأصنام بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بكل ما أستطيع ولكنكم لا تحبون الناصحين، وهكذا خاطب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر الكافرين بعد ثلاث ليال، وقف عليهم وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من ءاخر الليل فقال: (( يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا)) رواه البخاري.

ويقال أن صالحًا عليه السلام انتقل إلى الشام فنزل فلسطين ثم انتقل إلى مكة فأقام بها يعبد الله حتى مات

بومحمد
03-02-2006, 03:32 AM
وصلت لين النص

ما شاء الله طوييييل الموضوع

اكمل المره اليايه ان شاء الله

يزاج الله خير على المعلومات المفيده

Nathyaa
03-02-2006, 11:17 AM
الله يرضي عليك يارب


ويجعل كل حرف تقراه حسنه لك

AL_3oooD
16-04-2006, 09:56 PM
جزاج الله خير مراقبتنا على المعلومات الرائعه

Nathyaa
17-04-2006, 07:43 AM
اسعدني مرورك وتواجدك